أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - شذرات فلسفية تحليل نقدي 2















المزيد.....

شذرات فلسفية تحليل نقدي 2


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 10:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شذرة فلسفية
حينما كانت الوجودية والماركسية تمجدان مركزية الانسان والعقل في تبني مفاهيم الحداثة. جاء فلاسفة ما بعد الحداثة بنفي اكثر من اربعة اقانيم كانت قارة ثابتة على طول امتداد تاريخ الفلسفة مثل تعظيم شأن مبحث الابستمولوجيا ومبحث العقل وكذلك مباحث السرديات الكبرى في التاريخ ممثلة بالماركسية وسرديات الاديان وفي غيرها من سرديات مثل مركزية العقل والانسان. وكذلك مبحث القيم (الاكسيولوجيا).
الفلاسفة الاميركان حين وجدوا الفلاسفة المتأثرين في ما بعد الحداثة من البنيويين مثل شتراوس وفوكو وفريجة والتوسير وميرلو بونتي ورولان بارت وجيل ديلوز وغيرهم جميعهم شنّوا حربا شعواء على كل مفاهيم الحداثة باستثناء الالماني المخضرم يورغن هابرماس الذي وقف ولا زال ندا قويا مناوئا لفلاسفة وطروحات ما بعد الحداثة. حينها وجد الفلاسفة الامريكان الجدد انه حان الاوان الى استلام الراية الفلسفية من فرنسا تحديدا بعد ان وجدت تفكيكية دريدا انها استجارت بالنقد الادبي القائم على ثيمة استراتيجية الهدم والتقويض اللغوي اكثر من إهتمامها بالفلسفة.
من بعض فرشة انتقال فلسفة اللغة ونظرية المعنى الى امريكا بعيدا عن الفلسفات الاوربية التي تقريبا شاخت وعجزت عن تقديم الجديد هو انحلال الوضعية المنطقية في كل من حلقتي فينا واكسفورد. بعد ان تخلى فينجشتين ومثله فعل كارناب في السفر الى بريطانيا والانضمام الى حلقة اكسفورد التي ضمت كلا من بيرتراند راسل وجورج مور وعالم الرياضيات نورث وايتهيد وكارناب . ولم يحالف الوضعية التحليلية التجريبية حلقة اكسفورد النجاح حينما عملت بنصيحة جاتلوب فريجة مخاطبا فلاسفة حلقة اكسفورد انه اصبح من المخجل ان لا نعتمد فلسفة اللغة في خلق توليفة جديدة تجعل الوضعية تجريبية قريبة من العلم والرياضيات والمنطق خاصة مع وجود نورث وايتهيد عالم الرياضيات ان تكون مباحث فلسفة اللغة تتمركز في ثنائية تجمع الرياضيات والمنطق. ما حدا ببتراندراسل ووايتهيد تاليف كتابهما المشترك (مباديء الرياضيات ) عام 1906.
وما لبثت حلقة اكسفورد ان دب الخلاف فيها فانسحب فينجشتين وتبعه جورج مور بآراء وصلت حد قول هذا الاخير اعتمدوا لغة الناس العاديين هي لغة الفلسفة. كلمة اخيرة عن ما بعد الحداثة هي في ابرز فيلسوفين فرنسيين لها هما جون بودريار وفرانسو ليوتار ورفض فوكو تصنيفه مع فلاسفة ما بعد الحداثة فاحتفظ بنسبه الى البنيوية التي لم تدّخر جهدا بمحاربتها مفاهيم الحداثة. الفيلسوف الامريكي ريتشارد رورتي رغم انتسابه للتيارات الفلسفية الامريكية التي اهتمت بفلسفة اللغة الا انه أعلن تعاطفه واصطفافه مع فلاسفة ما بعد الحداثة في نزعته اعلاء شأن العقل على خلاف البنيوية وتبنيه فلسفة اللغة ونظرية فائض المعنى اللغوي ومبحث الوعي التي تقاطعها ما بعد الحداثة جميعها. ليوتار ابرز منظري فلسفة ما بعد الحداثة قال ابرز ثيمة تبنتها ما بعد الحداثة هي التشكيك بالسرديات الكبرى ويقصد سرديتي الماركسية وسردية اللاهوت الديني. وانتقل لطرح ما هو اكثر تطرفا في مهاجمته العقل والعلم اذ وصف العلم بانه تبريردوغماطيقي كما كان يفعل السحرعند الاقوام البدائية.
