|
من هو المثقف؟ إشكالية التثقيف بين النخب
إلهام لطيفي
الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 11:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تعد النخبة المثقفة هي العقل المفكر والباحث عن حلول المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها أي مجتمع؛ والنشاط الثقافي، المثقف، الوعي ،التثقيف، التوعية، الثقافة قد أصبحت مفاهيم ثمينة و رائعة؛ و الأثمن منها الشعور بالحاجة اليها وجودا وتنفيذا. و من الطبيعي أن يرحب الجميع بهذه الکلمات لإنها مفتاح ما يطمح اليه کل مجتمع. نعم انها مفردات رکز عليها نشطائنا أکثر من الانشطة الأ خري في الاونة الاخيرة ولاشک بان ذلک الترکيز و الاقتراحات في سبيل تنفيذها، قد تکون ثمينة و قيمة کما هي سراج منير تنير الطريق لنا؛ اذن فإن نفس الفکرة والشعور بالحاجة إلي التطوير والتثقيف والنشاط الثقافي يعتبر أول خطوة بل هو في نفسه إنجاز؛ لأنه قد قيل قديما أن« الحاجة أم الاختراع» و دعونا عن هل الظروف تسمح؟ او لا تسمح للانطلاق الثقافي ؟ حيث يحتاج الامر إلي مقال اخر.
من هو المثقف ؟ ان کل مفهوم و من ضمنه التثقيف، الثقافة والمثقف يحتاج إلي تعريف يساعدنا في تلمس طرق تحققه والتوصل اليه؛ يضاف علي ذلک تثقيف المجتمع فهو يحتاج إلي تعريف من خلال إقامة دراسات اجتماعية وثقافية في ذلک المجال لتشخيص مشاکل المجتمع ومن ثم التعريف بها و وضع الحل لها. فان المشکله التي نواجهها لتشخيص المشکلة ومن ثم التعريف بها هي اننا لا نسلک الطريق الموصله اليها؛ حيث إننا ننطلق من وجهات نظر شخصيه، دون دراسة وليست علميه في أکثرالأحيان وبالطبع فان اکثر وجهات النظر الشخصيه ضعيفه لا تصمد امام حقائق المجتمع؛ ولذا علينا قبل ان نتطرق في البحث عن المثقف ومکانته فنجيب علي السوال المعرفي والرئيسي حسب قيمنا وتطلباتنا في المجتمع وهو (من هو المثقف الأهوازي ؟) اذن فمن هو المثقف؟ الذي يهتم السياسة ؟ اوالذي يهتم بالدراسة ؟ أو الذي يقرا کتابا في اليوم او في الشهر او فی السنه ؟ و من هو؟ الذي يصغي الي کلام الاخرين ولا يحتقر وجهه نظر الاخر؟ هل هو الذي دخل الجامعه؟ هل هو الذي يهتم في امور مجتمعه ؟ ...... فکل منا يضع تعريف للمثقف ولکن لم توجد دراسات مبنيه علي اسس علميه تخص المجتمع الاهوازي و تدسه بکليته کي تبين له من هو المثقف حسب متطلباته؛ و لقد تطرق کتابنا الي تبيان الفرق بين المتعلم و المثقف في کثير من کتاباتهم و جدیر بالذکر ان هذا دور قد یکون متغیراحسب المتطلبات . ما هو فرق المجتمع المتخلف و المثقف الأهوازی؟ من جهه ثانية و تبعا لذلک کثیرا ما نطلق علي مجتمعنا مفرده المتخلف مقابل المجتمع المتطورولکنا لم نفکربما هو تعریف المجتمع المتخلف او المتطور حسب القيمه الخاصة بنا؟ لان تلک المفاهيم قد تکون مفاهيم نسبيه في کثير من الاحيان؛ نسبيه بالنسبه لقيمنا الخاصة بنا وبمجتمعنا وتظهر تلک النسبيه من خلال قياسها و احتکاکها مع القوانين الحاکمه التي نعترف بها(إني لا اقصد التعاريف العامه والعالمية ) اذن فهل نستطيع ان نقول متي يصبح مجمتعنا مجتمعا مثقفا؟ وعندما يتصف باي صفة من صفات التطوريطلق عليه مجتمع مثقف؟ هل عندما يعرف واقعه؟ او عندما يفهم ما يعاني منه؟ لذلک فلابد من وضع تعريف عملي للمتخلف والمتطوراوالمثقف حسب قيمنا الخاصه حينما ننادي بالمبادره الي القيام بعمليه التثقيف . فعلي سبيل المثال کان المجتمع الاهوازی یحتاج الی المتعلمین و الذوی الدراسات العلیا قبل عشرون عام لذلک کثيرا من الناس ذهبوا الي الجامعات و درسوا و تعلموا ما لم یتعلمه الاسلافنا لکن مع کل ذلک لاز لنا نعاني من فقرنا الی المثقفين و نشکي من عدم نشاطهم الصحيح. ففی الواقع ان عملیه تثقیف المجتمع حسب المتطلبات تحتاج الی تخطیطات بعیده المدی و لیس آنیة فعلینا ان نقول ما نرید بالتحدید مع انه التخطیطیات البعیدة المدی قد تتکون من عدة برامج قصیرة المدی و الانسان یستطیع ان یتماشی الظروف و متطلبات المجتمعات و یغیرهن ؛ فکما اشرنا مسبقا فربما کان مجتمعنا یحتاج الی دارسین قبل عشرات الاعوام للوصول الی اهدافنا الغائیة و لکن ماذا یحتاج مجتمعنا الان للوصول الی تلک الاهداف ؛ وعلي هذا الاساس فلابد من وضع نقطه للبداية وکذلک نقطة للنهاية أو الأهداف ، کما نضطر الي الاجابة اعلی سوال اخر وهو ماهي الحدود بين المجتمع المتخلف والمثقف الاهوازي ؟
