أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - ..شاهد من أهلها















المزيد.....

..شاهد من أهلها


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1854 - 2007 / 3 / 14 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في أواخر ديسمبر الماضي، نقلت وكالات الأنباء خبرا لم يحظ بالاهتمام الواجب إعلاميا ـ وسرعان ما شمله التعتيم ـ حول دراسة أصدرها اربعة من كبار الخبراء في التنمية الدولية من بينهم كينيث روجوف كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا. وخلصت الدراسة، التي أعدت بتكليف من البنك الدولي نفسه؛ إلى "ان البنك الدولي يستخدم في غالب الاحيان نتائج دراساته من أجل الترويج لسياساته الخاصة، من دون ان يتعمق فيها بشكل كاف". ولإعداد هذه الدراسة اطلع معدوها على آلاف الأبحاث والكتب والتقارير التي أصدرها البنك الدولي في الفترة بين 1998 و2005. وقال هؤلاء الخبراء إن "المجموعة عبرت عن انتقادات جوهرية حول الطريقة التي تستخدم فيها الأبحاث للقيام بدعاية لمصلحة سياسات البنك وغالبا بدون مقاربة متوازنة للوقائع وبدون الاشارة الى احتمالات مختلفة". وأضافوا في دراستهم أن "الأبحاث الداخلية المؤيدة لمواقف البنك تعطى الأفضلية وتلك التي لا تؤيدها يتم تجاهلها"!. ورغم مرور أكثر من شهرين على الإعلان عن هذه الدراسة التي بدأ إعدادها قبل عام وتم تسليمها للبنك الدولي في سبتمبر الماضي، إلا أنه تم التعتيم عليها، ولم يثر البنك ضجة حول نشر هذا التقرير المحرج وفق ماذكرت وكالة الأنباء الفرنسية. حتى أن أنجوس ديتون أحد معديه وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة برينستون، قال بسخرية "استدعى الامر الكثير من الوقت لنشره الى حد اني نسيت التفاصيل التي يحتويها". مؤكدا "إنهم يختارون من الاعمال تلك التي تدعم مواقف الادارة". وأشارمعدو التقرير/الدراسة بوجه خاص إلى دراسة للبنك الدولي تؤكد ان "النمو جيد بالنسبة الى الفقراء".

علامات استفهام

وبدون أن يسارع أحد لاتهامنا باتباع نظرية المؤامرة،فإن تجاهل هذا التقرير الذي أعده خبراء دوليون يعتد بهم، يثير عدة علامات استفهام: ألم يكن مثل هذا التقرير/ الدراسة جديرا بلفت الأنظار، خاصة وأن معديه ممن ينطبق عليهم "شاهد من أهلها"؟ وألا يدعو هذا التقرير إلى تردد البعض في الأخذ ـ دون تفكير أو مراجعة ـ بكل وصفة يقدمها البنك، الذي لم يعد هناك شك في أنه (وكذلك صندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية الذين يشكلان معه مثلث قاطرة العولمة الرأسمالية) يسعى أساسا لتحقيق مصالح القوى الكبرى على حساب بلدان الجنوب النامية وشعوبها الفقيرة؟ ألا يدفع هذا التقرير البعض في بلدان العالم الثالث ـ والمنطقة العربية خصوصا ـ إلى التحفظ قليلا في إبداء الفخر الزائد كلما صدر تقرير من هذا البنك يشيد بنجاح بعض خطوات ما يسمى "الإصلاح الاقتصادي" في هذا البلد أو ذاك؟ وألا يدعونا ذلك إلى التوقف قليلا لإعادة النظر في مدى دقة مصطلح "الإصلاح"؟ ول ما يوصي به البنك وزميلاه ضلعا المثلث الآخران من قبيل "الإصلاح" بالفعل، أم التخريب؟ بعدما شهدت الحقبة الأخيرة تدهورا حادا في الأحوال الاقتصادية لبلدان الجنوب التي قبلت الانصياع لشروط هذا المثلث دون قيد أوشرط؟
ولعل هذا التدهور الحاد في المستوى المعيشي لشعوب كانت "مستورة" حتى سنوات قريبة، وتدني الأحوال الاقتصادية والارتفاع الشديد في معدلات البطالة ـ وما يصاحبه من ارتفاع ملحوظ في معدلات الجريمة والتطرف والانتحار والاكتئاب ـ دليل لايحتمل الشك على صحة تحذيرات السياسيين الوطنيين والمفكرين والكتاب الذين حذروا مرارا من عواقب الانجرار وراء ما تطنطن به أبواق الليبرالية الجديدة من شعارات "تحرير السوق" و"الاندماج في السوق العالمي"، ومن سياسات ألبسوها أقنعة براقة تحمل عناوين "الحرية" و"الديمقراطية"، متجاهلين أن أحدا لا يستطيع أن يفكر في أي من هذه الشعارات وهو خاوي البطن، عاطلا لا يجد ما يقيم به أود أسرته!. فإذا بهذه الشعارات تتكشف تدريجيا عن كونها إنما تغطي مساعي القوى الرأسمالية الكبرى في العالم للخروج من أزماتها عبر إعادة تخطيط خريطة العالم الاقتصادية بما يضمن استمرار استزاف موارد وقدرات دول الجنوب لإعادة الحيوية لتراكم رأس المال في دول الشمال الرأسمالي القوي.

