|
الهذيان … وخلط حبش لاوراق البرلمان
محمد زهير الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 1877 - 2007 / 4 / 6 - 11:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مقال له نشره له موقع كلنا شركاء ... وبكل تواضع وإقرار يعترف السيد محمد حبش النائب في مجلس الشعب السوري أن المؤسسة البرلمانية في سورية تعاني مما تعانيه المؤسسات البرلمانية في سائر الدول العربية، إذن (ما في حدا أحسن من حدا وكلنا في الهوا سوا)، وحتى لا يكون في كلام النائب كذب أو مبالغة أسرع باستثناء لبنان والكويت والمغرب من هذا التعميم المخجل لحال البرلمانات العربية ... أولا نشكر لحضرة النائب شجاعته الادبية واعترافه بان الدور البرلماني في سورية: (ضعيف لا يرقى إلى الشرط البرلماني المأمول)، غير أننا نلفت الانتباه إلى أن في كلامه خلط للاوراق وإظهار لسورية بانها بلد واقعي يعيش في محيط متعثر فهو يتعثر مع المتعثرين و(يتشركل مع المتشركلين) بينما هو يخفي حقيقة مخيفة هي أن البرلمان السوري لا مثيل له بين البرلمانات العربية الفاسدة في تأسيسه للظلم والفساد والانحياز في صلب قوانينه وليس فقط في عمليات (السلبطة) والتزوير التي يجريها أثناء الانتخابات، وذلك على النحو التالي: 1- وجود المرسوم التشريعي رقم 4 تاريخ 12/4/1990 الذي حدد عدد أعضاء مجلس الشعب ب250 عضوا وحدد أن ثلثاهم أي 167 عضوا يجب أن يكونوا من حزب البعث الحاكم وأحزاب الجبهة الوطنية. 2- أكثر من نصف هؤلاء الاعضاء ال 167 هم من حزب البعث والباقي تتقاسمه أحزاب الجبهة الوطنية الأخرى. 3- يبقى 83 مقعدا من المجلس فقط للمستقلين أي لباقي الشعب السوري الكريم !!... 4- بعد أن يضمن حزب البعث وحلفاؤه نسبة الثلثين من المقاعد النيابية عن طريق قوائم الجبهة الوطنية المطروحة، يفتح باب الصراع بين المرشحين المستقلين لاحتلال ما تبقى من المقاعد في جو "ديمقراطي" يوفر للحزب الحاكم وبقية أحزاب الجبهة، حقهم "الطبيعي" في المنافسة على هذه المقاعد، فيقحمون أنصارهم أو يزجون بعض الاشخاص الموالين لهم ويقومون بدعمهم ليحصدوا أغلب المقاعد المتبقية للمستقلين فتصل نسبة نواب السلطة أو الدائرين في فلكها إلى ما يقارب التسعين في المائة من عدد النواب، فأما ما كان للجبهة فهو لا يصل إلى الشعب وأما ما كان للشعب فهو يصل إلى الجبهة، تلك إذا قسمة ضيزى. والتصويت على القوائم يتم بوصفها كتلة سياسية واحدة لا كونها شخصيات متفاوتة الإمكانيات والكفاءات والنزاهة، يجعل هؤلاء المرشحين في حل من أية مساءلة أو محاسبة طالما أنهم ينفذون أوامر أحزابهم ويصادقون على قرارات وسياسات الحكومة التي ترسمها العائلة المالكة والدائرة الضيقة من المنتفعين حولها. 5- ويساعد على إيقاع الاجحاف أكثر طريقة تقسيم الدوائر الانتخابية بجعل كل محافظة دائرة انتخابية واحدة وهذا يؤدي لعدم قدرة أي شخص سواء أكان مستقلاً أم ينتمي إلي حزب آخر غير حزب البعث على الوصول إلي قبة البرلمان.. لأنه من المستحيل قيام المستقلين بحملة انتخابية حقيقية في محافظة مثل ريف دمشق مساحتها تساوي مساحة لبنان!! 6- وسيطرة السلطة التنفيذية عمليا على السلطتين التشريعية والقضائية بالاضافة إلى إعطاء صلاحيات موسعة تشريعية وتنفيذية لرئيس الجمهورية منها قدرته على حلّ مجلس الشعب 7- وعدم قدرة مجلس الشعب على حجب الثقة عن الحكومة فضلا عن عدم حاجة الحكومة السورية لنيل الثقة من المجلس منذ عام 1970. 8- وعدم قدرة مجلس الشعب على حجب الثقة عن أي وزير أو اقتراح مشاريع قوانين لمناقشتها، وإنما تحال إليه القوانين من الحكومة لمناقشتها، فضلاً عن أن مجلس الشعب ليس له أي دور في صناعة السياسة الخارجية، ولا يستطيع مناقشة قضايا حساسة ومحورية كالعلاقات السورية اللبنانية أو العراقية وبالتالي يبقى دوره شكلياً. 9- قانون الانتخابات السوري لا ينيط مهمة الإشراف على العملية الانتخابية للقضاء، بل للجنة مركزية تتشكل في كل دائرة انتخابية، وهي هيئة غير محايدة أعضاؤها من الحزب الحاكم وملاكها يتكون من مسئولي أجهزة تنفيذية، يرأسها المحافظ وعضوية قاض "يسميه" وزير العدل وممثل عن المكتب التنفيذي في المحافظة. مهمات هذه اللجنة تحديد مراكز الاقتراع وتعيين لجانها وإحصاء النتائج. وما يزيد الطين بلة أنها معنية أيضاً بالبت بصورة مبرمة في كل الاعتراضات والشكاوى والطعون التي تقدم خلال العملية الانتخابية،
لذا ليس أمام المعارضة الا مقاطعة مهزلة ما يسمى انتخابات مجلس الشعب وهذا ما حصل في الدورة السابقة بالفعل حيث كانت المشاركة لا تتجاوز 7%، وهي نسبة ضئيلة جداً، وهذا ما دعى إليه إعلان دمشق في الدورة القادمة حيث أن المشاركة قد تعني أن الانتخابات شرعية وحقيقية وديمقراطية وهي ليست كذلك.