إنما الاجابة علي تلک الاسئلة ، تحتاج کذلک الي إصغائات معرفية في تاريخنا ، قيمنا، مبادئنا والاجواء العالمية ومن ثم وضع التعريف لتلک لمفاهيم ولذا نرجع مرة أخري الي المنزل الاول وهو حاجتنا کذلک الي التعريف و وضع التعاريف العملية والکشف عن الاشکاليات الفهمية في بداية المسار . اشکالیة التثقیف بین النخب الأهوازیة: وعلی هذا الصعید توجد اشکالیة فکریة شائعة بین الطبقة الواعیة و النخبة و التی تجدر بها الاشاره هنا و هی اشکالیة التثقیف بین النخبة ففی هذا المجال نستطیع ان نقول بان« لکل شعب مبادئ ثقافية وإجتماعية يتميز بها عن الشعوب الأخري واذا أراد الشعب أن يحتفظ بهويته فعليه بالمحافظة علي تلک المبادئ التي تميزه عن الشعوب الأخري وهذا مايطلق عليه الهوية وهي صفة تميز الإنسان أو الشعب عن سائر الناس أو الشعوب الأخري»؛ کما ان الاحتفاظ بالهوية القومية هي أحد مبادئنا في جميع النشاطات لکن عندما يدور حديث بين بعض النخب عن النشاط الثقافي وتثقيف المجتمع کثيرا ما توضع تلک المبادئ و أسسها علي طاولة الحوار وتأتي علامات الاستفهام عليها و من ثم تولد الإشکاليات واحدة تلو الأخري و التی أخيرا يضطر إلي حذفها وتخريب بنيتها؛ وکأن تلک الافراد يشعرون بأن علي النخبة أن يخرب کل ما هو تقليدي و کل ماهو سائر في المجتمع من ثقافة وتقاليد ويريد يأتي باسلوب ومظاهر الدول النامية دون النظر في البنية التحتية والثقافية في مجتمعنا وتراه ياتي بالأسف والالم علي مايجري في المجتمع ومبادئ قامت عليه اسس ثقافية تميز الشعب من سائر الشعوب؛ نعم انهم يظنون ان کل من حکي بالسياسة و بدائ بتخريب التقاليد و بداء بعملية الانفلات فليصبح مثقف واما التثقیف امر یحدث فی الساعة بینما عملیة التثقیف تاخذ سنوات متمادية؛ فتراه يتحلی و يتلبس بمظاهر التعاملات والاشياء کي يتظاهرون بالثقافة و یعتبر کل مجتمع کان متمسک بمبادئه وتقاليده هو مجتمع متخلف ويأت بک بهتافات العولمة وهو لا یعرف معنا العولمة الحقیقی؛ اذن وفقا لما اشرنا الیه فهل يحق لنا أن نغير أو نبعد تلک المبادئ التي کثيرا ما هي مبنية علي فلسفة قد أدت إلي ترسيخها بين الشعوب؟ أم إلي إصلاحها وتحديثها وفقا للظروف الحالية؟ فإننا في کثير من الأحيان نخلط المحاور والتفاصیل کما نخلط الأصول بالأجزاء فعلي سبيل المثال عندما نطرح فکرة التثقيف نظن بأن علينا أن نلغي أو نغير مبادئنا الثقافية و التقاليد ونضع مکانها مبادئ وأسس أخري وهذا قد يکون خطأ منا لأنه لن يستطيع أي إنسان علي الکرة الأرضية أن يتجاسر علي تغيير الأسس والمبادئ الثقافية التي بنيت منذ العصور دون النظر في فلسفة تکوينها؛ بل من المعقول أن يبحث النخبة عن طريقة إصلاحها بکياسة أکثر ودون التعرض للمواجهة ومقاومة المجتمع المتمسک بتلک المبادئ للتغيير و لو أراد الإلحاح علي تغييرها البنائي فليس من المناسب أن يطرح تلک الفکرة مباشرة لأن سوف يواجه بتحدي لاشعوري من قبل المتمسکين بتلک المبادئ بالتأکيد. وبرأيي ان علی النخبة أن يتطور و ینمی نفسه و فکره في حال الاحتفاظ بمبدئه الثقافي و هویتها القومیة ؛ فانا لا أقول بأن نرسخ فی قبلیتنا و نلح علی ما فعله اسلافنا من خطاء فبالطبع ان مجتمع کمجتعنا یحتاج الی مراودات و علاقات مع الثقافات الاخری لکی یتخذ العناصر الایجابیة و کیفیة استخدامهن فی المجتمع و المساله هی ان یستطیع الفرد یاخذ المظروف و یفهم کیف یستخدمه فی ظرفه والتی هو المجتمع حسب المبادی التاریخیة و الثقافیة.
