أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - طموحات ملقط مهووس














المزيد.....

طموحات ملقط مهووس


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1828 - 2007 / 2 / 16 - 06:36
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
لأني مرن القوام زئبقي الكساء رحت أتنقل بين السبابة والإبهام لدى من يتلقفني صباح مساء ومن يبحث عني عند حاجة ملحّة يسدها وجودي المهيب. من الطبيعي أن أتألم اذا ما وقفت عند حاجب لفتاة طلعت على الفجر تتجمل أو أن يجتاحني فرح خاص ان صرت انقر على خدود البنات كما تفعل مناقير البلابل.
هكذا أقفز من وجه لآخر ومن زقاق لزقاق وشارع لشارع ودار لدار – وأحيانا من زاوية لزاوية - حتى ألفيتني ذات ظهيرة بين أنامل تعبى لأم مهاجرة أقلقها قدم صغيرها الذي وخزته أشواك لساحة مهجورة أريد بها مخيم أقيم على عجل عند بر البلاد الذي ضاق وملاحقات الأبعاد والتهجير وتهديدات بالموت وما بعده حتى تجاوز عدد المهجرين داخل البلاد الملونين ومثل ذلك العدد خارج البلاد! .
مضت تعضّ على موقع الألم كمن يحاول افتراس بعض قدم أو بعض " كراع ". بين فينة واخرى تلفظ ما اختلط بلعابها منهمكة تماما فيما تفعله مستحثة طرف لسانها ليتحسس موقع طرف شوكة غاصت في قدم الصغير الذي غرق في صراخ وفزع.
بالكاد عثرت على طرف الشوكة فيما تحاول جاهدة الإمساك بها بين نواجذها بينما أحمرّ كعب القدم اللين حتى استعانت أخيرا بملقطها ممررة فكيه فوق موقع الشوكة لتريح طفلها الذي نسي جوعه متوسلا الخلاص.
كنت واثقا أن الأم ستنجح والطفل لهدوئه سيعود ويغفو في حضن أمه رغم عويل الريح وهدير طائرة تحوم وصوت متقطع لإطلاق نيران بنادق بعيد صادرا من وراء كفشات لأشجار الأثل.
ليس ما هو أقسى من هجرة داخل الوطن واثناء شتاء يدفئه بارود غزاة .. ولا أشد قسوة من بارود طائفية محتدمة التقاتل.. ولا أظلم من الظلماء أسلام يستباح على أيدي أسلامويين متطرفين كالذي يجري هنا.
نام الصغير فيما تلقفتني الأنامل المرتبكة من جديد لأجد نفسي وقد دلفت داخل كيس قماش باهت الخضرة معفـّر برائحة عشبة منسية أظنها الحرمل. وكعادتي أميل الى قيلولتي في مثل هذا الوقت.
استفقت على مضض ! لم أكد أميز الأنامل الجديدة . كانت بذات النعومة لكنها ريانة محمرة. في المرآة كان كثاث لحية مصبوغة توا تركت صبغتها كي ما تجف. وجه بأوداج منتفخة وتضاريس أنف كالمطواة. بَحلقة عيون وحواجب مبعثرة الشعر . تنبهت أيضا كم قاسية قبضة تلك اليد. تكبسني بإصبعيها وتصيرني كلاّبا ثم تبدأ تلقّمني شعرات ذلك الوجه واحدة أثر أخرى دونما كلل! فامضي شاقا الطريق أمامي أعزق ما تجاوز من دغل وقصب لأكشف عن أهوار خدين تميزا بنعمة الرب.
عجبت لم لا يعاود أمثال هؤلاء حلاقهم الخاص لينتف لهم ما يشاءون من حراب!
كان يتناهى لسمعي أزيزه كقدر طفح فيه الغليان. في أحايين أخرى بدا كمن يخطب في قوم أو مجموعة من الجلاّس ، أشنّف السمع فيصلني من خطبته العصماء والتي لا أجد ما يبرر حفظها عن ظهر قلب :
- "إنها مجرد هجرة وقتية . سيعود هؤلاء إلى ديارهم آمنين. لقد تم الطلب من أمريكا أن تفتح باب الهجرة لهم ، وأن تزيد الأمم المتحدة من مبلغ المساعدات .. فما خصص قليل بالقياس.. لا تنس فالوزارة حديثة التشكيل والعراق ما يزال جميلا ولو عدلّنا هذا الجانب قليلا ليتوافق مع مثيله من الجهة المقابلة.. وأبرزنا هذا الخد وأمطنا اللثام عن ذلك الخال المتواري على استحياء .. وانصرفنا للتجارة والأستيراد لكنا الآن أقل عشر سنوات عمرا. .. لست شريرا بالقدر الذي يظنه الحاسدون الحاقدون .. على أية حال ما الضير في امتلاك ما أرغب بكل شفافية سوقا عصرية وزوجة شابة أصغر بكثير وسيارة جديدة و .."
أنتبه على نحو مفاجئ .. ، لم ألحق أتابع ما يقوله إذ وجدتني وقد تدحرجت متلويا وفكاي متلطخان بشيء من تلك الصبغة اللعينة.
بعض صبغة ساح على الجبين اللجين. أقلقه أن ُتبان بذلك الأثر فأجتهد بدعكها فتذكر الدمغة المصطنعة ثم واصل فرك فروة رأسه من جديد. تلك جمجمة محيرة في صناعتها. ترى كم من أشواك غريبة نبتت هناك ؟

كنت في موقع يتيح لي تأمل كرشه .. دهشت لمستعمرة أشواكه ومن ثم تذكرت قدم ذلك الصغير وسواه ممن سَبت داخل طعون شتى في صفوف من معسكرات تنمو وتضيق بالمئات من شيوخ وعجزة ونساء واطفال.
ظل يحدث نفسه أمام المرآة حتى ضاقت بي ذراعاي وعدت أهذي هذيان ماردي الجديد وأزيد.



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيدُ الحبّ سمكة
- !ملاقوك يا حسين
- سمكة دون زعانفها
- وأكَلْنا شَجَرَتنا الزيتون
- كزار حنتوش - يؤيؤ أيّكتنا
- الأخير والأول معا
- فراشة المستنقعات
- قبلة من وليد حسن الإنسان الفنان الشهيد
- جوْزتُنا تَنضو ثيابها
- كفاح حبيب .. نتونس بيك وانت معانا
- عصفور المشهداني ، ديك بريمر وقندرة شارلي شابلن
- عصفور المشهداني ، ديك برايمر وحذاء شارلي شابلن
- تنوع- لبابلو نيرودا
- ما يشبه الضحك .. ما يشبه البكاء
- النهرُ سمكة
- تلك الزهرةُ البريّة
- بيضتا هرّ - قصة قصيرة -
- مما وراء السوريالية
- مواساة لشجرة البمبر
- عذابات يحيى


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - طموحات ملقط مهووس