أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن بشير محمد نور - الاستفادة من الدروس الروسية في التغلب علي العقوبات الغربية















المزيد.....

الاستفادة من الدروس الروسية في التغلب علي العقوبات الغربية


حسن بشير محمد نور

الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 20:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بروفيسور/ حسن بشير محمد نور
اصبحت العقوبات الاقتصادية بجواتبها المالية والتجارية سلاحا دارجا للدول الغربية في اوربا، وبشكل خاص للولايات المتحدة الامريكية. العقوبات او ما يسمى ايضا بالتدابير والاجراءات الاحادية، اصبحت سلاحا تقليديا للدول الغربية، سلاحا مسلطا علي كل من يخالف هيمنة تلك الدول، او يخرج عن طاعتها. لا يهم اذا كانت تلك الأجراءات تضر بشعوب الدول المفروضة عليها، او تؤثر سلبا علي الاقتصاد العالمي، كما هو الحال في اجراءات ترمب، او حتى اذا كانت تضر بأقتصاد الدول التي تفرضها، كما هو في العقوبات الاوربية علي قطاع الطاقة الروسية والاستثمار والتبادل التجاري معها، التى كلفت الدول الاوربية ترليونات الدولارات.
الان تعتبر روسيا هي الدولة الاكثر تضررا في العالم من الاجراءات والتدابير الاحادية التي تسمي بالعقوبات، اذ فرضت عليها قبل الحزمة الثامنة عشر لعقوبات الاتحاد الاوربي في يوليو 2025, وقبل العقوبات الامريكية المحتملة، بعد اتذارات ترمب المتكررة، قد بلغت اكثر من 28 الف عقوبة.
اذن كيف تمكنت روسيا من التكيف مع العقوبات الغربية عبر مجموعة من الإجراءات الاقتصادية والسياسية؟ وما هي الدروس المستفادة من ذلك؟ في سبيل احباط اثار تلك الاحراءات وتجريد الدول الرأسمالية المهيمنة من احد اسلحتها المفضلة؟ للاجابة علي تلك الاسئلة لابد من النظر في جوهر التدابير الروسية التي من أهمها:
1. تعزيز الاكتفاء الذاتي:
عملت ىوسيا علي:
- زيادة الإنتاج المحلي في قطاعات الانتاج الحقيقي في القطاعات الزراعية والصناعية (مثل صناعة السيارات والإلكترونيات والاجهزة والمعدات الانتاجية).
- النجاح في تحقيق أمن غذائي كامل تقريبًا بعد حظر الواردات الأوروبية عام 2014.
2. أعادة توجيه التجارة نحو الشرق:
لجأت روسيا الي:
- تعزيز العلاقات مع الصين والهند ودول الشرق الأوسط وأفريقيا والدول الاعضاء في مجموعة بريكس.
- الاعتماد على العملات البديلة في التبادل التجاري والتسويات المالية (اليوان، الروبل، الروبية).
3. تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي:
- بيع النفط والغاز بعملات غير الدولار (اليوان، الروبل، العملات المحلية لدول اخرى).
- تخفيض الاحتياطيات بالدولار وزيادة الذهب والعملات الصديقة.
4. تعزيز القطاع المالي المحلي:
قامت روسيا بتدابير فعالة منها:
- تطوير نظام "مير MIR" للدفع البديل عن (فيزا) و(ماستركارد)
- تشجيع البنوك المحلية على تعويض غياب المؤسسات الغربية.
5. الابتكار التكنولوجي:
هذا كان من اهم التدابير واكثرها فاعلية وقد أشتمل علي:
- تطوير صناعات محلية في الرقائق الإلكترونية والبرمجيات.
- زيادة الاستثمار في البحث العلمي لتجنب الاعتماد على التكنولوجيا الغربية.
- أضافة للمجمع العسكري الصناعي المتطور مما يمكن من استخدامه في الانتاج المدني.
العقوبات الأمريكية المتوقعة من ادارة ترمب
بعد ان فشل ترمب في وقف الحرب التي تواجه فيها روسيا حربا بقودها الناتو بالوكالة في اوكرانيا، وهي اخطر حروب العهد الحديث، والتي يمكن ان تتحول لحرب نووية مدمرة للعالم باكمله ، لجأ ترمب للتهديد باجراءات قد تشمل:
1. عقوبات أشد على قطاع الطاقة، ذلك يشمل فرض قيود أقسى على تصدير النفط والغاز الروسي، خاصة بعد الاتفاق بين الاتحاد الاوربي وأمريكا في يوليو 2025، الذي فرض قيودا علي صادرات الغاز الروسي الي اوربا.
- كذلك استهداف شركات الشحن والتأمين التي تتعامل مع النفط الروسي.
2. توسيع العقوبات الثانوية، بفرض عقوبات علي الدول والشركات التي تتعامل مع روسيا (مثل الصين والهند والبرازيل).
كما قد تشمل ايضا ضغط أكبر على البنوك العالمية لقطع التعامل مع البنوك في روسيا.
3. فرض حصار تكنولوجي مشدد:
من المحتمل كذلك منع أي شركات عالمية من بيع معدات عسكرية أو تكنولوجيا متطورة لروسيا، وهذه تعتبر اجراءات مستنفدة لتكرارها، ومن الممكن تضييق الخناق على الرقائق الإلكترونية والذكاء الاصطناعي.
4. تجديد العقوبات على الديون والسيولة:
تشمل هذه التدابير منع روسيا من الاقتراض بالدولار أو اليورو و تجميد أي أصول روسية متبقية في متناول الادارة الامريكية.
اصافة بالطبع لعقوبات دبلوماسية وسياسية تهدف لعزل روسيا في المحافل الدولية، وان كانت هذه هي الاقل تأثيرا كما اثبتت مجريات الامور، مع تشديد القيود على تأشيرات المسؤولين الروس.
آثار العقوبات المحتملة وطرق التغلب عليها:
اولا: الآثار السلبية: تتلخص اهمها في:
- تراجع الصادرات الروسية (خاصة النفط والغاز).
