أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق العربي - مرة اخرى الى دمشق














المزيد.....


مرة اخرى الى دمشق


طارق العربي

الحوار المتمدن-العدد: 1817 - 2007 / 2 / 5 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


إلى قصيدة دمشقية …

لأنني أنتمي غصبا عني إلى هنا ، ولأنني المقيم دوما في حضورك ، أنت الغائبة عن المكان ، ولأنك الحاضرة دوما في قلقي وهذياني وجنوني ، ولأنك البعيدة على امتداد وطن ، وقريبة على مرمى الدمع من العين، أكتب إليك من الجانب الجنوبي لحدود سوريا ،من دمشق الصغرى " نابلس " من حاراتها الميتة ، وأزقتها المعطرة برائحة الياسمين والمخصبة بالدماء ، من مخيماتها البائسة ، وقراها المحاصرة ، من منخفضات الوجع اللامنتهي من هنا .
من هنا روى ، من فلسطين
و قبل تفاصيل اليوم التي لم ترسم بعد، وقبل الأشياء التي لم تحدث بعد ،وقبل أن أذيب قطعة سكر في فنجان قهوتي ، أخرج بطاقتي الهاتفية من جيبي ، وأقترب من الهاتف ، وأضغط على أرقام تزيد عن العشرة ، كخيباتي...
هي خيبة أخرى ، هو حزن مضاعف ، لا شيء عندي لأقوله بالهاتف ، لكني أشعر أني في حاجة لأن أقول شيئا...أي شيء..إني قاب جفن أو أدنى من البكاء..
انسي كل هزائم العام الماضي يا سيدتي..و ليبدأ كل منا عامه الجديد بنكتة...لا أجمل بأن نحتفل برأس السنة ساخرين حد الفجيعة..و نعلق على شجرة عيد الميلاد وطنا عار من ملابسه الداخلية..و في قبلة طويلة كأحزاننا..تهمسين لي..كل عام وأنت بمنفى .
متى سنلتقي أيا سيدة الغضب متى نلتقي ، عندي لك مفاجأة بلون عيونك..هي ليست قصيدة على كل حال...فما عادت القصائد تصلح أن تكون هدايا...بعدما فقد الشعر عنصر الدهشة.. و تكومت الأحرف بجيوبنا خيبة أخرى..
ربما رقصنا معا على جثة أحلامنا..في ليلة رأس الوطن..أما جثث قتلانا ..فهي محجوزة ليرقص عليها أمير المؤمنين..وحاشيته
كدت أنسى حبيبتي..
مازلت في عصر الشتات و القبلية و المنافي والهزيمة، و الخيبات...أحبك..ما زلت في عصر رجاله من ورق ونساؤه من سيلكون أحبك ما زلت في عصر النفط والحسابات السرية التي اتخمت على حساب الشعوب احبك..ما زلت في عصر يقتل فيه الأطفال بتهمة الإرهاب أحبك .في عصر الحروب الأهلية والنزاعات العرقية أحبك .
**
أيتها القصيدة العربية
ما زالت على عهدك بي ، ورغم المنفى والبرد والغربة ، أطير فوق بيوت العشاق أحمل أخبارا من جمهورية بعيدة ، من جمهورية الحب العربية ، أحمل رسائل من معتقلين سياسيين ، ما عرفوا شكلا لمدنهم ، إلا شكل الحلم ، أطمئنهم أن الحلم ما زال بخير ، وأن المدن كبرت لكنها لم تتغير.
ومن ثوار قدامى عبروا النهر يوما ، أخبرهم أن النهر الفاصل بين الضفتين ما زال ينتظر أن يأتوا للعبور إلى الضفة الأخرى . وأنه ما زال يحتفظ بقصصهم و يرويها لطيور النورس العائدة إلى حيفا .
وأن شابا من شمال فلسطين اسمه طارق العربي " ومرة أخرى أقول لك أن فلسطين هي الشمال ولا تصدقي أن الدولة المنتظرة تلك أنها فلسطين ...هي قبر ومخيم أكبر " ، جاء ليقول لك أنه ليس من هنا ، وأنه ينتمي إلى جيل أخر ، إلى جيل غسان كنفاني وناجي العلي ، جيل الخيبة الأولى ، والكلمة الأولى ،والحزن الأول ، جيل فلسطين كلها ، ولا شيء غيرها .
**
أيتها المرأة التي تظهر مرة واحدة في السنة ...
كتاب الشعر العربي في ثوبك الأسود ، في جمهوريتك المستبدة ، رأيته للمرة الأولى
فمنذ اللحظة التي عرفتك فيها أدركت أن هناك امرأة غير عادية دخلت حياتي وقلبت كل معاييري ، ومحت من ذاكرتي "عقدين كاملين من الخيبات ، وعبثت حافية القدمين في أروقتي الداخلية ، وقلمت أظافري واقتلعت جذور الخيبة من عمق الاغتراب في.
و حرضت الأعاصير لتضرب سواحلي، وجعلت مني قبلة إلى كل العشاق المجانين
فلم أجتمع بك مرة إلا وكانت أصابعي نازفة ، و لم أطلب رؤيتك مرة إلا و كان بين يدي قصيدة.
حاملا نزف الحنين عنك وأمشي....
فأنا لن أجد امرأة قادرة على جعل كل كلمة أقولها قصيدة ، إلا أنت ، ولن أجد امرأة تحتوي الطفل بي إلا أنت ، ولن أجد أنثى تورثني من الحكمة ما يكفي لأحكم العالم إلا أنت ، ولن أجد امرأة تورثنني من الجنون ما يكفي لإشعال الحرائق في هذا الكون إلا أنت.
فعلميني كيف أكتب الحرف ليكون أنت ..وكيف أرسم القصيدة لتليق بسموك الرفيع . و كيف لي أن أفصل لجسدك ثوبا من الياسمين .. ووطنا من الحزن أكبر .
أيتها المتواطئة بحزني ...
التي منحت الوفاء حبها،وحدها خيبتنا تبادلنا الوفاء، ها نحن ككل عام جديد،يحتفل بنا الحزن بنا و الشتاء ، ها نحن بمفردنا الآن عاريين من كل الشيء إلا الأسماء والانتماء
ولأنني أحببتك ،قررت الوفاء لاسمك . وعلي أن أعتاد نزيفي اليومي فيك، وعلي أن أصرخ بألم وأجهر بجرحي، وأكتب قصائد الحب كما ينساب الدمع من العيون ، وعلي الاعتياد أن تشرب كل قصيدة من دمي . فقصائد الحب هي الوسيلة الوحيدة التي تعيشيني فيها . ولأنها نابعة من القلب إلى القلب، تمر الكلمة بألف قنبلة، وتتناثر حولها ألف شظية وشظية . لذلك الكتابة إليك خطر ومجازفة. كل قصيدة أكتبها تحتاج إلى تأشيرة للخروج من هذا الوطن.
أيتها الدمشقية ...
بعد دقائق قليلة أدخل في الخيبة الرابعة والعشرين ، وها هي الأعوام الماضية تمضي لحالها ، وأنا مطرز في الأخطاء ، هل هذه هي بطاقتي الشخصية ..أم وثيقة اتهامي "بأني عربي جدا في زمن عجمي .
لا أدري ربما كان محض هذيان وربما أردت أن أقول لك ..كل سنة وأنتي متألقة مدهشة ، وكل عام وأنتي حبيبتي
طارق العربي
فلسطين الشمال
الأول من كانون الثاني 2007



