عباس النوري
الحوار المتمدن-العدد: 1874 - 2007 / 4 / 3 - 11:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يصح لنا ان نفكر بشيء اســـمه ليبرالية عراقية؟
بعــد أن جرب العراقيون أربعة سنوات من تداول السلطة بطريقة ديمقراطية خاصه, قد تختلف عن انواع كثيرة من الديمقراطيات في العالم. ولهذا المفروض للباحث الوطني أن يبحث عن أنواع الديمقراطيات المتعامل بها في العالم, ثم شرح الديمقراطية العراقية الخاصة.
ولعل هناك خلط كبير بين الديمقراطية والليبرالية مع ان هناك انواع كثيرة من اشكال الليبراليات المتعامل بها في العالم خصوصا في الدول الأوروبية الغربية وأمريكا. وايضا نلاحظ خلط بين الليبرالية والفكر اليميني. اطرح هذه التساؤلات للبحث والمناقشة للتوصل لمعرفة هذه المصطلحات بشكل يسهل عملية التوعية لدى أبناء الشعب العراقي.
الليبرالية لا تتفق مع الاسلام...والاســـــــلام والديمقراطية نقيضان لا يلتقيان.
كيف ذلك سوف احاول وحسب فهمي البسيط ان اوضح وأعبر عن رأي المتواضع, ولعلي اصيب أو أكون مخطء. ويا حبذا أن يصلح لي اساتذة أفاضل مفاهيمي الخاطئة. لأنني حين أكتب ليس فقط لكي اكون في موقع العارف الفاهم, بل لأنني أتلقى رسائل توضح لي سوء فهمي وتزيدني فهما وعلما عن الذي اجهله. وأتصور أن سبب التعليم والتعليم يجعل أكثرنا الكتابة لتبادل الآراء والأفكار.
الدين الأسلامي يخالف الفكر الديمقراطي بامور كثيرة وبشكل عام. للدين الإسلامي كتاب وهو القرآن المجيد منزل من الله سبحانه وتعالى وهو دستور الإسلام...والاسلام دين وحياة. أي ليس فقط تعبداً, وإنما ايضا يصلح حسب المفهوم الذي يطرحه الكثير أو أغلب المفكرين الاسلاميين فلا خلاف في ذلك. فإذا الدين الاسلامي هو مبدأ تعبد وحياة, أي لللاسلام حلول سياسية وتربوية وثقافية واقتصادية وسياسية. والقران المجيد يطرح ( ألا أن الحكم لله) وهذا دليل أن لا حكم للبشر... ويجب الرجوع لكل الأمور للقرآن. والآيات القرآنية بحاجة لتفسير وتأويل...(ولا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم). ولهذا البحث حديث طويل قد أجاد فيه علماء بررة ومفكرين ذو امكانيات عالية قد لا يصل لحدها الكثيرون. ولا المقصود هنا الانتقاص من الدين الاسلامي بأي شكل من الأشكال والعياذ بالله تعالى, لكن الذي نريد التوصل إليه بأن التناقض واضح بين الديمقراطية والاسلام... وقد لا يكون هناك جزم آخر أن الذي يختار الدين الاسلامي كمنهج حياة وتعبد... لا أريد انتقاصة من هذا الحق, وفي ذات الوقت لا يمكن انتقاص حق الآخر من انتخاب منهج آخر للحياة كالديمقراطية حسب الدستور العراقي المصوت عليه.
المنطق يقول النقيضان لا يلتقيان... وهنا القصد أن الاسلام يدعوا لحكم ماجاء به القرآن ولا يمكن النقاش فيه...واذا كان البعض يحاول تحويل المصطلح اللاتيني للعربي, فيقول البديل الشورى فهذا غير صحيح...الشورى ليست الديمقراطية. ولهذا بحث أخر يأتي في محله.
قد تكون هناك نقاط اتفاق بين الاسلام كمنهج حياة متكامل مع الاسلوب الديمقراطي للحكم ويعتمد على مباديء حقوق الإنسان المتفق عليه عالمياً وفيها نقاط إلتقاء وخلاف كثيرة. لكن أين التناقض بين الاسلام والديمقراطية. نعم الديمقراطية تعتمد على الانتخابات لكي ترشح مجموعة تدير زمام أمور المجتمع وفق القوانين المتفق عليها وحسب توافقها مع مواد الدستور المصوت عليه من قبل جميع افراد الشعب. لكن آيات القرآن الكريم لا يمكن التصويت عليها فهي ثابة غير متغير ولا يمكن تؤيلها من قبل سياسي غير مطلع في فنون ودراسات حوزوية بحت, وعلوم عربية لغوية وتاريخية والحديث وعلم الرجال ومعرفة الناسخ والنسوخ والمتشابه وغيرها من علوم يختص بها علماء الدين لا غيرهم. فإذا ما استعصية أمرا فقهيا او حياتياً يتلجئون للعالم العادل والمجتهد الأعلم للادلاء برايه ويتخذ ذلك الرأي دون أي تصويت أو مجادلة. يمكن ان يعدل أو يتغير لكن من قبل عالم آخر أعلم أو بعد وفاة العالم الذي اصدر تلك الفتوى.
