أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - محمود جلبوط - رثاء لصديقي الذي كان يسكن في الضفة الأخرى من المنفى وقضى فيها..إلى الشهيد أبو رشا














المزيد.....

رثاء لصديقي الذي كان يسكن في الضفة الأخرى من المنفى وقضى فيها..إلى الشهيد أبو رشا


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1813 - 2007 / 2 / 1 - 11:56
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


مضى به العمر قطاره ، بعد أن غادر وطن الطواريء إلى المنفى، يتقمط قهره ، يحمل على كتف غربة وعلى الكتف الأخرى زنزانة ، تعشوشب عيناه , عين مرجا من برقوق نيسان من الذي اعتاد أن يملأ سهول حوران ربيعا , وعين نبتت فيها عريشة من الياسمين ودالية من العنب اعتاد أن يستظلها في زواريب الوطن القديمة متجولا صيفا.
عندما التقيته على حد الأفق البعيد للمرة الأولى ، كان يمتشق ابتسامة أبوية لا تفارق ثغره عجزت عن إخفاء الحزن الذي يسور نظراته ، ككل الهاربين من وطن السجن ، حزن جلل حتى صوته وأفشى سر القهر الذي يعتمره ، ما أتقن عمره متنا من المتون التي تداولته كمتن المنفى الذي استهلك سنوات العمر يسعى للوصول إليه حرا ، يناغي الأمل في لقائه ، ذاك الوطن الهارب من بين شعاب القلب إلى القهر ، إلى الطغيان .
قدر ما تفاءل تعوده التفاؤل ، ومضى يتأبط مزامير الفرح والأمل عله يهزم القهر، لكن القهر كسره فهزمه .
أمضى سنوات المنفى يتقمص فرحا ، تحبوه الحاجة الملحة للوطن ليريح على أريكته روحه التائهة في جوانب المنفى ، عل حنانا من الأهل يمسح عنه طمي الغربة الذي ملأ تفاصيل العمر المنقضي وتعب القهر الذي أمسك في تلابيبه .، ولكن العمر مضى يتفصد من جوانبه القهر ، يحبوه أمل أن يلقى الوطن ولو مرة واحدة ليطفيء عطش السنين للقاء الأهل ، وليذيب صقيع الأيام في المنفى الأوربي المتراكمة بدفء البحر المتوسط على شواطئه .
مد يده طويلا طويلا , حاول أن يعجل بسعيه وصولا إليه حرا محررا ، يشرئب عنقه عل وعسى ، يمضي يغمره الفرح والنشوة أنه يسعى إليه حثيثا , تلامس نسائم فجر حوران أنفه ، تغمره أكباش التين وداليات العنب , تنفذ لأنفه رائحة النبيذ ، وما تكاد تغمره النشوة حتى ينتبه أننا بسمرنا هذا نحلم ، نجتر الذكرى ، فتعود إليه كآبة الطغيان الذي يلف سهولها ، وشوارع أقدم عاصمة في الدنيا ، وأغاني العصافير ، وداليات الياسمين ، لابأس عليك يا صديقي ما كان هذا إلا حلما وأبى الطغيان إلا أن يكسره .

نعم نفق الزيت من قنديل صديقي الذي يقطن الضفة الأخرى من المنفى ، وأدركت الآن ، والآن فقط أنه لم يكن لديه ما يكفي للوصول إلى حواف حريتنا لنعود إلى الوطن هناك ، نجمع من حقول حوران باقة من برقوق نيسان ومن داليات ياسمين دمشق نضعها على قبر أخيه الشهيد عبد الرزاق ، وألتفت إلى نفسي لأسألها : هل يا ترى بدوري مازال في قنديلي بعضا من الزيت يكفي لأصل إلى حواف الوطن أضع على قبره وقبر كل أصدقائي الشهداء الآخرين ، رضا حداد ، أحمد مهدي ، وعبدالله الأقرع , أبو ماهر مسوتي وغيرهم ، باقة من حرية ؟

وصل قطار العمر بصديقي اليوم المحطة الأخيرة يغمره حنين لم ينقطع للأهل ، لأسرى الطواريء في الوطن ، وحب في قلبه كبر وكبر ، لكن الزمن كان وللأسف قحطا ، لماذا ؟
لأن الطغيان والقهر لا يستولدان سوى سرطانا وانكسارا (عبارة قالها صديقي الشهيد رضا حداد وهو يلفظ أنفاسه بين ذراعينا والذي قضى بنفس المرض) .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمنيات
- نداءا للحياة
- الصيغة اللبنانية الطائفية المتفجرة دوريا 3
- الصيغة الطائفية اللبنانية المتفجرة دوريا 2
- الصيغة اللبنانية الطائفية المتفجرة دوريا 1
- في الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
- ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
- نهاية طاغية ولكن لو.....
- المسكوت عنه
- قصة........حدث في مركز اللجوء المركزي في Halberstadt
- طبيعة الصراع الطبقي في حركة التحرر الوطني متابعة
- إلى صديقي الساكن في الضفة الأخرى من المنفى
- في حركة التحرر الوطني القومي من الإمبريالية ...متابعة
- الامبريالية وكيفية الخروج من أزمته الراهنة ...متابعة
- البنية الطبقية للنظام الامبريالي
- قصة قصيرة ......فسحة صغيرة من الحرية
- قصة قصيرة جدا......فسحة صغيرة من الحرية
- من أين يأتي هذا الإيغال والمبالغة في سفك دماء الأطفال والغلو ...
- وين العرب.....وين الإسلام ؟؟
- قراءة في البيانات والكتابات السياسية لبعض أطراف المعارضة الع ...


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - محمود جلبوط - رثاء لصديقي الذي كان يسكن في الضفة الأخرى من المنفى وقضى فيها..إلى الشهيد أبو رشا