وصفات جاهزة
ونذكر جميعا أن التدهور الاقتصادي في معظم بلدان الجنوب بدأ منذ ثلاثة عقود تقريبا، مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وما تبعها من تراكم معضلات الدين الخارجي، وعجز كثير من الدول النامية عن تحمل أعباء خدمة هذا الدين ناهيك عن الأمل في التخلص من أصل الدين، فضلا عما ارتبطت به هذه الديون من شروط مجحفة في أغلب الأحيان تسفر في النهاية عن تقلص فرص استقلال الإرادة السياسية للدول المدينة. وصاحب العجز عن خدمة الدين الذي أثر على موازنات الدول، والانصياع لشروط الدائنين، تفشي صور الفساد، على نحو أدى لتراجع الاهتمام بتوفير الخدمات العامة من تحسن مستوى التعليم وتوفير فرص العلاج والسكن وتوفير فرص العمل، مما فاقم حدة تدهور مستوى المعيشة، ومن ثم سنحت الفرصة لمؤسسات التمويل العالمية ـ التي هي في الحقيقة الناطق الفعلي باسم مصالح الدول الكبرى ـ لتقديم وصفات جاهزة، تضمن استمرار تكبيل البلدان النامية وربطها بعجلة مصالح القوى العظمى، كما تضمن مواصلة الأخيرة هيمنتها واستنزافها لمقدرات وموارد الجنوب. وهو ما أوضحه أستاذنا الدكتور رمزي زكي في كتابه "الإمبريلية المستبدة" عندما ذكر أن الدائنن أقنعوا الدول المدينة بأن السبيل الأساسي لسد فجة الموارد المحلية وجدولة الديون ل يكون إلا "لاستثمارات الأجنبية الخاصة ، وانه لكي تتدفق هذه الاستثمارات يتعين على هذه البلدان أن تخلق مناخاً استثمارياً مواتياً ، وأن تعتمد على آليات السوق والتجارة الحرة ، بما يعنيه ذلك من إبعاد الدولة تماماً عن التدخل في النشاط الاقتصادي ، وهو المناخ الذي يتولى الآن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هندسته ووضع معالمه الأساسية عبر ما يسمى ببرامج التثبيت والتكيف الهيكلي ( أو ما يسمى ببرنامج التصحيح )" وهي التي تبدت وفق ماذكر وما يتفق معه محللون كثر؛ في بيع مؤسسات القطاع العام وتطور الأمر إلى بيع حتى " الوحدات الناجحة التي كانت تدر دخلاً مستمراً للدولة فالمطلوب في برامج التثبيت والتكيف الهيكلي هو التقليل المستمر للفائض الاقتصادي الذي تملكه الدولة ونقله للقطاع الخاص المحلي والأجنبي". وهنا، لابد أيضا أن نتذكر مايقوله الدكتور رمزي زكي، من أن حجم الفائض الاقتصادي الذي تملكه الدولة هو ثاني دعامتين قام عليهما الاستقلال النسبي التي استمتعت به معظم دول الجنوب في فترة ما بعد الاستعمار؛ والدعامة الأولى هي قوة جهازالدولة.
