أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصعب فريد حسن - قصة قصيرة -أخلاق الأيدي














المزيد.....

قصة قصيرة -أخلاق الأيدي


مصعب فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1819 - 2007 / 2 / 7 - 11:48
المحور: الادب والفن
    


فرحتُ كثيرا عندما رأيتهما جالسين على الشرفة المقابلة , وكم اشتقت إلى هذا الطقس الذي طالما افتقدته . لم يأت هذا الشاب الوسيم والسمين ! إلى هذا الحي منذ مدة , كنت قد جهزت قهوتي اليومية المعتادة في مثل هذا الوقت , وجلست قبالتهما أسترجع الأيام التي كان فيها هذا الشاب يزور وبشكل يومي , جارتي الجميلة والتي كانت زميلته في الدراسة, فيتوافق موعد زيارته مع موعد فنجان القهوة المعتاد بالنسبة لي , لا بل أصبحتُ أزامن قهوتي مع موعد قدومه إن حدث تأخير أو تقديم ما في موعد الزيارة . كنت أجلس على الشرفة لأراه قادما من أول الشارع , كانت تعجبني مشيته الفرحة المنطلقة , يرتقي الدرج بخفة ويدخل بيت جارتي برشاقة , ويجلسان على الشرفة المعتمة التي يأتيها رذاذ الضوء المنبعث من داخل البيت أو من الشارع , منظرهما مع هذه الإضاءة الخافتة كان يضفي مشهدية حميمة ودافئة تدفعني لحبهما , والتشوق لمعرفة ماذا يقولان وما المواضيع التي تحوز على اهتمامهما , كنت أشرد وأحاول التكهن بنوعية تلك الحوارات , وأكثر ما كان يدهشني هو حركات يدي الشاب, فتراه دوما عندما يتكلم يرفع يديه إلى السماء وكأنه يحاول إحاطتها و حضنها , أو كأنه يداعب النجوم , أو يباعد يديه إلى الجانبين كجناحين ويفرد أصابعه كأرياش توازن الهواء استعدادا للطيران , فكنت أركّبُ حكاية أو قصة ما لتوافق تلك الحركات , كانت تسلية ممتعة لي , فهاهو وكأنه سيقدم وردة لصديقته أو حبيبته , أو ها هو وكأنه سيضمها إلى صدره , وهاهو يتكلم عن الأفاق الواسعة والمدى اللانهائي للكون وللحياة , أما جارتي الشابة فقد كانت مقتصدة بحركات يديها, كانت تهز رأسها باعتدال , أو تضم أصابع كفيها وتهزهما للأعلى و الأسفل ببطء وكأنها تقول له ( رويدا رويدا ) أو ( على مهلك على مهلك ) , لتخفف من حدة انطلاقته , وأحيانا تراه يقف فجأة مطلقا يداه في السماء ليرقص على أنغام موسيقى أو أغنية ما . الآن وأنا أراهما على الشرفة وبعد فنجان القهوة وكل هذه الذكريات , لا أدري وكأنني أشعر بالخيبة , حركات يدي الشاب أصبحت أقل جموحا وأقل ارتفاعا وليست بنفس الرشاقة , كما في الماضي لا بل لم تتحرك يداه مطلقا , لم يحرك سوى يده اليمنى وأصابعه مضمومة ومنكفئة إلى الداخل باتجاه جسده , وحين كان يشير كان يفعل ذلك بإصبع واحد يوجهه غالبا نحو صدره وكأنه يقول ( أنا, أنا) أو ( لي, لي) , وعلى العكس من ذلك كانت جارتي تحرك يديها بنفس حركاته السابقة كما في الماضي , وكأنها تذكره بها لتعيد أحاديثه نفسها , فهاهي الأجنحة نبتت على يدي جارتي وهاهي الأرياش تحاول الطيران ومعانقة السماء وملامسة الأفق , وهاهي وكأنها تقدم وردة , وهاهي تقف وترقص بيدين فرحتين وأصابع مبتهجة , و......تجمدتْ فجأة وألقتْ يديها بتثاقل للأسفل , جلستْ , بدتْ وكأنها قد شعرتْ باليأس , وفشلتْ بمحاولة التذكير , وضعتْ يديها على فخذيها باستسلام , انتهت زيارة الشاب, أشعلت جارتي ضوء الشرفة لتودعه , ينهض الشاب السمين فيبدو وكأنه قد أصبح أكثر نحافة وأقل سمنة وأكثر طولا , وكأنه قد مر من عنق زجاجة ما .




#مصعب_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة - شاعر دالية وقصائد عنب
- قصة قصيرة- دبكة ودبّيكة وطبّال
- قصة قصيرة - الأنثى والريح
- قصة قصيرة-غياب متدلٍ كأرجوحة
- قصة قصيرة - غياب متدل كأرجوحة
- قصتان قصيرتان جدا-مهنة-تحميلة
- قصة قصيرة - الشيء
- قصة قصيرة -عند مفترق الرموز
- قصة قصيرة - رائحة على شكل قلب
- -قصة قصيرة بعنوان- ذبابة واحدة ويكتمل القرصان


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصعب فريد حسن - قصة قصيرة -أخلاق الأيدي