أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لبنى الجادري - الحرمان ... عباءة الحزن السوداء















المزيد.....

الحرمان ... عباءة الحزن السوداء


لبنى الجادري

الحوار المتمدن-العدد: 1879 - 2007 / 4 / 8 - 07:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يمكن القول بأن الحرمان هو ، منع الفرد من الحصول على أي تعزيز ( مكافأة ممكنة ) من جرّاء ظهور سلوك غير مرغوب فيه ، وهو النقص الحاصل لدى الفرد من النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية ، كما هو شكل من أشكال العقاب الممارس على الآخرين لغرض تعديل سلوكهم بما يتناسب ومتطلبات المجتمع الذي ينتمون اليه ، وهو منع الفرد من الحصول على حاجاته ورغباته بشكل دائم أو مؤقت .

** الحرمان الجزئي / ومثاله ، عندما تترك الأم طفلها لوحده في المنزل أثناء ذهابها للعمل ، وكذلك حرمانه من مكافأة ما ، كمنعه من الحلوى إذا لم يأكل وجبته كاملة ، أو حرمان الشخص من تكوين أسرة جديدة بسبب الحالة الاقتصادية مثلا . إن لهذا النوع من الحرمان آثار سلوكية ونفسية قد تنعكس على شخصيته المستقبلية ، فقد يصاب بعض الأطفال نتيجة لهذا الحرمان العاطفي من الأم الى ميلهم نحو العنف والغضب الذي قد يعبرون عنه ، بتحطيم ألعابهم ، أو أجزاء من أثاث المنزل ، وقد تتراكم في نفسهم عقدة تركهم لوحدهم كنوع من العقوبة التي لا يدرك الطفل سببها ، لذا وجب على الأم التي تريد الخروج لأي سبب كان أن تعلم الطفل سبب خروجها ومتى ستعود ، كما وجب عليها الدقة والصدق مع الطفل كي تنشأ بينهم جسورا من الثقة المتبادلة ولكي يتعود الطفل خروج الأم بسبب منطقي وابتعادها عنه ، فهو يقدر حسب فهمه للوضع أسباب خروجها ، وبذلك يمكن أن نقلل بعض تلك الآثار التي قد يتعرض لها الطفل ، وهذه الآثار يمكن معالجتها بتواجد الحاجة التي حرم منها ، سواء كانت الأم أو المكافأة المنشودة .

** الحرمان الدائم / ويحدث هذا الحرمان في حالات موت أحد الوالدين أو كلاهما ، الطلاق ، الهجران .. ويؤدي الحرمان الدائم الى آثار بعيدة المدى لايمكن معالجتها إذا ما انحرفت وتشوهت .
فالأطفال الذين يعانون من فقد الأسرة ، هم أكثر عرضة للتشرد وأكثر تعرضا لخطر أمراض المجتمع ، كالتسول ، والجنح ، إضافة الى الآثار النفسية التي قد يعانيها هؤلاء الأفراد ، كالشعور بالغيرة والحقد على أقرانهم ممن يملكون أسرا مثالية ، إضافة الى إصابتهم بالسلوك العدواني ، كالضرب والاعتداء بالألفاظ أو الاعتداء الجسمي على الآخرين كي يعبروا عن حالة الغضب المكبوتة لديهم من جراء ظلم الأهل أو المجتمع أو القدر .
إن معالجة هذا النوع من الحرمان يكون عن طريق تبني الدولة لهذه الفئة ومحاولة وضع الأسس التربوية والتوجيهية لهم وتوفير ورشات عمل وقاعات رياضة تسهم في تنفيس مشاعرهم وخلق أفراد صالحين في المجتمع .

** الحرمان الثقافي / ويعد هذا الحرمان آفة تصيب الفرد كونه يسبب الجمود والركود والانغلاق للأفراد الذين لا يملكون حسا ثقافيا ولا إطلاعا واسعا على ثقافات العالم وعلى ما يدور حولهم ، فتكون آراؤهم ضعيفة ووجهات نظرهم ضيقة ، وبالتالي فهم قصيروا النظر بما يحيط حولهم ، لذا تكون وسائل الأعلام بكافة أنواعها إحدى الوسائل المهمة في تقليل هذا النوع من الحرمان ، ووجب على الوالدين فسح المجال أمام أطفالهم لرؤية الأفلام الكرتونية الهادفة والإطلاع على القصص والكتب المشوقة لأعمارهم مما يزيد من معرفتهم وذكائهم وبالتالي يملكون قاعدة بيانات عريضة لتوقعاتهم وأفكارهم وآرائهم .

** الحرمان الاقتصادي / بالرغم من أننا نعيش في بلاد غنية ، إلا أننا نعاني من هذا النوع من الحرمان الذي لا يسمح للفرد بتوفير متطلباته الحياتية الضرورية لبقاءه واستمراره . فالناحية الاقتصادية تسهم في توفير الحاجيات المتنوعة ، وفسح المجال أمام الأفراد للانطلاق نحو أهداف أسمى وأكبر ، إذ أن الأهداف لا تتحقق بالتمني بقدر تحققها برفع الأعباء الاقتصادية التي تمنع الشخص من ممارسة هواياته وميوله المختلفة نحو الأشياء التي يريد أنجازها ، إن نسبة عالية من الأفراد يعيشون في عوز مادي ، يسهم في تدهور أحوالهم في جميع المجالات ، كذلك عدم توفر الأعمال يسهم في زيادة العوز الاقتصادي وبالتالي انعكاسه على سلوك الفرد وطموحاته .

