أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - الاحتلال ام الكحول؟!















المزيد.....


الاحتلال ام الكحول؟!


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 1883 - 2007 / 4 / 12 - 11:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشرت مجلة نيويورك تايمز الامريكية في 13 اذار 2007 مقالا لبول فون زيلبوير تحت عنوان (بالنسبة للقوات الامريكية في الحرب، الكحول هو الدافع نحو الجريمة). لقد كشف هذا المقال بان الكحول يقف وراء عدد متزايد من الجرائم التي ترتكب من قبل القوات الامريكية المنتشرة في العراق وافغانستان. لقد كشف ان الكحول والادوية المحرمة كانت وراء 240 حالة من بين 665 حالة مقاضاة جرمية ضد الجنود الامريكيين في العراق وافغانستان انتهت باثبات التهمة. الكثير من هذه التهم تشمل جرائم القتل والاغتصاب والسطو المسلح والاعتداء. واشار المقال ايضا الى ان الكحول والادوية المحرمة تستخدم من قبل الجنود للتغلب على الاجهاد النفسي الناتج عن المشاركة في القتال والكابة والاحباط نتيجة الخدمة لفترات طويلة.
ان النخبة الحاكمة في امريكا و مؤسساتها واجهزتها واعلامها المأجور هم خبراء في تشويه الحقيقة وتغطية بعض اسوأ الجرائم التي وقعت في تاريخ البشرية. الان، كل ماعندنا هو 665 جريمة والكحول والاجهاد والجنود كافراد هم الملامون. انهم يقللون من اهمية جرائم بربرية تقترف في بلد محتل مثل العراق ويضعون المسؤولية على اقل عدد ممكن من الجنود والسياسيين ذوي المناصب الدنيا.
يقولون لنا بان الجرائم التي وجدت طريقها الى انتباه الرأي العام مثل مذبحة المحمودية والحديثة والاسحاقي هي احداث معزولة اقترفت من قبل " عناصر شاذة" او " افراد سيئين" داخل الجيش الذي يؤدي بشكل عام عمل عظيم. هذه الجرائم ايضا تبرر من خلال " قلة المام الجنود ببنود اتفاقية جنيف" ، " غموض قوانين القتال واطلاق النار" ، " قلة التدريب" ، " صغر العمر"، " القلق"، " الكحول" ، " رد فعل متهور لوفات رفاق" وغيرها.
ولكن، بالرغم من ماكينة الخداع والتضليل العملاقة هذه، الان اصبح واضحا بان الجرائم ضد الانسانية المرتكبة من قبل قوات الاحتلال ليست حوادث منفصلة بل واسعة الانتشار ومنظمة من اليوم الاول للاحتلال.
القتل غير المبرر في نقاط التفتيش واثناء عمليات التمشيط العسكرية، استخدام قنابل عملاقة، قنابل النبالم والعنقودية ضد " مخابئ الارهابيين" في المدن، رد ناري هائل وعشوائي في مناطق مأهولة واعتبار كل الذكور بعمر يمكنهم من حمل السلاح ارهابيين وبذلك اهداف شرعية، الاعتقال العشوائي واستخدام التعذيب بشكل واسع، الاعتداء الجنسي والاهانة هي حوادث يومية.
هذه الجرائم تنتج ويعاد انتاجها من قبل الحرب واحتلال بلد ضد ارادة الاغلبية الساحقة لجماهيره.
انها ايضا نتيجة العنصرية والغطرسة التي لها جذور عميقة في المؤسسة العسكرية لدول الاحتلال المصممة لتجريد الجنود من صفاتهم الانسانية وتحويلهم الى روبوتات للقتل. ان المبدأ الذي يحكم كل الجيوش هو "نفذ اولا وناقش بعد ذلك". في العراق هذا المبدأ يترجم الى اقتل اولا وناقش بعد ذلك. هذه العنصرية تدعم من قبل الحكومات واعلامها المأجور. في حملة عنصرية بدأت بفترة قبل الحرب، جرد العراقيين من انسانيتهم وحولوا الى ما دون البشر ولذلك فان حياتهم ليست ذات قيمة في عيون جنود الاحتلال. ان ترسانة حملة التقبيح هذه تتضمن مفاهيم مثل " ضربة الفرصة الذهبية" ، " الخسائر غير العسكرية"، " الخسائر الجانبية" ، " الارهابيين"،" المتمرديين" وغيرها. وهذه العنصرية تقوى من خلال الفكرة التي تصور العراقيين مسؤولين عن كل الفوضى واعمال القتل والتدمير التي تحدث يوميا وبانهم ناكري جميل لخدمة عظيمة قدمت لهم من قبل الاحتلال عن طريق تحريريهم من دكتاتور من خلال تحويل مجتمعهم الى حطام.
ان حملة التقبيح هذه ضرورية لحمل الجنود على رؤية السكان المحليين مجرد ارقام ليس لهم اي حقوق واقناعهم للقيام بكل ما هو ضروري لادامة الاحتلال. هذا يولد استهتار وعدم احترام ضد السكان الى درجة ان بعض حوادث القتل تاتي كمحاولة للتسلية وقتل الملل.
معظم هذه الجرئم لم تصل الى انتباه الرأي العام وتم تغطيتها و اهمالها او اسوأ من هذا لم تعتبر جرائم. حسب الاعلام الماجور نفسه اقل من 5% من جرائم الاحتلال في العراق يكشف عنها. في الحقيقة هذه النسبة اقل من هذا بكثير. ان لم تكن جرأة والضمير الحي لجنود معينين كافراد حتى تلك الجرائم القليلة التي كشف عنها كانت ستبقى اسرار كان على الضحايا من العراقين العيش معها.
الجرائم التي ترتكب بشكل مباشر من قبل قوى الاحتلال لا يمكن فصلها عن القتل والقمع والتدمير الناتج عن تقسيم المجتمع على اساس الدين والاثنية والقومية واطلاق العنان لاكثر المجاميع الطائفية والقومية رجعية وعصابات الجريمة ضد السكان ودفع المجتمع نحو الحرب الاهلية.
لايمكن فصلهم عن الحرب والهجوم البربري ضد المدنيين والبنى التحتية للعراق. ولا عن المعاناة الهائلة بسبب وباء السرطان و العوق الولادي الناتج عن استخدام الاسلحة المحرمة بما فيها اليورانيوم المخضب. او عن المعاناة والموت الناتج عن تدمير البنى التحتية بما فيها مياة الشرب والمجاري والكهرباء.
ان النتيجية النهاية هي اننا الان بمواجهة 750.000 حالة قتل متعمد منذ 2003، اربعة ملايين حالة تشريد اجبارية، 90.000 معتقل في اي لحظة محددة، تعذيب،اغتصاب، اهانة وارعاب المدنيين على نطاق واسع وملايين من حالات الحاق الاذى بممتلكات شخصية. بالاضافة الى حرمان الملايين من الكهرباء والماء والخدمات الصحية وابسط الحقوق والحريات.
هل يمكن لسلوك بعض الجنود الشواذ او المجهدين نفسيا او المدمنين على الكحول ان يفسر كل هذه الجرائم.
كل هذه الجرائم الفظيعة هي نتيجة مباشرة او غير مباشرة لجريمة اكبر: الحرب واحتلال وادامة احتلال العراق التي استندت على مبررات كاذبة. كلها لم تكن لتحدث لو لم تكن الحرب والاحتلال. ان اسوأ المجرميين الذين يجب ان يواجهوا العدالة هم القادة السياسيين الذين قرروا شن الحرب واحتلال العراق وليس الجنود الذين يجندون من اكثر شرائح المجتمع فقرا وحرمانا وتهميشا. انهم هم من ارتكبوا اكبر جريمة ضد البشرية و القتل و الاغتصاب الجماعي والتدمير وسرقوا كل ثروة المجتمع.
من الجدير بالذكر بان الجنود يلجأون الى الكحول والادوية المخدرة للتغلب على الاحساس بكونهم مجبرين على ارتكاب جرائم شنيعة. ان الاجهاد النفسي الناتج عن المشاركة في المعارك هو عامل محدود بالقاس مع الاجهاد الناتج عن القيام باعمال ضد ارادتهم وقيمهم ومبادئهم.
ليس الجنود فحسب بل كل البشرية تواجه ثلاثة خيارات لكي تتحمل هذه الجرائم وهي الجهل او الادمان او القتال. من بين الخيارات الثلاثة، الخيار الثالث هو اقلهم ألما واكثرهم مردودية.



