سأحتفي وأنتم معي بالنوروز

ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 1846 - 2007 / 3 / 6 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

سبعة عشر عاما ً وأنا أحتفل بالنوروز حرٌِ طليق ، بعيدا ً .. في مساحات غير محدودة المكان .
أحتفل أحيانا ً وحدي ، وأحيانا ً مع مجموعة منفيين مثلي ..
أول مرّة احتفيت بها بالنوروز دون أصدقاء أو رفاق من الأكراد كانت في المعتقل ، في نوروز الذي صادف الذكرى السنوية لإعتقالي الذي جرى عام 1986، شاركني بإحتفالي المتواضع غالبية (المحبوسين ) معي في قفص الاعتقال .. كانوا عربا ً سوريين ، وأكرادا ً وفلسطينيين . أول المهنئين كان الأخ عرفات دويك (أبو فتحي) مسؤول مكتب القائد العام للثورة الفلسطينية بدمشق . كان رجلا ً بكل معاني الرجولة والشهامة .. يتسم بصفات القائد الشعبي ، والإنسان الطيب .. جاءني من أقصى المهجع وأمام الجميع قدم لي تهانيه بعيد نوروز المجيد . . وتمنى لي وللشعب الكردي الأماني في تحقيق تقرير المصير على غرار مانأمل نحن الأكراد لشعب فلسطين .
كان ذلك النوروز غير عادي ، حلمت خلاله بأني أطير في السماء فأرى الكرد مبثوثون بين أحضان الطبيعة بأزيائهم المزركشة والملونة بجميع الألوان ، يعلنون الفرح .
حلمت بحرية لم أعشها حتى الآن .. كانت مجرد حلم ..
في ذلك اليوم احتفل الأكراد في سوريا ولأول مرّة بموافقة السلطة دون خوف حيث أقرّ الرئيس الراحل حافظ الأسد مرسوما ً يقضي باعتبار يوم الواحد والعشرين من آذار عطلة رسمية تعطل فيه كافة الدوائر الحكومية في البلاد ( وهذا يشهد له) رغم أنه ُأقر باسم آخر ، اسم غال على قلوبنا أيضا ً هو عيد الأم .
في ذلك اليوم دعى السيد محافظ مدينة دمشق (وليد حمامية) ممثلو الحركة الوطنية الكردية ليهنئهم ويبلغهم موافقة السلطات العليا بالإحتفاء النوروزي ، وليبحث معهم بالإجراءات اللازمة للإحتفال ، فكان أول طلب تقدم به أصدقائي ورفاقي من بقية فصائل الحركة الوطنية الكردية هو إطلاق سراحي حيث كنت أول معتقل كردي من أجل نوروز ، فاشترط السيد عبد الرحيم وانلي عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في ســوريا (البارتي) الحزب الحليف لحزبنا ( حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا) في ذلك الوقت ، وأخبر السيد المحافظ بأن : ( ..الفرحة ستكمل حين يطلق سراح ربحان رمضان ) ليشاركنا عيدنا هذا ..
في العام التالي أطلق سراحي فاحتفلت " نوروزي " في بلغاريا مع طلبة الدراسات العليا في الجامعات البلغارية الذين كانت غالبيتهم ممن حصلوا على منح دراسية عن طريق فصائل الحركة الكردية وخاصة عن طريق حزب الاتحاد الشعبي الكردي الذي سعى وباستمرار إلى مساعدة الطلبة الوطنيين الأكراد في الحصول على المنح الدراسية .
أدركت حينها أن الإحتفاء ب (نوروزي) ليس له مكان .. ربما يكون أجمل فيما لو احتفلت به بين الأهل والرفاق ، إلا أنه يمكن أن أحتفل به في كل أقاصي الدنيا .. فهو أول يوم من أيام الربيع ، وأول يوم من أيام السنة الكردية ، وهو يصادف عيد الأم ، والمحبة ، والحرية ، والسلام ..

********

سأحتفي بالنوروز وأتمنى فيه آمان ٍ جمة أولها الحرية لمعتقلي الضمير في بلادنا العزيزة ، وثانيهما إطلاق الحريات الديمقراطية ، وثالثها إلغاء قوانين العسف والسماح للمنفيين في أرجاء الدنيا أن يعودوا إلى بلادهم معززين مكرمين ، دون خوف من سجن أو إعتقال .. مطمئنين أن لهم الحرية الكاملة في التنقل (كما نص الدستور ) الذي كثيرا ً ماتتحى الجهات الأمنية عنه في تعاملها مع المواطنين .
سأحتفي ب " نوروزي " ومعي الكثير من الأصدقاء المنتمين لعناصر أثنية مختلفة ومن قوميات مختلفة تشاركني العيش في جمهورية النمسا الفيدرالية .
لم يعد النوروز خاص بالكرد وكردستان .. جميعنا سنحتفل به ، كل من يريد الاحتفال بالنوروز يمكنه أن يحتفي به ، معي في غرفتي .

=============
* كاتب وناشط سياسي .

#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات