العقل والخلية والطلعة البهية

فيليب عطية

الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 09:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

منذ ان بدأ الانسان رحلته لاكتشاف العالم الطبيعي ،والقضية هي ...هي مازالت معلقة ،مايعجز عن الوصول اليه اوتفسيره يضعه علي الفور في دائرة المقدس والالهي ومالايجوز الاقتراب منه.حدث هذا مع الاحجار والاشجار فقدسها وكللها بالارواح ،وحدث مع الشمس والنجوم فانحني يسجد لها ويبثها لواعج قلبه وشكواه ،وهاهو قد وصل الي دائرة المطلق والمجرد فلما لايسكب امامها العبرات ويحيطها بالنواهي والمقدسات ويستدير الي كل مايحيط به صائحا:ومن منكم يفهم العقل ومن منكم يفهم الخلية ومن منكم يفهم الذرة ...انها آيات العزيز الخبير ولاموضع لنا الازريبة الخنازير
المقدمة صحيحة وضرورية اما النتيجة فهي لسفاف وكارثية :رغبة الانسان في البحث والتقصي لامندوحة عنها ان هو اراد الحياة ،اما اعلانه عن العجز والفشل فهو
حجر الزاوية لاكثر المآسي وحشية في التاريخ الانساني :انها اشارة المرور لجماعات من السفلة والبلطجية لاتتواني لحظة واحدة في اعلان معرفتها الوثيقة بكل شئ ، وانها علي صلة وثيقة بالحكيم الخبير ، وما علي الفرد العادي غير ان ينتظر غمزاتها ولمزاتها فهي الخبر اليقين
وماذا تريدون ؟ كانت الارض خربة وخالية وروح الله يرف علي وجه المياه ،وقال الله ليكن نور ،فكان نور .....ثم تذكر بعد ثلاثة ايام انه لم يخلق الشمس فخلق الشمس والقمر لحكم النهار ولحكم الليل ....وبعد ان اكتمل الخلق الكريم في خمسة ايام هزه الشوق لخلق الانسان في اليوم السادس فخلقه من طين في قرار مكين وانا لخلقناه في احسن تقويم...ماذا يقول العقل في تلك الدرر المصفاة التي اعتقلت العقل البشري لما يزيد عن عشرين قرنا حتي خرج لنا مناكف هلفوت يدعي بطليموس وتبعه آخر يدعي جاليليو فقالا ان الارض هي التي تدور وقادنا هذا الي بحور من المعرفة عن النجوم والكواكب والمجرات وهلم جرا
اما حكاية الطين المبرور فقد اتضح انها مادة عضوية عجيبة ،استغرقت من التطور ثلاثة او اربعة ملايين عام وتضم نواة وخلية وجينوم ورايبوسوم ،وجهاز تنظيمي عجيب يحتاج الي عدة مجلدات لشرح ابعاده ومازلنا نبحث عن حل لكثير من المعضلات
لكن ليس معني هذا ان نوقف البحث ونعود الي نواب الحكيم الخبير لاعلان توبتنا وطلب الرضا والسماح ،فالعلم قد تجاوز هذه المرحلة الي غير رجعة
العقل ليس عاجزا-وان كنت لااوافق علي تلك الكلمة- امام الخلية الحية فحسب بل وقف مشدوها امام المادة غير العضوية ايضا ،لكنه خلال فترة لاتتجاوز النصف قرن استطاع ان يتوصل الي معظم اسرارها ،ولم يكتفي بتصنيف العناصر بل خلق عناصر جديدة ،وكل مطلع بعلوم الفيزياء يعرف هذه الحقيقة جيدا
والخلاصة ان العلم يسير ولن يقف امامه شئ
وعندما نقف امام الخلية الحية يجب ان نضع في الاعتبار الفارق الهائل في النوعية والكيفية وتاريخ البحث ،الخلية الحية مصنع هائل لايعتمد في عمله علي العناصر بل علي المركبات وهي ليست اية مركبات بل مركبات عضوية وهي لم تنشأ دفعة واحدة بل استغرقت بلايين السنوات ولدينا كل الدلائل علي وجود الاشكال البدائية للحياة وعلي هذا يصبح من الغفلة غير المبررة ان نقف امام الجينوم البشري ونصيح هل يمكن للعقل ان يفهم هذا
بالفطع سوف يفهمه ويمزقه بحثا وتمحيصا وسوف يعيد خلقه وتنظيمه....فقط في الزمان والمكان المناسبين
ومن يدري...قد تذهب غدا لشراء ابنك بالعمولة
وقد تجلس امام الكمبيوتر لاستعراض كل العمليات الحيوية التي تدور داخل جسمك ،وان لم يعجبك شئ تتصل علي الفور بالصيانة والاصلاح
ومن يدري....قد يصبح الموت ايضا من حواديت الماضي السخيفة
فقط ...لنتقدم في ثبات ولنكف عن البكاء والعويل والتهويل داخل ورشة عمل لانملك من امرها شيئا ولم نعد نشارك فيها اصلا

#فيليب_عطية (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات