أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - علمٌ ينتظر الولادة من رحم الوطن














المزيد.....

علمٌ ينتظر الولادة من رحم الوطن


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العراق، نحن نكبر قبل أواننا. نقترب من الشيخوخة بفعل الذاكرة المثقلة، والخطو المتعب، والحنين الدائم إلى وطن لم نرَه كما كنا نحلم في الصبى والشباب. دخلنا هذه الشيخوخة عنوةً، ما عدنا نحتفل في 1/7 بعيد ميلادٍ جديد، بل نحصي ما تبقّى من أوطاننا في زوايا القلب وعلى أطراف الخريطة.
عشنا، نحن أبناء تلك الأجيال التي اقتربت من المغادرة، تحولاتٍ تكاد لا تصدّق: من ملكيةٍ أنيقة الخطى إلى جمهوريةٍ وُلدت من فوهة بندقية، ومن جمهورية قاسمية نزيهة إلى جمهوريات تتعدد فيها الوجوه وتتناقص فيها الثوابت. وفي كل واحدة منها، كان للعلم موعد مع التغيير، وكأنّ راية الوطن لا تُرفع إلا على إيقاع السقوط.
لم يكن تغيير العلم في كل تلك الانقلابات فعلاً بريئًا، كان إسقاطًا رمزيًا لقوةٍ صاعدة، أو نهايةٍ معلنة لعهدٍ انقضى. وكلما تغيّر فيها الحاكم، تغيّرت ألوان العلم، وانهارت النجوم، واستبدلت الكلمات. غير أن أذكى تلك التحولات — وأخطرها في آن — كانت حينما خُطّت على العلم كلمتي "الله أكبر" لم تكن غريبة على العراقيين، الغرابة أنها كُتبت بخط الرئيس، صدام حسين، لا بخط الوطن، والغرابة الأدهى أن تلك الكلمات حملت من الرمزية ما وضع من جاء بعده في مأزق: كيف يرفع اسم الجلالة؟ وكيف تُبقيه دون أن تُبقي معه ظلال الطغيان؟
جاء التغيير الأمريكي، ومعه الديمقراطية المعلّبة، فأُعيد بناء الدولة على الورق، مدنيةً هذه المرّة، لكنها ترتدي في كل مناسبة زياً دينيًا كي تُرضي المكونات المتصارعة على تعريف الهوية. وسط هذا الحراك، تذكّر بعض الساسة المؤمنون بالوطن أن للبلاد علماً لا يشبهها. فشكّلوا لجانًا، وجمعوا فنانين مبدعين، واستأنسوا برأي الناس، وطرحوا أعلامًا تُجسّد العراق الجديد: العراق الذي يُفترض أن يكون لكل أبنائه، لا حكرًا على لونٍ أو مذهبٍ أو سردية واحدة. وبعد كل الجهود الحثيثة، نام العلم الجديد في أدراج البرلمان، في الدرج ذاته الذي نامت فيه عديد من القوانين، والمصالح العليا، وخطط التنمية. لم يُعرَض، لم يُناقَش، لم يُعتمد. لا أحد يعلم السبب، ولا أحد يملك الشجاعة لفتح ذلك الدرج.
وهكذا بقينا نحن العراقيين، حتى يومنا هذا، نلوّح بعلمٍ تم التوافق عليه لأنه لا يُمثّل أحدًا. نرفعه في البطولات، ونطويه في الخيبات. يرفرف خجولًا فوق المباني، وكأنّه يعتذر لأنّه لم يعُد يجمعنا. وسنبقى بحاجة إلى علمٍ يولد من رحم الشعب، لا من فصول الانقلابات ولا من تسلط الجماعات؛ علمٍ لا يُكتب بخطّ رئيس، بل بنبض وطن. لا يُختزل في ماضٍ واحد، بل يحتضن كل الفصول. لا يُمثّل طائفة، بل أمة. علمٌ حين نراه، نرفع رؤوسنا، لا نطأطئها. والأهم سنبقى نحن أبناء تلك الأجيال في حال تأمل للتلويح يومًا برايةٍ ليست مجرد قطعة قماشٍ ملوّنة، بل مرآة وطن. فهل آن الأوان أن ننظر في المرآة ونراها تُشبهنا؟



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربعة أيام في عمر قاضٍ
- هذا ليس دين أبي
- الشبح من انتصر
- كيف تُهيّأ النفوس لتقبّل الخسارة؟: قراءة نفسية في سيناريو ال ...
- التفاهة: حين تُغلق أبواب المعنى في وجه بلد بأكمله
- تشوه صورة الدولة في وعي مواطنيها
- لماذا لم يتجاوز العراقيون أحزانهم
- الخرافة: ظل الخوف في العقل العراقي
- إعادة كتابة الذات العراقية
- حكاية راهب ومدينة
- عندما يتحول القائد الى قدوة قسرية
- شرطي الأمن الداخلي: زقيب الوعي الذاتي
- عراق يسكنه الحزن
- جمهورية التغاضي: كيف نسي العراقيون أن ينتبهوا؟
- الفسدنة: رحلة نفسية في خزين الوعي العراقي (4 - 12)
- الكَبْرَنّة: رحلة نفسية في خزين الوعي الوعي العراقي (3 - 12)
- الغلونة: رحلة نفسية في خزين الوعي العراقي (2- 12)
- ظواهر العفن الاجتماعي: رحلة نفسية في خزين الوعي السلبي
- الاعتراف بالخطأ فضيلة
- سيكولوجيا النجاة من الغرق


المزيد.....




- في تحدّ لنظام الحزبين، إيلون ماسك يُعلن عن تأسيس حزب سياسي ج ...
- نتنياهو: بوسع ترامب المساعدة في التوصل إلى اتفاق بغزة
- مظاهرة في باريس تطالب بـ-الإفراج الفوري- عن سيسيل كولر وجاك ...
- المقاومة تكشف للجزيرة نت عن شروطها لقبول التهدئة بغزة وفرص ن ...
- انقسامات داخل بريكس وبيان مرتقب يدين الإبادة بغزة ويرفض الته ...
- ما وراء الخبر – ما خطط واشنطن وتل أبيب تجاه طهران؟
- خبير عسكري: انهيار معنويات الجنود سيجبر تل أبيب على التفاوض ...
- الدقران: الاحتلال يمارس حربا ممنهجة ضد المنظومة الصحية في قط ...
- القسام تقصف تجمعات لقوات إسرائيلية ومستوطنتين بغلاف غزة
- -تصعيد خطير- في سجن جلبوع الإسرائيلي


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - علمٌ ينتظر الولادة من رحم الوطن