أحمد إبريهي علي
الحوار المتمدن-العدد: 8389 - 2025 / 6 / 30 - 20:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هذه المقالة أقرب إلى المناقشة الحرة منها إلى عرض منهجي، ولذا تجد المبدا او الإشكال يعاود الحضور، وليس الهدف منها إقناع القارئ الكريم بهذا النموذج من الديمقراطية أو غيره، إنما إثارة مشكلة العزوف عن المشاركة بحجة اليأس من الإصلاح، وتدني الممارسة الإنتخابية وأنشطة المعارضة وصناعة الرأي العام نحو الإذعان لسيطرة الدوافع البدائية والنفعية الآنية والضيقة بعيدا عن المهمات الكبرى في بناء الدولة والنهوض الشامل. والتذكير أن السياسة ليست ما وراء المجتمع بل هي صناعته، وبهذا المعنى يتعلق الأمر بمدى إستعداد الناس لتحمل مسؤوليتهم الجماعية تجاه حقهم في الحرية والأمن والكرامة، ومشاركة إيثارية لإستكمال متطلبات الحياة الطيبة للجميع. والإنطلاق من أن الإنسان كائن أخلاقي والإشتغال على هذه الحقيقية بالتواصل والحوار الجاد والمنظم لتوطين المشترك في عقول وضمائر الأفراد، وبهذا يمكن إكتشاف أو التوافق، ولو بأغلبية راجحة بلا إقصاء ولا تهميش، على أفضل السبل لتجاوز الإخفاقات.
حول مفهوم الديمقراطية التداولية وإمكانيتها
الديمقراطية التداولية Deliberative نظرية معيارية تتأسس على ضرورة التواصل من أجل الفهم المشترك للشأن العام، وتوافقات حول الإشكاليات الرئيسة والتشريعات والبرامج، عبر الحوار بين الناس أنفسهم وما بينهم والسلطات العامة، لتبرير النظام السياسي وشرعية القرارات. وينصرف التداول Deliberation في هذا السياق إلى المحادثات، تبادل الآراء والمقترحات، والتفاوض بمضمون يقترب أحيانا مما ينسب للديمقراطية المباشرة. تنسجم التداولية مع أقوى الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية وهي السيادة الجماهيرية، الشعبية، والمساواة السياسية بين المواطنين في المشاركة الديمقراطية والتي لا تنحصر في إنتخاب من يمثلهم.
تعتبر ديمقراطية أثينا، المعروفة بالنقاش العام والحجاج المنطقي قبل التصويت، جذرا للديمقراطية التداولية وهي تسمية حديثة شاعت أواخر القرن العشرين، وتُعَد لدى البعض تنويعا للنظريات الألمانية في الفعل التواصليCommunicative . وتؤلّف بين قاعدة الأكثرية وصناعة القرار بالتوافق، وينظر إلى التداول ، الحوار، الحقيقي أحد أهم مصادر شرعية القوانين وليس مجرد التصويت، ولها صلة بالديمقراطية التشاورية التي تعني إستشارة السلطة التشريعية أو الحكومة للمواطنين. مبدئيا تشمل المشاركة جميع المواطنين، لكن على المستوى الإجرائي لا يشترك الجميع بالتداول بل تقتصر العمليات على من يريد أو ممثلين عن كل الشعب؛ أو إختيار مواطنين عشوائيا لتشكيل مجموعات بأفراد متكافئين لإتخاذ قرارات او النظر في تشريعات.
مع ذلك توجد فروقات مؤسسية بين عمليات كل من الديمقراطية التمثيلية والتداولية، وتساؤل حول إحتمال إضعاف الديمقراطية التداولية للتمثيلية، في حالة التنافس. وإلى الآن بقيت الديمقراطية التداولية تكميلية، وعندما تُتّخذ نظاما بديلا سوف تحتفظ بجميع مزايا الديمقراطية التمثيلية المعروفة لرسوخها المؤسسي، ولكون الإنتخابات العامة تقدم للمواطنين فرصة الإختيار بين حكومات بديلة، وبرامج متسقة؛ كما ان الحكومات والسلطات التشريعية المنتخبة لديها قدرات أكبر لتوظيف معلومات ومعرفة، بما فيها توصيات الخبراء، كافية لإتخاذ قرارت رصينة؛ والهيئات المنتخبة تخضع للمساءلة عن إجراءاتها وقراراتها.
ولذا، وكما سيتضح، ان التنسيق بينهما على أساس التكامل هو الأكثر تحقيقا للمثل الديمقراطية. وبذلك يمكن إتخاذ الديمقراطية التداولية سندا وعامل موازنة للديمقراطية التمثيلية التي تعتمد قاعدة القرار بالأكثرية. والتداولية في دلالتها المعاصرة تعترف بصعوبة الإجماع، بالمعنى الحرفي، أو حتى إستحالته ولذا تأخذ بالآليات التجميعية ومنها أصوات الأكثرية التي عدّلت أنشطة التداول مواقفها.
