أمل فؤاد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 1844 - 2007 / 3 / 4 - 12:57
المحور:
الادب والفن
لم تصدق نفسها عندما قرأت اسم المرسل .. أخذتها الفرحة فراحت تطلق ضفائر شعرها .. وأخذت تفعل أشياء لم تفعلها منذ زمن بعيد .. فتحت نوافذ الغرفة المطلة على البيادر البعيدة .. رفعت عوادم الزمن المتكتل على أشيائها .. ولمعت في خاطرها أفكار لم تخطر لها على بال منذ مدة طويلة .. إنه قادم .. نعم إنه قادم .. سيأتي من خلف السنين .. يطل عليَ بقامته وهامته وصورة وجهه الطفولي .. كم أشتاق إليه هذا الطفل الكبير .. كم ارتحلت ما بين الصور والحكايا والكلمات .. ابحث عن مكان ما .. في قلب تاريخ مضى وولَى .. كم جميل أن أراه من جديد .. سأعانقه وأقبله .. سأبكي على صدره كما لم أبكي من قبل .. لن أدعه يرحل ثانية أبدا .. سأشكو له مرارة أيام طوال وغربة طالت قسوتها عمري .. سيطوقني ما بين ذراعيه .. سيقاسمني البكاء حينا .. وحينا يروي ظمأ العمر الشائب ما بين شراييني المعطلة..كان موعد اللقاء حارا .. يحمل وهج المحبين عندما يلتقون .. قالت له:
كثيرا ما بكيتك .. وكثيرا ما انتظرتك دون جدوى .. الآن وأنا أتحسس تفاصيل هذا الوجه أشعر وكأنني أتحسس تفاصيل عمر مضى .. بكل ما فيه.. قال لها : جئتك لأنه حان وقت المجيء .. وقت الراحة والهناء .. أعطني راحتيك أرتمي فوقهما لعلني أستريح ..كان منهكا .. متعبا .. ياله من مشوار طال .. ويالها من عودة تفصل حنايا اللحظة عن سواها .. إنه الأمل والحب .. عندما نشتاق الوجود كأحياء يبغون البقاء ..قبلت جبينه وقالت له : .. ما أملت قط أن أراوح مكاني دونك .. فانتظرت عودتك .. إن الجدران الصماء هذه تشهد كم نطقت بآلام وحدتها ووحدتي كثيرا .. حتى ذهب
الصدى لأبعد مدى .. وهذه النوافذ ما فتحت أبدا .. لتحفظ ما تبقى لي من رائحتك .. مكانك هذا قاسمته الحنين لحظات ولحظات .. وبقيت أنتظر ..نظر إليها نظرة خجلى .. ماكان لي أن ارحل .. لم يكن بيدي .. وماكان بيدي أن أهجرك جريحة .. اليوم فقط .. أعدك بأنني لن أرحل أبدا .. لن أفارقك مهما حدث .. ولن يساومني أحد يوما على البقاء .. لن أهجر أحلامي وأماكني .. ولن أهجر حضنك مهما تقطعت بي سبل الرحمة داخل حدود أطواقك المحصنة .. بالرصاص ..
#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