|
الثامن من آذار ...والحقائق المرة
هيكل هاني غريب
الحوار المتمدن-العدد: 1862 - 2007 / 3 / 22 - 12:27
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لم تجر طيلة السنوات الأربعين الماضية مكاشفة تاريخية صريحة على الحقائق البارزة المرتبطة بالثامن من آذار عام 1963، وما جرى من أحداث وتطورات قبل هذا التاريخ وبعده، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك جملة من التساؤلات التي لم نسمع لها إجابة حتى اللحظة، من بينها هل ان الثامن من آذار ثورة شعبية أم حركة سياسية ، أم انقلاب عسكري ..؟ وهل شاركت القوى السياسية المختلفة في سورية في التغيير أم اقتصر الفعل على الجيش..؟ وهل اعتمدت قوى التغيير برنامجاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ينقل البلاد إلى حالة ارقي...؟ وهل اعتمد قادة التغيير على مشروعات الأحزاب القائمة وشعاراتها المعلنة ...؟ أسئلة كثيرة لم نعثر على رد صريح من السلطات المتعاقبة طيلة العقود الأربعة التي مرت على سورية وأسئلة أخرى شكلت إحراجا للسائلين وأصحاب الشأن دون ان ينتظر أحد إجابة فالحقائق أخذت تظهر دفعة واحدة، حقائق مرة هي وصمة عار في تاريخ البلاد الحديث.
ما حدث في الثامن من آذار انقلاب عسكري ارعن ابعد سورية عن امتها وعن شعبها، انقلاب عسكري شارك فيه مجموعة من العسكريين المغامرين دون ان يكون لهم أو إمامهم هدف واضح او قضية وطنية واضحة، وهذا لا يعني ان سورية يوم ذاك لم تكن بحاجة إلى تغيير أو ثورة تشترك فيها مختلف القوى الوطنية، ولا يعني ان أحداً مع نظام الانفصال، ولا يعني ان سورية بحاجة إلى انقلاب والى قادة مغامرين اندس معظمهم في منظمات وأحزاب سياسية ووضعوا أمامهم لافتات لإخفاء ضعفهم ورعونتهم بل وطائفيتهم التي برزت بأشكال شتى في المؤسستين المدنية والعسكرية .
والذي حدث ان شخصيات وطنية وأحزاب ورجال مخلصين صدقوا نوايا الطغمة العسكرية المغامرة التي قادت الانقلاب وراحوا يتعاملون مع الحدث على أساس تطويره الى حركة شعبية تأخذ مصالح سورية الوطنية باهتمام، وحاول البعض يقامر على تطبيع العلاقات مع رموز الانقلاب والمراهنة على التخطيط لانقلاب آخر ألا ان ذلك لم يحدث، بل ان الانقلابيين حاولوا الظهور انهم من طينة اليسار واصدروا فقاعات التأميم التي انتهت الى الفشل بعد ان دمرت مؤسسات اقتصادية وطنية كانت مفخرة للاقتصاد السوري، بل حاولت تيارات سياسية مهمة وقادة احزاب لها تاريخها النضالي الانسحاب من العملية السياسية برمتها وإعلان براءتها من الحكم الذي تدعي رموزه المتسلطة الانتماء الى هذه التيارات، ولكن، والكل يعلم ، فقد سبق السيف العدل، وعوضاً من التصحيح والتصويب، وبدلاً من تطوير العملية السياسية وسحبها الى الحالة الوطنية ، وبدلاً من فرض القانون وتطوير نظام المؤسسات، وبدلاً من إعادة عسكر الانقلابات الى الثكنات وترويضهم وإعادتهم الى مؤسساتهم العسكرية وإبعادهم عن التدخل في الشأن السياسي والمدني ، عوضاً عن ذلك فقد تمسك هؤلاء الجهابذة المغامرين بمواقعهم السياسية والعسكرية وتسلطوا على مراكز القرار، وابعدوا سورية وشعبها عن أمتها بل تحصنوا بالموقع العسكري وهددوا الجميع من المساس بالمؤسسة العسكرية، وتحولت سورية بالتالي إلى دولة لا ترعى الحرمة للقانون واختفت المؤسسات عن ممارسة دورها في المجتمع ، والقانون الوحيد الذي ساد في البلاد هو قانون القوة والعربدة والبهلوانية العسكريتارية .
