أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - «حين يختفي الساحر وتبقى القبعة: حكاية السياسة المغربية بين الوهم والتدوير»














المزيد.....

«حين يختفي الساحر وتبقى القبعة: حكاية السياسة المغربية بين الوهم والتدوير»


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 15:37
المحور: كتابات ساخرة
    


في قباب تشبه مسارح لا تعلن موسمها الحقيقي، يخرج بعض نواب العدالة والتنمية اليوم إلى الجمهور بملامح المصدوم الشريف، يلوحون بما يصفونه “حقائق مدفونة” عما يفعله الحزب الحاكم. يقفون بوقار مسرحي، كأنهم ليسوا من صاغوا البنية الأولى لآلة ما زالت تلتهم أنين المواطن البسيط حتى اللحظة.

يا سادة، المشهد لا يخلو من شاعرية سوداء:

ممثلون يصرخون في وجه نص كتبه أسلافهم، وصوت المواطن هو المتفرج الوحيد الذي يعرف نهاية المسرحية قبل بدايتها.

فها نحن نرى أحزاب الأغلبية تتبدل كالأقنعة في مهرجان رديء الإخراج، لا يغير تغير الوجوه شيئا في طريقة دوران العجلة. الحزب يذهب، ويأتي “شبيهه”… يتغير الإسم، أما الجوهر فهو ثابت، يكرر ذاته بكسل يثير الشفقة أكثر مما يثير الغضب.

واليوم، حين يقف بعض نواب العدالة والتنمية ليتحدثوا عن “الانحرافات” و”الاختلالات” و”القرارات التي ترهق المواطن”، فإن المشاهد المغربي، ذلك الكائن الصبور حد المعجزة، لا يحتاج لمن يشرح له أن من أسس البيت لا يحق له أن يتظاهر بالخوف من تصدعات الجدران. فالمواطن يعرف جيدا أن مفاتيح السياسة تصنع في أماكن أخرى، وأن الأحزاب، مهما تغير ترتيبها على لوحة الشطرنج، ليست سوى القطع ذاتها بظلال مختلفة.

ومن المؤلم المضحك—أو المضحك المؤلم، لا فرق—أن كل من يحاول تقديم نفسه “خلفا جديدا” لهذه المدرسة السياسية يخرج من القالب ذاته: جملة خشبية محسنة، خطاب مقطر بعناية، ووعد يتبخر قبل أن يصل إلى آذان الناس.

إنه تدوير سياسي، لا تداول. وإنعاش لجثة حزبية، لا ولادة.

وبصفتي متتبعا للشأن السياسي، لا أرى في الأفق القريب مكانا لأحزاب الأغلبية كما نعرفها اليوم، ولا للعدالة والتنمية كما اعتدنا عليه بالأمس. فالنظام الحزبي، كما يبدو، فقد القدرة على الإقناع، وفقد بالتالي قدرته على التجديد. وحتى حين يحاول، فإنه ينجب نسخة غير محسوسة الفرق عن أصلها، سوى أنها أكثر مهارة في التمويه.

ولأننا في المغرب، ولأن السياسة عندنا لا تموت، بل تتحول إلى أشكال هندسية عجيبة، يبقى المواطن هو البطل المجهول الذي يدفع كل الفواتير: فواتير الكهرباء والماء وارتفاع الأسعار… وفاتورة أكبر: فاتورة تصديق الوهم ثم اكتشافه، ثم انتظار وهم جديد.

في النهاية، لسنا بحاجة إلى حراس المعبد ليخبرونا أن النار تحرق.

لقد جربها المواطن بما يكفي.

ولم يعد يسحره خطاب يقال فيه: “لسنا نحن، بل أولئك”.

فهو يدرك، بعمق الشعوب العتيقة، أن الحقيقة في السياسة المغربية تشبه المرآة القديمة:

تعكس الوجوه، لكنها لا تغير صورتها أبدا.

وأسمح لنفسي، من موقع المتفرج الذي تعب من تبدل الأقنعة، أن أقول شيئا قد يبدو صادما للبعض: لو فرض علي مجبرا أن أختار بين الحزب الحاكم اليوم وحزب العدالة والتنمية، لاخترت الحزب الحاكم. ليس لأنني أرى فيه ملاكا سياسيا، بل ببساطة لأنه لم ينافقنا. وعدنا منذ البداية بأنه سيعيد “تربية” المواطن، ولم يتردد لحظة في تنفيذ وعده—بجرعة قسوة لا تخطئها العين. أما تيار العدالة والتنمية، فقد بشرنا يوما بأنه سيكون صوت الناس ودرعهم، ثم اكتشفنا لاحقا أن الوعد كان أكثر هشاشة من الكلمات التي صيغ بها.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنى التحتية وال«حلاوة» التنموية: قراءة سوسيولوجية في كهربا ...
- من ظلال التجربة إلى حكمة المسير: شهادة لمن يأتي بعدنا
- قصة تولد الآن في مولاي إدريس زرهون
- -مدينة الرحمة الإلكترونية: حين مات كلب وابتسمت الشاشات-
- أحجار في عيوننا: حين يشتعل الطين بين القرى
- مملكة المرايا المكسورة.. أو حين صار كل مغربي شناقا صغيرا
- “العلم الذي أجلس عليه الوطن”
- خبز مدعم بالورق... وأمة تطحن بالوعود!
- -جماعة وليلي – زرهون: إدارة تبحث عن موظفيها في برنامج «مختفو ...
- في بلاد المغرب... حيث تشتكي الأرض من أهلها والجن من قلة الفه ...
- حين يسائل الزمن ظله... وتذبل الخطب القديمة
- -أمة الأغبياء السعداء: حكاية تطور الغباء من خلل عصبي إلى أسل ...
- من رآه فليستعد
- غوستافو بيترو وغزة: حين يطل صوت من الجنوب على جرح مفتوح
- الحلايقية... حين كان للطفولة مجد آخر
- سروال المملكة المثقوب
- غبار على وجوه الأطفال... وبريق على سيارات الجماعة
- في بني مرعاز... حيث استيقظ المركز الصحي من غفوته الطويلة
- ظل الولي ونور الزائر (من أدب الرحلة الروحية)
- -نداء من قلب مكسور-


المزيد.....




- اعتقال ابن الممثل والمخرج الناقد لترامب روب راينر بتهمة قتل ...
- - سقوط الأفكار- يزجّ بشاعرة شابة إلى الساحة الأدبية الموصلية ...
- جامعة حلب تحتفل باليوم العالمي لعائلة اللغة التركية
- فيلم وثائقي فرنسي-ألماني يقدم قراءة نقدية حادة للواقع المصري ...
- تقرير: الأسد يدرس في موسكو اللغة الروسية وطب العيون
- اللوفر يُغلق أبوابه أمام الزوار اليوم.. ما الذي يحدث داخل ال ...
- مقتل الشاعر أنور فوزات الشاعر في السويداء السورية
- السفير العماني لدى تونس: حريصون على دعم جميع المبادرات التي ...
- الداخلية تتخذ الإجراءات بحق الشاعر علي نعيم بعد تجاوزه على ر ...
- 16 رواية تترشح للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العر ...


المزيد.....

- لو كانت الكرافات حمراء / د. خالد زغريت
- سهرة على كأس متة مع المهاتما غاندي وعنزته / د. خالد زغريت
- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - «حين يختفي الساحر وتبقى القبعة: حكاية السياسة المغربية بين الوهم والتدوير»