شذرة فلسفية
ديكارت حين اراد اعلاء قيمة العقل والابستمولوجيا فقد ترك تاثيرا قويّا حول مبحث الابستمولوجيا في فلاسفة القرن الثامن عشر وشاركه هذا المنحى التأثيري اسبينوزا مع الفرق الشديد بينهما ففي الوقت الذي هادن ديكارت اللاهوت الديني بتوفيقية فاشلة هاجم اسبينوزا اللاهوت اليهودي والمسيحي بضراوة شديدة واعتبر المعجزات الدينية في التوراة والانجيل خرافات تنافي العقل.
في القرن الثامن عشر بقي مبحث الابستمولوجيا حاضرا حضورا غير مباشر ولا مؤثر في فلسفة ديفيد هيوم وجون لوك ولا يبنتيز الفيلسوف المتديّن وعالم الرياضيات باستثناء المثالي الابتذالي بيركلي. الفلاسفة الثلاث كانوا مؤسسي الوضعية التجريبية التي سبقت الوضعية التحليلية المنطقية الانجليزية. وكان تاثير كل من فرانسيس بيكون وكانط عليهم واضحا.
الشيء الغريب رغم النزعة العقلية التجريبية العلمية التي كانوا يحملونها فلاسفة القرن الثامن عشر الا انهم انكروا العقل وانكروا العالم الخارجي وانكروا السببية وهاجموا باسلوب فلسفي اراء كانط خاصة من قبل الاسكتلندي ديفيد هيوم. بمعنى هم هدموا الاركان التي تقوم عليها الابستمولوجيا. معتبرين العلم التجريبي هو وسيلة وغاية المعرفة الحقيقية الواقعية. لذا نقول انهم تاثروا بالميراث العلمي الذي تركه كل من بيكون وهولباخ الارستقراطي الذي هاجم الفلسفة على انها تجريد لغوي لا فائدة منها بشراسة سلاحه اعتماد العلم لا غيره. ونستطيع القول ان تاثير بيكون في نزعته العلمية ترك اثرا كبيرا طيلة القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر وتوقفت النزعة العقلية العلمية بالفلسفة بداية القرن العشرين على يد ليفي شتراوس عام 1905 في التبشير بمصطلح التحول اللغوي وفلسفة اللغة.
شذرة فلسفية
بعد منتصف القرن العشرين تسّيدت فلسفة اللغة مكانة الفلسفة الأولى (الابستمولوجيا). وتلتها عشرات الاتجاهات الفلسفية التي قامت على اهمية مراجعة تصحيح تاريخ الفلسفة بضوء تصحيح تاريخ اللغة التضليلي معرفيا في نظرية المعنى وفي علوم اللسانيات ما نتج عنه تشعب تيارات فلسفية جعلت من التفكير في مسالة الالتزام بالفلسفة سذاجة لا يقبلها عصر ما بعد الحداثة الذي كفر بكل ايقونة ثابتة وردت بتاريخ الفلسفة الملازم للحداثة مثل اللغة, الذات , السرديات الموروثة في الدين والماركسية والتاريخ. وفوكو كفر بالإنسان والعقل.
حتى وصل الحال انكار وجود العقل عند فيلسوف العقل واللغة الانجليزي جلبرت رايل 1900 - 1976 الذي كان سبقه التبشير به ديفيد هيوم. في مقولته لا يوجد شيء يسمى عقلا يمتلكه الانسان أبدا. الغاء العقل ليس المقصود به الغاء الدماغ العجينة التي تحتويها جمجمة الانسان , بل الغاء العقل هنا على انه الغاء خاصية العقل كتفكير تجريدي معرفي فلسفي منتج للافكار. يعني العقل اللوغوس الخطاب.
