أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بيان صالح - في الغرب أيضاً تقتل النساء: أرقام صادمة وفشل في حماية حق الحياة















المزيد.....

في الغرب أيضاً تقتل النساء: أرقام صادمة وفشل في حماية حق الحياة


بيان صالح
(Bayan Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 21:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


خلف واجهة المساواة، أزمة جرائم قتل النساء في الدنمارك وقصور آليات الحماية

خلف واجهة المساواة، تكشف ازمة جرائم قتل النساء في الدنمارك عن قصور عميق في اليات الحماية، ازمة لا تخص المجتمع الدنماركي وحده، وانما تمس كل من ينظر الى اوروبا بوصفها معيارا عالميا للمساواة وحقوق الانسان. فعندما تفشل دولة تقدم كنموذج في حماية حق اساسي كالحياة، يطرح ذلك اسئلة كونية حول حدود التقدم القانوني والاجتماعي، وحول ما اذا كانت المساواة المعلنة قادرة فعلا على حماية النساء في الفضاء الخاص. ومن هنا تصبح هذه القضية شأنا دوليا ودروسا ينبغي التوقف عندها في مختلف المجتمعات. ومن المؤلم ان نناقش هذا العجز داخل دولة اوروبية شمالية تسوق عالميا بوصفها نموذجا للتقدم الحضاري والمساواة والديمقراطية، الامر الذي يؤكد ان اضطهاد المرأة والتمييز ضدها ليسا ظاهرة محلية او اقليمية، ولا يرتبطان بدين او ثقافة معينة، ومازالت مشكلة عالمية متجذرة تتجاوز الحدود والثقافات المختلفة.

لا شك أن هناك فارقاً شاسعاً وواضحاً بين واقع المرأة في الدول الشرقية، ولا سيما تلك التي تهيمن فيها التفسيرات المتشددة للاديان والعادات والتقاليد البالية، وبين وضع المرأة في معظم الدول الأوروبية التي استطاعت فيها النساء الوصول إلى مواقع متقدمة ومؤثرة في صنع القرار، وامتلكن قدرا أكبر من الحرية في اتخاذ القرارات المتعلقة بأجسادهن وحياتهن ومساراتهن المهنية والشخصية. ومع ذلك، ورغم هذا التقدم الملحوظ، فإن تحقيق المساواة الكاملة وتكافؤ الفرص الحقيقية بين النساء والرجال ما يزال هدفاً بعيد المنال؛ إذ لا تزال هناك فجوات واضحة وتحديات بنيوية تتطلب قطع أشواط طويلة من النضال والتغيير المجتمعي والتشريعي للوصول إلى عدالة حقيقية وشاملة.

تشهد الدنمارك خلال عام 2025 تصاعداً مقلقاً في جرائم قتل المرأة، حيث الاحصائيات الرسمية تشير الي قتل 20 امرأة خلال الأشهر التسعة الأولى فقط من العام، وهو رقم يتجاوز بشكل كبير المتوسط السنوي البالغ 13 حالة. وتكشف الاحصائيات أن ما لا يقل عن نصف الضحايا قتلن على يد شريك حالي أو سابق، فيما باتت جرائم قتل الشريكات تمثل نحو واحدة من كل خمس جرائم قتل في البلاد. وهذه الأرقام الصادمة أعادت فتح النقاش العام حول مدى قدرة الدولة على حماية المرأة من العنف، لا سيما العنف الواقع في إطار العلاقات الأسرية، والذي غالباً ما يبقى بعيداً عن أنظار المجتمع. فمنذ انضمام الدنمارك إلى اتفاقية إسطنبول عام 2013، التزمت الدولة باتخاذ إجراءات شاملة ومنهجية لمنع العنف والقتل ضد النساء، وحماية الضحايا، ومحاسبة الجناة، استناداً إلى بيانات موثوقة ونهج متكامل. غير أن الواقع الحالي يشير إلى فجوة واضحة بين هذه الالتزامات والتطبيق العملي.