تصنف الديمقراطية التداولية إلى أداتية وغير أداتية من جهة صلة التداول بالقرار السياسي، تركز الأولى على المنافع العملية، بينما تهتم الثانية بالقيمة الذاتية للتداول، وتعزيز قيم المساواة والإحترام والفهم المشترك وترشيد العقل الجمعي. وفق منظورالأداتية يقود التداول إلى إجماع في مسائل ذات أهمية وطنية، وسياسات فعالة تستند إلى شرعية تعزز الثقة بالحكومة. في التداولية غير المباشرة ينظر إلى العملية وسيلة لتشجيع التواصل بين المواطنين حول الشأن العام وممارسة المساواة بينهم، وإحترام قدراتهم على الحكم في ضوء النظر العقلي.
تقوم الديمقراطية على حق الإنتخاب للجميع، وحرية الدين والتجمع والتنظيم والتعبير والنشر، ومعايير متعارف عليها مثل الإحترام والإعتراف المتساوي وعدم التمييز وما إليها. ويدور الفهم التداولي للديمقراطية على تلك العناصر متجذراً في المثل الديمقراطية للإجتماع السياسي، يجري خلال التفكير والتعقل والمحاججة المنطقية ما بين مواطنين متساوين لتقييم مختلف المقترحات البديلة للسياسة العامة منهجا لحل المشكلات المعروفة في الإختيار الجمعي. لقد أيد جون ستيوات مل التداول العام وسماه " سوق الأفكار" والسوق كانه مكان إجتماع عام Marketplace لتبادل الأفكار مثل ديمقراطية أثينا المباشرة، اوسع من مجالس الكبار ألأحرار في المدن السومرية، أو سوق عكاظ سياسي، وليس دار الندوة المكية التي تقتصرعلى الأشراف.
رأى مل أن التداول العام يساعد على إستبعاد الآراء غير الصائبة وإنتقاء الأفكار الصحيحة، وتقييد التداول يعيق الوصول إلى الحقيقة، وهذا ليس صحيحا دائما بل أحيانا الرأي العام يطرد الحقيقة ويعزز الأوهام والأفكار الضارة إن لم يعتن التداول أولا بنزاهة الفكر ووصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور. أنتقد مل الصحافة كونها مشغولة بالأخبار الصارخة والإمتاع والتنافس الحزبي، تُفاقِم الخلافات ولا تساعد على فهم المواطنين للمسائل المعقدة، وغالباً ما تعرقل الحوار الجاد. ولهذا فضّل التدوال العام عليها وفي رأيه ينبغي للخطاب العام التعامل مع مختلف المقاربات لإيجاد أساس مشترك وليس لتسجيل نقاط على الخصم السياسي.
لقد أغفل هذا النقاش رغبة المواطنين أنفسهم للإنخراط في أنشطة التداول، وايضا الإستعداد لتخصيص وقت وجهد لتحري خلفيات المسائل المعروضة للحوار أو الإستفتاء. ولا تمتنع جماعات المصالح والأحزاب عن التأثير في أنشطة الديمقراطية التداولية، وهي عرضة للتضليل من مصادر معلومات متحيزة تعج بها وسائل الإعلام وشبكات الإتصال الجماهيري. في زمن الإتصالات الفورية تتزايد فرص الديمقراطية التداولية من جهة تسهيلات التواصل وتبادل الأفكار، إذ يمكن عرض المزيد من مقترحات القوانين والقرارات إلى الإستفتاء بالإنتفاع من الوسائل الإلكترونية، وبذلك تساند اليمقراطية التمثيلية لتوسيع نطاق المشاركة.
ثمة تساؤل هل يمكن الإطمئنان إلى ان القرارات التي تتخذ في ظل الديمقراطية صحيحة ، أم الأفضل الإعتماد على اهل المعرفة، هذا التساؤل قديم في الفلسفة السياسية وتناوله إفلاطون في جمهويته. في الفلسفة السياسية المعاصرة ثمة تبرير للديمقراطية يسمى الأداتية المعرفية مفاده انها في النتيجة تؤدي إلى إدارة للشأن العام تستفيد من المعرفة المناسبة للتوصل إلى قرارات صائبة، وهو المنظور المعرفي Epistemic للديمقراطية. وبذا لا توجد حاجة لتخلي الشعب عن الحكم إلى ذوي المؤهلات العالية في السياسة والإدارة ما يسمى ابستمقراطية أو علمقراطية Epistocracy .