في الديمقراطية حديث آخر, حيث يمكن الآعتراض على قرار تتخذه الحكومة المنتخبة مع أنه لها الحق بإتخاذ القرار, لكن حين يرى الشعب بأن القرا لا يناسبها يخرج الشعب في تظاهرات احتجاج لتغيير ذلك القرار وبعد الضغط ومن خلال وسائل سلمية ديمقراطية اجازها الدستور يمكن للحكومة ان تتراجع عن ذلك القرار, وإن اصرت الحكومة على القرار رغم أنف الشعب, فالشعب سوف لا ينسى ويحاول تغيير تلك الحكومة في الانتخابات التالية ليعطي صوته لحكومة أخرى. في حين من المستحيل التظاهر على فتوى, ولن نسمع أن حدث ذلك في تأريخ الاسلام...وقد يقول قائل بأن هناك اجماع على ما اتخذه العالم من فتوى والامر مقبول من قبل الجميع. نعم هذا صحيح لأن العامة من الناس ليس لهم الحق على الأعتراض أبداً, بل الحد الأقصى من الأعتراض قد يكون هو ان يتحول العامي لمجتهد آخر يقلده. هذا مثل بسيط للتناقض, وهناك أمثلة كثيرة وخطرة قد تحدد بها أمن أمة بكاملها. وقد يؤدي لهلاك بشر أو اسعادهم...ولكن الموجز ما في الأمر...أن في حالة الديمقراطية يعطى للمجتمع حق التدخل في الأمور الحياتية أكثر مما هو عليه في الحكم الاسلامي حيث تحصر أهم الأمور وأخطرها بيد أصحاب العلم والاجتهاد وينفي دور الفرد ومجموعة الأفراد.
واذا كان هناك تناقض بين الديمقراطية والاسلام فانه من البديهي ان يكون تناقض بين الاسلام والليبرالية.
الشعب العراقي يبحث عن ليبرالية تضمن له العدالة والأمن, لأن تجربته مع الاحزاب التي تتوالت على الســــلطة خلال الاعوام الأربعة الماضية. ولكن الشعب العراقي متخوف أيضاً من مصطلحات غربية خوفا من الاتهامات الانتمائية للغرب ... والمفاهيم التي باتت تتعارض مع الوطنية حسب التربية المتلقات والمجبرة عليه طيلة فترة اللانظام المقبور. مثل الاستعمار والخيانة والغرب الكافر...وما الى ذلك من امور تضعهم في مأزق التقبل للجديد...مع ان الشعب العراقي يبحث عن بديل وقد ذاقوا الأمرين. الليبرالية العراقية سوف تتحدث عن الفرد وأهميته في الاستمرار بالحياة بكرامة دون ان يستغل من الأحزاب والحكومة. لكن الشعب ينتظر ويضحي ولا يحصل على شيء أبداً غير الجوع والعطش والموت السريع والبطيء. بسبب الخلافات على السلطة للكسب المادي المتخم...لكن الظاهر من ذاق طعم السلطة وبدأ بسرقة ثروات البلاد لا يتخم بل يريد المزيد. الليبرالية مفهوم أوروبي غربي يعمل من أجل الفرد واحتاجاته بكل معنى الكلمة, ويسعى في الوقت ذاته لتحرير الفرد من كل اشكال الاستغلال. فالليبرالية لا يفرق بين قومية وأخرى, ولا بين دين وآخر, ولا بين مذهب ومذهب. لا علاقة للفكر الليبرالي باي أعتقاد خاص بالفرد بل يدعم هذا الفرد لكي يختار العقيدة الذي يؤمن بها, والقومية الذي ينتمي لها. أن الفكر الليبرالي يريد تقليص سلطة الحكومة ويهتم بالشأن الاقتصادي لتطوير الافراد بغض النظر عن أي انتماء خاص بهم.
اتصور من المنطقي أن المثقفين العراقيين هم بأنفسهم يبحثون ليجدون الفكر الليبرالي الذي يليق بهم, وليس هناك أي إلزام بأن المصطلح ذاته يستخدم لكي لا يتحرج البعض من الغربية في المصطلح, لأن الليبرالية تعني في ترجمتها للحرية, وكما نوهنا سلفا لأنواع متعددة من الليبرالية, فهناك ليبرالية يسارية ويمينية وليبرالية جديدة وما الى ذلك...وهناك الكثير من اليسار المتطرف تخلوا عن مبادئهم وتحولوا الى ليبراليين نحو اقصى اليمين. فالعراقي المخلص والوطني الجيد يحالو دراسة الواقع العراقي لكي يجد الشكل الليبرالي الموافق للواقع الحقيقي والتقبل المستقبلي.
هذه المقالة ليست تحريض لقبول فكرة ورفض أخرى, وهي ليست مقالة علمية مدروسة بشكل صحيح. بل هي مجرد رأي وانتظر ردود من جميع الأخوة المتطلعين والقادرين لاتعلم منهم واستلهم من افكارهم... فما هو الحل لانقاذ الشعب العراقي من المأزق الذي أجبر عليه.
المخلص
عباس النوري
سياسي مستقل& ناشط في المجتمع المدني
الاثنين، 02 نيسان، 2007
[email protected]
#عباس_النوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