شذرة فلسفية
الفلسفة البنيوية بجميع فلاسفتها الفرنسيين والالمان والانكليز والاميركان اجمعوا ان ضياع عصور من تاريخ الفلسفة في تضليل العقل هو مراوغة اللغة في التعبيرعن المعنى. وبعد ان وجدت الفلسفة البنيوية انها كانت البادئة في ايصال فلسفة اللغة وتيهان علوم اللسانيات الى طريق مسدود فرنسيا لجأت مرغمة التزام طروحات ما بعد الحداثة في انكار الوجود الزائف الذي نعيشه ونكرانها منجزات العلم التي ادخلت الانسان في نوع من هيمنة الالة والذكاء الصناعي والسبرانية والذرة والروبوت الالي, والتمرد على نزعة الحداثة في رفض تمجيد الذات والانسان ولم يسلم العقل ايضا من السخرية منه.. وضرورة نعي السرديات الكبرى في مقدمتها الماركسية وكتاب راس المال والتاريخ.. فكان موت التزام الفلسفة سريريا حقيقة فكرية مجتمعية صادمة لا تقبل المعالجة خاصة في طغيان طروحات فلسفة بنية اللغة على انها نسق ذاتي مستقل يوازي الواقع والحياة ولا يقاطعهما ولا يعمد الاسهام بصنعهما ابدا.
حتى ذهب بعض الفلاسفة من الفرنسيين والاميركان أبعد من ذلك التطرف حين ارادوا اثبات كليّة النسق اللغوي المستقل خارجا عن فهمه الخاص أن اللغة جوهر انساني يمتلك خاصية الانسان التواصلية والحوارية المتراجعة الاهمية امام اعتماد خاصية متفردة أن اللغة صوت ذو دلالة يحمل نظاما خاصا في المعنى لا علاقة له بحياة الانسان. فهو نسق بنيوي قائم بذاته.
في عبارة اخرى حين يصار الى تجريد اللغة من معناها الفكري القصدي والمعرفي والتواصلي فماذا يبقى للفلسفة ما تتاجر به أن اللغة فائض معنى نبحث عنه في قراءات متعددة جديدة بامكانها تصحيح مسار تاريخ الفلسفة الوهمي التضليلي للعقل وقضاياها الزائفة المتوارثة عبر العصور.
شذرة فلسفية
يستعير فلاسفة المنطق عبارة هيجل " الحقيقة هي الكل" بمعنى فهم الحقيقة لا يكون صائبا الا اذا كان ضمن نسق تام من الترابط الحقائقي الذي لا يتقبل التجزئة على حساب تفكيك الهيكل النسقي الكلي الذي يضيع في فك ترابط أجزائه وفصلها عن بعضها البعض. ويفرق فيلسوف المنطق "بوزانكت" أن الحقيقة لا يفهم معناها ولا تكون صائبة الا ضمن نسق منتظم يحتويها. والحقيقة لا يمكن الاستدلال عليها إلا اذا كانت ضمن نسق كلي ترابطي داخليا يجمعها بغيرها في بنية كلية واحدة.
والحقيقة المنطقية هي ليست الحقيقة في المفهوم الفلسفي الذي يقوم على نسبيتها وحمولة الخطأ والصواب معا بداخلها, وحتمية إندثارها حينما تكون (درجة) في سلم مفهوم البحث الدائب عن مطلق الحقيقة الوهمي الزائف الذي لا يمكن بلوغ أزليته. ترافقها حتمية تطورها النسبي على الدوام عندما تكون حقيقة (نوعية) لا تندثر ولا تموت بل تستحدث نفسها بإستمرار.
منطق الحقيقة النسقي هو غيره مفهوم معنى الحقيقة الفلسفية, فالمنطق لا يعتبر إكتساب الحقيقة المجردة مصداقيتها كما هي في المفهوم الدارج في تطابق الفكر مع الواقع في معرفة حقيقة المادة, بمعنى آخر تطابق تعبير اللغة مع الموجود الشيئي تطابقا تاما يعطيه حقيقته المادية الصادقة. وتأكيد هذا المنحى لدى فيلسوف منطقي مثل " بوزانكت" الذي لا ينكر وجود الوقائع الانطولوجية الشيئية منفردة مستقلة في العالم الخارجي تعبر عن نفسها في إدراكها الحسي لكنه لا يعتبرها حقائق معرفية. الحقيقة في الشيء المنفرد المادة التي تدرك حسّيا في تطابق وجودها الخارجي مع معنى الفكر المعبّر عنها, والتي لا يحتويها نسق ترابطي من الحقائق داخليا وتكون حقيقة منفردة لوحدها. الحقيقة التي لا تشكل إنتظاما نسقيا متداخلا بغيرها لا معنى لها. لذا تكون الحقيقة التي تدركها الحواس زائفة كونها تعبر عن موجود خارجي منفصل عنها.
