|
أيران الكابوس الامريكي
لطيف شريف ألشطري
الحوار المتمدن-العدد: 1838 - 2007 / 2 / 26 - 08:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن نجاح ثورة آية الله الخميني في إيران قلب الموازين في المنطقة، مسببا كارثة لأمريكا وللخليج معا؛فأمريكا خسرت نفوذها وكنز من كنوزها إما الخليج الذي ما كان الشاه رحوما به أرعبته وترعبه صورة إيران شيعية مجاورة له.فما كان منهما إلا إن غيرا الوجوه في العراق ودفعا بصدام ــ ثمنا لحكومته ـ ليشن هجوما كاسحا على إيران ،مخططا له إن لا يسفر إلا عن نتيجة واحدة هي الإطاحة بالحكومة الإسلامية.لكن التاريخ اثبت إن إرادة الشعوب أقوى من إرادة الغزاة والمتآمرين. فإيران بدلا من إن تنهار إمام ضربات صدام، تماسكت وتوحدت وردت الغزاة على أعقابهم منكفئين. إذن يعود تاريخ العداء الأمريكي الإيراني الذي يخف ويشتد من وقت للأخر إلى اللحظة التي حصلت فيها القطيعة بين أمريكا ومصالحها في إيران.لكن هذا العداء اشتد وتصاعد يوم أعلن بوش في ولايته الأولى إن إيران دولة مارقة ومحور من محاور الشر الثلاثة في العالم:العراق وكوريا الشمالية وإيران. لقد عجل الغزو العراقي للكويت بوصل أمريكا إلى مياه الخليج الدافئة التي كانت مخططا لها إن تكون المحطة الأمريكية التي تعوضها عن الخسارة في إيران.وان إحداث 11 /9 أفضت إلى احتلال أفغانستان والعراق.فأمريكا التي خرجت من المنطقة عادت إليها وبقوة وفي ظل ظروف دولية وإقليمية في صالحها ،محيطة بإيران بين فكي كماشتها، معوضة ما خسرته في إيران بالخليج والعراق وأفغانستان وباتت قاب قوسين أو أدنى عما خسرته قبل ثلاثة عقود في إيران. وان السنتين الأخيرتين من ولاية الرئيس الأمريكي بوش الثانية سيحددان مصير المواجهة مع إيران لكي تكتمل بذلك سنواته العشرة في محاربة الإرهاب. إن لأمريكا جملة من المبررات تدعوها للمواجهة العسكرية مع إيران منها: 1 . السلاح النووي ترى إيران في أمريكا عدوا لا يمكن إن يتنازل عن مصالحه ومناطق نفوذه التي خسرها في إيران ،بالإضافة إلى أنها محاطة بجدار معاد لها كان متمثلا بصدام وحكومة طالبان وأنها خرجت من حرب ضروس لثمان سنوات.فكل هذا حتم عليها ويحتم إن تقوي نفسها عسكريا لكي تكون مستعدة لكل التحديات المستقبلية وراحت تطور برنامجنا نوويا تقول هي للأغراض السلمية لكن أمريكا والغرب وإسرائيل يقولون غير ذلك ؛لبناء قنبلة نووية ويبدو إن إيران قطعت شوطا مخيفا في هذا الاتجاه بعدما تمكنت من تخصيب اليورانيوم للوقود النووي لمفاعلها ولم يبقى عليها إلا إن تخصبه لبناء القنبلة النووية وتلك مسالة ميكانيكية فنية بحته .وهذا شيء لا يمكن إن تتغاضى عنه أمريكا ولا حتى العالم لان إيران إذا ما تمكنت من الحصول على القنبلة ستكون عائقا كبير لأمريكا في الوصول إلى ما تطمح إليه وتهديدا لمصالحها في الخليج وللأمن الدولة العبرية ـ إسرائيل ـ بالإضافة إلى ذلك قد يفضي إلى انهيار معاهدة عدم الانتشار النووي من خلال اندفاع دول أخرى في المنطقة إلى امتلاك أسلحة نووية لحماية نفسها على الغرار الإيراني.
2 . رعايتها للإرهاب تساعد إيران منظمة حماس وحزب الله وكلاهما في رأي أمريكا منظمتين إرهابيتين تعيقان الجهود الأمريكية "النبيلة" في حلحلة القضية الفلسطينية بالإضافة إلى ما تشكلانه من تهديد للدولة العبرية وما الحرب الاسرائلية اللبنانية الأخيرة التي منيت فيها إسرائيل بخسائر فادحة ما خسرت مثلها في كل حروبها مع الدول العربية إلا خير دليل على ما تقدمه إيران من دعم مادي وعسكري وتدريبي إلى هاتين المنظمتين .