وإذا أضفنا الى ذلك استمرار حالة الطوارئ والأحكام العرفية لاكثر من أربعين سنة، والتي تمنح السلطات التنفيذية كامل الحق في التدخل بكل شاردة وواردة في الحياة العامة دون إذن أو اعتبار. فالمعروف أنه بموجب قانون الطوارئ الساري المفعول منذ عقود، يمكن للحاكم العرفي أو نائبه أن يقرر ما يراه مناسباً من قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور, كما يملك الحق التام في مراقبة الرسائل والمكالمات الهاتفية أياً كان نوعها، وأيضاً مراقبة الصحف والنشرات والمؤلفات والرسوم والمطبوعات والإذاعات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها..الخ, وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرتان "أ" و "ب" من المادة 4 من قانون الطوارئ السوري. فكيف يمكن النظر إلى عملية انتخابية محكومة في كل لحظة من لحظات تطورها بإرادة السلطات التنفيذية وقدرتها على التدخل لتقرير ما تراه مناسباً، بدءاً من شروط قبول الترشيح ومروراً بمنح المرشح الموافقة على الدعاية والنشاط الانتخابيين أو حجبهما عنه، وانتهاء بإجباره في بعض الحالات على سحب ترشيحه أو إلغائه إذا رفض ذلك طواعية.
ونعود إلى السيد حبش الذي يصر على تجاهل كل هذه الحقائق ويسوق المسوغات لشرعنة قوائم الجبهة الوطنية التي تحصد ثلثي الاصوات دون وجه حق فيقول: (ولكنني أقول الآن بكل شفافية إن هذه القوائم أكثر من ضرورية لمقاومة نفوذ المال السياسي، وأعتقد جازماً أنه لولا قوائم الجبهة لم يكن لك أن ترى في المجلس ممن لا يملكون الملايين أستاذاً جامعياً أو قاضياً محترماً أو موظفاً أو فلاحاً حقيقياً) فاخترع لنا معركة مع المال السياسي -الذي يملكه حقيقة أقارب الرئيس- لتسويغ الدجل الداخلي كما اخترعت السلطة قضايا الصمود والتصدي والممانعة لتسويغ الردح الخارجي، وأنهى السيد حبش هذيانه بقوله: (ومن جانب آخر فإنني أعتقد أن تردد المعارضة في المشاركة بالانتخابات سببه ما يشعرون به تماماً في هذه المرحلة من تعزز التلاحم بين القيادة والناس، خاصة بعد أن خرجت سوريا من عنق الزجاجة ...) وأظن أن الذي خرج من عنق الزجاجة هو ذنب السلطة ولم يخرج رأسها بعد، وقد يكون خروجه قريبا على يد المحكمة الدولية القادمة، ... يرونه بعيدا ونراه قريبا.
#محمد_زهير_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النسخة الانجليزية من كتاب خمس دقائق وحسب
-
خيارات العطري في محاربة الفساد
-
عشرة ملايين دولار لعرار تعويضا عن سنة سجن في سورية
-
لمن صوت اليهود في الانتخابات الاميركية؟
-
اعتذرت كندا لماهر عرار فهل تعتذر سورية له؟
-
نظرة إلى الخلاف السني الشيعي
-
العلمانية والدين ... والمعركة الموهومة
-
مفاوضات بين المعارضة والرئيس بشار
-
بروتوكول بين أطياف المعارضة
-
تعارض الاختصاص بين اعلان دمشق وجبهة الخلاص
-
خواطر غير رسمية على هامش لقاء بروكسل
-
عمر الغبرا يدخل البرلمان الكندي
-
ستقول السلطة
-
بروتوكول بين المعارضة والمنشقين
-
دعائم بناء الدولة الحضارية العادلة
-
الدين كعصبية طائفية وكمرجعية حضارية
-
سلوك الرئيس بشار بين الشك واليقين
-
العطري والمثلث الذهبي
-
لجنة لكل قتيل
-
ورقة نعي النظام السوري
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|