أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - بعض معوقات تقدمنا الحضاري














المزيد.....

بعض معوقات تقدمنا الحضاري


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1849 - 2007 / 3 / 9 - 13:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
منذ القرن التاسع عشر والعرب يتجادلون في ماهية أسس التقدم الحضاري، ويحاولون أن يجدوا الطريق الأسرع والأسلم للتقدم الحضاري. وهم مختلفون أشد الاختلاف في ماهية هذه الأسس. هل يستلهمونها من ماضيهم، أم يأخذونها من الشعوب الأخرى التي احرزت التقدم الحضاري بشكل كبير، أم يستنبطونها من المزج بين الأصالة والمعاصرة؟
لكن محمد عابد الجابري يؤكد في (المثقف العربي وإشكالية النهضة.. رؤية مستقبلية)، أن مستقبل التقدم الحضاري العربي والنهضة العربية، لن يتما إلا على أساس نقدي عقلي. وأن هذا الأساس لا يتناقض مع العاطفة القومية، ولا مع الحلم الأيديولوجي. بل على العكس، فمراجعة مفاهيمنا النهضويـة، ونقدها نقداً عقلانياً مستنداً إلى الواقع كما هو مُعطى، هو السبيل الوحيد الذي سيقودنا إلى تشييد حلم أيديولوجي مطابق، وإلى العمل الجدي المتواصل من أجل تحقيقه.
-2-
يبدو أن تأخر مسيرة التقدم الحضاري العـربي التي بدأت في القرن التاسع عشر، وتباطئها إلى هذا الحد الذي نشهده في نهايـة القـرن العشرين دون أن يتحقق مشروع النهضة، رغم مضي أكثر من قرن ونصـف على البدء به.. كل هذا دفع بعض المفكرين إلى إرسال صيحة عاطفية عالية، ودعوة المثقفين إلى المواجهة الفكرية المفتوحة للجهة التي تنأى عن خطط التقدم الحضاري. ويبدو أن فـراغ صبر المثقفين من بعض أنظمة الحكم في العالم العربي، واستبدادها، وعتوها، وفسادها، دعاهم إلى إطلاق صيحة تقول، لقد بات مطلوباً من طليعة من مثقفي الوطن العربي المواجهة الفكرية المفتوحة، أي استمرار المطالبة بالإصلاح وعدم الاسترخاء أو التراخي. ولا يفيد أن نكون سلبيين ومُهمِلين لكل ما يجري حولنا، وكأننا لا نرى ولا نسمع ولا نقرأ. ويؤكد نادر فرجاني المفكر المصري ورئيس تحرير "تقرير التنمية البشرية" الشهير الصادر عن الأمم المتحدة، في بحثه عن علاقة المثقف بالدولة، أنه "لا بُدَّ من العمل على إعادة زرع مفهوم التضحية بالجهد والمال، في سبيل عمل فكري ملتزم اجتماعياً بين المثقفين العرب". وذلك كمسلك جديد من مسالك التقدم الحضاري العربي في المستقبل.
-3-

يقول الباحث السيد ولد أباه في (أزمة التنوير في المشروع الثقافي العربي المعاصر) إن التقدم الحضاري لأية أمة من الأمم، يقوم على أسس أربعة هي:

1. العقلانية، التي ترى في الذات مصدر المعرفة، وتهدف إلى تأكيد سيطرة الإنسان على الطبيعة، كما ترى في التقنية رؤية للوجود.
2. التاريخانية، وهي قيام الحداثة على معقولية التحوّل، وإخضاع النمو لمعايير التقدم.
3. الحرية، كأرضية تُعين شرعية السلطة وتؤكد حق الإنسان في تقرير شؤونه المدنية.
4. عدم الخلط بين الدين والسياسية. فالدين قداسة، والسياسة نجاسة.

وخلال فترة قرن ونصف قرن من الزمان، بدءاً من القرن التاسـع عشر وإلى اليوم، لم يتحقق شيء من هذه الأسس الأربعة. في حين أن المستقبل العربي مجال رحب وواسع، لتحقيق هذه الأسس التي سيقوم عليها التقدم الحضاري العربي.
فمنذ القرن التاسع عشر، ومروراً بالنصف الأول من القرن العشرين، لم يجرِ ولم تتم مراجعة التراث وفرزه فرزاً منهجياً علمياً. وما جرى من قبل الذين تناولوا التراث في هذه الفترة، هو الهجوم على التراث لصالح الحداثة والفكر الليبرالي. ولكن النصف الثاني من القرن العشرين، بدأ يُظهر لنا مناهج علمية صرفة لدراسة التراث على شاكلة من قرأنا لهم في الغرب، دون التحيز لفكر معين، أو انطلاقاً من أيديولوجية معينة مسبقة.
-4-

