|
البيعة قمة الاستبداد بالمغرب
علي لهروشي
كاتب
(Ali Lahrouchi)
الحوار المتمدن-العدد: 1866 - 2007 / 3 / 26 - 11:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يدخل العالم القرن الواحد والعشرين الزاخر بالاكتشافات و الابتكارات و الإبداعات في جميع المجالات الاقتصادية و السياسية و الثقافية و اللغوية و القانونية وعلى رأسها حقوق الإنسان ، حيث سقطت رموز القهر و الاستبداد , وقضي على بعض الطغاة عبر المظاهرات الشعبية التي اقتحمت مقرات البرلمانات , أو القصور الرأسية بعدما استنفدت الجماهير الشعبية صبرها ، و لم يعد أمامها سوى الانتفاضة المشروعة ، هدفها الأوحد و الوحيد هو إبعاد الطاغي و حاشيته عن سدة الحكم ، بعدما تأثرت تلك الجماهير من قبل قياداتها اليسارية المخلصة لها ، وتفاعلت مع المتغيرات الدولية و العالمية ، حيث التصنيع و التكنولوجية ، و المعلوماتية و التواصل السريع عبر الإعلام و الانترنيت ، وكل المجالات التي طورها العقل البشري خدمة للإنسان ، أو للقضاء على الإنسان فتعددت الابتكارات و الاكتشافات من الحاسوب إلى القنابل ، و تقنية الاتصال و المواصلات ، فنفد الإنسان بين أقطار السماء و الأرض ، فمن الطائرات بدون طيار إلى الأقمار الاصطناعية ، ثم البوارج الحربية ، ناهيك عن الاجتهاد في الطب و العلاج واكتشاف الأدوية للأمراض الفتاكة و الاستنساخ ، والتوسع في الطب النفسي لمعرفة سيكولوجية الإنسان للعمل على معالجته ، ومعرفة كل ما يلف به من مخاطر و هموم ، لدى ظهرت القيم المدافعة عن الإنسان وحقوقه المادية و المعنوية ، و حقه في المشاركة و التطور و الاختلاف ، كأساس لتظل الأرض و القرار ، و الخيرات ملكا للجميع تحت سقف الحق ، و العدل و المساواة ، ومن خلال هذا يتبين أن كل شيء يتغير ، و يسير نحو التطور سوى الشيء الجامد كالأحجار و الجبال ، وقد تمكنت الحركة العالمية و الشعبية أن تتفاعل عبر العالم مع هذا التغيير ، و المتغير وإن كان ذلك يختلف بين البطء و السرعة من مجتمع لأخر حسب القوانين المشرعة من قبل الشجعان من الحكام المستوعبين لمتطلبات ومتغيرات العصر ، التي تفرض عليهم إجراء الانتخابات النزيهة ، و فصل السلط و استقلالية القضاء ، وإقرار المحاسبة و المساءلة و المحاكمة لكل من يستغل سلطته أو نفوذه كيف ما كان موقعة السياسي أو الطبقي أو السلطوي ، أو حسب قوانين الجبناء المستمدة من المؤسسات المزورة المصنوعة و الخادمة للحاكم الطاغي، التي لا تزال متمادية في تكبرها ، وعجرفتها ، و تسلطها وقمعها للجماهير الشعبية بمختلف الأشكال المباشرة منها و الغير المباشرة مستمدة قوتها في ذلك بما تتلقاه من دعم من قبل الصهيونية العالمية التي تريد أن تعيش بمعزل عن الشعوب ، بأنانية الإنفراد بكل شيء لتجويع الآخرين وجعلهم يطيعون بمنطق العصا و الجزرة, و هذا ما يعاني منه الشعب المغربي . لقد مرت أربعة عشرة قرنا على ظهور محمد رسول المسلمين الذي تمكن بفضل ما يملكه من قوة ، وذكاء لبناء أكبر أمة أسلامية امتدت حدودها من المشرق إلى المغرب ، و كانت ركائزها و عمادها هم الجماهير الشعبية الفقيرة التي وجدت في الإسلام جوابا لمطالبها كي تتحرر من القهر و الجوع و الظلم عبر الزكاة و الصدقة و المساواة ، وهي المصالح الحيوية التي جعلت هؤلاء يعانقون الإسلام ملتفين و راء قائدهم و نبيهم الذي تمت مبايعته تحت شجرة بتواضع و إخلاص ، دون أن يقبل أحد منهم