يعتبر فلاسفة المنطق ما أشرنا له في تعبيرنا الدارج الذي يعتبره كلا من برادلي وبوزانكت هو في مطابقة الدال مع المدلول مطابقة تامة لا تحتمل غير التاويل الوحيد المتعيّن بحقيقة الشيء. لذا مطابقة أفكارنا مع وقائع موجودية بعينها لا يمنحها حقيقتها الصادقة حسب المناطقة. كذلك حقيقة الشيء المادي المتعيّن هو ليس منطق حقيقة المفهوم الفلسفي. منطق الحقيقة الذي لا يأخذ بمبدأ الترابط في التطابق خارجيا في معناه مطابقة الفكر لما هو واقع عياني في الوجود وهو مايخص المادة كموجودات متناثرة في عالمنا الخارجي, أي هنا تلعب الحواس دورا مهما مركزيا في خلق التطابق الخارجي بين الفكر والاشياء خارجيا الذي نطلق عليه حقيقة ذلك الشيء. أما إدراك الحقيقة كمفهوم تجريدي إنما يكون في ترابطها الداخلي ضمن نسق كلي موحد.
والطعن بمبدأ الترابط الخارجي بين الفكر والمادة في تحقق تطابق المعنى الذي يخص المتعيّن الانطولوجي المادي منطقيا وليس منطق الترابط الداخلي النسقي الذي تختص به الحقيقة كمفهوم تجريدي يعتمده منطق الفلسفة يقوم على أربع ركائزحسب إجتهادنا هي :
- الحواس في جوهرها الحقيقي هي تضليل العقل في معرفة حقائق الوجود النسقي. وحتى هي تضليل العقل في تعبيرها عن موجودات الوجود الواقعية المادية.
- عدم تطابق حقائق الاشياء في نظام نسقي داخلي يجعل منها اجتزاءات فاقدة لجوهر تحققها المنطقي وليس تحققها الحسّي الانفرادي.فمدركات الحواس للاشياء خارجيا زائفة منحلة زائلة قياسا لمدركات الفكرالثابتة بما يخص علاقته التطابقية مع النسق الداخلي للحقيقة.
- تطابق حقائق الاشياء خارجيا لا يكافيء ترابطها الحقيقي المنطقي داخليا عندما يحتويها نسق كلي يعطيها حقيقة معناها ولا يؤخذ بترابطها الخارجي التقليدي في مطابقة الادراك عن الشيء في وجوده الانطولوجي..
- لا مجال لنكران دور العقل في التعبير عن حقائق الظواهر والاشياء في إرتباطها الداخلي مع بعضها البعض كنسق والخارجي في مطابقة معنى الفكر اللغوي مع الشيء على السواء. وكل ما لا يدركه العقل لا يمكن معرفة حقيقته الزائفة ولا الصادقة معا. وسيلتا إدراك العقل للعالم الخارجي هم الحواس والدماغ والمخيلة فقط.
شذرة فلسفية
رغم مثالية المناطقة في معرفة الحقيقة إلا أن التفسير المنطقي للحقيقة مستمد من التفكير العقلي الذي لا يقوم على انطولوجيا موجودات الواقع بل في دراسة النظام المنطقي الداخلي الذي يحتوي الحقيقة نسقا ادراكيا تصوريا تجريديا. بهذا يكون تحليل المنطق في إنكاره علاقات الترابط الخارجية بين الوقائع وإدراكها الفكري المطابق لوجودها لا يمنح حقائق الاشياء في ترابطها بمنظومة النسق الكلي داخليا مصداقية وأرجحية على صدقية معرفة الحقيقة. فمعرفة حقيقة المادة حسّيا عقليا لا يعني معرفة حقيقيتها الجوهرية ,كذلك معرفة الحقيقة المجردة في إنتظامها النسقي المترابط داخليا لا يمنح مفهوم الحقيقة المجرد مصداقيته اليقينية. معنى دلالة الحقيقة في الوجودين المادي والمثالي لا يدرك العقل أصالتها من زيفها تماما.. بسبب تضليل الحواس وقصور تعبير اللغة للعقل.
