سلام كوبع العتيبي
الحوار المتمدن-العدد: 1867 - 2007 / 3 / 27 - 12:02
المحور:
الادب والفن
مازالت تجري أمامه كما تجري الهرة البيضاء بعد أن جاء بها من القرية البعيدة الغافية على نهر الفرات الحزين الذي يتمايل طربا على أمواجه الساحرة قبل هذا اليوم .. إنها الحسناء ذات الجديلة الملكة المطرزة بشرائط بيضاء .. حمراء .. عندما قتلت عائلة سعاد قبل خمسة عشرة عاما نتيجة للحروب القبلية والثارات العشائرية لم تكن هذه الفتاة قد تجاوزت عامها الثالث وهاهي اليوم تنط خلف نهديها النافرين مثل مهر يطلب فارس لينطلق به إلى البعيد الجميل .. هاهي تنط خلف خطواتها الساخنة لتعبر الطريق العام المؤدي إلى مدرستها ( متوسطة الجنائن للبنات ).. لقد وصلت سعاد إلى عمر يناديني أن أتقدم لها .. نعم أتقدم لها فهي تصغرني بخمسة عشر عاما وهذه أعوام لا تمنعني من أن أتقدم إلى نفسي وأطلب يدها من روحي لاقترن بها فأنا كنت لها أبا وأخا وحتى في كثير من الأوقات كنت لها أما .. فلماذا لا أتقدم لها وأطلبها من روحي التي تربعت بها فهي أبنت عمي .. لا أكذب على نفسي وأصارع حقيقة طالما مزقت روحي وأنا أراها كل يوم تكبر أمام عيني مثل وردة تسحر الناظرين بجمالها وعطرها الرشيق .. كل يوم تكبر وأعد ساعات النهار التي تنمو به .. اليوم وبعد أن تعود من مدرستها سوف أبوح لها بكل ما يسكن في روحي من شوق وحب ..تلك الروح الساخنة حد الهذيان .. اليوم .
كانت سعاد لها هواجس وأحلام وردية مثل عمرها الوسيم تداعب قلبها وحواسها الأنثوية مثلما تسمع من سنا وشيماء وشهد اللواتي يسجلن أحداث أحلامهن و ما يحدث لهن مع من يتأملن بهم أن يكونوا جزء من مستقبلهن الاجتماعي فهي كذلك كانت تحلم بأحمد الذي يكبرها بخمسة أعوام ذو الخال الجميل الذي يتوسط وجنتيه الورديتين .. لم أترى أجمل وأنضج منه ؛ أنه الوسيم اللماح .. هذا هو الأمل المنشود لروح سعاد التي لأتعلم ما يخبأ لها القدر من تناقظات وصرخات مخبوءة بعد أن تاهت في زحمة الأحلام الوردية التي تراها تتطرز كل ليلة على وسادتها البيضاء .
القدر الأسود لا يترك أزهارا تنموا في واحة الربيع لسنين سعاد القادمة بعد أن تربع السرطان داخل رئتيها دون أن يعلم أحد بهذا الأمر لكن الساعات الأخير لعمرها قد اقتربت ..
وصلت إلى بيت عاشقها الذي لا تعلم بما يخبأ بقلبه لها ودخلت حجرتها وبعد أن غيرة ملابسها المدرسية شعرت بغثيان أرادت أن ترقد لتستريح قليلا لأكنها كانت هذه الاستراحة الأخيرة .
#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