أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن أحمد عمر - حكاية عمى بطاطا















المزيد.....

حكاية عمى بطاطا


حسن أحمد عمر
(Hassan Ahmed Omar)


الحوار المتمدن-العدد: 1862 - 2007 / 3 / 22 - 09:02
المحور: الادب والفن
    


مع الإعتذار الشديد للمطرب على الحجار الذى يغنى أغنية تبدأ بهذا المقطع الجميل والذى أتمنى ألا يكون مجرد أغنية بل يتحول لحقيقة يعيشها كل إنسان مصرى بل كل إنسان عربى , فليتنا نتعلم ألا نطأطىء رؤسنا لغير الله الواحد القهار الذى يقهر الطغاة ويفنيهم فى أقل من لمح البصر , وما بين طرفة عين وأنتباهتها يغير الله من حال إلى حال .
لماذا تعودنا – نحن العرب- على الخوف من أولى الأمر لدرجة الرعب والتقديس , الأمر الذى أوحى لهم أن الشعوب تحبهم وتقدسهم وتسبح بحمدهم , مما يجعل من حولهم من حاشية وبطانة يصورون لهم الشعوب ودودة محبة لطيفة , مقبلة نحوهم , مدبرة عن غيرهم , فينام أولو الأمر سعداء مقتنعين بعدلهم المطلق وحكمهم السديد ورأيهم الفريد ومنهجهم الذى لا يأتيه الباطل .
لا يقتصر الأمر عند الرئيس والملك والسلطان والأمير , بل يتدحرج ليصل إلى المحافظ ورئيس الحى ووكيل الوزارة ومدير الإدارة , فتجد لكل من هؤلاء من يروضه ويقابله لحظة جلوسه على الكرسى وحصوله على المنصب القدسى , فيزين له الحق باطلأ والباطل حقأ فيصدقه , وهو من عاش العمر يلهث خلف منصب , وكان يؤكد لنفسه كل صباح ومساء أنه سيفعل الخير وينصر المظلوم , ويقيم العدل , ويرتقى بمستوى العمل والعامل , فإذا به يشرب منومأ أبديأ , تعود مروضو أصحاب المناصب العليا أن يصبوه صبأ فى فم الضيف الجديد , المتقلد للمنصب ليصبح طوع أمرهم ورهن إشارتهم , يأمرونه – بأسلوبهم – فيأتمر ويسوقونه فينساق , ويضيقون عليه الخناق , فمن كان مجاهدأ فى عمله مناضلأ من أجل رفعة وطنه , صوروه له بأنه المنافق المتزلق المفترى وأنه الوحيد الذى يهدده فى منصبه فيتخذه عدوأ قبل الوقوف على حقيقته , ومعرفة سليقته , فيتم إضطهاده وعلى أقل القليل يتم اصطياده , فتموت مشروعاته, وتتقوض أمنياته , فينزوى فى ركن خائفأ من حقد الحاقدين وأيادى الباطشين , وهكذا يخسر الوطن العزيز فكر إبن بار ويسقط فى بئر ضلال الإبن الضار .
ومن كان معهم فى طريق ضلالهم ودرب نفاقهم أحبوه , ومن المدير العام قربوه , ومن أشهى الأكلات أطعموه , ومن أطيب المشروبات سقوه , فهو صنعتهم ورجلهم وصورتهم الكربونية , فيكون لزامأ عليهم ضمه , ورفع غمه , وإطعام فمه , فيقربونه للضيف الجديد صاحب المنصب الفريد , ويصورونه له بطلأ همامأ وأنه هو الذى يحضر الذئب من ذيله فينخدع فيه السفيه , ويقربه لمجلسه ويصبح مدرسه فتضيع الحقيقة , عندما يصير اللص صديقه!!!
ماهى حكاية عمى بطاطا ؟
إنه عامل بسيط يعمل منذ ثلاثين عاماً فى إحدى الوزارات الخدمية ساعيأ على باب وكيل الوزارة , يحبه الجميع ويحترمونه ويقدرون سنه وجهده وكفاحه لتربية أولاده الناجحين فمنهم المدرس والمحاسب والمهندس وطبيبة الأسنان , وطبعأ ظل أولاده يترجونه أن يستقيل من عمله , ليس لأنه عامل بسيط , أو أنهم يستصغرون مهنته , بعد أن كبروا وصاروا من ذوى المراتب , ولكن لأنه تعب كثيرأ فى حياته , ويعانى من أمراض الضغط والسكر وضعف فى عضلة القلب , ولكنهم يعرفونه صلب الرأى لا يتردد فرفض وأصر أن يواصل عمله حتى المعاش وكان يقول ( العمر واحد والرب واحد )
عمى على الشهير ببطاطا ( إسم أسرتهم ) لم يعرف أن يجعل خده مداسأ لأحد بل عاش عمره يحمل كرامته فوق رأسه ويعيش بها ولها , لا يجرؤ مخلوق على إهانته , فقد كان شخصأ مهذبأ محترمأ ذا كرامة عالية وقوة شخصية يحسده عليها كل الموظفين ,
