لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 04:53
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
-(دراسات و بحوث/ج3)
-*إعداد و ترجمة: لخضر خلفاوي
14/4/2025
**
-الكاتب جاو شينغجيان، كاتب صيني له جنسية فرنسية و حاصل على نوبل للأدب عام 2000 و الذي عنيته بإهداء خاص في روايتي (العيش بين الجوارح vivre parmi les rapaces ) إصدار عام 2022 ، حيث يقول جاو "الحب مجرد وهم نستخدمه لخداع أنفسنا".
L amour n est qu une illusion dont on se sert pour se tromper soi-même
-Gao -xingjian
و يقول "شوبنهاور" مُعرفا الحب (الحب=إيهام النفس) أو بمعنى مفصّل :"أن تُحبّ معناه أنّكَ قرّرت خداع نفسك.. فيضيف (ما هو إلا خدعة من الطبيعة) لدفعنا إلى الإنجاب؛ نحن مدفوعون بغريزة بيولوجية، مبرمجة على الوقوع في اختيار شخص نتخيل أنه سيرزقنا بأطفال أصحاء وأذكياء."
Schopenhauer dit– “Aimer = s’illusionner ? “/ l amour n est qu une ruse de la nature pour nous pousser à la procréation nous sommes mus par un instinct biologique, programmés pour tomber amoureux de quelqu un dont nous imaginons qu il nous donnera des enfants sains et intelligents.”
فهل ما اصطلحت عليه المجتمعات الحديثة و المعاصرة ألا و هو "الحب" مجرّد توهّمات و تخيّلات مقصودة لتبرير غايات تفاعلية مجتمعية وجودية و هل "الحب" خُدعة أو اختراع المجتمعات الغربية هذا ما سنفهمه من خلال دراسات و بحوث مختصين في هذا الباب.
*الحب اختراع غربي:
لقد دافع العديد من المؤرخين (مثل فيليب أرييس)، وحتى علماء الأنثروبولوجيا، عن هذا الرأي على نطاق واسع، حيث زعموا أن الحب - في شكله الرومانسي - كان اختراعًا غربيًا في القرن الثامن عشر. صحيح أن علماء "الإثنوغرافيا وعلماء الإثنولوجيا" كانوا مهتمين آنذاك بشكل أساسي بنقل الأشكال الطقسية للمجتمع، كوصف العادات بتفاصيلها، مثل الزواج وروابط البنوة، والتي تشكل بطريقة ما، موضوعًا فريدًا لعلم الأنثروبولوجيا، مما يؤكد أن الزواج هو بالتأكيد الأساس الجوهري للإنسانية.
***
الحب ليس موضوعًا للأنثروبولوجيا
في مستهلّ التسعينيات، ولتنظيم نقاش علمي بحت حول "أنثروبولوجيا الجنسانية" .. كان جورج بالاندييه، عالم الأنثروبولوجيا العظيم في أفريقيا، الذي أخبر بشيء من هذا القبيل: "نحن نعرف القليل جدًا عن العلاقة الحميمة الجنسية والرومانسية للسكان الذين ندرسهم، لأنها ليست جزءًا من موضوع دراستنا. علما أنّ السلوكيات الحميمة ليست موضوعًا مباشرًا للأنثروبولوجيا. "مع التذكير فقد قدم عددًا من الملاحظات حول العلاقة الحميمة والحب والجنس للسكان الذين عاش فيهم، وأنه بعد جمع هذه الملاحظات، اقترح نشرها في مجلة أنثروبولوجيا، التي كان رئيس تحريرها في ذلك الوقت أندريه ليروا جورهان. تم رفض هذه المقالة على أساس أنها لا تلبي معايير و شروط هذه المجلة.