ولا تقتصر آثار قتل النساء على الضحايا وحدهن، فهي تمتد لتطال الأطفال، الذين يعدون ضحايا مباشرين أو غير مباشرين لهذا العنف، سواء بتعرضهم له، أو بشهودهم وقائعه، أو بفقدان أمهاتهم نتيجة القتل. وتشير الدراسات إلى أن قتل النساء غالباً ما يكون نهاية لمسار طويل من العنف المتصاعد، يشمل السيطرة النفسية، والعنف النفسي أو الجسدي، والملاحقة، إضافة إلى عوامل محفزة معروفة؛ ما يجعل كثيراً من هذه الجرائم قابلة للوقاية لو توفرت آليات تدخل مبكر فعالة.

وعلى الصعيد الأوروبي، اتخذت دول عدة -من بينها إسبانيا والسويد والنرويج وإيطاليا- خطوات ملموسة خلال العقد الأخير لمواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي، عبر استراتيجيات وطنية واضحة، وتعديلات قانونية، وإنشاء هيئات مستقلة لرصد جرائم قتل النساء والعنف في العلاقات القريبة. في المقابل، لا تزال الجهود في الدنمارك مجزأة، وتفتقر إلى جهة وطنية تنسيقية أو رقابية، وهو ما يتعارض مع متطلبات اتفاقية إسطنبول.

ورغم أن خطة العمل الدنماركية الحالية لمكافحة العنف بين الشريكين وجرائم قتل الشريكات تتضمن 26 مبادرة وتعد الأكثر طموحاً حتى الآن، فإن كثيرا من إجراءاتها لا تزال مؤقتة، كما تفتقر الخطة إلى أهداف واضحة ومؤشرات قابلة للقياس، ما يحد من فعاليتها ويضعف آليات المساءلة. إن استمرار ارتفاع أعداد النساء المقتولات يؤكد أن المشكلة ليست فردية أو عابرة، وإنما هي أزمة بنيوية تتطلب انتقالاً من السياسات الجزئية والمؤقتة إلى حلول جذرية. ويشمل ذلك تعزيز الوقاية المبكرة، وتحسين أنظمة رصد المخاطر، وضمان حماية فعالة للنساء والأطفال، وإنشاء آلية وطنية مستقلة لمتابعة جرائم قتل النساء والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

إن حماية حياة النساء ليست مجرد خيار سياسي أو ترف فكري، فهي التزام قانوني وأخلاقي صارم؛ وأي تأخير في معالجته لا يعني فقط استمرار العجز عن حماية المرأة في إحدى دول أوروبا الشمالية، وإنما يمثل تراجعاً عن المكتسبات الإنسانية التي أقرتها المواثيق الدولية. وفي هذا السياق، تبرز "اتفاقية إسطنبول" كإطار مرجعي عالمي، وهي الاتفاقية الدولية التي أقرها مجلس أوروبا عام 2011 بهدف منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري. ورغم أنها انطلقت من سياق أوروبي (حيث صدقت عليها تركيا عام 2013)، إلا أن مبادئها تمثل استحقاقاً يجب أن تسعى لتحقيقه كافة بلدان العالم بلا استثناء، لضمان بيئة آمنة ترفض التمييز والعنف.

وتتمحور أهداف الاتفاقية حول ركائز أساسية تشكل خارطة طريق لكل دولة تسعى للعدالة، وهي:
• الحماية الشاملة: تأمين النساء من جميع أشكال العنف الجسدي والنفسي.
• الوقاية المنهجية: منع العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال التعليم والتوعية وتغيير العادات البالية.
• المساءلة القانونية: ملاحقة مرتكبي العنف وضمان عدم إفلاتهم من العقاب تحت أي مبرر ثقافي أو ديني.
• الدعم المؤسسي: وضع سياسات شاملة توفر مراكز الإيواء والتمكين النفسي والمادي للضحايا.

كما تلزم الدول الموقعة باتخاذ إجراءات قانونية واجتماعية، مثل توفير مراكز إيواء، وخطوط مساعدة، وتعديل القوانين لضمان حماية فعالة للضحايا. إن تفعيل هذه البنود في مختلف دول العالم هو السبيل الوحيد لسد الفجوة بين التشريعات النظرية والواقع المؤلم، لضمان أن يكون حق الحياة مقدساً ومحمياً لكل امرأة، بغض النظر عن جغرافية المكان أو طبيعة النظام السياسي.