#توما_حميد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غناء شذى حسون ام لحايا السيستاني والضاري
- في الذكرى الرابعة للغزو ، العراق إلى أين؟
- المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا
- ابشع جريمة وعمل ارهابي في التاريخ المعاصر!
- وجود يسار مقتدر هو السبيل لاقامة مجتمع مدني علماني
- الحجاب راية الاسلام السياسي
- المجتمع بحاجة الى حركة علمانية ملحدة وليس الى دين اخر
- يجب وضع حد لاستهتار شيوخ الاسلام بمنجزات البشرية
- امريكا تقتل صدام على الطريقة الزرقاوية
- مؤتمر حرية العراق بحاجة الى دعمك الملموس
- انضم الى مؤتمر حرية العراق
- وجهة نظر في التغيرات العالمية الراهنة ...1
- لماذا مؤتمر حرية العراق و قوة الامان؟
- انتفاضة السلطة والنفوذ بحجة الدفاع عن مشاعر المسلمين! - الجز ...
- انتفاضة السلطة والنفوذ بحجة الدفاع عن مشاعر المسلمين!
- قضية الكاتب كمال سيد قادر والبلطجة العشائرية للحزب الديمقراط ...
- حول محاولات امرار دستور اسلامي في العراق
- ما هو السيناريو الاسود ومن هي قواه وما هو دور الشيوعيين فيه؟ ...
- ما هو السيناريو الاسود ومن هي قواه وما هو دور الشيوعيين فيه؟
- الاعمال الارهابية ليست نتيجة اليأس بل نتيجة الايمان بعقيدة ا ...


المزيد.....




- قد لا تصدق.. فيديو يوثق طفل بعمر 3 سنوات ينقذ جدته المصابة
- مستشار ألمانيا المقبل يواجه طريقًا وعرًا لتعديل سياسة -كبح ا ...
- اندلاع النيران في محرك طائرة تابعة للخطوط الجوية الأمريكية ع ...
- الموحدون الدروز في سوريا وتحديات العلاقة مع السلطة الجديدة
- أمريكا وإسرائيل تتطلعان إلى أفريقيا لإعادة توطين غزاويين
- موريتانيا.. حبس ناشط سياسي بتهمة -إهانة- رئيس الجمهورية
- مترو موسكو يحدّث أسطول قطاراته (فيديو)
- تايلاند تحتفل باليوم الوطني للفيل (فيديو)
- اختتام مناورات -الحزام الأمني البحري 2025- بين روسيا والصين ...
- القارة القطبية الجنوبية تفقد 16 مليون كيلومتر مربع من الجليد ...


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - الاحتلال ام الكحول؟!