أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - الدخول من النهاية















المزيد.....


الدخول من النهاية


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1877 - 2007 / 4 / 6 - 11:39
المحور: الادب والفن
    



1
لم نلتق منذ أمس, جميل كان رقصك في حفلة الربيع, لكن لماذا اخترت اللون الأسود لحفلة الربيع, فعرفتك تحبين الألوان تماما كما تحبين الكلام معي.

2
رأيتك فجرا, خرجت من البيت وبيدك حقيبة مرصعة بالخرز الأزرق, ورأيت شعرك المتناثر مغطى بوشاح ازرق, بلون خرز الحقيبة, فهل غيرت طقوسك التي اعتدت على ممارستها كل فجر؟ فخروجك المفاجئ فجرا أثار الشكوك في ذهني.

3
أتدعيني أتساءل, يا صاحبة الوشاح الأزرق والحقيبة المرصعة؟ أراك تكمدين ألما وحزنا هل أثرت دموعك؟ انتفضي يا حلوتي فخروجك هذا الفجر فيه رهبة, جمال واقتحام, فقد رايتك أمس متعالية تطيرين في السماء. تحدثنا عن اليوغا وعن الجسد وعن الروح, فهل مللت جلساتي أيتها المزاجية الطبع؟ هل مللت الريح يداعب خصلات شعرك, فوضعت الوشاح الأزرق؟ هل مللت الشمس تلامس ساقيك فارتديت البنطلون الأسود؟

4
"عندما أصمت فأنا أتأمل, وعندما أتأمل فأنا أتقمص اللاواعي داخلي, اعزفه كموسيقى مطر ينساب على تراب الجبال"

ما أجملك وأنت صامتة أيتها الهادئة النبيلة. تأملي وأعيدي ترتيب لاواعيك, اعزفيه لحن عود مع قطرات دمك. انثريه مطرا يجعل البحر الميت يحيى من جديد لنعود ونطبع أقدامنا على ملحه, ونطفوا بأجسادنا على مياهه, ونرسم بموجه روحك الغير موجودة سوى فيك.

5
هل تسمحين لي باستعارة لاواعيك يوما واحدا؟ سأملئه لك بالورد الأصفر والأحمر والأبيض, واجعله من أجمل حدائق العالم.سأعيد ترتيبه بإيقاع معكوس ومقلوب , كما أعدت ترتيب نصك بإيقاع عكسي.

6
نصك كان عن البحيرة التي سبحنا بها سوية هل تذكرين؟ تلك البحيرة العميقة التي كنا نذهب إليها لنغسل تمردنا في حلو مياهها كنا وحيدتين نرقص مع أمواجها ونبتكر طقوسا غريبة في السباحة.
هل تأتين معي لنعرف سر البحيرة وسر الرجل الذي غرق فيها.


7
البحيرة هائجة. وجه أعرفه, يقترب نحوي يطلب أصابعي, قاومته ولم أقاومه.
نصي مقلوب وقلمي لا يمشي على السطور, الوجه ما زال يلاحقني, يريد انتزاعي, كأنها لعبة إلهية جُهزت لي, فدخول الموج لم يكن أمرا سهلا ككل المرات أو عاديا, كما السباحة العادية.

البحيرة كانت عميقة جدا ..والسباحة بها ليست سهله بحيرة صغيرة حلوة المياه ولدت خارج خارطة التكوين الإلهية وبعيدة عن حدود الكرة الأرضية.
كانت معلقة في الهواء بين الكواكب الأخرى, ليس لها شاطئا, وحدودها غير مرئية.
لم يسمع أحدا عن تلك البحيرة سواي . كنت آتيها بين الفنية والأخرى لارتشف منها واغسل تمردي من حلو مياهها. كنت وحيدة لا اخضع لقانون معين. وحيده في العراء.
شيء غريب كان يحدث في ذلك المكان فعندما كنت ادخل البحيرة كان يحدث تمردا مقلوبا يقولون أحيانا انه مدّر وجزر عنيف.
تحيط بها الأشجار من كل جانب، لا الشجر ولا البشر ولا الغيوم كانوا يعرفون سرها. هادئة وغريبة. الوحيد الذي عرف سرها هو الرجل الذي غرق بمياهها, هل غرق حقا؟؟ هل سألتقي به هناك تحت الموج؟ هل هو ذالك الوجه الذي رايته يقترب نحوي..أشياء غامضة كانت تحدث لي في تلك البقعة البعيدة. لماذا هذه البحيرة تحب ابتلاع البشر؟ لماذا تبتلع كل من يأتي إليها؟