3 .التدخل في العراق يرتبط هذا المبرر بالمبرر الثاني لصلته بالإرهاب لان إيران كما تدعي أمريكا تتدخل في الشؤون العراقية من جانب وتغذي الفصائل الإرهابية بالأسلحة والأموال في محاولة منها إعاقة الجهود الأمريكية "النبيلة" في نشر الديمقراطية والحرية لتزعزع الوضع العراقي لكي تبقي الولايات المتحدة غارقة في مستنقعها مما يفسح المجال لها من متابعة برنامجها النووي وليكون ورقة بيدها للمساومة أمريكا عليه .وبالفعل ألقت أمريكا باللوم على إيران لما تعاني منه في العراق وقامت باحتكاك مباشر مع الدولة الإيرانية بإلقاء القبض على الدبلوماسيين الإيرانيين ومداهمة القنصلية الإيرانية وعرض أسلحة إيرانية على شاشات التلفزة عثرت عليها بحوزة الإرهابيين ،غير إن إيران فندت كل تلك الادعاءات مدعية أنها ساهمت وتساهم في بناء الدولية العراقية وقدمت لها يد العون في كل الجوانب الاقتصادية والخدمية والأمنية وعقدت معها اتفاقيات تجارية واقتصادية متينة وان أمريكا لم تمسك بإيراني واحد متلبس في إعمال إرهابية وتخريبية لحد الآن وإنما أمريكا تسعى من وراء ذلك إلى خلق أسباب للصدام مع إيران.
4 .الوضع الخاص للرئيس الأمريكي ربما سيؤدي الوضع الخاص للرئيس الأمريكي بوش الذي ألحقت أخطاءه الجسيمة في العراق به سمعة مشينة كرئيس وبالولايات المتحدة كدولة عظمى على كافة الأصعدة بحيث أصبح رئيسا محاصرا من كل الجهات من الأمريكان والديمقراطيين ومناصريه من الجمهوريين وفقد كل شعبيته مما حدا به ليستذكر ونستون تشرشل الذي خسر الانتخابات لكنه فاز باحترام التاريخ لقراراته الصائبة.إن مثل هذه الحال قد تدفع به إلى مغامرة أخرى يتوخى منها إعادة صياغة نفسه مستعيدا لأمريكا هيبتها.
مثلما لأمريكا جملة من المبررات إمامها جملة من المعوقات التي تتطلب منها ترتيبا لأوضاعها قبل الضربة : 1 . عدم الاستقرار في العراق بما إن القوات الأمريكية في وضع حرج للغاية في العراق ،فان أية ضربة أمريكية لإيران من شانها إن تدفع بالإيرانيين إلى إن يرسلوا بقواتهم إلى العراق لمقاتلة القوات الأمريكية هناك ،ولربما يسقط قسم من هذه القوات أسرى بيد الإيرانيين الذين سيستخدمونهم كورقة ضاغطة في أي مساومات لاحقة إذا ما تفشل الضربة أو حتى إثنائها .من هنا تتأتى خطورة الوضع في العراق الذي يسلتزم من أمريكا ترتيبه أولا. في رأي إمام الإدارة الأمريكية خياران إما إن تمشي في خطتها الأمنية إلى النهاية وتعيد الأمن والاستقرار إلى البلاد وفي ذلك تعزيزا لدور الحكومة الحالية وذلك قد لا يرضي الإطراف المتنازعة الأخرى ولا دول الجوار عدا إيران التي بالنتيجة سيتعزز موقفها في العراق وأول بوادر هذا التعزيز مطالبة الحكومة منظمة مجاهدي خلق بالخروج من العراق لكي لا تكون أداة بيد القوات الأمريكية. أو إن تتنازل إمام المطالب السعودية وتعيد الحكومة إلى ما كانت عليه قبل الاحتلال مقابل تأييدها للخطة الأمنية وللضربة الإيرانية مثلما حدث ذلك إثناء الغزو العراقي إلى إيران وفي هذا تجد أمريكا مناصرين لها معادين لإيران لكنه يتطلب منها حل الحكومة الحالية و البرلمان وإلغاء الدستور كما يطلب المتفاوضون ــ الذي تسميهم الإرهابيين ــ معها الآن.لكن لا هذا ولا ذلك قد يؤدي إلى استقرار الوضع العراقي لان أي من الخيارين يعني تغليب طرف على آخر ومعنى ذلك استمرار العنف في العراق.لكنها قد تلجأ إلى أجراء آني ثالث لتهدئة الأوضاع إلى حين إلا وهو توسيع رقعة المشاركة في الحكومة الحالية . 2 .