|
المبادرة العربية ضمانة لإسرائيل وخطر على العرب
محمد مصطفى علوش
الحوار المتمدن-العدد: 1878 - 2007 / 4 / 7 - 09:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا نريد أن نثبط الهمم ، أو نكرر مع الشارع العربي من خليجه الى محيطه بأنها "خربانة وخربانة" في تعليقه على ما كان ينتظره من القمة العربية ، خلافاً للحكمة النبوية القائلة "من قال هلك الناس فهو أهلكهم". واذا كنا ننتقد هذه المبادرة فليس رغبة منا بالإعتراض والتشكيك، فلإيماننا بأن النقد البناء هو أحد ادوات النصح وأحد أهم مرتكزات البقاء؟
لا شك أن قمة الرياض كانت قمة التضامن العربي بحق حيث لم يسجل مشادة كلامية بين زعيمين كما أنها خرجت بموقف شجاع في الأإصرار على المبادرة العربية كما هي دون تعديل على الرغم من الضغوطات الأمريكية التي واكبت القمة، لكن في المقابل أليس من حقنا ان ننظر في جدوى وأهمية هذه المبادرة على مستقبل وجودنا كعرب ؟
لقد جاءت مبادرة السلام العربية عبر اقتراح من العاهل السعودي الملك عبد الله، ولي العهد آنذاك، في قمة بيروت عام 2002 واعتمدتها الجامعة العربية بعد شهور من أحداث 11 سبتمبر حيث ان الموقف العربي كان ضعيف للغاية آنذاك وكانت الولايات المتحدة قد كشرت عن أنيابها ضد العرب والمسلمين شعوبا وحكاما، فمن الطبيعي والحال كذلك أن تطرح مبادرة عربية للسلام على مستوى تطلعات الامة حيث قضت المبادرة بالإعتراف الكامل بإسرائيل من جانب الدول العربية في مقابل ولادة دولة فلسطينية بحدود 67عاصمتها القدس الشرقية على ان يتم تحقيق العودة اللاجئين الفلسطينيين.
المبادرة في الحقيقة لم تطرح جديدا فهي لم تكن سوى صدى لقرارات الامم المتحدة منذ ستين عام والتي لا تزال تضرب اسرائيل بها عرض الحائط. إلا ان الغريب في الموضوع هو أن نص المبادرة تعني الشرعية لإسرائيل في الوجود لا على اساس الواقع الموجود وانما على اساس تنازل عن الحق العربي ما قبل 48 في مقابل الحصول على دولة مستقلة بحدود 67 .
كان من المفترض بالدول العربية وهي الخارجة منتصرة من منازلة عسكرية مع اسرائيل عبر المقاومة في جنوب لبنان ان ترفع من سقف مطالبها في وجه اسرائيل وخصوصا ان علم المفاوضات في السياسة الدولية يدعو المفاوض الى التفاوض على الحد الأقصى من المطالب ليضمن تحقيق الحد الأدنى منها فما بالك ونحن نقدم الحد الادنى بل ما هو تحت الحد الادنى منها.
مشكلتنا نحن العرب اننا لم نعد نؤمن بالمقاومة كطريق لإستعادة الحقوق في حين ان العالم كله على اختلاف الوانه وعرقياته وايديولجياته يتخذ من منطق "مزيد من القوة العسكرية يعني مزيد من الوجود" مسلمة في أي توجه ، بل هذا ما تطبقه حتى الدول الاكثر تفوقا عالميا كالولايات المتحدة الامريكية .ألم نر كيف أنها زادت من ميزانياتها العسكرية هذا العام ، ثم ألم تفعل الصين نفس الشيء هذا العام؟ حتى ألمانيا التي ودعت الحرب الى غير رجعة بعد هزيمة النازيين في الحرب العاملية الثانية وعلى لسان مستشارتها "أنجيلا ماركل" قالت لا بد لأوروبا من جيش موحد وقوي..ترى هل تشعر ألمانيا بتهديد لها حتى تدعو الاوربيين للعمل على بناء جيش موحد وإذا كانت تشعر بخطر قادم فترى متى هو..أكيد هو بعيد وليس قريب الآن ، فما بالنا نحن العرب والخطر ليس وليد الساعة بل مصاحب لوالدة الدول القطرية للعالم العربي؟
فهل ما نصت عليه قمة الرياض في بيانها الختامي خصوصا الفقرة المتعلقة بالسلام على "تأكيد خيار السلام العادل والشامل باعتباره خيارًا إستراتيجيًّا للأمة العربية وعلى المبادرة العربية للسلام التي ترسم النهج الصحيح للوصول إلى تسوية سلمية للصراع العربي - الإسرائيلي، مستندة إلى مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبدأ الأرض مقابل السلام" دليل فهم لقواعد اللعبة السياسية الدولية؟ أو ضمانة لحماية الأنظمة العربية على المستوى المنظور فضلاً عن البعيد؟
نعم هذه الإستراتجية العربية هي التي تدفع دولة مهزومة مثل اسرائيل تتجرأ على رفض المبادرة ولا تعرها بالاً بل يكون ردها تصعيدا في وجه حكومة الوحدة الوطنية التي أجمع على وحدتها العرب والمجتمع الدولي فتصف رئيس الحكومة اسماعيل هنية وعلى لسان وعلى لسان اولمرت المهزوم داخليا وخارجيا بأنه ارهابي؟ او كلام شيمون بريز الذي يحسب على الحمائم في اسرائيل بانه لا يمكن الرجوع لحدود 67 وان العرب لا بد ان ياخذوا بعين الإعتبار التغيرات الواقعية القائمة في فلسطين منذ عام 67 وحتى اليوم؟
