قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1889 - 2007 / 4 / 18 - 12:46
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لديّ شك يتاخم اليقين بأن لا أحد من السياسيين يعرف بالضبط ما الذي يجري في العراق !.
ويعني هذا من الناحية الذهنية أنهم يعيشون فوضى معلوماتية ، فيما يعني سيكولوجيا حالة خطيرة هي : " انعدام التوقعات ".
ويذكّرني انعدام التوقعات هذا بتجربة لطيفة أجراها عالم الفسلجة الروسي الحائز على جائزة نوبل ..بافلوف ، خلاصتها أنه أسمع كلبه صوتا بذبذبة قدرها " 500" مصحوبا بتقديم الطعام له في اللحظة ذاتها . وبعد عدد من المرات ( سماع الصوت مع تقديم الطعام ) صار الكلب يسيل لعابه وتنتصب أذناه لمجرّد سماع الصوت مع أن الطعام لا يقدّم له . والمدهش أن الكلب كان لا يهتم بأي صوت بذبذبات أخرى كأن تكون "300" أو "900" مثلا . وهذا يعني أن الكلب اكتسب خاصية " التوقع " المبنية على معلومة صحيحة هي : اقتران مجيء الطعام مع سماع صوت بذبذبة "500".
في الخطوة الثانية من التجربة ، عمد بافلوف الى أن يخفض الأصوات العالية ويصعّد الأصوات الواطئة حتى أوصلها قريبة من (500) كأن تكون (495 و 505) ، فحدث أن " تلخبطت " الأمور على الكلب وصار لا يعرف لأي صوت يستجيب ..وانتهى به الحال الى أن أصيب بانهيار عصبي " تخبل يعني !".
والواقع أن الإنسان يمكن أن يصل الحالة التي وصلها كلب بافلوف حين تنعدم لديه التوقعات ، ولكن بفرق واحد هو أنه قد لا يصاب بالجنون كما حصل للكلب المسكين . غير أنه من المرّجح أن السياسي الذي لا يعرف بالضبط ماذا يجري سيكون مضطرا الى اعتماد أضعف استراتيجيات اتخاذ القرار ، ونعني بها استراتيجية " الحدّ الأدنى " التي تجبره على اللجوء الى البديل الذي يحول دون وقوع المزيد من الخسائر ، كما هو حاصل الآن .أما أن يصل الى إستراتيجية " التفضيل " في اتخاذ القرار.. بمعنى أن يكون أمامه حلول وبدائل كثيرة ويختار أفضلها ، فهذا لن يبلغه السياسيون العراقيون على المدى المنظور . فحالهم السيكولوجي الآن ،وحالنا أيضا ..كحال كلب بافلوف ..لا نعرف ما الذي يجري بالضبط ..حتى صرنا نخاف على أنفسنا من الجنون بعد أن أصبحنا كلنا " أعصاب !".
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