[الجزء الثاني]
(نص مفتوح)
...... ...... .......
تعبقُ يوميّاً
في ظلالِ صباحاتها
نكهةَ الكرومِ
تشمخُ أزقَّتها الطينيّة أمامَهَا
تتوارى أمواجُ البحار
تعبرُ رعونةَ المسافات
تنقشُ فوقَ برزخِ العمرِ نجمةً
تتبرعمُ قامات الأحبّة
فوقَ أرصفةِ الروحِ
فيتنامى الشوقُ
في ضلوعِ الحنينِ
إلى مرافئِ الأمومةِ
تتلاطمُ الغربات في داخلِهَا
وتغمرُها تساؤلات منبثعة
من منحدراتِ الطفولة
تشتعلُ شوقاً إلى الداليات
إلى سلالِ عِنَبِ "الْبَحْدُوْ"
دمعةٌ موجعة تتلألأُ
على خدِّهَا الأيسرِ
ترافقُهَا إبتسامة متطايرة
من خيوطِ الصباحِ
مرسومة على وجهِهَا المعفّر
بغربةٍ متصالبة معَ خصوبةِ الأرض
يكبرُ شغفها بكتابةِ نصٍّ
تنثرُهُ فوقَ رحابِ الطفولة
تتراقصُ صوراً من الذاكرة
مغبَّشة بضبابٍ خفيف
تنهضُ أمامَهَا شقاواتها
تفرحُ .. تمدُّ يديها
تمسكُ تلابيبَ الحلمِ
قلبٌ مرتعشٌ من شهقةِ الإنذهال
تتداخلُ بهجة الحلم
مع أرخبيلِ الطفولة المنسابة
مع تلألؤاتِ نجمةِ الصباح!
يسطعُ والدُها مُهشِّماً
صقيعَ الغربةِ
حاملاً منجلاً
معانقاً خشونةَ الأرضِ..
الأرضُ التي عجنَتْ والدَهَا
فانصهرَ عرقُهُ
مع زقزقاتِ العصافير
وشموخِ السنابل ..
تتساءلُ:
هل أنا أنا،
أم أنَّني ذاتٌ أخرى تشبهني؟
تريدُ أن تلملمَ ذواتها المنشطرة
على قارعةِ المسافات!
تقبضُ على صقيعِ اللحظاتِ
عجباً ..
تحترقُ يدها من جمراتِ الصقيعِ
معادلاتٌ متشظية
من حضورِ المكان
أصبحَ المكانُ مكانان
تمسكُ عوالَم الطفولة
من جذورِهَا ..
تجرّها إلى سماواتِ الصقيعِ
تدفئ برودةَ المكان
ترشرشُ فوقَهُ أكوام الحنطة
توهُّجات حرارة تمّوز
يتبدَّدُ الصقيعُ
ذائباً في قميصِ الليل
تبحثُ عن خيوطِ الحلمِ
تلتقطُ حبّات التوت المندلقة
من جنباتِ الحلم
تتدحرجُ الحبّات بعيداً
تعبرُ نهرَ الذاكرة الغافي
فوقَ جسدِ الأيام
تنامُ الحبّات باطمئنان
بين مرافئِ خصوبةِ الروح!
..... ..... ....... يُتبَع بأجزاء أخرى
ستوكهولم: نيسان (أبريل) 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
لا يجوز ترجمة هذا النص إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاقٍ خطّي مع الكاتب.