أرى ان عمليات التداول تقدم سندا آخر لفرضية القيمة المعرفية للديمقراطية إذ تفسح المجال لمشاركة المؤهلين من خارج الهيئة المنتخبة ودوائر القرار الحكومي. في ظل الديمقراطية التمثيلية تهيمن الأحزاب المشاركة في السلطة على مواقع الجهاز البيروقراطي، وتبقى ثقافة العمل والإعتبارات الحاكمة لصناعة القرار ضمن مجال المجموعة الحاكمة. الديمقراطية التداولية تساعد المجتمع للتخلص من هذا التلازم كي يوظف المجتمع أفضل خبراته وقدراته في التفكير لتطوير الحياة العامة، لأن القرارات تابعة لعمليات التداول بغض النظر عمن ينتخب.
في الأسس النظرية
صارت المؤسسات الديمقراطية ضئيلة المضمون نتيجة العزوف عن المشاركة في الإنتخابات وتدني الإهتمامات الحاكمة للإختيار، وهذا من دواعي الإلتفات إلى التواصل والتداول لوضع الناس في صميم العملية الديمقراطية بمشاركة مسؤولة. لأن الشرعية الديمقراطية تتطلب حضوراً فعالا للمجتمع بقصدية واعية. قبل ذلك الإنسان كائن إجتماعي بحاجة إلى التفاعل بالتواصل والحوار، وأظهرت ممارسة الوجود الإجتماعي أنماطا ونماذجاً من الإتصالات السياقية بلورت منظور الديمقراطية التداولية.
وما يتبع البديهية الإجتماعية للإنسان تقتضي الديمقراطية قوة الدافع للحوار العام، إذ ينخرط المواطنون لتداول وتنسيق معارفهم ومقترحاتهم وأفعالهم من أحل الشأن العام، وتحتاج قوى معارضة تنافس للتأثير في المشهد العام وبإمكانها النقاش للدفاع عن إطروحاتها. ينظر إلى الديمقراطية التداولية بديلا نيوكانتيا لنموذج الديمقراطية الليببرالية متجاوزة الديمقراطية التشاركية والجماعاتية، ومن ممثلي النيوكانتية في هذا المضمار هابرماس Habermas خاصة في أخلاق الخطاب.
وهو منحى فلسفي يؤكد دور التواصل Communication والحجة المنطقية في إقامة المعاييرالأخلاقية. لدى هذه المدرسة لا تكتشف الحقائق الأخلاقية بالتأمل الفردي أو تشتق من مبادئ مجردة، بل من خلال المحاججات العقلانية المفتوحة بحسن نية بين كل الناس ذوى العلاقة للوصول إلى تفاهم، والصائب أو المشروع ما يتوافق عليه الجميع دون إكراه. بغض النظر عن النتائج يتمثل محور الإهتمام في عملية التداول والمحاججة الحرة ذاتها غير المثقلة بمبادئ محددة سلفا. وارى متحفظا على هذا المنحى ان القيم موجودة بإستقلال عن الأفراد كل على حدة، والتداول لا يُنتِج قيما جديدة بل يملأ ما يتوافق الناس عليها بالمضامين العملية.
مما له صلة ، راولز وهابرماس ، وكلاهما تداوليّان، إختلفا في مفهوم الليبرالية وعلاقتها بالديمقراطية، راولز قدّم نظريته للعدالة في ظل الديمقراطية الليبرالية، بينما تختلف صيغة هابرماس للديمقراطية عن النماذج الليبرالية والجمهورية. ويشتركان، مع ذلك، بتصور أن ديمقراطية معقولة شرط للمجتمع الخيّر، ومركزية العقل من خصائص النموذج التداولي بفارق عن البدائل الجماعاتية والتشاركية. فالديمقراطية عندهما لا بد أن تُعزّز التضامن والبحث النشط عن الخير العام، وإلتزام الحرية التي تُعرّف نماذجها وأساسها في التنوير الكانتي الذي يدور حول العقل العام مركزا له.
والعقل ، هنا، لا يُعرّف بدلالة الإدراك بل طاعة القوانين العامة التي وضعها المواطنون لأنفسهم. يؤكد التنوير الكانتي التحول من إنسان فاقد الإستقلال لا يستطيع إستخدام قدراته على الفهم دون الإعتماد على آخرين إلى إنسان يمتلك القدرة المستقلة على إستخدام ملكاته العقلية وفي الأخلاق محكوم ذاتيا وليس بتعليمات خارجية. ويحمل هذا التصور الكثير من الدلالات الإيجابية خاصة في إرتباط نزاهة العمليات الإنتخابية بإستقلال المشارك بصوته وإختياره. من هذه المقدمة تظهر قيمة التواصل والتداول ويكتسب مرتكزه الفلسفي ، وفي أنه الأكثر تجسيدا للمثل الديمقراطية وحكم الشعب لُبّها، في الديمقراطية التمثيلية يفوض هذا الحق لوكلاء وفي التداولية يزاوله بنفسه، لكن ليس بعمليات الديمقراطية المباشرة بل عبر ترتيبات كافية.
