أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عصام عبدالله - لا وعي اليوتوبيا الباطن














المزيد.....

لا وعي اليوتوبيا الباطن


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1888 - 2007 / 4 / 17 - 11:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وصف جورج أورويل - Orwell اليوتوبيا - Utopia بأنها الحلم بمجتمع عادل، يبدو أنه ينتاب الخيال الإنساني ويعاوده باستمرار، على نحو لا يمكن اجتثاثه أو استئصاله في مختلف العصور، سواء سمي بـ "ملكوت السماء" أو " المجتمع اللاطبقي" أو "العصر الذهبي" الذي وجد ذاته مرة في الزمان السحيق، وانحرفنا أو تنكبنا سبيله".
ولما كانت اليوتوبيا صرحاً من تشييد الخيال، فإنها شهدت تغيراً وتلوناً عبر العصور المختلفة، ولم تكن اليوتوبيات كلها مجرد هوامش وحواشي على جمهورية أفلاطون، بل إن أفلاطون نفسه يأتي متأخراً نسبياً، إذ تضرب اليوتوبيا بجذورها في الميثولوجيا اليونانية.
ولعل الضياء الأول لليوتوبيا قد أشرق مع أسطورة بروميثيوس- Prometheus سارق "النار" الذي كشف للبشر عن سر التقدم المادي، ومنحهم باكورة التقنية، فاستنهضهم للتمرد على آلهة اليونان والقدر والضرورة العمياء، من أجل تحقيق ذاتهم الإنسانية. إن قوة المخيلة عند بروميثيوس متجددة دوماً، تقول "لا" للمعطي و "لا" للشيء المكتمل. يقول بروميثيوس على لسان الشاعر اسخيلوس في تراجيدياه: " لا يزال هناك المزيد من الأمور المثيرة للإعجاب في مستودع تخيلي".
إنه مستودع لا ينضب له معين! فعلى امتداد العصور، ما انفكت غالبية البشر، تحلم... تغازل المستقبل.... تروم تقليص الهوة السحيقة بين الوجود والوجود الواجب، بين ما هو قائم وبين ما ينبغي أن يكون.
لذا بقيت أسطورة بروميثيوس تعبيراً عن الأمل في التحرر والانعتاق من أسر الواقع، والتطلع إلى حياة ومستقبل أفضل.
أما أولى التصورات الفلسفية لليوتوبيا، التي قامت على أساس أخلاقي مثالي، فقد شيدت، على الأرجح في جمهورية - أنتيستين Antisthene الكلبي، ولا نعرف شيئاً عنها لو لا ما خلفه أتباعه من الكلبيين.
والمعروف عن المدرسة الكلبية - Cynism، نبذها التملك الخاص والتمتع الحسي بالخيرات ودعوتها إلى حياة الزهد والتقشف، على اعتبار أن الشظف شرط المساواة بين الناس، وأداة لتطهير النفس من الشهوات والأهواء، وطريق إلى إرساء نظام أخلاقي مثالي صارم، لكن كتاب الجمهورية، "لأفلاطون" يعد أول محاولة فلسفية مكتملة قدمت وصفاً تفصيلياً دقيقاً عن المدينة المثالية، وحسب شاتليه Chatelet، فإن أفلاطون لم يترك شيئاً للمصادفة في يوتوبياه.
ولا شك أنه من خلال "الجمهورية" لأفلاطون، التي أعيد اكتشافها في عصر النهضة الأوربية Renaissance مع غيرها من الكتابات الإغريقية الأخرى، قد عظم تأثير الفكرة الهيلينية عن المدينة المثالية على اليوتوبيات الغربية.
فقد رأى السير - توماس مور - More في يوتوبياه Utopia عام 1516م أنها استمرار - إلى حد ما - لجمهورية أفلاطون، وأنها جاءت تلبية لرغبة سقراط التي أبداها في محاورة "طيماوس" - Timaeus في أن يري فكرة النظرية المجردة عن الجمهورية وقد تحققت بالفعل في الواقع.
وعلى منوال النموذج الأفلاطوني نسج "كامبانيللا" Campanella يوتوبياه في كتابه مدينة الشمس The city of the sun وكذا "ما يلي" - Maply، و "روسو" و "فورييه" و "ج" هـ. ويلز" وغيرهم.
بيد أنه في العام 1619، كتب جون فالنتين أندريا - Andreae نصاً دينياً عن مجتمع يوتوبي سماه " مدينة المسيحيين" - Christianoplis ويلخص هذا العنوان شديد الدلالة، هدف ومقصد أغلب المفكرين اليوتوبيين منذ أن صاغ القديس أوغسطين (354-430م) أسس الفلسفة المسيحية في كتابه " مدينة الله" - Civites Dei، وحتى نهاية القرن السابع عشر، وربما بعد ذلك.
إنه المجتمع المسيحي المثالي، أو اليوتوبيا المسيحية، فبدون الأمل الذي يقدمه الدين آخر الأمر، والتوقعات والإرهاصات الفردوسية والألفية السعيدة التي توحي بها المسيحية، لكان من الممكن أن تصبح اليوتوبيا هيكلاً فارغاً لا حياة فيه، منذ أن خلفها أفلاطون وهكذا فإن الدين مع الفلسفة - ومن قبلهما الأسطورة - بهذا المعنى ( لا وعي اليوتوبيا الباطن) والمصدر الدفين للكثير مما لليوتوبيا من طاقة وقدرة على الحركة والنشاط.





#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوتوبيا ويوتوبيا الضد
- الانتماء - ما قبل - الوطني
- العولمة والهوية الثقافية
- اللعب في الثقافة
- الجسد بين الثقافة والإعلام
- دريدا وصديقه الياباني
- صداقة المفاهيم
- نظرات علي عالم اليوم
- شباب وأحزاب‏..‏ ولغة سرية وعولمة
- دعوة إلي كتاب الحوار المتمدن
- في الذكري الخمسين للعدوان الثلاثي علي مصر
- جدلية القمع والتخفي
- الارهاب يستعين بالمقدس... وقائع أوروبية


المزيد.....




- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...
- إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق ...
- مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو ...
- وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
- شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
- فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عصام عبدالله - لا وعي اليوتوبيا الباطن