أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - سياسة القائمين على الأمور أحبطتهم ودفعتهم للسلبية والتطرف















المزيد.....

سياسة القائمين على الأمور أحبطتهم ودفعتهم للسلبية والتطرف


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1858 - 2007 / 3 / 18 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يستطيع أحد أن يماري في أن الشباب المغربي يعاني من حالة اغتراب داخل وطنه جراء التهميش والإقصاء،وهذه الحالة دفعته إما للانعزال والسلبية، وإما إلى التطرف والخروج من هذه المجتمعات التي يشعر أنها مسوؤلة عن مأساته.
وهذا الاغتراب داخل الوطن يعانيه الشباب المغربي حاليا من زاوية الانفصال بين الذات والواقع، وشعورهم بالاختلاف عن الآخرين، عقلية ونمطا في الحياة ثم افتقاد القدرة على اكتشاف المغزى والعبرة من الحياة، ومن زاوية تعرضهم لإحباطات نفسية نتيجة حرمانهم من شروط تحقيق ذواتهم الاجتماعية، كبشر أولا ناهيك عن وجودهم كإنسان، متموقع في المجتمع له حقوق وواجبات، ويشعر بمعنى لوجوده ببلد يحمل جنسيته وهو مطالب بالدود عنه، حتى أن بعض الشباب الذين تمكنوا من الإفلات من عنق الزجاجة وحصلوا على موقع تحت شمس وطنهم كبر شأنه أو صغر، غالبا ما يكونوا ضحايا هؤلاء الذين دأبوا على اغتيال الأمل وهم ذوو الفكرة القائلة إن العبقرية ليست هي الخلق والإبداع وإنما العبقرية حاليا بالمغرب استغلال عبقرية وذكاء الآخرين، وإذا كان الأمر كذلك (وهو كذلك) فما معنى الانتهازية والطفيلية؟ وهل ارتقت إلى الخصال الحميدة في عرف هؤلاء؟
أراد من أراد وكره من كره، إن غالبية الشباب المغربي يعيشون اليوم أزمة اغتراب داخل وطنهم علاوة على تحملهم انعكاسات الأزمة الاقتصادية الخانقة، يؤدون توابع المنظومة البيروقراطية المتحكمة في جميع دواليب مؤسسات وإدارات الدولة وأنماط السلطة غير الديمقراطية في جميع المجالات وعلى مستوى جميع الأصعدة، علما أنها لا تبقيهم خارج الدائرة وعلى الهامش، وإنما تجعل دورهم أيضا ينحصر في مجرد الخضوع لها والالتزام بقوانينها وضوابط وقواعد لعبتها، مما يشعره بالعجز وعدم القدرة على تحقيق ذاته. والاغتراب داخل الوطن في ظل هذه الأجواء هو رديف للانسحاب من المجتمع والتمرد عليه، وبذلك يكون الشاب أمام ثلاثة اختيارات لا رابع لها : إما الانسحاب من هذا الواقع ورفضه، وإما الخضوع له في الوقت الذي يعاني فيه النفور، وإما التمرد على المجتمع ومحاولة تغييره ولو كان باللجوء إلى العنف.
إذا استمر تجاهل هذا الواقع والتغاضي عنه والتعامل باستخفاف مع إشكالية ابتعاد الشباب عن الاهتمام بالسياسة وجهلهم بالتاريخ الحقيقي لوطنهم، وموقف اللامبالاة مما يجري حولهم وذلك نتيجة لسياسات التجاهل لمواجهة قضاياهم، وقد حولتهم تلك المشاعر المتناقضة داخلهم إلى مخزون يغترف منه كل من له مصلحة في تجنيدهم واستخدامهم، بل تحويلهم إلى أدوات لخدمته. ومهما يكن من أمر تظل الثقافة السياسية شرطا مهما في ثقافة الشباب لتهييئهم وتأهيلهم للقيادة في مرحلة لاحقة، وبذلك يتيسر عليهم أمر الولوج في نسيج المجتمع بدلا من أن يتحولوا إلى أدوات للهدم والتخريب.
حتى على مستوى الإعلام، يسعى شبابنا اليوم خلف الإعلام الأجنبي باحثين عن حقائق بلدهم التي أضحى يشك في صدقيتها من خلال الإعلام الوطني، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل أولا على انسلاخ ثقافي وفقدان الثقة في ثقافته الوطنية والقائمين على الأمور بالبلاد، هؤلاء الذين لا زالوا يرتكبون خطأ قاتلا خصوصا إذا كانوا يتصورون أنه بإمكانهم الاستمرار في إبعاد الشباب عن المشاركة الكاملة في إدارة شؤون حياته ورسم مستقبله.
على القائمين على الأمور ببلادنا معرفة أن العزلة والانعزال ورفض المشاركة في اللعبة ناتج بالأساس عن ضعف الحافز نحو المشاركة في عملية التنمية وبالتالي البحث عن إطارات بديلة.
وتزداد درجة الانعزال بفعل تعميق الهوة والمبالغة فيما يقال إنه تحقق من ناحية وضآلة المحسوس من هذه الإنجازات من ناحية أخرى، ومما يزيد الطين بلة، ضخامة الحديث الرسمي عن الإصلاح والتغيير، في حين يلاحظ الشباب المغربي على أرض الواقع استمرار تدهور أوضاعهم من سيء إلى أسوء مع مرور الأيام. وبالتالي ترسيخ شعور الشباب بأن هناك رغبة حتمية لإبقائهم خارج عملية صنع واتخاذ القرار. من خلال الاطلاع على منظومة القوانين بالمغرب يتضح أنه لم تتم الإشارة إلى الشباب إلا ناذرا، لكن كم مرة ذكرت عبارة "الشباب" في الدستور؟ ربما لم تذكر بالمرة أو إن ذكرت فستكون على سبيل ذكر مرور الكرام، بخصوص حماية ورعاية الناشئين والشباب. لكن لماذا فقد الشباب الثقة في السياسة؟ إنه سؤال أضحى بديهيا، لكن لم يتم التأني في الإجابة عليه رغم وجود الكثير من الإجابات، ونعيد إثارته لأنه غالبا ما تناسى القائمون على الأمور أن المشاركة السياسية للشباب يقصد بها أساسا الأنشطة التي يزاولها أعضاء المجتمع كافة (وضمنها) اختيار حكامهم وممثليهم والمساهمة في صنع السياسات والقرارات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وبذلك تعني كلمة المشاركة السياسية مساعدة الفرد على أن يقوم بدوره في الحياة السياسية، فهل يشعر شبابنا بإمكانية ترسيخ هذه المشاركة كسبب من أسباب عدم اهتمام الشباب المغربي بالسياسة، ذلك أن الحكومات المتعاقبة لم تتح للشباب وقتا للاهتمام بأي شيء آخر غير ما اصطلح عليه بالدراسة وما هو بدراسة وإنما هو مجرد حشو، كما جعلت همهم الأكبر بعد إنهاء مراحل التعليم تكوين المستقبل الفالت من بين أصباعهم، علاوة على أن شبابنا يعاني من إحباط لأنه يفقد المثل الأعلى الموجود حوله من السياسيين الذين قادوا الشأن السياسي بالبلاد إلى الهاوية، وهذا ما جعل السطحية هي السمة الغالبة على عقول الشباب.
فكل المؤشرات تؤكد عزوف ما يناهز 95 في المائة من الشباب المغربي عن المشاركة في الانتخابات، وذلك لفقدان المصداقية في نتائجها انطلاقا من استعمال وسائل التغريض بالمال ولحرص المخزن على عدم ولولج البادية المغربية للركح السياسي والاهتمام بأمور الشأن العام عن بينة ووعي، هذا فضلا عن الظروف المجتمعية التي تفرض السلبية على الشباب، فالحركة السياسية ببلادنا أضحت هامشية وضعيفة، والتعددية شكلية في مجتمعنا المغربي رغم كثرة الأحزاب (الصناديق السياسية)، ودولتنا وحكومتنا توهم أنها تهتم بآراء الشباب ومشاكلهم ومعضلاتهم ومحنهم، مما يؤدي إلى العيش في دائرة مغلقة بعيدا عن الحياة السياسية، وهو ما يزيد من إحساس شبابنا بعدم جدوى المشاركة، علما أن الوصفة المعتمدة في مغرب الأمس كانت هي التخويف من السياسة ومن عواقب أي نشاط ذي صفة سياسية، خوفا عليهم من التعرض للاختطاف والاعتقال التعسفي والتعرض لأذى التعذيب، والمفارقة الغريبة هي أن اهتمام الشباب بالسياسة بالأمس رغم المخاطر الكبيرة أهم بكثير من مشاركتهم اليوم إذ لا مجال للمقارنة.
وخلاصة القول، تكون النتيجة هي فقدان ثقة الشباب المغربي في الديمقراطية والممارسة السياسية وتزيد الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتدنية والفساد السياسي المستشري من ترسيخ هذا الواقع وتأجيج الإحباط وتكريس الانصراف عن قضايا المجتمع، وهذا أمر خطير وخطيرا جدا لاسيما وانه يساهم في تحويل شبابنا إلى برميل بارود وهو على مقربة من بؤر نارية مشتعلة هنا وهناك.
إدريس ولد القابلة
رئيس تحرير أسبوعية المشعل المغربية