#طارق_العربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطتي الشامية
- جواز سفر
- من عاشق عربي إلى دمشق
- رسالة الى اصدقاء طيبين
- قصيدة شبقة
- لك في... وطن يطفح احلاما وفقراء
- حوار استثنائي مع الفنانة المسرحية سناء لهب
- عامان على رحيل رجل
- وأنا أتعبني الموت فيك ...إلى شاعرة
- خمسة ورقات
- امرأة بملامح وطن ...الى شاعرة
- ابجدية امراة شاعرة
- خربشات على جدران العتة
- هاتف ..من غضب ولهب
- مرة اخرى ...وطن البنفسج
- السلطة الوطنية الفلسطينية ما بين الحل والدوام
- الفلتان الامني يعصف بحلم الدولة الفلسطينية ويستر دون قرار لو ...
- وطن البنفسج
- احبك ...دون اقتناعي
- بيروت


المزيد.....




- العربية أم الصينية.. أيهما الأصعب بين لغات العالم؟ ولماذا؟
- سوريا.. رحلة البحث عن كنوز أثرية في باطن الأرض وبين جدران ال ...
- مسلسل -كساندرا-.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
- عرض عالمي لفيلم مصري استغرق إنتاجه 5 سنوات مستوحى من أحداث ح ...
- بينالي الفنون الإسلامية : أعمال فنية معاصرة تحاكي ثيمة -وما ...
- كنسوية.. فنانة أندونيسية تستبدل الرجال في الأساطير برؤوس نسا ...
- إعلاميون لـ-إيلاف-: قصة نجاح عالمي تكتب للمملكة في المنتدى ا ...
- رسمياً نتائج التمهيدي المهني في العراق اليوم 2025 (فرع تجاري ...
- سلوكيّات فتيات الهوى بكولكاتا نقلها إلى المسرح.. ما سرّ العي ...
- الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة تصل إلى ليبيا لتول ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق العربي - مرة اخرى الى دمشق