ولا شك أن التجارب الحية، تدعونا يوم بعد يوم إلى إعدة النظر فيما تطلق عليه هذه المؤسسات الدولية مصطلح "الإصلاح الاقتصادي" الذي تشترطه لتقديم مساعدات وهمية، مقابل ضمان "حرية" القوى الكبرى في الهيمنة و"تحرير" إرادتها في نهب موارد الجنوب؛ بينما تنطوي على شل يد الدول الوطنية عن التصرف في مواردها بحرية، وتقييد استقلال إرادتها السياسية. كما تدعونا الخبرات الماثلة في عدد من دول الجنوب، إلى إعادة النظر في الشعارات التي تلتحف بها برامج هذا "الإصلاح" من ديمقراطية وحقوق إنسان، وما إلى ذلك من شعارات لم تعد تستخدم إلا كورقة ضغط يتم التلويح بها فقط في وجه الدول التي تبدي أدنى صور التململ من التعدي على سيادتها واستقلال إرادتها السياسية، وما أن تعاود الخضوع، حتى يتوقف هذا التلويح، مع الاحتفاظ بأوراق الضغط ذات الرداء الليبرالي (برتقاليا كان أو بنفسجيا) في أقرب درج، حتى يسهل استخراجها كلما دعت الحاجة.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذهب الأسود الإثيوبي والذهب الأبيض المصري
- زيارة بوتين.. وفرصة لعلاقات متكافئة مع الكبار
- تركمانباشي ..ديكتاتور تغافلت عنه واشنطن
- هل اتخذت مكانك في الطابور؟
- بينوشيه.. رجل زعم السيطرة على أوراق الشجر
- ليس دفاعا عن الوزير.. لكن رفضا لاحتكار الدين
- تأملات في مسألة طرح ورقتي نقد جديدتين ..سقى الله أيام -أم مئ ...
- بعد تساقط الأقنعة تباعا.. الوجه الحقيقي للديمقراطية الأمريكي ...
- بعد تساقط الأقنعة تباعا.. الوجه الحقيقي للديمقراطية الأمريكي ...
- بعد تساقط الأقنعة تباعا.. الوجه الحقيقي للديمقراطية الأمريكي ...
- الفساد.. غول يتهدد الأخضر واليابس
- مطلوب وقفة من القانونيين والمجتمع المدني العربي
- البابا.. وسيناريو الإلهاء المتعمد
- كوراث القطارات المصرية عمدا مع سبق الإصرار والترصد
- الصومال.. ونظرية الدولة الفاشلة 2-2
- الصومال.. ونظرية الدولة الفاشلة 1-2
- حزب الله.. والتكفيريون
- السلطان عريان
- تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن 2-2
- تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن (1-2)


المزيد.....




- أمريكا: قبل 16 أسبوعًا من انطلاق التصويت.. نظرة على توقعات ا ...
- أمريكا.. تحذيرات من أعمال عنف انتقامية محتملة بعد محاولة اغت ...
- -يتعرض لضغوط متزايدة ولا يخشى الموت-.. مصدر مطلع يكشف تقييم ...
- ترامب جونيور يطرد مراسلا: -لم يكن بوسعك الانتظار بأكاذيبك وه ...
- -50 طلقة وجهاز تفجير عن بعد-.. تقرير: سلاح مطلق النار على تر ...
- أفغانستان.. 40 قتيلا جراء الأمطار الغزيرة و17 قتيلا في حادث ...
- سجن مؤثرة على انستغرام بتهمة الاتجار والعبودية
- مراسلتنا: الاشتباه بعملية تسلل في مدينة إيلات والشرطة الإسرا ...
- رغم محاولة اغتيال الضيف.. المفاوضون الإسرائيليون يتجهون لمتا ...
- العثور على دليل يؤكد وجود الماء في الغلاف الجوي لـ-إله الحرب ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - ..شاهد من أهلها