أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام عواد - شاهد من عصر الثورة














المزيد.....

شاهد من عصر الثورة


حسام عواد

الحوار المتمدن-العدد: 1852 - 2007 / 3 / 12 - 09:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان صباحا ً باردا ً من صباحات سنة لم يعد أبو الهم يتذكر رقمها لكنه يذكر أنه كان شابا ً يومها واليوم لم يعدد قادرا ً على معرفة عمره .
في ذاك اليوم استيقظ أبو الهم مبكرا ً كعادته أنهى غسيل وجهه وأعد فنجان قهوته ثم أشعل سيجارته الأولى واتجه صوب الراديو ليشغله ممنيا ً النفس بسماع أغنية جميلة في ذاك الصباح الكئيب لكن الراديو في ذاك الصباح لم يبث أغنية أو نشرة أخبار كما هي العادة بل كان يبث موسيقى عسكرية سمعها أبو الهم عدة مرات في سنوات سابقة لكنهم توقفوا عن بثها منذ فترة بعيدة عادت الذاكرة بأبي الهم إلى سنين خلت عندما كانت هذه الموسيقى أو ما يشبهها من المارشات تذاع على الراديو بشكل متكرر معلنة عن وصول المهدي الجديد الذي انتظره الشعب إلى سدة الحكم وتوالت سلسلة (المهديين ) يوما ً بعد يوم إلى أن انقطع نسلهم فجأة ومن دون سابق إنذار
فكر أبو الهم أيكون مهديا ً آخر أم ماذا
لم ينتظر أبو الهم طويلا وجاءه صوت المذيع بجملة اعتاد سماعها
بلاغ رقم واحد : باسم الشعب ..............................................
وكرت سلسلة البلاغات لم يكن أبو الهم بحاجة لكي يسمع المزيد حتى يدرك ما حصل
إنه شخص آخر يظن أن الناس اليوم تقف على رؤوسها وتفكر بأقدامها و أن انقلابه في هذا اليوم سيعيد البلاد والعباد إلى الوضع الذي يظنه بأنه الوضع الطبيعي . لم يختلف البلاغ في هذا اليوم عن كل البلاغات التي سبقته سوى باسم الشخص الذي أصدره فرقبة أبو الهم ظلت هي نفس الصهوة التي اعتلاها صاحب البلاغ وما يريد صاحب هذا البلاغ تحقيقه هو نفس ما أراد صاحب البلاغ السابق تحقيقه إلا أن الذعر الذي كان يصيب أبا الهم وأشقائه عند سماعهم لبلاغات مشابهة قد خفت وطأته اليوم ربما بحكم العادة وربما بحكم اليأس وربما بحكم فقدانهم ملكة الحدس .
اليوم وفي صباح بارد من صباحات سنة لا يهتم أبو الهم برقمها، وبحكم العادة استيقظ أبو الهم باكرا ً وما إن أدار المذياع حتى اصطحبه شيطان الذاكرة في رحلة عبرت به أربعا ً وأربعين عاما ً مضت تذكر أبو الهم أول صفعة تلقاها في عهد المهدي المنتظر الجديد. الصفعة التي تلقاها في المدرسة ثم الصفعة التي تلقاها أثناء خدمة العلم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثم الصفعة التي تلقاها في أول يوم من دوامه الرسمي ومن ثم كرت سبحة الصفعات والتي تواترت إلى الحد الذي لم يعد أبو الهم يحس بأي منها .
يصفعه سائق الباص والخباز وبائع الخضار وتاجر العقار ورئيسه المباشر وإدارته العليا وقانون الضرائب والصحيفة الرسمية ونشرة الأخبار .
إنها أربعة وأربعون يوما ً يا أبا الهم لم ينتج عنها سوى خسارة الأرض وفقدانك لرغيف الخبز وكراهيتك لكل ما يحيط بك وذعرك المطلق من كل ما يأتي .
