وسن الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 15:36
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ثمّة أمور تمر أمام أعيننا كل يوم، لكنها لا تعبر دون أن تترك سؤالًا في دواخلنا.
من بين هذه الأمور، فكرة تُلحّ عليّ مرارًا:
لماذا أصبحنا نحكم على الإنسان مما يبدو، لا مما يكون؟
لماذا تحوّل المظهر إلى مقياس، والجوهر إلى شيء ثانوي، يُؤجل، يُهمل، يُنسى؟
نحن نعيش في زمنٍ تُصفّق فيه المجتمعات لمن يُتقن الزيف، لا لمن يقول الحقيقة.
صار الإنسان الصادق يُعدّ ساذجًا، والإنسان العميق يُنظر إليه كأنه معقّد.
وكأنّ الوضوح أصبح تهمة، والهدوء ضعف، والصدق عبء ثقيل.
كثيرة هي الأقنعة. بل إن الأقنعة باتت أكثر صدقًا من بعض الوجوه.
وحده الإنسان الشفاف، الذي ما زال يحتفظ بنقائه الداخلي، يشعر بثقل الغربة.
ليس لأنه عاجز عن التلوّن، بل لأنه اختار ألّا يتشوه ليُشبه الجميع.
في هذا المشهد، يدفع أصحاب الجوهر الثمن الأكبر:
ينعزلون، يُساء فهمهم، ويعيشون شعورًا داخليًا باللاانتماء.
لأنهم ببساطة لا يجدون أنفسهم في العالم الذي يروّج للمظاهر، ويُقصي المعنى.
لكن، وسط كل هذا الزيف، يظل هناك رجاء.
الرجاء في أن يراجع الإنسان نفسه، أن يتصالح مع داخله، أن يُدرك أن التغيير لا يبدأ من الخارج، بل من نقطة صادقة في القلب.
فالله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم.
والنفس التي تستقيم، تُعيد ترتيب العالم من حولها ولو بهدوء.
الجوهر لا يُصنع بالمال، ولا يُبنى بالشهرة، ولا بنيل الشهادات ، ولا يُرمم بالكلمات.
الجوهر يُصان بالصمت حين يعلو الضجيج، وبالثبات حين تميل الكفّة للمظاهر.
ولعلّ أجمل ما في الإنسان… أن يبقى شبيهًا بذاته، مهما تغيّر كلّ شيء.
#وسن_الناصري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