|
منهج التأويل الرمزي
عامر عبد زيد
الحوار المتمدن-العدد: 1886 - 2007 / 4 / 15 - 11:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فالتأويل واحد من مناهج الفكر القديم المتجدد وقد تنوعت مواقفه ورهاناته بتنوع السلطات الفاعلة سواء كانت عقلية أو أسطورية أو لاهوتية تقوم على مركزية النص لكن هذا الأمر اختلف مع مشروع الحداثة ومقولة الانسنه فقد كانت هناك تصورات جديدة غدت الرهان الرابح فيه . التأويل مفهوما : التأويل لغة : أول (التأويل ُ ) تفسير ما يؤل إليه الشيء وقد (أوًّله ) تًأويلا و (تأوّله) ( 1 ) التأويل مفهوم :كلمة الهيرمنيوطيقاً فن التأويل كما هو الحال مع الكلمة المشتقة من الإغريقية والتي تمفصل مع لغتنا العلمية تتوزع في المستويات المختلفة للتفكير تدل الهيرمنيوطيقاً Hermeneuein : يتضمن الحقل الدلالي الذي يغطيه المصطلح الاغريقي معاني التعريف والشرح والترجمة والتأويل والتعبير 00 (وقد تطورت الفعالية ( الهيرمينوطيقيه ) بوصفها تأويلا وتفسيرا للنصوص خاصة انطلاقا من الرواقية لتاخذ شكل القراءة الاستعارية وهكذا وقد شكلت الهيرمينوطيقا تجاوزا للتحليل النحوي والبلاغي بالبحث عن النوايا العميقة للمؤلفين )(2) وتتضمن كلمة Hermeneutike : بالاغريقية في اشتقاقها اللغوي كلمة (tekhne) التي تحيد الى ( الفن ) بالمعنى الاستعمالي التقني لاليات ووسائل لغوية ومنطقية وتصويرية واستعمالية ورمزية .(3). وبما ان الفن الية لاينفك عن الغائية (teleologic) فان الهدف الذي تجتر هذه الوسائل والتقنيات هو(الكشف) عن حقيقة شيء ما 000 وعليه تعني الهيرمينطيقا فن التأويل ( 4). التأويل التراثي الرمزي: وهو تأويل اطلاقي يحتكر المعنى ويحوله الى عقيدة ويعتمد التعالى الميتافيزيقي اي كشف نية المؤلف. في الفكر اليوناني: وهذا نلمسه في بدايات الفكر اليوناني عند الفيثاغورسية وتأويلاتها الرمزية للاساطير والكون عبر رمزية الاعداد والموسيقى ،وتجده عند الرواقية في قراءاتها لملاحم هوميروس.والشعراء الإغريق ، وبذلك ارتبط التفسير بالفيلولوجيا ( علم اللغة ) .
وان لفظ الهرمنيوطيقا, لفظ يوناني ،مر بعدة مراحل غيرت في دلالة المصطلح فجذوره الأولى وردت في مقولات أرسطو المنطقية بمعنى تفسير العبارة) .بيري هرميناس) وضعه ارسطو جزءاً من اجزاء المنطق ويعني كما ترجمه قدماء المناطقة قضية العبارة أي كيف يمكن تفسير العبارة، .والهرمنيوطيقا قد سمي في بعض الكتابات بعلم التأويل او التأويلية الذي يبحث عن تفسير النص وفهمه وقد ذكر بأن هذا المصطلح اشتق من هرمس في اليونانية وهو الملاك الذي ينقل رسائل الآلهة وتعاليمها إلى الارض, .(5) فقد اعتبر هرمز hermes رسول الآلهة الى البشر يبلغ حرفياًوينجز كلاما ما وكل تبليغه لهذا فالمصطلح الفلسفي hermeneus ترجمه أو نقل اويضاحا حر في إدراك المقصد الحقيقي للعبارة المنطوقة وعلى المؤول المترجم الذي يريد أن ينقل إلى اللغة( لغة الخاصة) وبصوره متجددة ما اريد التعبير عنه (في لغة أخرى)و تعطي معنى التكهن، فن تبليغ الإرادة الإلهية(6) لكن تبقى دلالة التأويل ظنية Interpretation : مشتقة من الأول ، وهو لغةً الرجوع ،ويرادف التفسير ، وقيل هو الظن بالمراد ، والتفسير القطع به، فاللفظ المجمل إذ الحقه البيان بدليل ظني يسمى ماولاً بدليل قطعي يسمى مفسرا . (7) في الفكر اليهودي:بنقد النص ثم انتقلت المحاولة إلى تفسير النصوص المقدسةونلمسها في الميراث النص المقدس والتا ويلات التي كانت تحاول التوفيق بين التصورات الفلسفية والتصورات التوراتية كما فعل (فيلون) الذي يطرح تصور نخبوي في فهم النص / التوراة بقوله : يكون فهم النص على حقيقته ليس مقدورا للجميع ، مادام طريق هذا هو التأويل الذي ليس مقدورا أو مسموحا به للناس جميعا (8). ويغدو هذا الطرح ديدن كل هذه القراءات التي تحاول التوفيق واستنطاق قصد المؤلف لهذا يضع أصولا للتأويل إذ انه يرى إن المعنى الحرفي يشبه الجسم والمعنى الخفي يشبه الروح ومع هذا ينبغي إن لا يهمل المعنى الحرفي ، بل يجب إن تراعى الحرف والروح معا أو الظاهر والخفي لهذا يلوم الذين لا يؤلفون 000 لكل منهما (9). إما