البحيرة ابتلعت الرجل وها هي تبتلعني الآن, ومن ستبتلع بعدي. إني أراه الآن واضحا, وأنا في عمق البحيرة, ذلك الوجه الذي أحببته, ملامحه واضحة لكنها متخبطة وممزوجة في مياه البحيرة. حاولت الاقتراب إليه سباحة لألمسه, لكني كنت ألمس روحا دون الجسد.
هل أنا سأصبح وجها متخبط الملامح مثل ذلك الرجل؟
هل سيفنى جسدي داخل المياه وتنصهر روحي مع الموج؟
البحيرة ابتلعتني إلى أعماقها, تماما كما ابتلعت الرجل, اهو صاحب سر مثلي؟
هل كان يأتيها وحيدا, ليغسل تمرده فيها, مثلي أيضا؟

أسئلة كثيرة اعترتني في ذلك الوقت, لكني لم أجد إجابات.
البحيرة متلاطمة الأمواج. الوجه ما زال أمامي, الأمواج هائجة جدا.لم اعرف إن كان هذا غضبا أو فرحا. سبحت كثيرا محاولة اللحاق بذلك الوجه, عله سيكون المرفأ الذي سيخلصني من أمواج تلك البحيرة, لكن تعبي كان دون جدوى, فهو غير ملموس, لكنه محسوس جدا, اشعر بشهيقه وزفيره مع الأسماك ومع كل مد وجزر.
كم أردت العودة إلى الصخرة لأكمل نصي المقلوب, فقد بدأت بكتابته من نهايته وحتى الآن لم أصل لبدايته.
نهاية نصي هو بداية, تماما كدخولي البحيرة الذي هو بداية ونهاية.
لم أكن أعرف أني استطيع العيش داخل المياه, أو حتى التنفس هناك.مفاجئات كثيرة حدثت لي لم أكن أتوقعها, فالوصول إلى عمق تلك البحيرة هو من أسمى أنواع الرجوع إلى الذات ولمس الجانب الآخر الذي يستوطننا ونجهله في آن واحد.
كان الخوف يتلاشى مني شيئا فشيئا وشعرت أن جسدي بدأ يختلط مع حلو مياها ومع أمواجها المضطربة المتلاطمة وكأنها أرادت ألاختلاط بي لأبعد الحدود.
كم أردت أن لا أرجع أن أبقى هناك مع ذلك الوجه. لكن الوجه بدأ بالاختفاء رويدا رويدا لم أعد أراه ولا حتى ملامحه المتخبطة, بل انصهر أيضا داخل المياه تماما كنفسي التي انصهرت في عمقها. اختلط الجنون بالجنون والموج بالموج, فلم يستطع أحدا التحرر من الآخر.
ما أروع تلك اللحظات, لحظات الغرق والتلاشي داخل الأمواج. لحظات الجنون والإصغاء لموسيقى الطبيعة وللأنا الداخلي الموجود بنا.
اختلطت النفوس مع المياه. وتراجعت الصخرة الممتدة على الشاطئ وبقي الأمر غامضا لم يعرف أحدا سر تلك البحيرة وسر تلك الوجوه المنصهرة.

8
" ابتسامتي الصافية هي انتصاراتي, وعيوني المفتوحة للأعلى هي ثورتي, فان ابتسمتُ وارتفع نظري, أكون قد خضت اعنف انتصاراتي"

إذن أنت المنتصرة يا صاحبة البنطلون الأسود والوشاح الأزرق, تعرفين سر البحيرة وسر الرجل الذي غرق فيها. عيونك قالت وبسمتك تكلمت..


9
أيتها الغامضة الواضحة, يا بحيرة الجمال أنت, اكتشفت سر البحيرة وسر الرجل الذي غرق فيها, لكنك لم تعرفي أن السرين هما سري والنص هو نصي.


10
هل ستخرجين في الفجر القادم غدا؟ اذهبي وانتقي الألوان لأعيد ترتيب نصي وانثر سري فوق صينية القهوة.




#نبال_شمس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولات للتعالي عن أناها
- لغة الروح
- رثاء لرجال الثامن من اذار
- هل أنا ميتة فعلا؟؟
- ثلاثة ذكور من ضلع امرأة
- عشرة رسائل قصيرة, وثرثرة نسائية غير محمودة
- تداخلات وانتظارات
- جاك، جوليبير وحمار جحا
- سر -الجمعية لحماية الحمير-
- محاولة في نسيج كرة مجنونة
- طلابي وتجاوز رشاش الدم
- كفوا عن قتل الاطفال..صرخة بعيدة من انسانة قريبة
- كفوا عن قتل الأطفال - صرخة بعيدة من إنسانة قريبة
- أحذية ومقامات
- العودة من ارض النور
- كيف سأعاقب أمي؟
- برؤية مغايرة -Remorse-
- وجوهي التسعة
- رسائل إلى شخص ليس هو , الى برجر سلاين
- تقمص كائن شتوي


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - الدخول من النهاية