أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تيار الثورة الاشتراكية - من “عيش حرية” إلى “الحرية للمعتقلين”: كيف تغيّر المشهد السياسي المصري؟















المزيد.....

من “عيش حرية” إلى “الحرية للمعتقلين”: كيف تغيّر المشهد السياسي المصري؟


تيار الثورة الاشتراكية
منظمة سياسية

(Socialist Revolution Current)


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 00:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


سيد المنسي

قبل 14 عامًا، لم تكن شعارات يناير مجرد كلمات مكتوبة على لافتات. كانت حالة مجتمعية كاملة؛ إحساسًا عامًا بأن مصر تدخل مرحلة جديدة يمكن أن تُغيّر شكل الحياة نفسها. في ميدان التحرير، تجمّع ملايين المصريين من خلفيات وثقافات وطبقات مختلفة، في مشهد لم يره جيلنا من قبل: طلاب بجوار عمال، نساء ورجال، متدينون إلى جوار علمانيين، فقراء وأبناء طبقات وسطى، كلهم يهتفون لنفس القيم الأساسية: “العيش، الحرية، العدالة الاجتماعية، الكرامة الإنسانية”.

ذلك المشهد كان دليلًا مباشرًا على أن مصر تستطيع أن تتحول إلى مجتمع طبيعي، يعيش فيه المواطنون بلا خوف وبحقوق واضحة.

لكن شيئًا فشيئًا، تغيّر كل شيء.
لم يحدث الانكسار فجأة، ولم يكن عشوائيًا. كان هناك مسار واضح، طويل، يتم دفعه خطوة وراء خطوة. مسار هدفه الأساسي تحويل العمل السياسي من نشاط مجتمعي واسع إلى خطر شخصي يتهدد حياة أي فرد يفكر بالاقتراب منه.

فماذا حدث بالضبط؟ وكيف تحوّل المشهد بهذا الشكل الجذري؟، سأحاول أن ألخص في النقاط التالية التحولات التي اوصلتنا للوضع الحالي.

القمع الواسع: من استهداف النشطاء… إلى معاقبة المجتمع

هناك فكرة شائعة تقول إن القمع كان موجهًا للنشطاء فقط. لكن هذا تبسيط كبير. الحقيقة أن القمع اتسع ليشمل آلاف الأشخاص الذين لم تكن لهم أي علاقة بالسياسة أصلًا.

ففي مجتمعنا يحدث التالي:

اعتقالات بسبب منشورات على فيسبوك.
توقيف عشوائي في الشوارع بناءً على “الاشتباه في الشكل”.
موظفون تم فصلهم من عملهم بسبب آراء شخصية.
محاكمات بتهم عامة وفضفاضة لا ترتبط بأي نشاط سياسي فعلي.

بهذا الشكل، لم تعد المعارضة “فصيلًا” سياسيًا. بل أصبح أي مواطن لديه رأي – أو حتى شكوى بسيطة – معرضًا لخطر الاعتقال.
وهنا وقع التحول الأهم: وهي أن الناس تعلّمت أن الاعتراض ليس حقًا، بل مخاطرة قد تكلفك كل شيء.

تغيّر المشهد بالكامل: من ساحات مليئة بالناس… إلى شوارع صامتة

بعد 2013، تم إعادة تشكيل المجال العام بطريقة محكمة:

توقف شبه كامل لأي تظاهر.
قوانين مُصممة لتجريم أي تجمع صغير مهما كان حجمه.
إغلاق المجال الإعلامي وتوحيده في خطاب واحد تسيطر عليه الدولة عبر أجهزتها الإعلامية.
التضييق على المجتمع المدني ومصادرة عمل النقابات واحتكار المساحات العملة والسيطرة عليها.
ملاحقة أي محاولة لتنظيم عمل علني، حتى لو كان محدودًا أو غير سياسي.

المشهد الذي كانت فيه الشوارع تمتلئ بالآلاف… أصبح مشهدًا يحاول فيه العشرات أن يتجمعوا، فيجدون أنفسهم مطاردين أو معتقلين قبل أن تُرفع أي لافتة. السياسة لم تعد مشاركة طوعية، بل باتت مخاطرة وجودية.

