|
خسوف برهان الكتبي للطفية الدليمي كيف تنعكس ظروف القمع على الكاتب والنص فنيا
سلام إبراهيم
روائي
(Salam Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 1823 - 2007 / 2 / 11 - 12:30
المحور:
الادب والفن
محنة الكاتب العراقي في داخل الوطن تتكثف في ذعره من قول الحقيقة، مما أنعكس على النص فنياً وجعله لا يعبر عما يجري في العراق في الفترة التي يتناولها. وهنا أشير إلى النصوص التي تحاول رصد الظواهر التي خلفتها سياسة السلطة في حروبها الخاسرة وقمعها الدموي وما نتج عن تلك السياسة من حصار وجوع. ومن بين هذه النصوص "خسوف برهان الكتبي" للطفية الدليمي الصادر عن دار ألواح عام (2000). جنستها الكاتبة والدار كرواية وهي في الحقيقة قصة قصيرة ممطوطة ومطولة في تعليقات للكاتبة ورسائل إلى شخصيات حقيقية كرسالتها للقاص "أحمد خلف" رئيس تحرير مجلة الأقلام أو رسائلها لزوجة برهان الشخصية المحورية في الحكاية القصصية، والتي تتلخص في محنة "برهان" وهو عراقي مثقف متزوج من "دليلة" لدية مكتبة غنية ورثها من والده وأغناها يجد نفسه جائعاً زمن الحصار فيبدأ ببيع أثاث بيته ومحتوياته من تحف إلى أن يصل إلى المكتبة، وأثناء هذه العملية الطويلة يبدأ رويداً..رويداً في فقدان ذاكرته، ومع استفحال حالة النسيان تصاب منظومته الأخلاقية بالتهدم مما يجعله يهيم في الشوارع متحولاً إلى متشرد يضاجع بائعة سجائر خلف صندوق قمامة، ثم يختفي أثره. هذه الحكاية القصصية روتها المؤلفة بضمير الغائب في ثلاث وعشرين صفحة من القطع الصغير. وعلى أساس هذه الحكاية المروية بنت الفصل الثاني على لسان الكاتبة التي تتخيل مصير "برهان الكتبي" في مقاطع من الفصل، وتتبادل الرسائل واللقاءات مع زوجته "دليلة" في مقاطع أخرى. وتشكو من منع قصتها المذكورة من النشر في مجلة " الأقلام" واصفة قصتها عن برهان بأنها محاولة رائدة في التجريب القصصي. فهل كان النص حقاً كما وصفته كاتبته؟ هذا ما سأحاول الإجابة عنه في هذه المقالة. وقعت الكاتبة في نصها على مفصل حيوي في المتغيرات التي طرأت على الواقع العراقي في السنوات العشرين الأخيرة من خلال رصدها لبرهان القادم من الطبقة الوسطي التي اضمحلت بين قلة أثرت، وكثرة أملقتها ظروف الحرب، وما مصير " برهان" إلا التعبير الأمثل لمصير تلك الطبقة المهمة لتوازن المجتمعات المعاصرة. رغم إمساك الكاتبة بمادة ثرية لكتابة نص يرصد التحولات الدراماتيكية التي أصابت بنية المجتمع العراقي في العقود الأخيرة لكن الوعي المحدد لمن يعيش في ظروف القمع والخوف من حرية الشخصية القصصية أحبط النص فنياً. فقد تحاشت الكاتبة في سردها وتحليلها كل ما يمت إلى الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تدهور وجوع "برهان" وضياعه، لم تتحاش الأسباب الحقيقية فحسب بل أن وعيها المزيف أو وعيها المحدد بالرقيب الداخلي أي الكاتب نفسه، والرقيب الخارجي المتمثل برقابة السلطة، جعلها تضفي على الشخصية المعاصرة أبعاد تاريخية بمزجها بتاريخ العراق القديم والإسلامي، المهددة بالانقراض وهي المجيدة التي