يده و لا رجله، كيف ما كان لونه أو نسبه ، أو طبقته الاجتماعية ، أو موقعه بين الناس ، أو منزلته بين الفقر و الغنى ولم ينصره أحد أو ينافقه ، ويجامله بالمدح أو ما يشبه ذلك ، حيث كان الهدف الأساسي من تلك البيعة هو تحقيق الوحدة بين المسلمين و نبد التفرقة ، وجعل اتحادهم قوة في مواجهة الأخر ، تحت كلمة الله أكبر ، و قد تم ذلك في زمن لا بد فيه من إيجاد شخص يحقق التوحيد و يظل كمرجعية فقهية ، وقانونية ، وقضائية ، واقتصادية ، و سياسية ، و اجتماعية عندما كانت مرحلة العرب تفرض عليهم النهوض و النهضة عبر القوة و السلاح ، و من هنا كانت الفريضة المنسوبة للرب و الإله ، و السنة المستمدة من العمل اليومي للرسول ، كعمليتين أساسيتين لتحقيق الإجماع الإسلامي ، لغزو الأخر عبر ما سمي بالفتوحات ، التي أحرقت الأخضر و اليابس ، بمبرر تحرير الشعوب من الجهل و الكفر ، وإعلاء كلمة الله ، و كأنهم خلفائه في الأرض ، و هو ما تقوم به أمريكا الآن تحت شعار إعلاء كلمة الحرية ، و نشر الديمقراطية ، إلا أنها تنافق في ذلك عندما تهاجم دولا و تسقط رؤسائها ، و تدعم حركات سياسية للقيام باقتحام البرلمانات و القصور الرأسية ، وتحقيق التغير الأمريكي المنشود ، فيما تدعم أنظمة ديكتاتورية و تضمن بقائها و استمرارها على سدة الحكم حفاظا على مصالحها كما هو الشأن في كل من المغرب ، و الأردن و السعودية و الكويت – المقاطعة العراقية – و الإمارات العربية المتحدة ، وسلطنة عمان ، وقطر و حاليا بفلسطين و العراق . ففي القرن الواحد و العشرون هذا المصاحب بتطوراته على جميع الأصعدة ، و بإنجازاته العظيمة ، و بعد مضي أكثر من أربعة عشر قرنا على تلك الفتوحات لا يزال الشعب المغربي تحت ضغط ممارسات متجاوزة لا يتقبلها العقل البشري ، و لا العصر الحديث كسياط الثلاثية المعروفة – الله الوطن الملك – وتجديد البيعة والولاء للملك كل سنة ، مع فرض نوع اللباس كالجلباب و البلغة و السروال و السلهام ذات الألوان البيضاء كالكفن ، مع جمع كل الأطباء و القواد و الشيوخ و المقدمين و العمال و الولاة و رؤساء المجالس البلدية و الحضرية و القروية ، والمحاكم ، والغرف التجارية و الصناعية ، و البرلمان بغرفتيه ، و الحكومة بكل من يشتغل بها ، والجنود و الأمن وكل أجهزة القمع للبيعة و تقديم ولاء الطاعة ، فتسرف بذلك أموال باهظة، تخرب على إثرها الميزانيات ، و تضيع حقوق الغلبة من الناس باسم الولاء و البيعة و تجديدها ، وقد يتناسى الملك و حاشيته أن أولئك الذين يبايعونه هم لا يمثلون الشعب المغربي حق التمثيل ، لكونهم مزيفون عبر الانتخابات المغربية المزورة المعروفة عالميا ، أو عبر الرشوة والمحسوبية و الزبونية التي أوصلتهم لتلك المناصب ، و بالتالي فالشعب المغربي بعيد كل البعد عن تلك المسرحية التي تتداولها الأبواق الإعلامية الرسمية و أقلام الصحافة الجواسيس منهم ، فما هو الغرض من تلك البيعة و تجديدها إذا كان النظام شرعي حقا ، و يستمد قوته من الجماهير كما يدعي ؟ فما المانع إذا كان الأمر كذلك من جعل الشعب يقوم بصياغة الدستور ، ويجري انتخابات نزيهة ، ومنحها الصلاحيات في التنفيذ و التشريع و التسيير، فهل لا يزال المغرب في حاجة إلى رسول يوحد صفوفه ؟ ألا يطبق على المغاربة النظام الشيعي حيث القدسية لله و للكتاب و للإمامة ، وهو ما يمارسه النظام المغربي عندما شرع في دستوره الممنوح على أن الملك مقدس ، وعلى أنه أميرا للمؤمنين ، وهو ما يطبقه الشيعة مع سماحة الله علي السيستاني و غيره - ممن سمح لهم الله دون غيرهم من الناس - ألم يعي المغاربة بعد أن الوقت من ذهب و يشبه السيف ، فإن لم يقطعوه قطعهم ، فصار الوقت لديهم تافها يضيع في بروتوكولات متخلفة بلباس أبيض و طربوش أحمر ، فيصبحون بذلك في عصر التطور و النهضة العلمية و المعرفية و العولمة مجرد أكياس من الدقيق أو أموات وجثث متحركة مصطفة كسنابل من الزرع تميل حسب اتجاه الرياح مرددة كالببغاء " الله يبارك في عمر سيدي " و بأسلوب يثير السخرية و الاشمئزاز يعيد العبيد مقولة " الله يرضي عليكم قال لكم سيدي .. الله إعاونكم قال لكم سيدي.. الله إنجحكم قال لكم سيدي .. تلقوا الخير قال لكم سيدي " ومعروف على أن العبيد منقرض عبر كل بقع العالم لكنه لا يزال بالقصور النظامية ، فيظهر المغرب بفضل الفضائيات و التطور الإعلامي الذي جاء به العصر كتجمع بشري يعيش ما قبل التاريخ ، حيث يصاب المشاهدون بالدول الأخرى بالرعب و العجب ، والاستغراب مما يقع بالمغرب ، حيث يتساءل بعض الأوروبيون ممن لهم علاقة بالمغاربة من خلال ما تبته القناة المغربية وهي تقوم بتغطية وقائع البيعة ، أو غيرها من الأعياد الملكية ، على أن المغرب مجرد غابة لا يقطنها إلا قوم في وضعية الهنود الحمر . فلا يسعنا إلا أن نقول لهؤلاء على أن الحقيقة التاريخية للمغرب و للمغاربة الأحرار مندسة برفوف المكتبات الأوروبية التي تظهره كبلد أصيل ذو عروق ممتدة من الأجداد الأمازيغ الذين كانوا يحكمون القبيلة بأربعين عضوا كي لا تصاب الأحكام بداء الرشوة أو الارتشاء ، فلم يكونوا يعرفون المكر و الخداع و الخيانة ، والبيعة ، إذ كان الكل سواسية كأسنان المشط حتى دخلت عليه الممارسات الشريرة التي أزاحت قطاره على سكة المجد وألقت به في ذاكرة النسيان و الجهل و الاستبداد ، مع دخول السلاطين و الممالك و من يسمي نفسه بالشرفاء فقد جاء في القرآن " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة و كذلك يفعلون " فأصبح المغرب كتلك القرية التي تعرض أهلها الأصليون للإذلال ، والاحتقار يركعون و يسجدون ، و يبايعون في موكب حزين يثير الغضب ، والحزن بقلب كل غيور حر لا يؤمن بالعبودية ، ولا بمن يمارسها ضد الآخرين من قريب أو من بعيد ، فجل المغاربة يرددون تلك الآية من القرآن مع أنفسهم أو مع من يثقون به ، وهم متفقون على أن البيعة شكل من أشكال السخرية ، و يجب السير بالبلاد نحو الأمام بدستور ديمقراطي يقطع مع كل أشكال الاستبداد و الاحتقار و الظلم و الاستعباد ، و تشكيل مؤسسات نزيهة تعطي لكل ذي حق حقه ، وتوقف النزيف المالي و الاختلاس للمال العام ، و تعرف للمواطن حق و واجبات المواطنة علي لهروشي مواطن مغربي مع وقف التنفيذ امستردام هولندا [email protected] 0031618797058
#علي_لهروشي (هاشتاغ)
Ali_Lahrouchi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغرب وسياسة الأبارتايد
-
الصحراء الغربية بين طموحات الشعب الصحراوي وتخاذل النظام المل
...
-
المغرب مجرد تجمع بشري لا علاقة له بمفهوم الدولة
-
أسباب ظهور الخلايا الجهادية حاليا ، و الحركات الثورية مستقبل
...
-
لبنان ليس هو الحريري ، والحريري ليس هو لبنان فمن ينقذ شعب لب
...
-
نداء تاريخي للدعوة لتأسيس الجبهة الثورية الديمقراطية الأمازي
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|