المبادرة العربية ضمانة لبقاء اسرائيل وخطر على القومية العربية
يقينا اسرائيل لا تريد السلام مع العرب ولم تفكر به يوما من الأيام وان الحاجة لطرح السلام مع العرب ليس حرصا على كسب ودهم وارجاع قشور من الحقوق لهم وانما لتحفظ وجودها كدولة قومية بعد كثرة الأصوات من الداخل الإسرائيلي وخارجه المنذرة من اندثار اسرائيل كدولة في المستقبل القريب اذا استمر الوضع على ما هو عليه . فالوقائع تشير الى ما يلي: • عدد العرب الفلسطينيين في القدس سيصبح مساوياً لليهود في 2035 بحسب "معهد القدس لدراسات إسرائيل" ، حيث تشير المعطيات، بحسب المعهد، إلى أن وتيرة الزيادة السكانية في وسط العرب الفلسطينيين في القدس تصل إلى ضعفي الزيادة السكانية لدى اليهود حيث تصل نسبة الزيادة اليهودية 140% في حين تبلغ نسبة الزيادة العربية 257% . • تصاعد التهديد الخارجي حول اسرائيل ، حيث يقول رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، الجنرال عاموس يدلين أن " المحيط الاستراتيجي لإسرائيل أقل استقرارا مما كان عليه في السابق". مشيراً إلى وجود ما اعتبره "مجريات سلبية ومخاطر بقدر أكبر مما كانت عليه في السنوات السابقة في محيط إسرائيل هذا ما يدركه المتابعون للوضع الإسرائيلي فهذا "هيربرت كلمان" يقول في صحيفة بوسطن غلوب يوم الجمعة بتاريخ 30/3/2007 وتعليقا على المبادرة العربية التي أكد عليها العرب كخيارهم الوحيد للصلح مع اسرائيل أنه ينبغي على اسرائيل الا ترفض المبادرة في الاساس ، وفي المقالة التي حملت عنوان: "شروط مسبقة في مفاوضات الشرق الأوسط"قال كلمان" بقاء دولة إسرائيل على المدى البعيد كدولة ذات أغلبية يهودية، وإعطاء التعبير السياسي للهوية القومية للشعب اليهودي، يعتمد على التفاوض على حل عادل لدولتين ينشئ دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة في الضفة الغربية وغزة تكون عاصمتها القدس الشرقية.. العودة المبكرة إلى طاولة المفاوضات لا تعتبر هبة وتفضلاً على الفلسطينيين بقدر ما هو مطلب ملح لحماية المصالح الحيوية لكلا الشعبين"..!! بل ان المبادرة العربية خدمت اسرائيل من حيث لم تحتسب الدول العربية فهي في الأصل تعطي اسرائيل الشرعية في الوجود وهذا ما أكد عليه الدبلوماسي الفرنسي والخبير في شئون الشرق الأوسط " اريك لارو" من ان الخطر في المبادرة العربية في حال تبنتها حماس هو اعطاء الشرعية لليهود في الوجود كدولة قومية لهم على أرض عربية أي بمعنى آخر الإعتراف الشرعي بحق اسرائيل في الوجود في حين تتعامل حماس حتى اللحظة مع اسرائيل كدولة واقعية الوجود إلا أن ذلك لا يعني الإعتراف بحقها في الوجود.
واذا كان وجود اسرائيل هو ثمرة الإستعمار الغربي للأمة العربية والإسلامية، حيث اعتبرت خط الدفاع الأول عن الغرب أمام الوحشية البربرية الرجعية العربية وخط الهجوم الأول للحضارة الغربية الأحادية الرؤية على العالم الشرقي ، فهل ما نقدمه لها الآن من اعتراف بحقها في الوجود هو دق آخر مسمار في نعش الأمة العربية ؟
#محمد_مصطفى_علوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرامي السعودية من تأجيل الأزمة اللبنانية لما بعد القمة
-
بوش ولعنة ديقراطيته في العراق
-
مصير المبادرة العربية في موسم التنازلات
-
هل ارتدت -حماس- في نظر الظواهري؟
-
مؤتمر بغداد والنوايا الأمريكية السيئة
-
ايران وامريكا ومرحلة جديدة من الصراع
-
رسائل أحمدي نجاد للسعوديين خلال القمة المشتركة
-
مستقبل اسرائيل بعد عقدين
-
الفلسطينيون في لبنان ..أي دور ينتظرهم؟
-
هل لم يعد هناك مأمن حتى ل ديك تشيني في أفغانسان؟
-
التفجيرات المتنقلة في لبنان ...أي رسالة تحمل؟
-
لقاء مكة بين ضرورة الإتفاق وانعدام الثقة
-
عملية إيلات من المستفيد من رسائلها؟
-
بوش وسياسة الهروب الى الأمام
-
الى أين تتجه الأزمة في لبنان
-
المعارضة اللبنانية كيف تشكلت وما أجندتها؟
-
لماذا تُقوض الديمقراطية في لبنان؟
-
هل ستشهد المعارضة اللبنانية شرخاُ جديداً؟
-
الحكومة والمعارضة والسباق المحموم نحو الإنفجار
-
لبنان بعد الإغتيال
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|