بكر محي طه
مدون حر
(Bakr Muhi Taha)
الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 03:47
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تُعتبر اليهودية واحدة من أقدم الديانات في العالم، ولها تاريخ غني ومعقد يمتد لآلاف السنين، ورغم الصورة النمطية التي قد تُعبر عنها وسائل الإعلام، فإن اليهود يمثلون مجتمعاً متنوعاً يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، مما ساهم في نشوء مجتمعات يهودية متنوعة من الأشكناز في أوروبا إلى السفارديم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكل مجموعة تقاليدها ولغتها الخاصة التي تعكس التأثيرات الثقافية المحلية.
حيث تتميز اليهودية بتعاليمها الغنية وتقاليدها المتنوعة من التوراة والتلمود إلى الأعياد مثل البسح وعيد الفصح، وتعكس هذه التقاليد القيم الروحية والأخلاقية، كما أن التفاعل بين اليهودية والأديان الأخرى، مثل المسيحية والإسلام، قد ساهم في تشكيل الهوية اليهودية المعاصرة، حيث تم تبادل الأفكار والمعتقدات.
لكن تواجه المجتمعات اليهودية في العصر الحديث تحديات عدة، منها معاداة السامية التي تزايدت في السنوات الأخيرة، اذ تتطلب هذه الظاهرة فهماً عميقاً للجذور الاجتماعية والسياسية التي تقف وراءها، فاليهود ليسوا مجرد مجموعة دينية، بل هم مجتمع متنوع غني بالتاريخ والثقافة ومن خلال فهم هذه الجوانب، يمكننا تجاوز الصور النمطية السلبية وفتح آفاق جديدة للتعايش والتفاهم تُعزز من قيم التسامح والاحترام بين الثقافات، مما يسهم في بناء عالم أكثر سلاماً وتفاهماً.
ولابد من الاشارة الى ان نجاح اليهود اقتصادياً على مر التاريخ يعود إلى عدة عوامل تتداخل مع السياقات التاريخية والاجتماعية التي عاشها اليهود واهمها:
1- التعليم والثقافة حيث كانوا يقدرون التعليم والمعرفة، مما ساعدهم في تحقيق مستويات عالية من التعلم والمهارات.
2- براعتهم في الأعمال التجارية كوسيلة لكسب العيش.
3- قدرتهم على التكيف مع بيئات جديدة وظروف مختلفة ساعدتهم على البقاء والازدهار في مجتمعات متعددة.
4- حرصهم على تكوين شبكات قوية من العلاقات الاجتماعية ساعدهم في تبادل المعلومات والفرص التجارية.
5- الابتكارات والاسهامات في مجالات مختلفة مثل الطب والعلوم والتكنولوجيا والفنون والسياسات المالية والصناعة ساعدت في تعزيز الاقتصاد وأثرت بشكل إيجابي على المجتمع.
حيث ساهم اليهود في تطوير النظام المالي والمصرفي على مر العصور، مما أثر بشكل إيجابي على الاقتصاد العالمي، حيث انهم طوروا نظام السندات كأداة تمويلية، مما أتاح للدول والشركات جمع الأموال من المستثمرين، وتأسيس وتطوير منصات التداول والتجارة الإلكترونية، مما ساهم في تسهيل عمليات التداول وتحسين الشفافية، وطوروا تقنيات مثل عمليات الدمج والاستحواذ، مما ساعد في تنظيم الأسواق المالية.
كما ان اسهاماتهم في المجالات المالية والمصرفية كان لها تأثيرات بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي، مما ساعد في تشكيل النظام المالي الحديث، ومن أبرزها تحسين الكفاءة المالية وتعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الابتكار وتمويل التجارة الدولية واستقرار الأسواق المالية.
اما عن تأثير اليهود في الاقتصاد والمجتمع العراقي فقد كان ملحوظاً عبر التاريخ، حيث أسس اليهود بنوكاً وشركاتٍ مالية والعديد من المحلات التجارية في أسواق بغداد والبصرة مما ساعد على توفير القروض وتمويل المشروعات، وتنمية الاقتصاد المحلي.
بالاضافة الى إسهاماتٍ كبيرة في الأدب والموسيقى والفنون حيث كان هناك كتاب وفنانون يهود بارزون في العراق، مما أثرى الثقافة العراقية، ناهيك عن تأسيس العديد من المدارس والمؤسسات التعليمية التي ساعدت في تحسين مستوى التعليم في المجتمع، كما تفاعل اليهود مع المجتمع العراقي بشكل إيجابي، مما ساعد على تعزيز التفاهم والتسامح بين الثقافات المختلفة.