ولم يتوقف الحال عند هذا، بل قرر قادة الانقلاب أنفسهم القيام بانقلاب آخر أطلقوا عليه بحركة الثالث والعشرين من شباط، انقلاب عسكري على سلطة الانقلاب بعدما وجدوا ان عقلاء سورية ينوون معالجة الأوضاع والعودة بالبلاد إلى شريعة القانون، فقد نفذ هؤلاء انقلابهم العسكري، وازدادت الحالة سوءاً، وانفتحت أبواب السجون، وانتشرت جرائم القتل وابعد الآلاف من أبناء سورية عن وظائفهم وشرد المئات، وانتشر الفساد بعد ان الغي القانون تماماً، وراهن ساسة البلطجة على القوة لفرض السلطة وعلى شرعية هذه السلطة بدلاً من الشرعية الدستورية، وكان من نتائج هذا الانقلاب نكبة حزيران، بل إن الانقلاب الجديد مقدمة لنكبة حزيران، والنكبة الأكبر والأعظم ان هؤلاء عربدوا أمام الملأ أنهم قد انتصروا في حرب حزيران ولم ينهزموا، ولم تحتل الجولان ويستوطنوها الغزاة، قالوا أنهم انتصروا، وان دلائل هذا الانتصار إن النظام بقي ولم ينته ، وان مؤسسات النظام قد تم نقلها من العاصمة دمشق إلى محافظة حمص، وان هؤلاء اعتبروا ان ما حدث في حزيران معركة وليست حرباً، وان الحرب مع العدو مستمرة، ويكفي ان نقول لمن له آذان للسمع ان الحرب مستمرة عبر الجدار الطيب الذي أقيم على مشارف القنيطرة ، الحرب مستمرة ولم نسمع طلقة واحدة تثار باتجاه الغزاة، الحرب مستمرة ولم يظهر طيلة السنوات الأربعين مشروعاً واحداً للمقاومة، مقاومة الغزاة المحتلين لارضنا كحق شرعته قوانين السماء و الأرض .
والأكثر مرارة، أن قادة الانقلاب لم يرتووا بعد ولم يتوقفوا عن الأذى الذي لحق بالبلاد فقد احتقن الوضع ليولد انقلاباً آخر أطلق عليه حافظ الأسد بالحركة التصحيحية وان هذه الحركة ستعيد سوريا الى وضعها الطبيعي، وسيتم استرجاع الجولان بكل الوسائل بما فيها القوة وطرحت مشاريع للمصالحة مع الشعب ومشاريع أخرى للمصالحة مع العرب، وكاد شعبنا وقواه الوطنية. كاد ان يصدق ما يقال وما يسمع، إلا ان ذلك كله، وغيره أيضا، لم يحدث، بل حدث العكس، لم تجر مصالحة مع الشعب، ولا مصالحة مع العرب، ولم يسترد الجولان المحتل، ليس هذا فحسب، فالذي حدث ان سادت الفوضى في البلاد وعمت الرشوة، واغتصبت حقوق الناس وحرياتهم ودمرت مدن وذبح المئات كما تذبح الشاة في السجون والمعتقلات، وغزت الفرق العسكرية ارض لبنان، مثلما غزت مخيمات الشعب الفلسطيني وهلك معها الشيخ والمرأة والطفل بل اشتركت سوريا في حرب إيران ضد العراق. وفي حرب أمريكا ضد العرب، أليس ذلك كله وغيره أيضا تصحيحا ً وإصلاحا ومصالحة، أليس ذلك مساهمة في تحرير الأرض ومقدمة لبناء المشروع الوطني والقومي كما أشاع النظام وكما روج، ماذا بعد، هل نتحدث عن إفقار الشعب وتمزيقه وتشريد مئات الآلاف من عمالنا وشبابنا إلى خارج الوطن للبحث عن كسرة الخبز، هل نتحدث عن بناء السجون والمعتقلات ، لتتسع لعشرات الآلاف من المواطنين على الشبهة وعلى الظن هل نتحدث عن أنشطة الترويع والتخويف وإجراءات الغل والكيد، وقد كانت أخر هذه الإجراءات إلقاء القبض على ولدا المعارض محمد بكور عمر وسفيان مجرد انهما ولداه لم يقترفا ذنباً ولا جنحة، عن ماذا نتحدث وسوريا تعيش خريفها، فقد يبس الزرع وجف الضرع ، نتحدث عن حال بلادنا ونحن في خجل، بتنا نخجل حتى من الخجل، أعاننا الله وأعان شعبنا الصابر الصامد ... والى امام ...!.
#هيكل_هاني_غريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكي لا ننسى خدام و حفر الباطن
المزيد.....
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|