الجغرافية إن لإيران سلاسل جبلية معقدة وشاهقة قد تضطر الطائرات الأمريكية التي ستكون المساهم الأكبر في الضربة الأمريكية إلى الهبوط إلى مستويات متدنية قد تتأثر بالدفاعات الجوية الإيرانية المتطورة إلى حد ما ،مما يجعلها لا تنجز مهماتها على الوجة الأكمل . ولها أراض شاسعة بحاجة إلى إعداد هائلة من القوات البرية لكي تملؤها علما إن الإيرانيين لا يخشون تلك القوات لان الدرس الذي تعلموه من العراقيين سيجعلهم مستعدين كل الاستعداد للمواجهة مع القوات الأمريكية أنى كانت. أضف إلى ذلك إن المنشئات أللنووية الإيرانية مبنية في ملاجىء عميقة تحت الأرض ،معززة بالخرسانة الكونكريتة بحيث لا يمكن لأي قذيفة أمريكية تقليدية إن تصل إليها وتدمرها .وعليه قد لا تؤدي الضربة التقليدية إلى تدميرها لكن قد تأخير العمل فيها.ولهذا السبب تحدثت أمريكا عن ضربة نووية تكتيكية لكن ذلك أمر غير مقبول من الناحية السياسية ناهيك عما سيولده من إشعاعات قاتلة قد تؤثر حتى على قواتها المرافقة.وهنا لا بد للقوات الأمريكية من تطوير قنابل قادرة على الخرق لمسافات بعيدة وهذا قد يستلزم تمويلا كبيرا و يستغرق وقتا طويلا وكل تأخير هو في الصالح الإيراني.كما إن لإيران امتداد ساحلي طويل يشمل كل الخليج يمكن إيران إن تطلق حملة من القوارب الانتحارية لتدمير السفن الأمريكية هناك.بالإضافة إلى تحكمها بمضيق هرمز الذي قد يؤدي إغلاقه إلى قطع إمدادات النفط عن أمريكا وأوربا مما يخلق أزمة اقتصادية عالمية حادة نتيجة لارتفاع ألأسعار.
4.الموقف الدولي لا اعتقد إن الموقف الدولي الذي عارض غزو العراق سيوافق لأمريكا إن تشن حربا على إيران، علما إن إيران غير العراق دولة غير معتدية ولم تستخدم الأسلحة الكيماوية ولم تقوم بغزو دولة مثلما فعل العراق ولها علاقات طيبة مع أوربا وروسيا والصين وكل هذه الدول لها مصالح حيوية في إيران ولا اعتقد إنها ستسمح لأمريكا بمهاجمة إيران واحتلالها لان ذلك سيؤدي بالنتيجة للتحكم بمصائر هذه الدول . إذن يتطلب إقناع المجتمع الدولي وقتا وجهدا أمريكيين كبيرين ولربما لا تنجح.
رد الفعل الإيراني
إذا ركبت أمريكا رأسها وذهبت لمحاربة إيران فان رد الفعل الإيراني الفوري سيكون في العراق والخليج وإسرائيل بحيث أنها سوف تدمر كافة المنشئات النفطية الخليجية الظاهرية والقواعد الأمريكية في قطر والسعودية والكويت وتغلق مضيق هرمز وتصب حمم صواريخها على إسرائيل ولربما يتحرك الشارع العربي والإسلامي والعالمي ضدها وقد تتوسع رقعة الحرب لأنها ستعتبر حرب لا على إيران وحدها وإنما على الإسلام كما حدث في الحرب اللبنانية الاسرائلية الأخيرة وكيف وقفت الشعوب مؤيدة لحزب الله ومناصرته ،مضطرة حكوماتها لتغير مواقفها لصالح المقاومة ولربما تتعرض الجماهير الغاضبة للمصالح الأمريكية حتى داخل أمريكا نفسها.فإذا كان الاحتلال للعراق فرخ كل هذا العنف فما سيفرخ في إيران.ربما سيؤدي إلى زوال الإمبراطورية الأمريكية كما حدث ذلك للاتحاد السوفيتي السابق .
#لطيف_شريف_ألشطري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغامرة الامريكيبة المرتقبة
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
-
مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا
...
-
السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر
...
-
النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى
...
-
رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
-
-كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
-
السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال
...
-
علامة غير عادية لأمراض القلب والأوعية الدموية
-
دراسة جديدة تظهر قدرة الحليب الخام على نقل فيروسات الإنفلونز
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|