وعلى هذا النحو رأى راولز إنبثاق الديمقراطية الجيدة من تعددية معقولة، بحيث يؤدي التوافق التداخلي Overlapping المثالي المُعبّر عنه بمبادئ العدالة إلى تقبل كل مواطن للنهج الشامل وتبنيه في نفس الوقت. المناظرة الإنعكاسية Reflexive تعبير إصطلاحي لدى هابرماس يشير إلى عدم الإقتصار على مضمون الخطاب والنقاش، إنما فحص الشروط التي يجري في ظلها. وايضا، الحوار مع الذات، فرضياتها ودوافعها والسياق الإجتماعي المؤثر في التواصل. تلك الخاصية الإنعكاسية عنصر ضروري في نظريته للفعل التواصلي. خاصة في نطاق القانون والديمقراطية لضمان الوصول للقرارات بعمليات محاججة منطقية، ولإقصاء الآثار المحتملة لعدم توازن القوى والمخططات الخفية.
وهكذا يتضح مرة أخرى عمق الأطروحة التداولية في الديمقراطية. ويريد هابرماس، أيضا، بيان أرجحية التعرف على حقائق السياسة بالمناظرة الإنعكاسية وهي العقلانية التواصلية بديلا عن العقلانية الأداتية، وفي سبيل التحرر من الهيمنة. والعنصر الثاني في تواصلية هابرماس التكوين الجمعي discursive للإرادة عبر التواصلية الرشيدة وليس تجميع التفضيلات الفردية. التكوين المقصود للإرادة يجري بعملية تداولية للتبرير والشرعنة تراكمية متصلة بنقاش مفتوح حيث تتشكل المناظير والتفضيلات ويعاد تشكيلها بصفة مستمرة وتساعد هذه الديناميكية للتحرر من الهيمنة التي تقترن بالسكون والتلقي السلبي. ولا بد من قواعد تنظيمية Regulations لعمليات التحادث والتفاوض، ولقد تبلورت عمليا القواعد المقصودة وصارت معروفة ولها طابع رسمي في الدول التي أخذت بطرف من التداولية.
في نظرية الغعل التواصلي يُمَيّز بين النظام وعالم الحياة، الأول شبكة علاقات خارجية فيما بين أفراد المجتمع، بينما يرتكز الثاني على الإتصاللات المتبادلة فيما بينهم، بهدف التفاهم المتبادل وهو شرط مسبق لكل تفاعل تواصلي. يعمل النظام تحت هيمنة العقلانية الأداتية الفنية والتي كما تقدم صارت تلك العقلانية محبوسة في تفاعل محدود بين عالم المجموعة الحاكمة ونزوع الجهاز البيروقراطي نحو الإستقلال النسبي. بينما في عالم الحياة تسود العقلانية التواصلية. لقد إبتعد النظام اكثر فاكثر عن عالم الحياة الذي تتجذر فيه إسس الشرعية التي تعبر عنها عمليات الديمقراطية التداولية. ومن الحقائق المهملة وشديدة الخطورة تفشي الجهل بنظام عمل الدولة حتى في الأوساط عالية المستوى التعليمي، حتى صار الكثير من الناشطين يتحدث عن موضوعات لا يعرفها جيدا. ويفترض ان التداول يرفع الحواجز بين الوعي والمجريات الفعلية لعمل الدولة.
ثمة فرق بين مفاوضات تدار بدافع من المصلحة الخاصة واخرى من أجل الخير المشترك وهي التي تمثل العملية الحقيقية للتداول. ومن شروط التداول الأمثل الإعتراف بالآخر مساويا في الكرامة والإعتبار؛ وإظهار الإحترام لأولئك الذين نختلف معهم؛ والأمانة والنزاهة في التعامل مع أفكارهم في محاولة فهمها وتقييم مقترحاتهم؛ وتقديم حجج يستطيع الآخر فهمها ومنها أن تكون بلغة محايدة وتستند إلى منطلقات ومنهج في المحاكمة المنطقية تتفق اطراف الحوار على وجاهته؛ لا تجوز المغالطات ولا الإنسياق للمشاعر بل أن يكون الهدف دائما الإتفاق على أفضل اطروحة بغض النظر عمن تبناها إبتداءاً.
الجمهوري أو الجمهوريانيRepublicanism نموذج آخر للديمقراطية التداولية، يختلف عن الديمقراطية الليبرالية التمثيلية، يجمع بين الحقائق التجريبية والقواعد المعيارية. والغرض الأساس لهذا الإختيار تجاوز الإستقطاب الثنائي بين الليبرالية والجماعاتية ويعطي للدولة أهمية محورية ليكون للقانون دور رئيسي في مقاومة هيمنة كبار أصحاب المصالح على القرار. يحاول النموذج الجمهورياني مراعاة مختلف الحساسيات ويلغي الحاجة للجماعاتية، ولذلك يهتم بالأقليات. وفق هذا النموذج أيضا لا بد للمشتركين في التداول تبرير اطروحاتهم بأسباب عامة كي يتحاشى التداول التحيز الفئوي أو لمصالح اصحاب الأعمال.
