فاديا سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 01:03
المحور:
الادب والفن
لم أعد أذكر آخر مرة رأيت فيها نفسي أمام المرآة. كنت طويلة القامة. بيضاء اللون، يتدلى شعري الطويل على كتفي الأيمن، ومرات أجعله مسرحاً فوق كتفي الأيسر.
جاء فتى.. شاب وسيم.. حملني في راحته اليمنى، أو اليسرى.. لا أذكر، كان لطيفاً مع قامتي الشمعية الناحلة، و ثبّتني فوق صحن مذهب..
هكذا كانت وقفتي الأولى والأخيرة: رشيقة. طويلة، و شعري مسترسل بلطف. وبيضاء.. ناصعة البياض. كنت ملكة بحق في تلك اللحظة.
هوى علي عود ثقاب في شعري.. أقصد الخيط الغليظ ..
عادة أخاف اللهب الضئيل.. لكن في تلك اللحظة، شعرت بحب غامر في قلبي.. لفحت اللهبة وجهي بدفء.. انتشيت أيضاً للتوهج، الذي تكثف في دائرة صغيرة، وانتشر في ظلام الغرفة.. وهج اللهب الصادر من خصلة شعري.
هبت نسمة خفيفة من نافذة الغرفة الضيقة، ارتاح وجهي من الحرارة التي لفتحه.
ها أنا اشتاق لتلك الحرارة.. يا لي من شمعة مضطربة.. ماذا أريد؟ أن أشتعل أم لا؟! أرغب بالإضاءة أم لا؟ أرغب أن تلمسني تلك اليد مرة أخرى أم لا؟.. هيا بصورة واضحة. بديهية، وبسيطة.. حددي موقفك يا فتاة.. يا امرأة.. أيتها الشمعة.. تريدين أم لا؟ تحدثي عما ترغبي.. لكن يا خفيفة العقل، هل القرار بيدك؟ تقولين: أشتعل فتشتعلين؟.. أنطفئ فتحصل معجزة؟..
تستطيعين أمراً واحداً.. أن تخففي العذاب الناتج عن الحرارة والاحتراق.. و السؤال المنطقي الذي تطرحينه على نفسك آنذاك: "كيف أصمد؟".. لن تأبهي للدموع التي تسيل من حافتك اليمنى، أو اليسرى، أو هذه الفجوة التي تكبر وتكبر في خاصرتك.
هكذا تحدثت الشمعة مع نفسها طوال عمرها القصير، وعندما أتت النار على الجزء الأخير منها، أدركت أنها صارت عجوزاً.. أولادها كبروا..
كان كل منهم يسير في طريقه.
#فاديا_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