أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - مزاح : قصة قصيرة














المزيد.....

مزاح : قصة قصيرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 12:32
المحور: الادب والفن
    


مزاح

يشتد صراخه ويعلو ، تسيل دموعه بغزارة ، يجهد ان يخفيها ، يبذل سعيه كي يخفي تألمه ، عن أعيننا الفضولية المترقبة ، الوضع من العسر أكثر مما يستطيع احتماله ، تسيل الدموع رغما عنه ، تنساب على وجهه ، صراخه يبعث في الآخرين ضحكا متواصلا ،فتأخذ الأكف بالتصفيق والهتاف ، ضربات قوية تتوالى على رأسه ، وعلى اجزاء من جسده المنهار ، أمام هذه الجماعة التي آلت على نفسها بعض لحظات ، من الترفيه حاول مرارا ، ألا يبكي بذلك الصوت العالي ، ولكن النشيج المنبعث منه ، نتيجة الألم الكبير ، الذي يجد نفسه عاجزة عن احتماله ،تأخذ صرخاته بالارتفاع ، والضحكات المنبعثة من المشاهدين تشتد وتعلو
لم استطع ان أجاري الحاضرين في احتفالهم ، ولم انهمك في هذا العمل الذي وجدته أكثر من قدرتي على الصبر ، حاولت ان أثير الضحك داخل نفسي ، وان ابدو كالآخرين تماما ، ضاحكين مستبشرين ، ولكن نظراتي الى ذلك الشخص تجعلني اظهر ، بمظهر المختلف المتعارض ، وهذا الأمر مما ارفضه رفضا قاطعا لنفسي وقد يكلفني مالا تحمد عقباه
تتوالى الضربات بقوة ، على الشخص الواقف في الساحة الكبيرة ، من كل جانب وعند ارتفاع صرخات الألم ، تنبعث من الحاضرين ضحكات النشوة ، وتصفيق الالتذاذ من هذا المشهد الذي لم استطع ان أجد له مبررا
نظرت إلى صديقي احمد ، فغمز لي غمزة فهمت معناها ،أنني يجب ان ابتهج مع هؤلاء المبتهجين ، وان اصفق معهم مبديا السرور العظيم ، ولكن رغم محاولاتي الكبيرة ، بالتظاهر بالفرح لهذا المشهد الذي يجري أمامي ، فان جهودي الشاقة لا تلبث ان تذهب أدراج الرياح
يتعالى صوت النحيب ، وتشتد الضربات قوة وشراسة ، والجميع يقهقه مندمجا بهذه المسرحية الهزلية ، التي تسحب الضحكات المتواصلة من غير قدرة على إيقافها ، ينظر إلي صديقي احمد ناصحا ان اندمج بهذه اللعبة وان أشارك بها حتى النهاية ، وانه من المناسب والضروري لي ، ولكل من حولي الا اظهر ذرة من الإشفاق
النحيب يتعالى ، ومجهود كبير يبذل من اجل عدم إظهار الألم ،من أنحاء الجسد المنهك ، ولكن تلك المحاولات المستميتة ، لا تلبث ان تثير الضحك بصورة اشد ، لان الشخص الواقف وسط الساحة ،لا يستطيع إخفاء الألم ، المرسوم على وجهه بوضوح ساطع ، يحاول ان يبتسم وهو يتلقى ، الضربات المتوالية عليه من كل جانب ، ولكن القهقهات الهستيرية ترغمه على رفع صوته بالأنين ، بقيت وحدي أخشى ان يلمح حزني احد من الحاضرين ، فلم احضر هذه الجلسات الا اليوم ، ولم اعتد على مشاهدة أناس يتعذبون حتى وان كنت لا اعرفهم ، ولا اعرف سبب جلبهم الى هنا
تتوالى الضربات بقوة متناهية ، على ذلك الواقف في وسط الساحة ، احدهم يشكه بمسمار ، والثاني يضربه بعصا مدببة الرأس وثالث يصب عليه ماء مغليا ورابع يسكب فوق رأسه ماء مجمدا ، وخامس يرمي عليه كيس القمامة ، أنساءل مع نفسي ( لماذا انا غريب وسط هذه الجماعة ؟ ولماذا أنشأني الأهل وانا بمثل هذا الضعف لااستطيع ان أسيء الى مخلوق ؟ ولا استسيغ ان أرى دموعا سائلة على وجنات احد ، لم يوضحوا لي ماذا فعل ذلك الإنسان ؟ ولم جمعونا كي نشهد تلك العذابات ؟ ،اتذكر قول أمي المرحومة
-بني لا تؤذ أحدا من الناس ، ولا تأخذ ما ليس لك به حق
ترتفع الأصوات مجلجلة ضاحكة تكاد تطغى على صوت الصراخ ، اسمع همسا من احد الأشخاص بجانبي
- ماذا جنى هذا الشخص ؟
تنطلق صفعة قوية تسكت المتسائل وتأمره ان ينتظر في مكان آخر
تتعالى أصوات الضحكات المنطلقة من الحاضرين ، والرجل لم يقو بعد على الوقوف ، يتهالك ا على الأرض ، ترتفع القهقهات مجلجلة ، انظر الى صديقي احمد ، وإذا به قد فارقه الضحك المفتعل ، الذي كان يقوم به ، يأتيني صوته صارخا محتجا
- يا ناس حرام عليكم ، ارحموا المسكين
تتوقف الضربات قليلا ، تظهر علامات الارتياح على وجه المضروب ، يحلم ان عهد الأوجاع قد ولى ، ولكن وعلى غير توقع مني ، أجد صديقي احمد وقد أحاطت به ، مجموعة من الأشخاص غلاظ الأبدان ، تربطه من يديه وقدميه ، وتسحبه الى وسط الساحة ، تنهمر الضربات قوية ممعنة في الإيذاء على المخلوقين التعيسين ، والضحكات المستحسنة تنبعث من كل جانب



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اندهاش
- تقدم المجتمع والمدارس
- الرهان : قصة قصيرة
- المراة في عام 2007
- هل لنا ان نتفاءل ؟؟
- تأنيب : قصة قصيرة
- الى صديقتي
- الزائرة
- حول المواقع الالكترونية والابداع
- هل الصراع طائفي ؟؟
- أريد حلا
- تعدد الزوجات
- العقاب : قصة قصيرة
- الابداع النسوي والابداع الرجولي
- معايير التقدم والتأخر
- العودة الى الوطن
- طفل يصرخ : قصة قصيرة
- تراجع عن قرار : قصة قصيرة
- ساعة من فراغ
- عتاب : قصة قصيرة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - مزاح : قصة قصيرة