يقر برادلي ومعه مناطقة المثالية معرفة الحقيقة لا تكون بإدراكها التصوري, فالتصورلا مكان له في التفكير الفعلي الواقعي إلا بوصفه جزءا من (حكم) يشترط معرفة الحقيقة أن تكون نسقية مترابطة غير مجزأة الى قطوعات تنهي الهيكلية الكلية الانتظامية للترابط الحقائقي. فقد إعتبر بوزانكت حكم الادراك الحسي الخارجي المألوف تداوله يعد تعبيرا جزئيا عن الواقع في غير حقيقته. أما الحكم المنطقي والكلام لبوزنكارت فهو في تأكيد كلية الواقع في صورة شمولية عامة يحتويها نسق تجانسي..
تعقيب:
- الادراك التصوري الحسّي التجريدي لاشياء العالم من حولنا هو الطريقة الوحيدة التي يتوفر عليها العقل. ولا يتوفر العقل على إدراك الحقيقة المجردة حتى لو كانت – إفتراضا – هي حلقة في منظومة نسق داخلي لا يدركه العقل مباشرة لا بالحس ولا بالحدس.
- الادراك التصوري ليس جزءا من (حكم) مثالي يعبرمن فوق الواقع, فالادراك مرحلة بدئية اولى في سلم المعرفة الحقيقية تبدأ بالحواس وتنتهي بالعقل. سواء أكان المدرك ماديا حسيا أو موضوعا متخيلا تجريديا من تداعيات تفكير الذاكرة. منظومة العقل الادراكية التي تبدأ بالحواس وتنتهي بالدماغ هي نسق منتظم بدونه لا يتحقق للعقل أي نوع من الادراك.
- الحكم على الكليّات ليس حكم حقيقة صائبة تماما بل حكم إحتمال.
- الحكم على حقائق العالم الخارجي في كليته يلغي الخصوصية الانفرادية لكل حقيقة جزئية, فمثلما يكون الاهتمام بجزء من النسق الكلي هو إنحلال لوحدته المتكاملة كذلك الحكم الشمولي هو تضييع خصوصيات الاجزاء الحقيقية.
- الحكم على الواقع يأتي من أسبقية وجوده المادي على كل تفكير, والواقع هو ما يحدد نوع الحكم وليس نوع الحكم يخلق حقائق الواقع.
- في لغة المناطقة الذي ينكرالاستدلال الكلي بدلالة الجزء, فهذا لا يبيح أن يكون الحكم المنطقي الكلي هو في إهمال خصوصيات أجزائه ضمن النسق الذي لا يعير فيه الحكم حقائق الاجزاء أدنى إهتمام في تشكيل النسق الكلي العام.
شذرة فلسفية
يطرح برادلي في كتابه (المظهر والحقيقة) عدة مفاهيم نجدها متناقضة في بعض منها:
- يعرف برادلي المظهر – ويعني به الصفات الخارجية – ليس هو الظاهري, سواء فهمنا هذا الظاهري على أنه معطى في الوعي أو أنه مقابل الشيء في ذاته, والمظهر ليس مجالا معينا للوجود أو الفكر يتميز عن أي مجال آخر.1
أود في تعقيب بسيط قبل الانتقال الى فقرة أخرى لبرادلي, أن ظواهر الاشياء ليست معطى في الوعي, بل هي معطى إدراك حسّي قبلي يتبلور لاحقا بالفكر الى وعي عقلي مجرد. إدراك الشيء لا يكافيء معنى الوعي به. الصفات الخارجية للاشياء هي ادراك حسي قبل كل شيء. وطبعا صفات الشيء أو الظاهر منه لا يشابه كما ولا يمثل الشيء بذاته. معلوم الشيء بذاته هو الماهية أو الجوهر الذي لا تدركه الحواس ولا يدركه العقل, فكيف يكون الجوهر أو الماهية معطى للوعي يكافيء وعي الصفات الخارجية لذلك الشيء.؟ ثم ومن المرجح الذي اؤيده أنا أن يكون جوهر الشيء تتقاذفه فرضيتان : الاولى لا يمكن الجزم القاطع أن الاشياء وكائنات الطبيعة الحيّة تمتلك جوهرا هو غير صفاتها الخارجية باستثناء الانسان الذي يمتلك كينونة موجودية تسبق ماهيته الجوهرية. الثانية توجد دلائل يقينية ثابتة أن الحيوان والنبات والجماد جميعها لا تمتلك ماهيات هي غير صفاتها الظاهرية الخارجية التي يدركها العقل الانساني.