أربعة وأربعون عاما ً يا أبا الهم وأنت تزداد نحولا ً وهامتك تزداد انحناء وكرش الحاكم بأمر الله يزداد انتفاخا ً
أربع وأربعون عاما ً لم تستطع فيها أن تسترق ابتسامة أو تغني أغنية أو تصرخ بأعلى صوتك أو تبكي دون أن تلتفت إلى من يسترق السمع إلى نحيبك
أربع وأربعون عاما ً وأنت تسلك السبل الضيقة هربا ً من دائنيك وممن يتبعوك كظلك .
أربعة وأربعون عاما ً وأنت تهرب من أحلامك ومن ذكرياتك ومن ظلك على الأرض وصورتك في المرآة .
أربعة وأربعون عاما ً يا أبا الهم وأنت تتحلل حيا ً وتنهش جثتك الديدان دون أن يجرؤ أحد منا على أن يعلن وفاتك أو يقبل التعازي برحيلك أو يبكي بحرقة على حلمك في وطنك .
أربعة وأربعون عاما ً يا أبا الهم ونحن نتناساك ونصر على أنك لم تمت علما ً بأن كلاب البرية شبعت من عظام ٍ كانت عظامك في يوم ٍ ما لم يعد أحد منا يتذكره أو يجرؤ على تذكره .
أكل (المهديون ) بعضهم ومات الآكلون وعاش أبناء الآكلين دون أن نجرؤ على تذكرك .
لا تستغرب كلامي يا أبا الهم . قد يقول لك مهران اليوسف في نشرة الأخبار بعد أن يجلدك بطلته البهية أنك ما زلت حيا ً بل قد تبلغ وقاحته حدا ً يسمح له أن يقول لك أن هامتك تزداد ارتفاعا ً وجسمك يزداد امتلاء ً .
لا تصدق المذيع و من وراء المذيع فهم حتى هذا اليوم لا يجرؤون على إعلان موتك لأنهم حين ينشرون نعوتك سيشير لهم الناس بالبنان؟ باسم من يحكم هؤلاء باسم من يضعون خططهم التنموية وباسم من يعلنون أنهم لا يزالون متمسكين بحقك الثابت في أرضك .
باسم من يستوردون تجارب الآخرين وباسم من يغيبون أشقاءك في غياهب القبور .
أما آن لك يا أبو الهم أن تحرق ريشك وتنبعث من رمادك من جديد أم أنك ستنتظر أربعا ً وأربعين عاما ً آخر .
أرجوك أبا الهم افعلها فأنا لا أريد لأبنائي حياة كحياتي وتاريخا ً مثقلا ً بالعار و الهزيمة كتاريخي .
لا أريد لابني حيا ً مظلما ً كالذي أعيش فيه اليوم لا أريد له أن يكون عبدا ً لابن من يستعبدني اليوم
لا أريد له أن يتعلم فداء المهدي بالروح والدم قبل أن يتعلم كتابة اسمه واسم بلاده .
ولا أريد له صفعات كالتي يوجهها لي وطني كل صباح .



#حسام_عواد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد سقوط مروحية لها بنهر هدسون.. إغلاق شركة سياحية -فورًا- إ ...
- خبير يوضح أسباب تراجع معدلات السكان في مصر: معدلات الخصوبة ا ...
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة آخرين أثناء إجراء مسح هندسي ...
- بعد 6 أشهر من الاعتقال... إسرائيل تُفرج عن 9 أسرى فلسطينيين ...
- إسقاط طائرة مسيّرة .. واقعة تشعل التوتر بين مالي والجزائر!
- مفاوضات غزة لم تحرز أي اختراق.. مصادر مصرية وفلسطينية تكشف ا ...
- سلوفاكيا.. عرض صور لملابس ودماء رئيس الوزراء بعد محاولة اغتي ...
- مدفيديف يصف المستشار الألماني المنتخب ميرتس بالنازي
- 7.5 مليار دولار والأزمة بين طهران وواشنطن.. السيسي وأمير قطر ...
- بيان رسمي بعد رفع محمد رمضان علم مصر وظهوره بـ-بدلة رقص-


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام عواد - شاهد من عصر الثورة