التداول لا يقتصر على النقاش بين المواطنين بل يتضمن مفاوضات بين الأحزاب قد تنتهي إلى تنازلات متقابلة أو من طرف واحد للتوصل إلى توافق. يهتم النموذج بما يسمى الفضائل المدنية ويقصد بها السجايا والعادات الأخلاقية الضرورية للحياة الطيبة وفاعلية عمل نظام المجتمع. إلتزام الخير المشترك، والمشاركة النشطة بالحياة العامة، والتمسك بقيم ومبادئ المجتمع العادل والمزدهر، وتعتمد المحصلة على مدى إستعداد الأفراد لوضع إحتياجات مجتمعهم وأمتهم الوطنية قبل مصالحهم الخاصة.
أطروحات الديمراطية التداولية كالتي بيّناها، آنفا، عمليات تستند إلى أخلاقية توافق جمعي أو تعاقدي، تُنتَقد من جهة إستبعاد االتفكير المتحيز وتفترض تحييد عقلانية تعظيم المنافع الشخصية، وتمشية مقترحات لا تواجه إعتراضات معقولة، عند راولز، أو إيجاد معايير تواصل بعيدة عن عالم السياسة التقليدية ، عند هابرماس، مصممة لتشكيل آراء في المجتمع المدني او الفضاء العام مفصولة عن المسؤوليات الحكومية. وبذا تبدو، في نظر أؤلئك النقاد، انها عمليات لإرضاء مطالب أخلاقية للقرار أو التواصل أكثر منها لتقوية النفوذ الجمعي لديمقراطية تعددية.
يرى النقاد ذلك المنظور أكثر إنشغالاً بنهوض العقل التداولي إلى مستوى الحوار الأخلاقي يُركّز على المشترك والعام الشامل أكثر من تعزيز حوار رصين بين أطراف مختلفة على خطوط إنقسام مرتبطة بتنوع المصالح والقيم المدنية. فحوى هذا النقد أن الاطروحات مثالية تتغاضي عن الحقائق الصلبة للإنقسامات المعتادة في الشان العام وغير القابلة للتسوية مهما طال الحوار وبلغت مهارات عملية التداول. لكن من الممكن الوصول إلى اغلبية تتحقق فيها تلك التصورات وهذا مما لا استبعد، لكنها اغلبية مختلفة نوعيا عما هي عليه في الديمقراطية التمثيلية.
يرى Seifried تداول المواطنين في السياسة لا ينشغل بترجمة المبادئ والقيم المجردة إلى وقائع الحياة اليومية في المشاكل وحلولها. بل يجري الحوار والحجاج، كما هو مالوف، إرتجالا بالتمثيل أو التشبيه Analogy أي بالمقارنة والإستنتاج من مقدمات تزخر بها التجربة وليس على الطريقة المتعارف عليها في المنطق الصوري حيث النتيجة مضمرة في المقدمة، والتداول بذلك يبقى ضمن نطاق الممارسة وليس تجسيد مبادئ في توافقات على تشريعات أو قرارات.
هذا النقد وصف لواقع مشاركة المواطنين في العملية السياسية مع نموذج الديمقراطية الليبرالية التمثيلية كما هي ، إلى الآن، وليس النموذج الذي قصده دعاة التداولية عندما تبلغ مدياتها المؤسسية. سايفريد كان حريصا في أطروحته على إثبات ان التداولية موجودة في الحياة السياسية المعتادة وهي عملية تجري مع كل دورة إنتخابات وحكم الأكثرية نتاجها. ومع ذلك بيّن تحليله أن لها بذاتها فرصة جيدة في الحضور والفاعلية إلى جانب الديمقراطية التمثيلية.
لهذا النقد صلة مع ما يفهمه كثير من الباحثين بان الكلام، الحكومة بالنقاش، قوام الديمقراطية التداولية وجذرها اليوناني الخطابة البليغة وسيلة للإقناع، والتمثيل او التشبيه سبيلا لإستنتاج تصورات أو إثبات حجة. مثلا النظر إلى المجتمع البشري وكأنه إنسان، فيما يروى عن حديث نبوي شريف " ... مثل الجسد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، لإيضاح مبدأ التضامن والتآخي بهذه المماثلة. أو بما أن تلك الكواكب تشبه الأرض من جهة كذا وكذا إذن نتوقع فيها حياة.