إن استمرار قتل النساء في مجتمعات تصنف كواجهات للمساواة، يضع الضمير والموقف العالمي أمام استحقاق تاريخي؛ فالمسألة لم تعد تتعلق بنقص في القوانين أو غياب للاتفاقيات الدولية، وإنما في مدى الجدية في تحويل تلك النصوص إلى دروع حقيقية تحمي النساء في فضاءاتهن الخاصة. إن استئصال هذه الظاهرة يتطلب حلولاً عالمية شاملة ومواجهة فعالة مع الموروثات الثقافية والقصور المؤسسي في كل بقاع الأرض بلا استثناء، للانتقال من مرحلة إحصاء الضحايا إلى مرحلة صناعة الأمان المستدام. فحياة المرأة ومساواتها هي المقياس الحقيقي لمدى تحضر وتطور أي مجتمع، وأي تهاون في حمايتها هو ارتداد عن قيم المساواة والحرية التي ناضلت من أجلها البشرية طويلاً، ما يجعل العمل على حمايتها واجباً سياسيا و إنسانياً يمتد ليشمل العالم كله.



#بيان_صالح (هاشتاغ)       Bayan_Saleh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكورية اللغة العربية، إلغاء صامت لوجود انسانية المرأة
- فيبيكه فاسبو، ريادة نسوية وكسر الصمت حول الجسد والدين في الأ ...
- كلوديا جونز، رائدة النضال النسوي ومفهوم النسوية التقاطعية
- أنورادها غاندي، بين الماركسية والنسوية – قراءة في سيرة مثقفة ...
- كيفية مخاطبة عقل الطفل-ة ومشاعره في آن واحد
- روزا لوكسمبورغ وتطوير الماركسية من منظور نسوي - سلسلة -نساء ...
- التمثيل العقلي : فهم الذات والآخرين بصورة أعمق
- نينا بانغ: المؤرخة الماركسية التي فتحت أبواب السلطة للنساء - ...
- ليكن كل يومٍ يوم ٨ مارس!
- الخروج من الظلام، قوة النساء وكسر القيود
- الحب و التقاليد البالية
- إعادة التأهيل والتربية! الإعادة القسرية للأبناء والبنات الى ...
- التميز بين الأولاد والبنات في التربية داخل الأسرة والمجتمع
- اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ، مكافحته مسؤولية من ...
- قضية المرأة، النسوية والاستغلال الطبقي و مهماتنا
- بيان صالح - ناشطة نسوية يسارية، ومنسقة مركز مساواة المرأة، و ...
- الموضوع ليس قضية اللاجئين بل هو قضية المراة و تمييزها
- مرة اخرى راي حول زواج المسيار
- طلب رأي في زواج المسيار!
- حنين الرجل الغربي الى عصر الجواري!!


المزيد.....




- اغتصاب مدعوم بالذكاء الاصطناعي!
- امرأة أميركية تجني 200 ألف دولار من هواية تربية الدمى فائقة ...
- -لا أتشبّه بالكفار-.. فيديو لطالبات قاصرات حول الاحتفال بعي ...
- أين انتهى المطاف بسليل الأسرة العثمانية، وكيف يُنظر إليه في ...
- صحافي روسي يطلب الزواج من صديقته خلال المؤتمر الصحافي لبوتين ...
- محاكمة هزت ألمانيا.. رجل يُدان بتخدير واغتصاب زوجته وتصويرها ...
- عمل النساء من المنزل راحة أم عزلة؟
- الرجال أم النساء.. من يواجه صعوبة أكبر في التعافي بعد السكتة ...
- سوريا: وزارة العدل تمنع وصاية الأم على أبنائها/بناتها!
- القبض على زوج اعتدى على زوجته بآلة حادة في الفيوم


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بيان صالح - في الغرب أيضاً تقتل النساء: أرقام صادمة وفشل في حماية حق الحياة