|
لماذا يكرهوننا ؟
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1874 - 2007 / 4 / 3 - 11:22
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
Rick Feinberg – zmag.org مترجم حاول أن تتذكر مشهد اصطدام الطائرات بمبنى التجارة العالمي والبنتاجون في 11 أيلول 2001 وتذّكر مشهد آلاف البشر في العالم ( وخاصة في الشرق الأوسط) يحتفلون في الشوارع وعندها ستتذكّر التعبير الآتي لماذا يكرهوننا؟ بعد ستة أعوام على هذه الأحداث لم نجد إجابة جدّية لهذا السؤال من قياداتنا السياسية ومن وسائلنا الإعلامية واسعة الانتشار. وهل تتذكّر التوضيحات التي قدّمها بوش " إنهم يكرهون حريتنا " وقد أعادها في كانون ثاني 2007 أو إدعاءات اليمينيين " إنهم يغارون من ازدهارنا الاقتصادي ومن قوّتنا أو نجاحنا "،ويفسر اليمينيون ذلك بأننا قد عملنا بجدّ ووفرنا لأنفسنا حياة جيدة أما الكسلانين في الدول غير المتطورة فهم يريدون أن يقدّم لهم غيرهم ما حصلوا عليه بكدّهم واجتهادهم. لقد سمعت أمثال ( Jerry Falwell & Rush Limbaugh ) يقولون أبعد من ذلك " يولد بعض البشر شياطين "ولذلك ينجذبون بالفطرة لأيدلوجيات تحرّض على الكراهية والقتل وبما أن مشكلتهم جينية فإن الطريقة الوحيدة للتعامل معهم هي قتلهم قبل أن يقتلونا. والجناح اليميني المتطرف غير مخطئ تماماً فالحقيقة معقدة ، فبعض الناس يحسدون ازدهار الولايات المتحدة وقوّتها ، والعديد من المسلمين الأتقياء ( والمسيحيين أيضاً) تجرح مشاعرهم أنماطنا الموسيقية وملابسنا وثقافتنا الشعبية ، وهناك بعض الناس الذين يميلون للعنف وينجذبون نحو تيارات دينية متطرفة ، يوجد عندنا Timothy McVeighs خاصتنا كما يوجد عنهم بن لادن الخاص بهم .لكن اعتبار ذلك هو السبب الأساسي للاتجاه ( ضد الأمريكيين ) هو تضليل مثير للشك. تتشكل أفعال الناس نتيجة خبراتهم وإذا كانت هذه الخبرات قد تأثرت بالتعليم الديني المتطرف فإن علينا أن نسال لماذا ظهرت مظاهر التطرف بقوة في هذه اللحظة من التاريخ العالمي ؟ ولماذا تمّ استهدافنا ( نحن ) بينما لم يتم استهداف الدول غير الإسلامية الأخرى ( مثل اليابان وسويسرا والبرازيل وكندا ).ويتطلب مني تخصصي في الانثروبولوجي أن أتصور كيف ينظر الفرد إلى خبرات الآخرين وانا أدعوك للقيام بذلك وإذا فعلت فإنك تبدأ بفهم لماذا الآخرون غاضبون جداً ويائسون جداً لدرجة انضمامهم لعنف ضد المدنيين وحتى لو كلّفهم ذلك حياتهم. أن ردود أفعالنا على مهاجمة أقرباءنا وأصدقاءنا ومؤسساتنا الوطنية يجب ان تساعدنا على معرفة ذلك ،كيف يشعر ملايين الفيتناميين حيال القاءنا اطناناً غير معدودة من قنابل النابالم والمتفجرات على قراهم ومزارعهم وكيف يشعر العراقيون حيال غاراتنا الجوية والحصار الاقتصادي لعقد من السنوات كلّفهم 5000 ضحية كل شهر وكيف يشعر النيكاراغويين حيال دعمنا للكونترا المنظمة الإرهابية التي قتلت 30 ألف مدني منهم وكيف يشعر الاندونيسيين حيال مساندتنا التي أوصلت سوهارتو للحكم عام 1967 ونتج عنها قتل ما يقارب مليون اندونيسي؟ كيف يشعر شعب تشيلي حيال دعم مخابراتنا ( CIA ) للجنرال ( Pinochet) والتي قادت إلى عشرات آلاف الجرائم .أو كيف يشعر العرب حيال دورنا في فلسطين هذا النزاع الذي أودى بحياة الآلاف من الطرفين لسنوات طويلة لكن عدد الضحايا الفلسطينيين خمسة أضعاف الضحايا الاسرائيليين؟ عندما تدعم حكومتنا أمثال ماركوس في الفيليبين وشانغ كاي شيك في الصين وسينغمان ري في كوريا وثيو في فيتنام وباتيسا في كوبا والفصل العنصري في جنوب افريقيا وموجابي في زيمبابوي و موبوتو في زائير والشاه في ايران ونعم حتى دعمت صدام حسين لعقود في العراق كيف سيكون شعور الناس حيالنا. نحن ندّعي ان تدخلاتنا العسكرية جاءت لرعاية الحرية والديمقراطية إذن لماذا تدخلت (CIA) وقواتنا المسلحة لإسقاط الحكومات المنتخبة ديمقراطياً في بعض الأماكن ( ايران ،1953 و الدومينيكان ، 1966) أعلن هنري كيسنجر بعد انتخاب سيلفادور اليندي في تشيلي عام 1970 " انا لا أعرف لماذا نقف متفرجين وتشيلي تسير نحو الشيوعية نتيجة ( عدم مسؤولية ) شعبها" ، بعد ثلاث سنوات قام بينوشت بانقلاب دموي مدعوماً من المخابرات الأمريكية ولعقدين من الزمن كان أكثر الطغاة دموية في