ناضل حسنين
الكاتب الصحفي
(Nadel Hasanain)
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 01:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في زمنٍ يفيض بالصخب، وفي عالم يحترف اللهاث وراء الإعجاب، يبرز نوع نادر من الأشخاص، شخص لا تراه بين الحشود، ولا يبحث عنها أصلاً. قد تظنه وحيدًا، منزويا عن المجالس، غائبًا عن الشاشات، لكنك إن اقتربت منه حقًا، ستدرك أنك أمام شخص مكتمل بذاته، لا ينتظر تصفيقًا، ولا يسعى للتزكية.
هو شخص عرف نفسه قبل أن يطلب من العالم أن يعرفه. لا يحتاج إلى جوقة من "المتابعين" أو جدار من "الصداقات الافتراضية" ليشعر بالاكتمال. ثقته لا تأتي من الخارج، بل تنبع من أعماقٍ لا تزعزعها عزلة، ولا تستلم لخديعة الأضواء الزائلة.
إنه لا يهرب من الناس، بل ينتقيهم كمن ينتقي الحرف من بين الضجيج. طاقته ليست سلعة مجانية، بل هالة يحرسها بوعي. كل من يدخل دائرته، يمر عبر مصفاة من التجربة والحدس. فقد عرف الزائفين، عايش دراما الوجوه المتقلبة، وسمع همس النمائم في ظهره، ثم قرر ببساطة أن يبتعد... ليحيا.
هذا الشخص لا يشعر بالنقص حين يكون وحيدًا، بل يشعر بالحرية. وجد في وحدته مرآة يرى فيها ذاته بوضوح، بعيدًا عن أقنعة المجاملة ومعارك الأنا. ليس بحاجة لأن يكون محاطا بالناس ليحس بقيمته؛ فقيمته معه، فيه، ومنه.
هو لا يحتقر الصداقة، بل يعرف معناها الحقيقي. لا يمنح ولاءه بسهولة، لكنه إذا فعل، فبكامل القلب. قلة من الناس تكفيه، شرط أن يكونوا أصيلين. أما الباقي؟ لا وقت له ليختبرهم، فحياته أغلى من أن تُستهلك في علاقات بلا جدوى.
إنه يعرف ما يريد، ولا يرضى بنصف حياة، أو نصف حب، أو نصف احترام. لذلك، إن صادفت شخصاً لا ترافقه الجموع، لا تستهِن به. قد يكون أقوى ممن تراه محاطًا بالعشرات. فهو لم يختر أن يكون بعيدًا لأنه فشل في القرب، بل لأنه انتصر على وهمه.
هذا الشخص لا ينتظر القبول، لأنه قبِل نفسه منذ زمن. لا يحتاج إلى جمهور يصفق له ليقف بثبات. يكفيه أنه يعرف من هو... ويكفيه أنه لا يرضى أن يكون غيره.
#ناضل_حسنين (هاشتاغ)
Nadel_Hasanain#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