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحراويو تيندوف يبيعون ممتلكاتهم ويهربون
- مستملحات ومقالب ملك 1
- مقالب ملك
- صفقة المديوري مع القصر -المنفى الاختياري-
- مساءلة محمد المديوري وغيره من الناهبين قائمة
- نهب وفساد في بيت الجمارك
- مازلت أتساءل
- قضية - إيجا- خادمة -لارما- ضياع حق بامتياز
- ماذا يريد الأمازيغ من التصعيد في مختلف المجالات؟
- قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق
- ماذا يريد المغاربة؟
- وهم بترول تالسينت هل كذب -كوستين- على الملك؟
- حوارمع إدريس بنعلي، باحث ومحلل اقتصادي
- على امتداد فترة الإعداد للانقلاب ظل الكولونيل حسني بنسليمان ...
- المهدي المنجرة عالم المستقبليات
- بعد المعاينة رجعت إلى البيت محطم الأعصاب
- الملكان الحسن وحسين عاينا إعدام الجنرالات
- الإعدامات في عهد الحسن الثاني
- العلاقات المغاربية – الفرنسية
- كان حسني بنسليمان مؤهلا للانصياع لأوامر أوفقير


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - سياسة القائمين على الأمور أحبطتهم ودفعتهم للسلبية والتطرف