- صعوبات في استيراد بعض الاحتياجات التكنولوجية والسلع عالية الجودة.
- انخفاض قيمة الروبل وارتفاع التضخم.
ثانيا: كيفية التخفيف من الآثار:
تشمل التدابير الروسية:
أ. - تعميق الشراكة مع الصين والهند ودول مجموعة بريكس الاخرى، يشمل ذلك:
- زيادة المبادلات التجارية بالعملات المحلية.
- جذب استثمارات صينية واخرى من دول بريكس وبلدان صديقة في البنية التحتية الروسية.
ب. العمل علي تنويع الاقتصاد:
- تطوير وتنويع وتحديث الصناعات التحويلية والزراعة.
- تقليل الاعتماد على قطاع النفط والغاز.
ج. تعزيز الأنظمة المالية البديلة:
- توسيع استخدام نظام "مير" للدفع عالميا.
- تشجيع التحويلات المالية خارج "سويفت SWIFT".
- التعاون في تسريع تطوير المؤسسات المالية لمجموعة بريكس والاسراع في ابتكار وتطوير ادوات مالية بديلة.
د. اللجوء إلى اقتصاد الظل في التعامل مع الاسواق والوساطة المالية عبر:
- استخدام وسطاء في دول مثل تركيا والإمارات واسواق اسيوية لتحويل الأموال.
- شراء التكنولوجيا المحظورة عبر دول ثالثة.
ه. تعزيز التحالفات الجيوسياسية:
من اساليب الدبلوماسية الروسية المتبعة بعد القطيعة شبه التامة مع الغرب بعد الحرب الاوكرانية، اللجؤ الي عدد من صناعة تحالفات تهدف الي:
- تقوية التحالف مع دول "بريكس" ومجموعة "شنغهاي" والعالم غير الغربي، خاصة الدول الافريقية، دول الخليج ودول في امريكا اللاتينية.
- استخدام القوة الناعمة (الدعاية، الدبلوماسية الاقتصادية والتشاط الاعلامي الملحوظ).
في المحصلة النهائية رغم أن العقوبات الأمريكية الجديدة (خاصة تحت إدارة ترامب) قد تكون أكثر صرامة، إلا أن روسيا طورت آليات دفاعية قوية عبر السنوات الماضية. يعتمد نجاح موسكو في تجاوز هذه العقوبات على عدد من الاجراءات والادوات تشمل:
- تعميق شراكاتها مع الصين والهند ودول بريكس الاخرى ومجموعة شنغهاي ودول الجنوب.
- تعزبز قدرتها على الابتكار التكنولوجي والصناعي
- دعم كفاءة النظام المالي الروسي في تجنب التبعية للغرب.
إذا استمرت روسيا في هذه السياسات، فقد تتمكن من تخفيف الأثر السلبي للعقوبات، خاصة وانها تملك موارد هائلة وبالغة الاهمية ومتنوعة في الطاقة (النفط، الغاز، الطاقة النووية، المياه الخ...)، لكنها مع ذلك لن تكون بمنأى كامل عن التحديات الاقتصادية والصعوبات التي تسببها الاجراءات والتدابير الاخادية العقابية التي، تهدف لعرقلة تطورها بشكل يسبب منافسة خطيرة ويهدد بشكل جاد الهيمنة الامريكية والاحادية القطبية، خاصة وان سيطرة روسيا علي الفضاء الجيوبولتيكي لاورواسيا، وامتلاكها للموارد الطبيعية الهائلة يشكل ازعاجا مضنيا للدول الغربية.
جعل ذلك الهاجس تفكيك روسيا هدفا استراتيحيا لامريكا والدول الاوربية الكبرى، وقد فتح انهيار الاتحاد السوفيتي شهية تلك الدول، ممثلة في حلف الناتو علي التهام روسيا والقضاء عليها، وتلك الدول لم تخفي تلك النوايا، بل اعلنتها بشكل متكرر واخرها كان (الحاق هزيمة استراتيحية بروسيا), الا ان هذا هدف دونه ترسانة نووية خطيرة وعنادا روسيا معروفا علي مر العصور.
اما بالنسبة للدول النامية ودول الجنوب المتأثرة بالاجراؤات والتدابير الاحادية، والتي لا تمتلك القدرات والامكاتيات البشرية والمادية والطبيعية الروسية، فيمكنها اتخاذ عدد من التدابير للحد من اثار العقوبات ورد تكلفتها علي الدول التي تفرضها ومن صمن ذلك:
- الا ستفادة من الادوات المالية البديلة والتعامل في المبادلات التجارية بالعملات المحلية، او حتي التعامل العيني مثل مبادلة القمح والنفط والغاز بمنتجات تحتاجها روسيا.
- الاعتماد بشكل اكبر على التكنولوجيا الصينية والروسية والهندية التي تتطور بشكل متصاعد
-:عقد شراكات للاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات مع دول الشرق ومجموعة بريكس.
- تكوين علاقات وشراكات في مجالات التعليم والبحث العلمي والابتكار مع دول الشرق ودول بريكس.
يضاف لذلك بالطبع اتخاذ تدابير سياسية وذات بعد استراتيحي مثل طرد دول غرب افريقيا للقواعد الغسكرية الفرنسية والامريكية.
بهذا الشكل يمكن للدول النامية ودول الجنوب ليس ان تخفف من اثار العقوبات وحسب، وانما وضع تكلفة لا يمكن التقليل من عبئها علي سلاح العقوبات المفروضة من الدول الغربية، مما يضغط علي مصالح تلك الدول ويجعلها تفكر بتمعن، قبل اشهار ذلك السلاح دون تروى في وجه المنافسين او الخارجين علي هيمنتها.
كل ذلك في طريق البحث عن نماذج بديلة للتطور الاقتصادي والاجتماعي وارساء قواعد العدالة والحريات، في نماذج انسانية مبتكرة خلاف النماذج التي يفرضها الغرب، والتي اثبتت تجارب الشعوب انها مصممة لخدمة المصالح الغربية، وفرص هيمنتها المطلقة بما فيها قيمها الثقافية والاخلاقية، التي تتناقض في غالبها الأعم مع قيم وثقافات الاغلبية المطلقة لشعوب العالم. وكما تقول الحكمة القديمة (الحاجة ام الاقتراع).