واتذكّر قرأت كتابا لباحث ياباني كان قد أصدره مطلع ثمانينات القرن الماضي بعنوان نظرية الأنظمة الطبيعية، يقول في المقدمة أنه إستخدم التمثيل Analogy للتوصل الى النتائج التي بيّنها. لقد قارن بين خمسة أنظمة، الذرة والخلية والدماغ البشري والأسرة والمجتمع، فوجد تماثلا بنيويا فما بينها وهو أن كلا منها بعضوين ،جهازين، أحدهما مسؤول عن الإستقرار والثاني عن التغير. فإذا تعطل جهاز الإستقرار تكون النتيجة ، كما سمّاها، جنون النظام ؛ وإذا تعطل جهاز التغير فالنتيجة موت النظام.
ولاحظ أن جهاز التغير أسبق واكثر فاعلية من جهاز الإستقرار بل أن الثاني مولّد من الأول. والنتيجة كانت طريفة وملهمة بأن نظام المجتمع السياسي الطبيعي ينبغي أن يُبتَنى على هذه الثنائية، بموازاة حزب السلطة لا بد من حزب المعارضة، الأول مسؤول عن حفظ النظام والثاني يهتم بالتغير ومن هذا الأخير تأتي السلطة القادمة ويكون هو حزبها في مقابل حزب معارضة كي يستمر التغير... وهكذا. ويمكننا تخيل مثل هذا الباحث الياباني مشاركا في عمليات الديمقراطية التداولية لأقناع المواطنين بأهمية الرأي الآخر، والذي ينبغي أن يفسح له المجال كاملا من أجل سلامة النظام، وحتى لو كنّا نحن الأغلبية هذه المرة ربما ستكون الأغلبية له في المرة القادمة ونحن المعارضة.
ونشير إلى ان التمثيل المعتاد في الحوار بين المتنافسين تلقائي مثل المقارنة بين مرشح جديد للوحدة الإنتخابية والعضو المنتخب في الدورة السابقة، أو بين اداء الحكومة في دولة المحاور ودولة أخرى.
لكن هذا لا يقلل من أهمية إلتزام رواد التداول للمثل الديمقراطية وقيم المجتمع المدني بضوابط معيارية. لأن التساهل والإنسجام مع الممارسة المعتادة وتقاليدها قد أدى فعلا إلى تآكل مضمون الديمقراطية. حتى يصل الأمر إلى عدم حرص المواطنين على إدامتها وتثبيتها فغدى النظام السياسي بلا سند إحتماعي، وفي هذا خطورة واضحة فعندما يكون اغلب المواطنين في وضع الحياد تجاه النظام السياسي تصبح إزالته مهمة سهلة لقلة من المغامرين، وعند ذاك يفاجا المواطنون بأنهم قد فقدوا حريتهم وقد لا تستعاد إلاّ بعد عقود وتضحيات جسيمة.
التواصل وعمليات التداول التي ينطوي عليها مفهوم الديمقراطية التداولية بديلا يختلف عن الترويج الإعلامي والمناظرات في التعبئة للمتنافسين في الديمقراطية التمثيلية، ومساواة هذه بتلك يعني التشكيك بإمكانية بعث الحيوية في النظام السياسي.
عمليات التداول وصناعة القرار
أشير إلى ما سلف لأُعرّف الديمقراطية التداولية نظاماً لصناعة القرار بمشاركة متساوية للمواطنين لا إكراه فيها عبر نقاش حر منطقي يقيم الحجة بالوسائل المتعارف عليها للإقناع وصولا إلى توافق عام أو أغلبية معتبرة. الشمول والمساواة مترابطان، لكن ثمة مشكلة تثار في المساواة وهي ذاتها في الديمقراطية عموما مع تفاوت القوة دائما وليس مع التداولية فقط. شمول كافة المواطنين في العملية يصطدم بشرط التكافؤ إلا إذا إقتصرت المساواة على أن لكل فرد صوت واحد ونفس الفرصة في النقاش.
وإلاّ من غير الممكن تساوي الأفراد في النفوذ على إختلافهم في الثروة ورأس المال الإجتماعي والمعرفة. ورغم التفاوت في عناصر القوة التي أشرنا إليها تتحقق المساواة قدر تعلق الأمر بالتداول للوصول إلى قرار طالما يتحقق شرط الإستقلال لكل فرد من المشاركين. وهذا العنصر تقريبا مهمل في دراسات الديمقراطية، فالنفوذ في صناعة القرار يتعذر لولا وجود من تنازل عن إستقلاله وتبرع بصوته لصاحب النفوذ. ويقال الضعفاء لا يستطيعون التمسك بإستقلالهم لحاجتهم لأصحاب النفوذ وإذا سلمنا بهذه الفرضية يصبح التفاوت سبب عدم الإستقلال الذي يغذي النفوذ الناقض للمساواة في الدور والتأثير السياسي.