***
للإجابة على هذا السؤال، تمّ التقرّب بطبيعة الحال إلى علماء الأنثروبولوجيا، وأقتبسَ من نيكولاس جورنيه: "هل عانى الأشخاص الذين التقوا بهم ودرسوا عاداتهم من ما يوصف أدبيا "عذابات و معاناة الحب"، وهل تحدثوا عنها، وماذا فعلوا بها؟ في معظم الحالات، لاحظ علماء الإثنوغرافيا من شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا أن عادات زواجهم كانت تخضع لمعايير القرابة أو الطبقة الاجتماعية؛ وبالتالي، كان الخيار الذي يمليه اللقاء الرومانسي يغيب عن الأفراد، مما جعل المشاعر الشخصية غير ضرورية إلى حد ما، إن لم تكن موضع استياء غير مقبول مجتمعيا . "ومثل غيرهم من المراقبين، تمكنوا من ملاحظة سلوك -يوصف وقتها بالشاذ- حيث كان أحيانًا حرًا جدًا (بل أكثر حرية من الغرب نفسه)، ولكن لم تكن هناك دراسات تركيبية كافية. وفي الآونة الأخيرة، يمكننا أن نتذكر العمل المقارن الذي أجراه جانكوفياك وفيشر، في عام 1992، والذي غطى 166 مجتمعًا مختلفًا، حيث حاول العثور على علامات لما يسميه الأميركيون "الحب الرومانسي"، أي الوقوف عند علامات المعاناة الرومانسية، والشعر أو الأغاني العاطفية، والهروب من الحدّية الأسرية المجتمعية والحب الهائج بالعاطفة. إلا أنّ 85% من الحالات التي تمت دراستها أكدت معرفتهم أو درايتهم بهكذا أمر.
فقد قام باحثون آخرون (كارانداشيف، وماجي، وليندهولم الذين استشهد بهم جورنت) بتجميع الأشكال المتعددة للتعبير عن الحب في المجتمعات البشرية، وبالتالي تمّ إثبات "عالمية الشعور" ب ما يسمّى الحب، ولكن هناك أيضًا انفصالا واضحا بين منظومة (الزواج) و ظاهرة (الحب). وهذا هو على -وجه التحديد العنصر الجديد في التطور الغربي على مدى السنوات الخمسين الماضية-: الاعتراف بهذا الانفصال و الفرق بين الحب والزواج من خلال اختراع الزوجين (برينوت ب.، في منجزه اختراع الزوجين، 2001) وأشكاله الجديدة التي لا تعد ولا تحصى، وإرادة طرفين في مكان الزواج التقليدي، أو الاختيار الأبوي، أو الأسري، أو المجتمعي. -حسب مصدر صحيفة لوموند، المتعلق بدراسات منشورة في مجلة Revue Sciences humaines. 29 يوليو 2018.
**
*الحب ما وراء الأوهام:
هل سبق لك أن قابلت شخصًا قارئًا، أي شخصًا تأتي معرفته من القراءة فقط وليس من التجارب الحية؟ إن الشخص القارئ يحركه المثل الأعلى، وهو الخيال. عندما نتحدث عن الحب، لا يمكن لخيالنا إلا أن يشير إلى كتاب العالم العظيم، الذي تغذيه قصص الحب الجميلة التي تدهش النفس. تحكي هذه القصص عن حب غير مشروط بين شخصين لم يعد بإمكانهما الاستغناء عن بعضهما البعض: يعترف الحبيبان بحبهما لبعضهما البعض ويقسمان متعهدان بالإخلاص و الولاء "إلى الأبد". فدائمًا ما ينمو الحب من مجرد عاطفة حتى يتحوّل إلى التزام متحمس. ومن ناحية أخرى، أدى الأدب أيضًا و هو يطرف باب المشاعر و العواطف بين (الذكر و الأنثى) إلى ظهور شخصيات مثل "دون جوان" الذي ينتقل من /فتح إلى فتح آخر /دون أن يبدي أدنى التزام في علاقاته -/ نقصد الفتوحات الغرامية -الجسدية-مع النساء".