فمحمد أركون – مثالاً لا حصراً - ومناهجه في التفكيك والزحزحة والتحليل، وكذلك جلال العظم، وعزيز العظمـة، ونصر أبو زيد، وسيّد القمني وغيرهم، دليل جيد على بدء التعامل مع التراث تعاملاً علمياً وتبيان مدى ملائمته لمعطيات الحياة العلمية اليوم. أو محاولة تخطي هذا التراث ومعطياتـه من تطبيقات الحياة العلمية اليوم، كما جرى مع علي عبد الرازق وطه حسين وجزئياً مع خالد محمد خالد وغيرهم. لذا، فإن قول مُطاع صفدي في (النهضة المغدورة في الخطاب العربي) من أن "صدمة النهضة العربية لم تستطع حتى الآن أن تواجه نظام البداهات الكامن في جذور الهيكلة التاريخية للمشروع الثقافي العربي" هو قول صحيح إلى حد ما، مع التحفّظ بأن النصف الثاني من القرن العشرين، قد بدأ يشهد مواجهات للبداهات الكامنة في جذور الهيكلة التاريخيـة للمشروع الثقافي العربي. ولعل ازدياد هذا المواجهات مستقبلاً وفي القرن الحادي والعشرين، سـوف يضع من جديد مشروع النهضة العربية على الطريق السليم، وعلى المسار الصحيح.
-5-

إن مستقبل التقدم الحضاري العربي مرتبط بمدى تخطينا لمرحلة النهضـة، وخروجنا عن هذا الطور إلى طور جديد، سيما وأننا أمضينا في هذا الطور قرابة ما يزيد على قرن ونصف من الزمان، دون أن نتمكن حتى الآن من الخروج من هذا الطور. فلا زلنا منذ ذلك الزمان إلى الآن نعيش عصر النهضة.. نهضة القرن التاسـع عشر، وبداية القرن العشرين. ولا خروج لنا ولا باباً يُفتح أمامنا بهذا الخصوص إلا بتبنّي الفكر النقدي العلمي. وفي هذا يقول طارق زيادة في (العرب والفكر النقدي) من أن العرب "إذا كانوا يرومون فعلاً الخروج من هذه الأزمة فلا معدى لهم عن الفكر النقدي، يعملونه في تفكيك بنيتهم وتحليلها والتفتيش في ثناياها عن المكامن الضعيفة والهشة والقاصرة، دون خوف أو وجل. وإلا فإنهم سيبقون متخبطين بما هم فيه، بل ستزداد حالتهم سوءاً، وكأنهم يردون موارد الهلاك والفناء".
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال، أن لا فكر نقدياً كان لدينا في عصر النهضة. فقد كان لدينا هذا الفكر، ولكنه كان فكراً مُسطَّحاً. وكان مُقصِّراً عن التصدي للمعوقات المعرفية والواقعية بعمق وحرية، نتيجة الخوف، والكبت، والتسلّـط، والقهر، والقيود.




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخان وحوار الطرشان
- هل يُصلح المليار ما أفسده العطّار؟
- محرومون يستحقون الصدقة!
- ليبراليون متشائمون
- Happy Valentine’s Day
- القرضاوي -الضرورة- يستنجدُ بالكُرد لإنقاذ العراق!
- Star Academy 4
- متى نشرب هذه الكأس؟
- هل قاد اخفاق العَلْمانية إلى الارهاب؟
- القُبلة الأمريكية الأخيرة للعراق
- الارهاب وجناية المثقفين
- مسمار جُحا
- الفاشية الفلسطينية البازغة
- دور الفقهاء في ذمِّ النساء
- فتح ملفات الفساد الأردني: لماذا الآن؟
- لماذا أصبحت بعض الشعوب ككلب ديستوفيسكي؟
- من وصايا الماوردي للسلطان العربي
- الأردنيون وذهبُ رغَد
- لماذا يرفض الفقهاء الرقص مع النساء؟
- عمرو موسى والطبّ العربي بالزعفران


المزيد.....




- انطلاق تحذير من إعصار قادم أثناء بث مباشر.. شاهد رد فعل خبير ...
- أحمد سعد يثير جدلا بصورة تجمعه مع ويل سميث وجوني ديب
- مصادر لـCNN: الخدمة السرية تلقت معلومات استخباراتية بمخطط إي ...
- السيسي وماكرون يناقشان هاتفيا وقف إطلاق النار في غزة
- دراسة حديثة تكشف كيف يزيد -تغير المناخ- طول الأيام؟
- -سي.أن.أن-: واشنطن تلقت معلومات مخابراتية عن مؤامرة إيرانية ...
- شاهد: طالبان تقيد مراسم الشيعة في إحياء ذكرى عاشوراء بأفغان ...
- الانتخابات الأمريكية.. ماذا نعرف عن -مشروع 2025- المثير للجد ...
- -حرب الشاشات- في مصر.. حملة ضد عرض عبارات -مسيئة- للسيسي
- الناطق باسم -سرايا القدس-: الآليات العسكرية الإسرائيلية تحول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - بعض معوقات تقدمنا الحضاري