التحرر من كافة اشكال الأكراه ضروري للشمول والمساواة، فبدونه لا معنى لهما مالم يعرض المتحاورون اطروحاتهم وأحكامهم التقييمية وارائهم السياسية وتفضيلاتهم في التداول بحرية تامة. والتحرر من الإكراه وحده لا يكفي بل من الإغراءات بالمال وشراء الذمم ، وغالبا ما يقال العصا والجزرة. الضمانات المؤسسية مطلوبة لتنقية العملية من أثر الإكراه والرشا، التصويت السري يساعد، بيد ان التداول علني بطبيعته، وبذلك تكون مواقف المشاركين معلومة للجميع ويوجد الكثير ممن يخشى هذه العلنية في مجتمعات لم تتعود بعد على التسامح مع التنوع.
وقبل مواصلة التحليل صارت الحاجة إلى تهيئة شروط التداول واضحة ومنها الحماية المتساوية للمشاركين بغض النظر عن مواقفهم. مرة أخرى مما له أهمية ليس فقط عدم التمييز بين المواطنين في المشاركة بل عدم التمييز بين الأفكار والآراء ولها نفس الفرصة في الحضور الفعال.
المساواة في حدها الأدنى صوت للفرد ثم اضفنا نفس الفرصة للأفكار والمقترحات بغض النظر عمن تصدر ويبقى إختلاف الأفراد في قدرات تجميع وتحليل المعومات ومهارات النقاش هذا إذ ما إستبعدنا جميع عناصر القوى الأخرى من ثروة وما إليها كما سلف.
ناهيك عن الشمول التام يبدو من غير الواقعي تصور أغلب المواطنين لديهم الإستعداد للإنخراط الفعال في التداول ومناقشة مشاريع القرارات عقلانيا بمعيار المصلحة العامة وحدها. أكثر أفراد الناس يستنزفهم العمل وعبء الحياة الأسرية، ومن لديهم فسحة من وقت وطاقة قد لا تجد لديهم الدافع للمشاركة، وهذه عقبة واقعية تتطلب تكييف تعريف مبدا الشمول ولذلك إتجهت التجارب نحو ما يسمى التداولية التمثيلية، وينتهي الأمر إلى ما يشبه مجالس ممثلة بموازاة المنتخبة لكنها تعمل بأساليب تداولية، وهي خطوة لتحسين الأداء الفعلي للديمقراطية.
وأتصور إمكانية إستعارة الأفكار التداولية لتطوير عمل الأحزاب السياسية ذاتها عندما تتحول عن نشاطها التقليدي المحكوم بالتراتبية والبيروقراطية التي تحاكي الحكومية إلى نظام تداولي بديلا عن تقاليد الإنتماء الشائعة التي تشبه البيعة لمرة واحدة وإلى النهاية. وبذلك التحول العميق من التعاقد على عقيدة جاهزة وتبني مواقف مقررة من القيادات إلى توافق نتاج تواصل وتداول فيما بين أعضاء أحرار دون قيود وإلتزامات مسبقة. وكذلك، لا يوجد ما يمنع إستعارة مبادئ التداولية للتفاعل ما بين الأحزاب السياسية لبلورة توافقات حول مسائل رئيسة في الإقتصاد والعلاقات الدولية والأمن والدفاع لا يطالها التنافس الحزبي بل تتبارى القوى السياسية في إلتزامها.
المجتمعات مع ما فيها من تنافس ونزاع وأحيانا مسبقات سلبية تجاه بعضهم البعض ربما أفشلت محاولات سابقة ، لكنها تزخر بالقيم والأعراف الكفيلة بإشاعة التواصل البنّاء وحوار التفاهم المتبادل والتقارب، ويتطلب النهوض الإجتماعي والسياسي الإستعانة بالقيم المساندة للحوار النزيه والمشجعة للإئتلاف.
حبّب الإسلام إلى الناس التواصل الإيجابي بما يعزز المودة والتراحم بينهم؛ ويأمر المتدين بالصدق والكلمة الطيبة وتجنب الفظاظة والغلظة، في القرآن الكريم "...إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم..." ( فصلت ، 34) ؛ " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة...( ( النحل، 125)؛ " ... ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" (آل عمران، 159).
وفي المسيحية التواصل جزء من الحياة الإيمانية وينبغي إستخدامه بحكمة ومحبة، ويؤكد الكتاب المقدس على الكلمات – الطيبة – لتشجيع الآخرين على الخير بدلا من الإيذاء أو التشهير.
ممارسات في الديمقراطية التداولية
تنتشر فكرة التداول على نطاق العالم، وتبنت بعض الدول الديمقراطية التداولية لتصبح من مكونات النظام السياسي إلى جانب الديمقراطية التمثيلية، وهي إلى ألان لا تتعدى الدور التكميلي على المستوى الرسمي لكنها حاضرة في كثير من فعاليات إشراك المواطنين في التشريعات وسياسات البنى التحتية والخدمات العامة والتعليم والصحة وغيرها. وتتخذ أشكالا مختلفة، وتشير بيانات دول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية OECD أنها حاضرة، بكيفية او اخرى، بما يقدر 52% من الأنشطة على المستوى المحلي؛ و30% في الولايات، الأقاليم؛ و15% على المستوى الوطني. في التخطيط الحضري تذكر 43 عملية ديمقراطية تداولية؛ وفي الصحة 32 ؛ وفي الببيئة 29؛ وفي البنى التحتية 28 .