فان الا ننکر بأن بعض القوانين التي قد تکونت علي أساس حکمة وفلسفة قديمة کانت تخدم الإنسان في زمنها ولکن قد لا يصلح تنفيذها في المجتمع الحالي ولا تحل لنا عقدة حاليا والسبب هو عدم تحديثها، ومن جانب أخر فان المبادئ التي نتمسک بها اليوم کمجتمع ونتميز بها کهويتنا تحتاج الي التغيير والتطوير في الأجزاء وطرق الاستخدام؟(1) و من المؤکد أن ما نحتاج إليه، هو الإصلاح والتحديث وليس التغيير في کثير من الأحيان. ومن هنا علينا علي الأقل أن نستخدم طرقا لتحديث الآليات و الأساليب، لأن الإنسان لا يستغني عن تلک المبادئ التي أسست قديما علي مناهج وحکم بالذات( لأنها تميز هويتنا عن الإخرين علي الإقل) و لکننا نحتاج إلي تحديثها من خلال آليات تنفيذها وفقا للظروف الحالية بدلا من وضع علامات الإستفهام علي القوانين والمبادي الثقافية خصوصا تلک التي تکون رمزا لهويتنا وتميزنا عن الاخرين.
والکلمة الأخيرة هي: فکما يزعم علماء السياسة والسياسيون أن السياسة بصورة عامة هي فن ممارسة الممکن، والسياسي هو من يمارس فن الممکن والموجود لتحقيق الإبداع والإنجاز أو التغيير الإيجابي سواء في السياسةأو الإقتصاد أو الثقافة؛ وليس علينا أن نبني کل شئ من جديد بل مواصلة البنيان حسب الظروف الراهنة. (1)- فعلي سبيل المثال قانون «الفصل» وهو أحد قوانين القبيلة الراسخة بين العرب خاصة والذي يتميز بها شعبنا و کثيرا ما يعرفنا ويميزنا عن الأخرين وهو قانون قديم يجعل لأفراد القبيلة نوعا من التأمين عند مصائب الدهر ومشاکله. إذن فإني کفتاة عربية أعترف بأني أرفض بعض آليات تنفيذ ذلک القانون ومنها إستخدام النساء کفدية للقبيلة الأخري- (ولو أني انظر في بعض الأحيان لهذا الامر بإيجابية فقد ينتج عن منح النساء ألي الطائفة الخاسرة أوالمعادية بناء صلة بين الطرفين عبرعلاقات المصاهرة حيث تنسي العداوة القديمة بين الأطراف)- ولکني لم ارفضه ابدا بصفته قانونا کان يسعي إلي وضع تامين لأفراد القبيلةأو إيجاد علاقة قربي بينهم والاستفاده من الجوانب الإقتصادية فيه بل أعتبر ذلک من إنجازات الإنسان العربي في القوانين الإجتماعية إعتز به بعنوان آلية تنفيذذلک؛ فإسخدام النساء کفصلية ورفضي لذلک من جهات لا يؤدي إلي رفضي لقانون الفصل بالذات والنقاش حول هذا الموضوع قد يدخل في مقال أخر و هو نظرة المجتمع العربي إلي المرأة وليس وضع علامة إستفهام علي آليات وليس علي المبادئ وهذا أمر قد يواجه خلطا من قبل بعض المثقفين.
#إلهام_لطيفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هو المثقف؟...... إشكالية التثقيف بين النخب
-
مابين تحريزالمرأة وإستعبادها
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|