** الحرمان العاطفي / وهو كل ما يمس الوجدان ، سواء كان الشخص كبيرا أم صغيرا ، فالطفل الذي يفقد أمه ، يعيش حالة من الحرمان يدعى ( الحرمان من الأم ) ، وكذلك بالنسبة للمرأة التي ليس لديها أبناء ، فهي تعاني حرمانا من الأمومة . إن الحرمان العاطفي يسبب ردّات فعل واضطراب نفسي وسلوكي يظهر جليا على الفرد ، ويحاول إشباع هذا النوع من الحرمان ، بأتجاه الطفل نحو جدته أو عمته أو خالته ، كي يعوض حرمانه من الأم ، وكذلك يسعى هذا الشخص الى الارتباط بشريك الحياة كي يوازن حرمانه العاطفي . فالحب والاهتمام دافعان مهمان للاستقرار النفسي .

كيف نختار الحرمان التقويمي لسلوك أطفالنا ؟
هنالك الكثير من الأشخاص الذين يمارسون شتى أنواع العقاب والحرمان على أبنائهم دون معرفة مسبقة بكيفية هذا العقاب ، لذا عندما نرغب في معاقبة شخص ما ، وخاصة الطفل لابد من :
1- أن يكون العقاب أو الحرمان خفيف / إذ ليس من الصحيح إيقاع أقسى أنواع الحرمان أو العقاب على الأطفال في بادئ الأمر ، إذ أن التدرج في إيقاع العقاب أو حرمان الطفل من الأشياء الأكثر تحببا له يكون مطلوبا ، فيجب أن نختار عقابا يسهل تنفيذه ويتطلب منا الحزم دون إيقاع الأذى المبالغ فيه على نفس الطفل ، فمثلا الطفل الذي يسكب طعامه على الأرض ، من الممكن عقابه على أن يجمع الطعام المتساقط على الأرض . أو الطفل الذي يرمي الأوساخ على الأرض ، يمنع من إعطاءه الحلوى مرة ثانية ، حتى يدرك خطأه ، كما أن من مميزات عقاب الأطفال الصغار وحرمانهم ، أن لا تتجاوز مدة الحرمان وقتا طويلا ، ذلك لأن الطفل في هذا العمر يعتمد على الأشياء الحسية المادية المنظورة أمامه ، فقد ينسى الجرم الذي أحدثه بعد مرور فترة طويلة من العقاب ، إذ يجب أن يحدث الحرمان مباشرة بعد وقوع الخطأ .
2- تفسير العقاب / عندما يخطأ الطفل ويعاقب بحرمانه من مكافأة ما ، يجب على الوالدين تفسير سبب العقاب الواقع عليه كي يدرك حجم الخطأ وما هو مطلوب منه ، وما هو مقبول اجتماعيا ومنتظر أن يؤديه بشكل يتناسب مع حاجات المجتمع الذي ينتظره للانضمام إليه ، إذ أن عدم تفسير العقاب قد يوقع الطفل في حيرة وشك وقد يجهل نوع الخطأ الذي ارتكبه وكيفية إصلاحه ، فالتفسير يقوّم أداءه في المستقبل .
3- استخدام العقاب بشكل منطقي / إذ لا يسمح للوالدين باستخدام الحرمان بشكل عشوائي ، بل يبدأ الحرمان بالأشياء المعنوية كحرمانه من الحب أو التقبل ومن ثم يتدرج الحرمان كلما كان الخطأ كبيرا ، فالطفل مثلا لا يتعرض للضرب الشديد والأذى الجسدي لمجرد أنه أوقع كوبا من الماء ، وذلك لأن الأطفال الصغار لا يملكون قدرا كافيا من المهارات العضلية التي تساعدهم على مسك الأشياء بقوة وتمنع سقوطه من أيديهم
4- الحرمان يقع على الجميع بعدالة / فالأخ الأكبر الذي يؤدي عملا غير مرغوب فيه أو قد يمارس سلوكا مخالفا لا يُمنع عنه العقاب كونه كبيرا ، أو العكس بالنسبة للطفل الصغير ، إذ لا يعاقب لكونه صغيرا ، إنما يعاقب كل ّ حسب مخالفته للأوامر أو القوانين الموضوعة من قبل الوالدين ، ولكلا الجنسين ، كالحرمان من اللعب والمصروف اليومي والخروج والتنزه ، حتى يعدل من سلوكه الغير مقبول اجتماعيا ، كالتدخين بالنسبة للأطفال المراهقين والسهر خارج المنزل لوقت متأخر بالنسبة للفتيات .



#لبنى_الجادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعب ... قناع الطفل المستعار
- الإدراك ... عصا الارتكاز للفهم
- الاضطراب في الكلام .. اضطراب في أساليب التنشئة الأسرية
- تفكيرنا .. عمقنا وأسرارنا الخفية
- لغتنا قارئة ُ فنجان ٍ لأفكارنا
- التوافق الإجتماعي والتكيف الإجتماعي وجهان لعملتين مختلفتين
- الغافل عن الشيء لا يدركه
- تكوين المفاهيم عند الأطفال
- شخصيات متعددات في أنسان واحد


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لبنى الجادري - الحرمان ... عباءة الحزن السوداء