النفي والهجرة: تجربة ثقيلة لا يفهمها من لم يعشها

المنفى ليس مجرد انتقال إلى دولة أخرى. إنه تفكك حياة كاملة، المنفي يعاني من:

فراق العائلة والأصدقاء فجأة.
التحول من ناشط أو صحفي معروف… إلى شخص يبدأ من الصفر في بلد جديد.
صعوبات العمل، واللغة، وقوانين الإقامة، والشعور الدائم بالتهديد والاغتراب.
فقدان الإحساس بالانتماء للمكان الذي تعيش فيه لأنك في الأساس مجبر عليه فهو لم يكن من اختيارك.
العيش في عدم يقين وقبول واقع مرير من العزلة على أمل حدوث تغيير في المستقبل يسمح بالعودة لأرض الوطن، ومعاينة معاناة اللاجئين الفلسطينيين عن قرب، وحلمهم بالعودة إلى وطنهم المسلوب.

هذه التجربة ولّدت جرحًا عميقًا على مستوى الأفراد الذين يتعرضوا لها، وايضا أثرت بالسلب على أداء المعارضة بالداخل. فقد فقدت دعم وزخم قطاعات كبيرة من الفاعلين سواء بسجنهم أو بوضعهم تحت التهديد الدائم ودفعهم لاختيار المنفي عوضا عن السجن أو التهديد الدائم به، وفي المقابل المنفيين بالخارج دخلوا في صراعات الحياة اليومية التي تستهلك طاقاتهم وتحد بشكل كبير من قدرتهم على التأثير في الواقع السياسي، وهو مما أدى لانفصال وتقاطع بين المنفيين بالخارج والمعارضة بالداخل.

المعارضة نفسها تغيّرت: ليس بسبب القمع فقط

صحيح أن القمع كان المسؤول الأكبر عن تعطيل الحراك السياسي، لكن لا يمكن تجاهل عامل آخر: المعارضة نفسها بدأت تتعامل مع السياسة بمنطق “إطفاء الحرائق” بدل طرح مشروع شامل.

أسباب ذلك كثيرة:

الإعياء النفسي بعد سنوات من المطاردة والاعتقالات.
الخوف الشخصي الذي أصبح جزءًا من الحياة اليومية.
شعور كثيرين بأن التغيير الجذري أصبح صعبًا أو غير واقعي.
غياب التنظيمات والنقابات التي كانت تحمل جزءًا من هذا العبء.

وبذلك، تحولت المعركة من “تغيير النظام” إلى “محاولة منع الأسوأ”.

مبادئ يناير الكبرى: ماذا كانت؟ ولماذا تراجعت؟

بمرور الوقت، تلاشت من الذاكرة العامة المبادئ الأساسية التي خرج الناس لأجلها، رغم أنها واضحة وبسيطة:

إنهاء الحكم الأمني والإفلات من العقاب، وهيمنة الأجهزة الأمنية على المجتمع.
بناء دولة قانون حقيقية، يتمتع فيها المواطنين بحقوق مواطنة متساوية وتكفل حرية الرأي والتعبير والحقوق السياسية.
ضمان حق المواطنين في المشاركة دون خوف في عملية سياسية ديمقراطية نزيهة وشفافة.
عدالة اجتماعية تُعيد توزيع ثروة البلاد التي سرقت وجرفت على مدار عقود.
إعلام حر ونقابات مستقلة وحريات مصانة.
دولة شفافة تحارب الفساد، لا تحتضنه وتتعايش معه.
تداول سلمي للسلطة.

ثورة يناير لم تكن نزوة شباب، بل كانت محاولة لإعادة بناء مصر على أسس حديثة، تشبه ما نراه في الدول التي يحلم الناس بالهجرة إليها.

النتيجة اليوم: معارضة محاصرة… وصوت عام مخنوق

اليوم، انحصرت جهود المعارضة في:

إنقاذ معتقلين.
البحث عن مختفين.
محاولة منع وفاة سجين بالإهمال.
دعم من خرج من السجن أو عاد من المنفى.

هذه مهام إنسانية شريفة، لكن لا يمكن اختزال الأهداف السياسية فقط فيها، فالأهداف السياسة يجب أن تكون أوسع بكثير من ذلك: الأهداف السياسية يجب أن تكون مشروع لتحرر المجتمع، لا مجرد رد فعل على المأساة اليومية.