كانت قبل عشرين عاماً مضيئة الذاكرة وحجة للباحثين السائلين، وهي إشارة إلى مجد العراقي المعاصر في الحرب العراقية الإيرانية حسب منطق النص " إنني لا أعجب منك وأنت تبدد ذاكرة الأمس المدهشة التي حظيت بها أثر حادث انفجار قرب الموضع الحربي قبل عشرين عاماً"(ص47). وتحمّله وزر عدم تشبثه بإرثه من كتب تراث الإسلامي، وتمثال الملك السومري" شو لكي" الذي باعه لشخص يعمل بسفارة أجنبية من خلال شعوره بالذنب وظهور التمثال الضائع له في المنام، ولوم زوجته "دليلة" على هذا البيع. لا تكتفي بذلك بل أنها في القسم الثاني تكتب رسالة إلى برهان الغائب تلومه فيها على خيانته لنفسه ووطنه بالتخلي عن تراثه " في البدء لم أقبل أي مسوغ لما فعلته بنفسك، وعندما أتبصر في الأمر أتوصل إلى نتيجة واحدة لا يمكن استبدالها: انك خنت نفسك عندما فرطت بها وبعت تمثال الملك السومري " شو لكي" وتخليت عن كنوز مكتبة أبيك وجدك"(46).ثم شاكية من عدم نشر القصة في مجلة الأقلام بسبب سوء تفسير الرقيب، وفحوى هذه الرسالة محاولة مرعوبة من الكاتبة لإقناع الرقيب بأن قصد القصة ليس عرض الجوع والسقوط الأخلاقي والجنون ومظاهر التشرد وتصدع بنيان المجتمع العراقي بسبب سياسة السلطة بل بالعكس إنما نص "خسوف برهان الكتبي " هو دعوة لتمسك العراقي بإرثه الحضاري وعراقيته حتى ولو مات جوعاً، " لكن المجلة صدرت وقد حجبت القصة عن النشر، وسمعت حكايات ملتبسة مختلفة التفاصيل والأسماء وقلت لعل الأمر نتيجة سوء قراءة، وأن أحدهم لم يدرك خطورة فكرة التخلي عن الإرث التي قادتك إلى الجحيم.. وخشي هذا القارئ من قارئ متربص بالمعاني يؤول النص على غير ما ترمي إليه مبانيه"(49). هذا الإعلان لا لبس فيه، يكشف عن قراءة مقلوبة للواقع العراقي المأساوي. فأولاً الذنب ذنبك أيها العراقي لأنك بعت تراثك بسبب الجوع وأهملت ذاكرتك التي أضاءتها الحرب مع إيران، والكاتبة لا تنسى هنا المسببات الحقيقية لأوضاع العراقي المزرية، بل تنسى أيضاً مقولة شهيرة كون الجوع أبو الكفار. كما تقدم براءة واعتذار للرقيب عما ورد في النص من مظاهر الموت جوعاً، انتشار الدعارة، مشهد العاهرات في الشوارع. أوضاع المعشية الصعبة، موت الفقراء بالأمراض وعدم القدرة على دفع تكاليف العلاج، بيع العيون والكلى من أجل الطعام. أما المسئولية الجماعية لوضع برهان وطبقته المضمحلة فيتحمله الكل إلا المسبب الجوهري والوحيد الذي مارس القمع وأشعل الحروب وسبب الحصار والمجاعة ـ السلطة ـ . فتقول الكاتبة على لسانها في الفصل الثاني معلقة على قصتها القصيرة "خسوف برهان" ما يكشف عن بؤس وعي الكاتب المذعور والمحاسب على كلمته في ظروف القمع " تستحوذ علي فكرة أننا جميعاً مسهمون في جريمة ضياع "برهان"، لا أحد يجرؤ على ادعاء براءة لا نملكها، كلنا أنا ودليلة والآخرون، الأرض والناس والوقت"(ص45). كيف أنعكس الوعي المحدد بالرقيب أو الوعي الزائف للواقع، المتحاشي أو الأعمى عن مسببات محنة الإنسان العراقي في ظروف صعبة كالحرب والحصار على بنية النص واللغة القصصية، لاسيما أن الموضوع الذي