الغاية من التأويل إن فيلون يجعل من التأويل وسيلة ضرورية يحقق بها إغراضا لها قيمتها لديه أو بعبارة أخرى ، لتتفق النصوص المقدسة مع ارائه الفلسفية في الله ، وفي الخلق ، وفي النفس ، وفي الدين ، يحرص الحد من كله على إن يأخذ صفة العالمية لا أن يظل ديناً لطائفة خاصة هم بنو إسرائيل . ويرى ضرورة تأويل النصوص التي تثبت بظاهرها لله مالا يليق به من الصفات والأحوال ، كالجسم والكون في المكان والكلام بصوت حروف والندم وهو في هذا يقول : (الله لا يأخذه الغضب ولا يندم ولا يتكلم بحروف وأصوات وليس له مكان خاص يقر فيه . بل انه يتشدد في التأويل فيقول : هؤلاء الذين لا يريدون قبول طريق التأويل المجازي ليسوا أغبياء ، بل هم أيضا ملحدون(10) إما الفكر المسيحي: وفي اللاهوت المسيحي استعملت بمعنى منهج وقواعد تفسير الكتاب المقدس إلا أن معناه بدأ بالإتساع تدريجيا ليشمل الادب والفن والنقد الأدبي وفلسفة الجمال . فمصطلح الهرمنيوطيقا مصطلح قديم ظهر في اللاهوت الكنسي بمعنى مجموعة القواعد التي يعتمد عليها المفسر في فهم الكتاب المقدس وقد استعمل الهرمنيوطيقا في الدراسات الاهوبية للدلالة على هذا المعنى منذ سنة 1654مـ ولم يزل مستخدما بنفس المعنى في اللاهوت البروتستانتي غير إن مفهومه اتسع بالتدريج فشمل دوائر أخرى تستوعب بجوار الدراسات اللاهوتية العلوم الإنشائية والنقد الأدبي وفلسفة الجمال والفلكلور( فان(Anagogic lnterpretation) هو تفسير للكتاب المقدس تفسيرا رمزيا للكشف عن معانيها الخفية لان الشريعة مجتمعة على ظاهر وباطن كما يذهب بالاعتقاد بعض رجال الدين.ومن خلال التأويل يتم إخراج النص من دلالته الظاهرية إلى دلالته الباطنية . فالظاهر هو الصور والأمثال ، والباطن هو المعاني الخفية التي لاتتكشف إلا لأهل المعرفة والعلم والتأويل يؤدي إلى رفع التعارض بين ظاهر الأقاويل وباطنها )(11) . لدى اغسطين فانه يسير في التأويل المجازي بفطنته ، إذ يرى وجوب التمييز بين ما يجب إن يأخذ من النصوص حرفيا وبين ما يجب تأويله مجازيا ،على إن تكون نتيجة التأويل الاتفاق مع العقيد ه ، ومبدأ وجوب اتفاق نتيجة التأويل مع العقيد ه، تراه صار مبدأ متوارثا فهذا توما الاكويني يؤكد في الخلاصة ألاهوتية إن كل ماعدا المعنى الحرفي لا يعتمد عليه وانه لاشيء من تلك المعاني الأخرى إلا وهو موجود بوضوح في المعنى الحرفي.لكن مع هذا ظهر التأويل المجازي في الفكر المسيحي حتى جاء التصور البروتستاني الذي رفض هذا التاؤيل ووضع شروط أخرى للتأويل. ما نفهم من هذه المقدمة بالتعريفات إن التأويل بمعناه القديم والوسيط خاضع للقراءة أيدلوجية عقائدية يهيمن عليها المعنى الاوحاي المطلق وعنف القراءة المطلقة في ظل هيمنة المفاهيم المتعالية الميتافيزيقية التي ورثها هؤلاء من اليونان وأصبحت أداة في أيديهم غاب عنهم التاريخية وأصبحت إمامهم مطلقة . وهذا الأمر على العكس منه في الدراسات المعاصرة التي تجاوزت الإطلاق بالتاريخية لان النص وليد واقعه التاريخي ولهذا يجب إن يفهم ضمن هذا البعد إلا إن يخضع قصد المؤلف إلى رهانات دوغمائية مطلقة والتأويل المعاصر يدعو إلى وعي تاويلي يكون محركه جوانية الفهم وبرانية الحوار وهذه الدعوة بمثابة موروثنا نحن ووجود تراثنا في اللحظة الراهنة هنا ولان بوصفه تجربة حية ومعاشة وانصهار أفاق هذين (12) وفي عصر النهضة عرف المصطلح بالهرمنيوطيقا الكلاسيكية فبعد فك الربط بين الكنيسة واحتكارها حق تفسير النص الديني كان من اللازم تحقيق مناهج تكون متاحة للجميع عند قراءة وتفسير الكتاب المقدس وعلى هذا الأساس ثمة مستويين في التأويل التراثي /التأويل الرمزي والتأويل المعاصر.
#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماليات المكان في نص -مكابدات زهرة اليقطين
-
المتخيل السياسي في العراق القديم
-
الخطاب السياسي وراغامات الوعي
-
المثقف ورهان الاختلاف
-
الجذور الحضارية لمدينة الكوفة
-
رابطة المواطنه
-
مقاربة نقدية في السرد الروائي
-
الأعلام والعولمة
-
مهيمنات السلطة وإثرها في تشكيل الوعي الغربي
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|