حيث أن الحب لديه لم يكن شعورا متبادلا؟ لكن دون جوان أدرك هذا فعمِدَ: أن حاول جعل الحب ينشأ في شخص آخر، فكان عليه أن -يعِدَ بالحب-. و عليه هناك سؤال يتردد خلف هذه الملاحظة: في النهاية، ما الذي ينطوي عليه الحب بالضبط؟ هل الحب هو وعد بكل شيء، كما صوره فلاسفة مثل أفلاطون ونيتشه؟. هل الحب وعد بلا شيء؟، هذا ما قد يردُّ به أدب دون جوان. وهكذا، لكي نكشف عن طبيعة الالتزام الذي يقوم عليه ما سُمّيَ بالحب، يتعين علينا أولاً أن نتساءل ما هو الحب، وأولاً أن نستبعد كل ما لا يشبهه. الحب في اعتقادنا ، الحب ليس خدعة بيولوجية لضمان بقاء أو استمرار النوع البشري، ولا شهية جنسية، ولا أشعار أيروسية للرجال. بل إن الحب سيكون منسوجاً في مكان ما ضمن فضاءات هذه التعريفات.
**
أولاً، لنقل أن الحب هو مجرد خدعة من الطبيعة البشرية. و الحب هو الشرط الأساسي لوجودنا، كما يؤكد البعض. إن "وعد الحب" بمفهومه الشامل هو في الواقع السبب الأساسي لبقاء النوع البشري. يحتاج الطفل حديث الولادة الضعيف إلى مساعدة مستمرة لا يمكن أن تحدث بدون حب وعاطفة الأب تجاه طفله. يقدم شوبنهاور هذا الرأي، حيث يدافع عن افتتان الإنسان بالسعي إلى إشباع رغباته الشخصية، إلى درجة أن السعي إلى خيره الخاص يسمح له بالحفاظ على جنسه حيًا. إن الحب يجد عقده و ميثاقه إذن في الطبيعة البشرية التي لا تستطيع تحقيق هدفها إلا من خلال -خلق وهم معين- في الفرد، حيث يعتبر الوهم ميزة شخصية ما هو في الواقع ميزة واحدة للنوع فقط (شوبنهاور 2014).
لكن مع تطور ظاهرة "الحب" أو كما أُسمّيه أنا بدوري "الاشتغال البشري الدائم لأَسْطَرة الحُبّ و التعاطي معه كَكائن حقيقي و يقيني "؛ فتقول الدراسة: لاحظنا تنوعاً في هكذا علاقات بكل ما تفرضه التعقيدات على المفاهيم الكلاسيكية مع مرور الوقت، فحدث تفجير كبير في مفهومية الحب و ل(حدوده) في عالمنا الحديث حيث نلاحظ تفاعل و تضاعف المثلية الجنسية، و التوجهات الجنسية الشاملة، والعلاقات المتعددة الشركاء. ناهيك عن "العلاقات" التي تُقام مع كبار السن مثلا ...
-فكيف نفسر أنه بعد انتهاء فترة الخصوبة و انتكاس معظم الهرمونات، يستمر البشر في حب بعضهم البعض؟ من الحماقة أن نحصر الحب في مجرد وسيلة للتكاثر، لأن على مر القرون تعلموا أن يحبوا، أي أن ينظروا إلى بعضهم البعض كشيء آخر غير الأسلاف المحتملين من خلال تقليص الحب إلى قدر بيولوجي، فإننا نجعل جوهر ومظهر جميع العلاقات الرومانسية غير مرئيين. يتعين علينا إذن فصل الحب عن التكاثر لفهم قسم البشر المتحدين بما أُصطُلِح عليه ب(الحب).
حسب ما كتبته "أليسيا مبويتي، و سيجيب جارنو بتاريخ : 01-03-2024 بموقع -المصباح- : lambadaire الكندي.
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