ويشار إلى أن العمليات تناولت مهمات معقدة تتضمن مفاضلة بين مشاريع او وسائل تنفيذ، واخرى ذات إشكاليات من جهة التقييم، ومسائل بعيدة الأمد. من متطلبات فاعلية نموذج الديمراطية التداولية بيئة تواصل إجتماعي إيجابي، وتفاعل دائم عبر ندوات ومؤتمرات وجلسات حوار متخصص، كلها تتجه نحو فهم مشترك للإحتياجات والمشكلات ، وتماثل في أساليب الحوار والمحاججات ومما يذكر من قواعد شائعة:
وضوح المهام بصيغة أسئلة حول المشكلات العامة؛ وأن تلتزم السلطات المعنية الإستجابة لما توصلت إليه عمليات التداول مع رصد منتظم وتقارير دورية؛ توفر معلومات كافية عن عمليات التداول؛ المشاركة في العمليات تمثل المجتمع وتبعا لهذا الشرط يجري إختيار من يشارك وقد تستخدم طريقة الإختيار العشوائي لضمان عدم التحيز؛
المشاركون لديهم تسهيلات كافية للوصول إلى المعلومات حول المسائل موضوع التداول، ولهم إستشارة خبراء؛ لجميع المشاركين نفس الحق في الإقتراح والمناقشة وتُعامَل المقترحات بنفس القدر من الإهتمام ؛ للعمليات عالية النوعية يعين حد أدنى من الإجتماعات وأيام العمل لضمان سلامة القرار؛ للعملية مجموعة تنسيق تضمن سلامة الإجراءات؛ الحفاظ على خصوصيات المشاركين.
أمثلة عن ممارسات الديمقراطية التداولية الممأسسة والمندمجة في صناعة القرار، وتُعَد هذه ضمن الديمقراطية التداولية الأداتية.
- في فرنسا وبلجيكا، يجمع النظام بين مجالس المواطنين الدائمة، ولجان المهمات المفردة تشكل لمرة واحدة. وترتبط جميعها بالسلطة التشريعية، تضع مفردات البرامج العامة؛ وتبادر لتشكيل ندوات المواطنين، وتراقب تنفيذ التوصيات. تعمل على المستوى المحلي والأقاليم.
- في استراليا وبلجيكا، ممثليات للتداول العام مرتبطة باللجان البرلمانية، تقدم توصيات وتصوت على مقترحات، تعمل على المستوى المحلي والأقاليم.
- في الولايات المتحدة الأمريكية، مرتبطة بالسلطات العامة، تختص بالإستفتاءات والأنتخابات، وتعمل على مستوى الولايات.
- كندا، مجالس المواطنين الإستشارية، ترتبط بسلطات تنفيذية، وتعمل على المستوى المحلي والأقاليم.
- كولومبيا سلسلة من عمليات التداول خلال دورة السياسات بأكملها، مرتبطة بالسلطة التشريعية، وتعمل للمستوى المحلي.
- النمسا، للمواطنين حق طلب عمليات تداول ممثلة، ترتبط بالسلطة التشريعية، تقدم توصيات، وتعمل على مستوى الأقاليم.
- فرنسا، في قرارات ذات اهمية أو تستدعي التداول قبل إتخاذ القرار، تنشأ بموجب القانون ممثلية عن المواطنين، تقدم توصياتها للسلطة المعنية، هذه على المستوى الوطني.
- استراليا، تنشأ عمليات تداول ممثلة في مرحلة التخطيط من دورة السياسات policies ، تعمل على مستوى الأقاليم.
مصادر ذات علاقة
هابرماز، يورغن، أتيقا المناقشة ومسألة الحقيقة، ترجمة وتقديم د. عمر مهيبل، منشورات الإختلاف، 2010.
Peter, Fabienne, “The Epistemic Circumstances of Democracy” In Miranda Fricker and Michael Brady (eds.) The Epistemic Life of Groups. Oxford: Oxford University Press 2016, pp. 133 – 149.
Schiller, Theo, Issues and Controversies in -dir-ect Democracy, Britannica, June 2025.
Seifried, Michael, Democracy and analogy: The Practical Reality of Deliberative Politics, Colombia university, 2015.
Kuyper, J. W. (2018). The instrumental value of deliberative democracy – or, do we have good reasons to be deliberative democrats? Journal of Public Deliberation, 14(1). https://doi.org/10.16997/jdd.291.
Čabraja, Toni, Political Communication and Deliberative Democracy, Economic Themes (2022) 60(4): 441-457, DOI 10.2478/ethemes-2022-0024.
#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