اشتغلت عليه الكاتبة شديد الوضوح وصارخ بعكس الكثير من النصوص المكتوبة في الداخل والمتماهية بأقنعة التاريخ والرمز الغامض؟!. كما ذكرت قسمت الكاتبة نصها إلى قسمين، الأول سردت فيه ظروف "برهان" الاجتماعية والاقتصادية، وما آل إليه وضعه في ظروف الحصار لحين تدهوره النفسي والأخلاقي واختفاءه الغامض. والفصل الثاني تعليقات الكاتبة على النص الأول سواء في تخيل مصير برهان أو تبادل الرسائل مع زوجته " دليلة" ومع "أحمد خلف" القاص رئيس تحرير مجلة الأقلام التي حجبت نشر قصة "خسوف برهان" ثم رسالتها إلى برهان التي عرضت لها في سياق المقالة. قسمت الكاتبة القسم الأول إلى ستة مقاطع صغيرة يفتقر سردها إلى سلاسة الجملة القصصية وعفويتها. فبدت الجملة مركبة تركيباً إنشائياً لا يستبطن حالات الشخصية القصصية الإشكالية كشخصية "برهان" بل تبلغ الإنشائية إلى حدود الركاكة والسذاجة في بناء أحاسيس الشخصية المحورية وفي الوصف والسرد معاً، لحدود أصابني العجب نظراً لخبرة الكاتبة التي نشرت أول مجموعة قصصية لها عام (1969). وهذه بعض النماذج " الليل.. صيف بغداد وطوفان أشذاء من أشجار ملكة الليل، بخور طري ينسكب من خفقات النجوم وهمهمات طيور مخوفة تفيض من أجمات التوت وإيقاع الليل يختل في بغداد فتتبدل سحنة الوقت وبرهان يكسف الظلمات بالحب ويفلت من كدر نسيانه إلى ابتداء الرفيف على حدود الجسد بينه وبين دليلة يموج قمر وقرنفل ورفيف الروح يقصي الحزن"(11). يلاحظ القارئ سذاجة استخدام المفردة التي ظنتها الكاتبة أنها تمنح النص شعرية مثل "بخور طري ينسكب" أو " يموج قمر وقرنفل بينه وبين دليلة" . أو هذه الصياغة الإنشائية الضعيفة "وشعر بحرقة ملح الدموع على وجنتيه الناحلة، والأطفال المسافرون في التوابيت إلى الأبدية يشهرون أبهة الفناء"(ص36) ولا أدري كيف يشهر أطفال ماتوا من الجوع أبهة الفناء. أو التعبيرات الجاهزة في جمل ركيكة مثل " تتبدل سحنة الوقت وبرهان يكسف الظلمات في الحب". كما أن الجملة منهكة ومهلهلة بكثرة استخدام المضاف والمضاف إليه. مع بناء أفعال الجملة القصصية في غير محلها من ناحية الدلالة رغم كون الاستخدام صحيح نحوياً، ولا أدري كيف استساغت الكاتبة بمؤلفاتها الستة عشر بين مجموعة قصصية ورواية ومسرحية ومقالات نقدية، تركيبة مثل هذه الجمل: " دليلة تصطاد علامات الذهول"(ص8). " الطرقات تفيض بأحداث صغيرة لا معنى لها"(ص31). "الجدران رجمت بألوان الفناء"(ص32). يلاحظ القارئ كيفية استخدام الأفعال، ـ تصطاد، تفيض، رجمت ـ في بناء الجملة. وهذه النماذج العشوائية التي أوردتها تملأ النص. مما رهله وجعله ركيكاً وغير سلس في القراءة. كما أن توله الكاتبة في الصوفية جعلها تقحم الكثير من أجوائها في نص يتحدث عن الجوع والخراب النفسي والأخلاقي، فجاءت تلك الأجواء بلغتها الغامضة غير متناسبة لا مع طبيعة الشخوص ولا مع الموضوع ولا مع مناخ القصة ومقاصدها. هذا هو حال القصة القصيرة الموسومة " خسوف برهان الكتبي" القسم الأول من النص والذي بنت قسمه الثاني على أساسه حد أنها نعتت قصتها في