تاريخ أمريكا الجنوبية . وعندما تم انتخاب دانييل اورتيغا ( الحركة الساندينيستية) عام 1984 وبنسبة 63% في انتخابات حرة وعادلة بشهادة المراقبين الدوليين استمر الرئيس ريغان في تقديم الدعم المالي والعسكري غير الشرعي للكونترا حتى تمّ اسقاط اورتيغا. وفقط في السنة الماضية قامت الولايات المتحدة وحلفاءها بوقف الدعم المقدم للسلطة الوطنية الفلسطينية عندما فازت حماس في انتخابات حرة وأعلنت بتصميم أنها ستجعل فرصة العيش للحكومة المنتخبة مستحيلة . حكومتنا لها تاريخ في دعم الديمقراطية فقط إذا فاز الطرف الموالي لها وإلا تتحول إلى طاغية قمعية .إنه من الصعب أن تفهم لماذا تلقى محاضراتنا عن الديمقراطية والحرية آذاناً صماء ولماذا نوصف بالمنافقين . وانا لا ألوم أمريكا أولاً كما يدّعي اليمينيين فالحقيقة معقدة ومتناقضة وبلادنا وشعبنا له ميزات رائعة تعجب الكثيرين في العالم واستطيع ان استشهد بالثروة والقوة والمؤسسات الديمقراطية وأفعال بطولية وتضحيات قدمناها لتحسين حياة الآخرين كمنظمات السلام والانسانية ومنظمة Amigos de las Americasالتي تشارك بها عائلتي . ولكننا بحاجة لأن نفهم كيف شوّه النابالم والقذائف صورتنا وكيف ينظر لنا من فقد إخوته وأخواته وأولاده بأيدينا أننا دولة متغطرسة ، مستأسدة وتقود إرهاباً غبياً وجباناً. ما دمنا نسبب المعاناة للشعوب عبر العالم فسوف يستمرون في الانضمام لبن لادن أو مقتدى الصدر فقد كانت إدارة بوش وفريق الحرب ضد العراق أفضل أداة لتجنيد المتطرفين الإسلاميين كما أقّر جيمس بيكر .وإذا أردنا تحديهم نتحداهم بأفعالنا وقيمنا الأخلاقية العالية وتصميمنا ، لقد فعلت إدارة بوش العكس. لاحظ Eric Alterman في The Nation في 29 كانون ثاني " برهنت حرب بوش - تشيني في العراق انها أكثر من فاجعة لم تتصورها حتى القوى التي عارضت الحرب منذ البداية : قتلت الحرب الأمريكيين والعراقيين ، دمّرت شعباً متعلماً ( ولو كان غير حر ) زادت من التهديدات الإرهابية ، أوجدت عدم استقرار في المنطقة،زادت من قوة أعدائنا ( سوريا وايران ) ،أثارت موجة من الكراهية للولايات المتحدة عبر العالم وكلّفت دافعي الضرائب الأمريكيين تريليون دولار " .إنها كما قال آل غور "أسوأ خطا استراتيجي في تاريخ الولايات المتحدة ". وكان Robert Bowman قد كتب في National Catholic Reporter في 2 تشرين أول 1998 " العالم لا يكرهنا لأننا أحرار وديمقراطيون أو لأننا ندافع عن حقوق الإنسان ، العالم يكرهنا لأننا نُنكر ذلك على دول العالم الثالث الذي تسيطر شركاتنا العملاقة على خيراته وهذه الكراهية قد تتحول إلى إرهاب " وبدلاً من إرسال أبناءنا وبناتنا لقتل العرب في العالم والاستيلاء على نفطهم يجب ان نرسلهم لمساعدتهم في إعادة بناء بنيتهم التحتية وتزويدهم بالماء النظيف وإطعام الأطفال الجوعى باختصار يجب ان نقوم بأعمال الخير بدلاً من أعمالنا الشيطانية وعندها من سيكرهنا ؟ من يستطيع ايقافنا ؟ من يريد ان يفجّرنا ؟هذه الحقيقة التي يجب ان يعرفها الشعب الأمريكي . واستطيع ان أقولها بقوة الآن إنه الوقت المناسب لوقف الحرب والخروج من العراق وإعطاء الفرصة للعراقيين لحل مشاكلهم بطرقهم الخاصة.
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم عادي في بغداد
-
لغز أجهزة قياس النفط المفقودة ( تساؤلات حول عائدات النفط الع
...
-
جوقة الحرب أين هم الآن؟
-
آمر سجن الفلوجة
-
العراق بعد اربع سنوات :الكارثة مستمرة
-
راشيل كوري شهيدة رفح
-
الانتحار :الطريقة الوحيدة للخروج من العراق
-
النفط لمن؟
-
لعبة المونوبولي بالأموال العراقية
-
نفاق الولايات المتحدة حول حقوق الإنسان
-
احتجاز العمال الآسيويين للعمل في السفارة الأمريكية في بغداد
-
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز اسرائيلي 1
-
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز إسرائيلي 2
-
ضحايا الجدار
-
لونا العراق : اغتصبت ولم تظهر على الفضائيات
-
العراق : عملية إعادة البناء بالتجربة والخطأ
-
أشباح أبو غريب
-
اليورانيوم المنضّب ( القاتل الخبيث يواصل القتل )
-
النساء في الهند :أمّهات للبيع- امّهات للحظات
-
غزة :حلقات الجحيم
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|