#حسن_بشير_محمد_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية حول مشروع وطني للتغيير الجذري في السودان، مقاربة سياسية ...
- نحو أعادة اعمار الخرطوم كمدينة حديثة: رؤية سياسية واقتصادية ...
- الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي وا ...
- الحرب في السودان: كيف تؤثر ازمة الحكم علي الانتقال السلمي ال ...
- الحرب في السودان: سياسات توطين الجوع وتوريث الفقر
- الحرب في السودان: مسار السلام في السودان التعقيدات والتحديات
- الحرب في السودان: تداعيات الافلات من العقاب من منظور سياسي/ا ...
- الحرب في السودان: وفرة الموارد واحتمالات التفكك والتشظيالحرب ...
- الحرب في السودان: تقلص مصادر الإيرادات والعبء الإضافي على ال ...
- الحرب في السودان: كيف لشعب (مهمل) ان يعبش في دولة فاشلة؟
- الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع ا ...
- الحرب في السودان: الشروط الاقتصادية والمالية للاصلاح النقدي
- الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة ازمة البطالة؟
- الحرب في السودان: كيف يمكن للمجتمع المدني سد فجوة غياب الدول ...
- الحرب في السودان: اثر الانكماش الاقتصادي علي القطاع المالي و ...
- التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للحرب في السودان والاثر علي ...
- الحرب في السودان: الأثر علي القطاع الزراعي وشروط التعافي.
- تحليل مكونات الصراع في السودان: قراءة من منظور العلوم الاجتم ...
- دور الذهب في الاقتصاد السوداني: تمويل الحرب وشبهات الفساد
- الاثار البيئية للحرب في السودان


المزيد.....




- ترامب يوضح ما قام به مبعوثه ويتكوف خلال زيارته إلى غزة
- الكونغو ورواندا تتحركان لتنفيذ اتفاق السلام رغم تعثر الالتزا ...
- ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
- الإمارات والأردن تقودان عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة
- هيئة الإذاعة العامة الأميركية على بعد خطوات من الإغلاق
- لأول مرة.. وضع رئيس كولومبي سابق تحت الإقامة الجبرية
- تحقيق بأحداث السويداء.. اختبار جديّة أم التفاف على المطالب؟ ...
- سقوط قتلى في إطلاق نار داخل حانة بمونتانا الأميركية
- بوتين يعلن دخول الصاروخ الروسي -أوريشنيك- الأسرع من الصوت ال ...
- تسبب بإغلاق الأجواء وتفعيل صافرات الإنذار.. إسرائيل تعلن اعت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن بشير محمد نور - الاستفادة من الدروس الروسية في التغلب علي العقوبات الغربية