الا ان التوترات السياسية والاجتماعية في القرن العشرين المنصرم ألقت بظلالها على الهوية الثقافية لليهود في العراق حيث ادت إلى هجرة العديد منهم عام 1950 مما أثر على المجتمع والاقتصاد العراقي بشكل عام، ومن أبرز هذه التأثيرات:
1- فقدان كفاءات مهمة في مجالات التجارة والصناعة والخدمات، حيث فُقدت العديد من المحلات التجارية والشركات التي كانت تملكها الجاليات اليهودية.
2- انخفاض الاستثمارات في مختلف القطاعات، ما أدى إلى تراجع النشاط التجاري وفقدان التنوع مما أثر على النمو الاقتصادي والأسواق العراقية.
3- تغيير التركيبة الاجتماعية في العراق، مما أثر على التفاعل بين مختلف الطوائف والديانات.
4- فقدت الثقافة العراقية جزءاً مهماً من تنوعها الثقافي مع مغادرة اليهود، مما أثر على الفنون والأدب والموسيقى.
5- تغير التركيبة الاقتصادية حيث فقدت المصارف جزءاً كبيراً من قاعدة عملائها، مما أثر على قدرة النظام المالي على تقديم القروض وتمويل المشاريع وأصبح الاقتصاد العراقي يعتمد أكثر على القطاعات الحكومية والنفطية.
اما عن اهم المؤسسات المالية اليهودية في العراق انذاك فهي:
1- بنك الشرق الادنى : كان من أبرز البنوك التي أسسها اليهود في العراق، وقد لعب دورًا مهمًا في تقديم القروض وتمويل الأعمال التجارية.
2- بنك البارون : أسس من قبل عائلة يهودية معروفة، وكان يعمل على تقديم خدمات مصرفية للأفراد والشركات.
3- المؤسسات المالية المحلية وشركات الاقراض : كانت هناك العديد من الشركات اليهودية التي تقدم خدمات الإقراض، مما ساعد الفلاحين والتجار على الحصول على التمويل اللازم، بالاضافة الى تأسيس وتطوير مؤسسات مالية صغيرة ومتوسطة، ساعدت على تعزيز الاقتصاد المحلي. وتنمية المجتمع.
كما برزت عدة شخصيات يهودية ساهمت في الاقتصاد العراقي بشكل بارز، وهم:
1- نحميا مويشس : كان رجل أعمال بارز في بغداد، أسس شبكة من الأعمال التجارية وشارك في النشاطات الاقتصادية.
2- إسرائيل زئيف : معروف بعمله في مجال المصارف، حيث أسس بنوكًا ساهمت في تمويل المشاريع التجارية.
3- يعقوب ساسون : تاجر معروف في البصرة، لعب دوراً مهماً في التجارة الدولية وأسس علاقات تجارية مع دول أخرى.
4- صموئيل ساسون : أسس شركات تجارية في العراق وشارك في تطوير النشاط التجاري في المنطقة.
5- مناحيم بن أفي : كان له دور في تطوير الصناعات المحلية وتوفير فرص عمل وتدريب للعديد من الشباب.
6- داود ساسون : تاجر معروف ساهم في التجارة الدولية وأسس علاقات تجارية مع دول متعددة، مما ساعد في تعزيز الاقتصاد العراقي.
7- إبراهيم بن صموئيل : كان له دور في تطوير قطاع المصارف، حيث أسس بنوكًا محلية ساعدت في تمويل المشاريع الصغيرة.
8- عزرا هاشم : رجل أعمال بارز في بغداد، عمل في مجال استيراد وتصدير المنتجات، مما ساهم في دعم التجارة المحلية.
9- إسرائيل يعقوب : عمل في مجال الصناعة وأسهم في تطوير المصانع التي أنتجت السلع الاستهلاكية.
10 - شموئيل إيتان : كان له تأثير في مجالات الزراعة والتجارة، وشارك في تطوير المشاريع الزراعية في العراق.
حيث توضح هذه الشخصيات كيف أن اليهود أسهموا بفاعلية في مختلف جوانب الاقتصاد العراقي، مما ساعد على تحسين مستوى المعيشة وتعزيز النمو الاقتصادي في البلاد، وان هجرة اليهود بعد عام 1951 أثرت على الاقتصاد العراقي من خلال فقدان الكفاءات التجارية والمالية، مما ساهم في تراجع النشاط الاقتصادي وتقلص التنوع.
#بكر_محي_طه (هاشتاغ)
Bakr_Muhi_Taha#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