- في فقرة لاحقة أخرى يناقض برادلي علاقة ظواهر الاشياء بحقيقتها قوله : المظهر هو الحقيقة المطلقة للشيء, ولا يوجد ما يعقبها, والحقيقة التي يتوزعها تقسيم العالم الى جزئي وكلي, يجعلنا ندرك حقيقة ما هو جزئي في تعميمها على ما هو كلي.. وبذلك لا يكون هناك فرق يذكر بين حقيقة نسبية واخرى مطلقة.
لا امتلك تعليقا إدحاضيا لما ذكره برادلي من خلط جرى توضيحه سابقا من قبلي في هذه المقالة أكثر مما ينبغي تكرار مناقشته وتوضيحه, فقط اتساءل كيف يكون المظهر(الصفات الخارجية) هو الحقيقة المطلقة للشيء الذي لا يوجد ما يعقبه.؟ ومن قال أن جزئية حقيقة شيء كافية لجعل كليته حقيقة مطلقة بدلالة مطلق الجزء الوهمي؟ المظهر هو صفات الشيء المدركة خارجيا وهي في تغيير مستمر فكيف لا يعقبها حقيقة مطلقة أخرى غيرها؟ مطلق الحقيقة وهم ركض وراءه عشرات الفلاسفة ولم يستطيعوا حتى ولو تعريفه وليس بلوغه.



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات فلسفية تحليل نقدي 1
- الوجود العقل وتعبير اللغة
- نظرية المعنى في اللغة
- الزمكان بين افلاطون وكانط
- الزمن القلق والاشياء
- اللغة الذات الجوهر
- الزمان والجوهر
- الجوهر والوعي
- مبحث الوعي الفلسفي
- نقصان الوجود / التمدد والاحتواء
- مغالطات فلسفية
- كلمات فلسفية
- موضوعات فلسفية
- منهج الابستمولوجيا
- الوعي : السجال الفلسفي
- فيورباخ الاغتراب والدين
- شوبنهاور/ بؤس الارادة وفهم العالم
- الوجود تعبير لغوي2
- الوجود تعبير لغوي1
- بيركلي/ المادة وجود غير موجود


المزيد.....




- ما هي التقنيات المفترضة التي شوشت أنظمة الجي بي إس على طائرة ...
- -رمز للصمود ونعمة عظيمة-..آبي أحمد يشيد باكتمال بناء سد النه ...
- هجوم بسكين في مرسيليا يوقع 4 جرحى.. والشرطة تطلق النار على ا ...
- شي جين بينغ يرحب بفلاديمير بوتين لإجراء محادثات في بكين
- مواجهات في باندونغ: شرطة إندونيسيا تطلق غازاً ومطاطاً على طل ...
- حركة تحرير السودان: كيف نشأت وأين هي اليوم؟
- قمة شنغهاي تكشف -أنانية- واشنطن وإهمالها مبدأ المصلحة المشتر ...
- إسرائيل تبدأ بتعبئة جنود الاحتياط قبل هجوم متوقع على غزة، و- ...
- يوسف الكواري عضو المكتب السياسي للحزب في حوار حول “ماذا يجري ...
- شركة نستله تطرد رئيسها بسبب إخفاء علاقة غرامية مع موظفة!


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - شذرات فلسفية تحليل نقدي 2