حجي قادو
كاتب وباحث
(Haji Qado)
الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 21:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تشير المعطيات السياسية الراهنة إلى أنّ سوريا مقبلة على معركة كبرى لا مفرّ منها، معركة قد تُعيد رسم المشهدين السياسي والعسكري في البلاد بصورةٍ جذرية.
فبحسب ما يُتداول في الأوساط الدبلوماسية، من المتوقع أن تنطلق شرارة هذه المعركة بعد الزيارة المرتقبة لأحمد الشرع إلى واشنطن، حيث يُقال إنّه سيوقّع على اتفاقية لانضمام سوريا إلى "التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب". وإن صحّت هذه المعلومات، فستُشكّل الخطوة تحولًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، إذ تعني عمليًا بداية مواجهة مباشرة بين أحمد الشرع، الذي يقود السلطة السورية المؤقتة، والجماعات المتطرفة التي كان يتزعمها أبو محمد الجولاني في السابق. أي إنها مواجهة بين مشروع وطني سوري يسعى إلى بناء الدولة، ومشروع خارجي يقوم على التطرف والفوضى.
في جوهرها، ستكون هذه المعركة صراعًا بين القوى الوطنية الساعية إلى إعادة الاستقرار وتثبيت حكم أحمد الشرع، وبين المجموعات الإرهابية التي تسللت عبر الأراضي التركية بدعمٍ لوجستي ومادي من أنقرة. وهي الجماعات نفسها التي استُخدمت في بدايات الأزمة السورية لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش السوري الحر، حين كانت الثورة السورية لا تزال نزيهة وصادقة، قبل أن تتحول إلى فوضى وصراع على النفوذ والثروة.
وبعد سقوط النظام السابق، ارتكبت تلك الجماعات أبشع الجرائم بحق أبناء الطائفتين العلوية والدرزية في الساحل والسويداء، تحت شعاراتٍ دينية متطرفة، فشوّهت بذلك جوهر القضية السورية وأهدافها الحقيقية.
الكثيرون من المصفقين لأحمد الشرع يعتقدون أن زيارته المرتقبة إلى واشنطن ستكون على حساب قوات سوريا الديمقراطية، أو أنها تهدف إلى تقليص دورها السياسي والعسكري. غير أن الواقع مختلف تمامًا، فالمعلومات تشير إلى أن "قسد" ستكون شريكًا أساسيًا في هذا التوجه الجديد، وأن التنسيق معها سيكون محورًا رئيسيًا في الحرب المقبلة ضد الإرهاب داخل الأراضي السورية، بدعمٍ مباشر من التحالف الدولي.
هذه التحولات تُشير بوضوح إلى أن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع، قد تُفضي إلى تغييرات عميقة في المعادلة السياسية الداخلية. فهي لن تكون على حساب "قسد" كما يتوهم البعض، بل على حساب الدور التركي الذي تآكل بفعل سياساته المتناقضة وتدخله المفرط في الشأن السوري، والذي هدف طوال السنوات الماضية إلى تغذية التطرف وإنهاء الدور الوطني لقوات سوريا الديمقراطية.
ومن اللافت أن هذه التطورات قد تلقى ارتياحًا إسرائيليًا نسبيًا، نظرًا لما تحمله من احتمالات لتثبيت حدودٍ أكثر استقرارًا مع سوريا، وربما فتح الباب أمام مسارٍ سياسي جديد نحو تطبيعٍ محدود أو تفاهماتٍ أمنية بين دمشق وتل أبيب برعايةٍ دولية.
إنّ سوريا اليوم تقف على أعتاب مرحلة مفصلية قد تُعيد تعريف التحالفات وتفتح صفحة جديدة في تاريخ الصراع السوري. فالمعركة القادمة لن تكون كسابقاتها، إذ لن تقتصر على المواجهة العسكرية فحسب، بل ستكون معركة لتحديد مستقبل الدولة السورية، بين مشروع الدولة ومشروع الفوضى، بين من يريد بناء الوطن ومن أراد تدميره.
#حجي_قادو (هاشتاغ)
Haji_Qado#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