الخلاصة: الطريق ما زال موجودًا… لكنه يحتاج رؤية وتنظيمًا

أهم ما تعلمناه من التجربة:

أن الحلم يحتاج إلى قوة تنظيمية تحميه.
أن الأخلاق وحدها لا تصنع تغييرًا سياسيًا.
أن السياسة يجب أن تعود للجمهور، لا أن تحاصر في قضايا فردية.
وأن الدفاع عن المعتقلين يجب أن يكون جزءًا من مشروع سياسي أكبر للدفاع عن المجتمع كله والسعي لتحريره.

القصة لم تنتهِ بعد، لكن حتى تستمر، نحتاج أن نعيد ترتيب البوصلة: من فقط محاولة إنقاذ الأفراد… إلى تكوين رؤية نسعى عبرها لتحرير المجتمع.

https://soc-rev-egy.org/2025/12/01/%d9%85%d9%86-%d8%b9%d9%8a%d8%b4-%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d8%b9%d8%aa%d9%82%d9%84%d9%8a%d9%86-%d9%83%d9%8a%d9%81/



#تيار_الثورة_الاشتراكية (هاشتاغ)       Socialist_Revolution_Current#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهجير الفلسطينيين يتمّ في صمت وهدوء.. الجريمة مستمرة
- انتخابات بلا معارضة ومعارضة بلا برنامج
- الهيمنة الصهيونية في منطقتنا ومهامنا لدفع التحرر في فلسطين
- سردية السيسي عن ثورة يناير
- انتخابات النواب تكريس للاستبداد – نظام الضباط يدفع نحو الثور ...
- بيان للتوقيع بشأن ضمان نزاهة العملية الانتخابية في مصر
- الوطنية الجوفاء كأداة للهيمنة: إحدى أوراق التضليل في إعادة ت ...
- أشهد أننا خُلقنا لنُقتل، فدماؤنا هي الأسهل والأرخص ثمنًا
- الإصطفاف غطى على أي إنحراف
- من اشتري الذل بدم الشهداء؟ رحلتنا من عبور العزة إلى انكسار ا ...
- مقتل طفلة عاملة بشركة بالإسكندرية.. جرائم الرأسمالية في حماي ...
- قافلة الصمود المصري: العدو أمامك وحولك فلا تنخدع.. أو على ال ...
- رسالة معتقل: كل منشور “حرز” وكل تعاطف “جريمة”
- حادث قطار مطروح.. إسقاط النظام ضرورة للنجاة
- النجم الساطع ليس إلا العار الساطع
- يا تجهزوا جيش الخلاص… يا تقولوا على المسكن خلاص
- جريمة جديدة في سلخانة قسم شرطة المنشية بالإسكندرية
- أما أن تكون أنسًا شريفًا.. وأما أن تكون أثر حذاء على تراب ال ...
- من الجون إلى نيرون: كيف يحرق السيسي المصريين بالغاز الإسرائي ...
- الغاز ممزوج بدم غزة


المزيد.....




- شاهد توقف سيارة ذاتية القيادة بالكامل في منتصف تقاطع مزدحم إ ...
- بضمان لاري إليسون.. باراماونت تقدم عرضًا جديدًا لشراء وارنر ...
- تعيين ترامب لمبعوث في غرينلاند يشعل خلافًا مع كوبنهاغن.. وال ...
- كمبوديون عالقون في تايلاند بسبب الحدود المغلقة إثر الاشتباكا ...
- البرلمان الفرنسي يستعد لإقرار قانون خاص لضمان استمرار عمل ال ...
- كأس الأمم الأفريقية: هدف سحري في الافتتاح... قصة الدولي المغ ...
- ما مدى مصداقية وزارة العدل الأمريكية التي نفت أي تنقيح أو حج ...
- رسوم ترامب الجمركية تربك التجارة العالمية عام 2025 وترجيحات ...
- زعيم غينيا يستعد للتحول من قائد انقلاب إلى رئيس منتخب
- مناورات صاروخية في عدة مدن إيرانية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تيار الثورة الاشتراكية - من “عيش حرية” إلى “الحرية للمعتقلين”: كيف تغيّر المشهد السياسي المصري؟