كانت له صفات عجيبة يستغرب لها زملاؤه فى العمل , فمثلأ فى إحتفالات المسلمين بالمولد النبوى الشريف يرفض إحضار العرائس والأحصنة المصنوعة من الحلوى كبقية زملائه ويقول لهم ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام معناه أن أصلى أكثر وأقرأ قرآن و اصالح من أخاصمه وأراضى من أغضبته قبل ذلك , وعندما كانوا يذهبون لزيارة أولياء الله الصالحين وحضور مولد السيد البدوى وغيره فينفقون أموالا كثيرة فى هذا العبث , فكان يقول لهم : هذا شرك بالله تعالى لأن هؤلاء الأموات حتى لو كانوا صالحين فى حياتهم فإنهم لا ينفعون ولا يضرون فهم أموات يا عالم , والله حى لا يموت , وكان يعتبر ان الإنسان لا يسافر لأجل عبادة إلا للحج والعمرة فقط , وهكذا تمتع هذا الرجل العادى الذى يفك الخط بصعوبة بعقيدة سليمة وقلب نظيف لا يعرف غير الله الواحد الأحد , وكان يعمل معه موظف من قرية قريبة من المدينة , وكان بقريتهم شيخ ميت وله ضريح يزوره الناس من كل الأنحاء ومنهم المتعلمون , بل والحاصلون على الماجستير والدكتوراة , وكان هذا الموظف يمسك دماغ عمى على يوميأ حكايات عن كرامات هذا الشيخ المقبور , فكان عمى على ينظر له ببساطة وتعجب ويضحك من عقله وهيافته و ويقول له : أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون , ولكن لا أحد يعلم من هم غير الله يا صاحبى , اتق الله ولا تكن من المشركين , أى عقل يتمتع به عمى بطاطا ؟؟ !!
فى صباح هذا اليوم استيقظ عمى على بطاطا مبكرأ كعادته , كانت الدنيا جميلة والسماء صافية , وآذان الفجر يصدح من حوله آتيأ من كل مئذنة , خرج من منزله وصلى الفجر وعاد ليجلس مع أهله كالعادة ويتناول طعام الإفطار ليذهب إلى عمله قبل السابعة صباحأ , وهناك فى عمله كان غاية فى النشاط وكان سعيدأ كل السعادة , ولكن ماذا حدث ؟ وما الذى عكر صفو الحياة ؟
وكيل الوزارة : فين على ؟
مدير المكتب : موجود يافندم نزل تحت فى طلب أنا ارسلته وسيعود حالا
وكيل الوزارة : إزاى ينزل الحيوان ده ويسيب باب المكتب ؟
فى هذه اللحظة وصل عمى على وسمع السيد الوكيل يقول ( إزاى ينزل الحيوان ) فقال له : أنا مش حيوان يابيه
وكيل الوزارة : انت بتتكلم يا غبى كمان ؟
عمى على : أنا مش غبى يابيه وما يصحش كده , أنا رجل كبير ومحترم وأولادى فى رتب محترمة
وكيل الوزارة : أنا مالى ومال أولادك , انت بتهددنى بيهم , أنا حوريك يا حمار يا غبى !!!!
عمى على ينفعل أشد الإنفعال : أنا مش حمار يا بيه أنا إنسان زيك ويمكن أحسن عند ربنا .. ثم يسقط مغشيأ عليه .. وأسرع الجميع لإحضار مياه وعطور لكى يفيق عمى على بطاطا , ولكنه كان قد فارق الحياة , ومات بتوقف فجائى للقلب , نعم , مات وهو شريف بقوة شخصيته وقوة كرامته التى أبت أن تخضع لمخلوق أو تقبل الإهانة , لقد مات لأنه لم يتعود أن يشتمه أحد , فقد مر عليه قرابة الستين سنة – هى عمره أو أقل قليلأ – لم يسبه أحد ولم يسب مخلوقأ طوال عمره , مات بعزته وكرامته , وظل وكيل الوزارة ينظر مذهولأ له ويضرب كفاً بكف , والناس جميعأ يرمقونه بنظرة إحتقار , لأنهم جميعأ يعرفون قدر عمى على بطاطا , ذلك الرجل الذى كافح فى زمن الصعاب وعلم أولاده من مرتبه ودكان بقالة صغير ينفق عليهم من حلال ومن عرق جبينه , عاش شريفأ ومات شريفأ , فمتى يؤمن أصحاب المناصب بأحقية الآخرين فى الكرامة والعزة والإنسانية ؟ ولماذا يتناسون دائمأ أن كل إنسان مهما كان فقيرأ أو صغيرأ له كرامته وحلمه الذى يعيش له وأنه جدير بالإحترام .
هذه قصة عمى على بطاطا الذى مات أمام الجميع دون أن يطأطىء رأسه لغير الله تعالى , فياليتنا جميعأ نتعلم منه , ونحترم كرامتنا ونحترم إنسانيتنا ولا نخضع لغير الله تعالى ولا نخشى سواه سبحانه فالحياة منحة الله للعباد والرزق ضمنه الله لكل مخلوق .



#حسن_أحمد_عمر (هاشتاغ)       Hassan_Ahmed_Omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه بضاعتكم ردت إليكم -قصة حقيقية على لسان صديق
- صداقة التيك أوى
- حرية التدين بمفهوم فطرى
- عصاتى ومعزاتى
- عزيزى القارىء هل حاولت الكتابة ؟؟
- أنا والكفيل والزمن طويل
- إنكسار الروح
- أيها الطغاة أفيقوا قبل فوات الآوان
- لماذا نكتب ؟؟
- حلم قديم وواقع أليم
- ألحقيقة ليست حكرأ لإنسان
- ممنوع ضرب الأطفال
- أبطال خلف لوحة المفاتيح
- التعليق من حق القارىء
- لكل كاتب غاية ولكل قارىء هواية
- نعم لا بد أن نكتب
- هل لا بد ان نكتب؟؟
- ملفات العقل البشرى
- تهميش الآخر..لماذا؟؟
- ثقافة الميكروباص


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن أحمد عمر - حكاية عمى بطاطا