رسالتها لمجلة الأقلام التي حجبتها كونها نموذجاً للتجريب في القصة العراقية، كما أنها اعتبرتها خالدة إذ تقول في(ص57):"هكذا امتلكت قصة "خسوف برهان الكتبي" قدرتها على الظهور في أية لحظة قادمة واحتفظت بقوة أثرها ما أن مورس الحجب عليها". بل أنها حاولت بناء نهاية فنطازية تأسيساً على نصها العظيم فجعلت "برهان" يتحول إلى طير في محاولة لتغريب النص والخروج من مأزقه، وسللته إلى مبنى مجلة الأقلام الحكومية مطالباً بالنص المكتوب عنه، وعندما يرفض العاملون طلبه، يستخرجه من الأدراج عنوة دون أن يراه أحد، ويذهب إلى مطبعة "واسط" لينشره في صحيفة تسمى "الإبداع الجديد" ويقوم نفسه أي "برهان الكتبي" بتوزيعها في محطات الناقلات وشوارع المدينة وعلى أكشاك الكتب وكأنها أي " القصة القصيرة عنه" ستغير الأوضاع وتأتي بالجديد للعراقي المسكين. وهذا وهم أخر من أوهام الكاتب الذي يعيش في ظل سلطة قمع دموية فما أن يجد نفسه يتناول موضوع يمس معضلات الناس الجدية وبطريقة يعتقد هو أنها جريئة جداً بحيث أن الكاتبة مارست الرقابة على نصها ومنعته في اللعبة القصصية، لتبرره أمام الرقيب في القسم الثاني حتى شعرت أنها أنجزت نصاً فريداً خالداً. وهذا هو حال "لطفية الدليمي" في كتابها الذي أسمته والناشر رواية وهو بالحقيقة قصة قصيرة ضعيفة البناء، ركيكة مع تعليقات الكاتبة عليها. ومن الجدير بالملاحظة أن لغة الرسائل المباشرة والتعليقات على القصة القصيرة جاءت أفضل وأكثر معقولية وسلاسة من النص الذي اعتبرته الكاتبة خالداً. هذا النص الذي طبع خارج العراق "دار ألواح ـ أسبانيا" قد يكون من الصعب على الرقابة القبول به مع كل ما ذكرناه في معرض تحليلنا للنص، يبين بجلاء الكيفية التي تعمل فيها ظروف القمع والإرهاب في وعي الكاتب وما يفعله الشرطي القائم في الرأس لحظة ممارسة الكتابة الإبداعية التي لا تصح إلا في المناخ الحر على الأقل داخل ذات المبدع، فعلاقة حرية الكاتب بجمال النص علاقة جدلية، كلما وجد الكاتب الموهوب حريةً في التعبير تألق النص جمالياً.
#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)
Salam_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سرير الرمل
-
قسوة
-
التآكل
-
جورية الجيران
-
نخلة في غرفة
-
في ذكرى الرائي عزيز السماوي
-
موت شاعر 1 بمناسبة وفاة الشاعر الصعلوك كزار حنتوش
-
بمناسبة موت الشاعر كزار حنتوش3 موت شاعر
-
بمناسبة موت كزار حنتوش2 موت الشاعر
-
تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء
...
-
تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء
...
-
تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء
...
-
تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء
...
-
تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة
-
أزقة الروح قصة قصيرة
-
قصة قصيرة-جنية الأحلام
-
تحجر
-
العصفور
-
حصار يوسف
-
بمناسبة محاكمة صدام حسين وأعوانه بقضية الأنفال عندما أدخلني
...
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|