أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - محمد عادل زكى - عن التخلُّف وإعادة إنتاجه














المزيد.....

عن التخلُّف وإعادة إنتاجه


محمد عادل زكى
(Muhammad Adel Zaky)


الحوار المتمدن-العدد: 8356 - 2025 / 5 / 28 - 02:47
المحور: الارشيف الماركسي
    


ليس التخلُّف، كما يصوّره الذهن الكسول، تأخرًا عرضيًا في سباقٍ نحو "التقدُّم"، كما لو أن البشرية كلُّها على مضمارٍ واحد، وأن من سبق قد استحق، ومن تخلّف قد قصّر. إنما هو، في حقيقته، بناءٌ تاريخيٌّ ماديٌّ ـ ناتجٌ ومُنتِج في آنٍ ـ لِهندسةٍ عالميةٍ للهيمنة، حيث لا يكون التخلُّف نقيضًا للتقدُّم، بل شرطًا له. لقد رسَّخ الفكر الرسميّ، المتداول في الدوائر الجامعية والإعلامية، تصورًا خادعًا يرى في التخلّف مجرّد تأخّر زمنيّ، تُعزى أسبابه، بسهولة تُثير الشك، إلى الاستعمار وحده. ومن ثمّ، فبزوال الاستعمار ـ كما يُقال ـ تبدأ "رحلة اللحاق"، ويصير على البلدان المتخلّفة أن تقتفي أثر "المتقدّمة"، فتحاكي سياساتها، وتستنسخ مؤسساتها، وتتمثل "قيمها"، وكأن التقدّم سلعة جاهزة، لا نمط وجود. هذا التصور الكاريكاتوري، الذي يرى في التقدّم الأوروبيّ نموذجًا كونيًّا وحيدًا، ليس إلا غطاءً أيديولوجيًّا لمنظومةِ نهبٍ معولمةٍ ترتدي قناع التنمية. ومن هنا، فإن نظرية التخلُّف السائدة، هي في جوهرها جزء من استراتيجية إعادة إنتاج التخلّف نفسه. إذ تكتفي بتحميل الاستعمار وزر الماضي، وتغض الطرف عن آليات الحاضر، بل وتسوّغ استمرار الخضوع عبر بوابة "الإصلاحات"، و"التكيّف الهيكلي"، و"النموذج التنموي الجديد"... إلخ. تلك المصطلحات التي لا تفتأ تتردد في الخُطب الرسمية، وتُروّج لها المؤسسات الدولية، وتغنّي بها النُّخب الطفيلية المستفيدة من انكشاف مجتمعاتها على الخارج. لكن السؤال الذي يُحرِّم على ذاته أن يُطرَح في تلك الأروقة: لماذا بعد أكثر من نصف قرن على ما يُسمّى بالاستقلال، لا تزال بلداننا تُعيد إنتاج تخلّفها كل صباح؟ لماذا لا يُطرح هذا السؤال إلا لتُغتال إجابته مسبقًا؟ الجواب ـ في جوهره ـ يتصل بقانون القيمة، ذلك الشبح الذي يُرعب النظام الرأسمالي العالمي، ويقضّ مضجع نُظُمِنا المحليَّة التابعة. فقانون القيمة لا يكشف فقط عن علاقة الاستغلال داخل المجتمع الواحد، بل، وهو الأهمّ هنا، يُظهر آلية السطو الدوليّ على الفائض. لا تُنتج بلداننا التخلُّف لأنها لا تعرف "الطريق الصحيح"، بل لأنها مُلزَمة بإنتاجه، لأنّ القيمة التي تنتجها لا تُراكم داخلها، بل تتسرّب خارجها عبر قنوات التبعيّة: التجارة غير المتكافئة، تحويلات الأرباح، مديونية بلا أفق، تبعيّة تكنولوجيّة، وتخريب منهجيّ للإنتاج الحيّ. وهذا التسرّب المستمر للقيمة، هو العمود الفقريّ لما أسميه إعادة إنتاج التخلّف. إذ إن الاقتصادات التابعة، بدلًا من أن تراكم قيمة قادرة على إعادة إنتاجها ذاتيًا، تنزفها يوميًّا لصالح مراكز النظام الرأسمالي. وكلّما ازداد "الاندماج" في السوق العالمية، ازدادت التبعيّة، واتّسعت الهوة، لا بفعل الزمن، بل بفعل البنية ذاتها. وهكذا، يصبح التخلُّف حالة بنيوية، لا عَرَضًا زمنيًّا. ولا سبيل لفهمه، ناهيك عن تجاوزه، دون تفكيك هذا النمط من علاقات القيمة، الذي يُنتج في المركز فائضًا، ويُنتج في الأطراف خرابًا.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)       Muhammad_Adel_Zaky#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مواجهة الاقتصاد النفطيّ المُقدّس
- الطَّبقة الْوسطى العربيَّة: صراعات الهوية وتصدّعات الحداثة
- الطبقة المستحيلة: أزمة العامل العربيّ في اقتصاد تابع
- وليم بتي (1623–1687)
- ريتشارد كانتيون (1680–1734)
- النيوكلاسيكية: نهاية الاقتصاد السياسي وبداية وهم العلم المحا ...
- فرنسوا كينيه (1694 – 1774)
- ما بعد الاحتلال: الصراع العربي/الإسرائيلي كأزمة حضارية
- التاريخ كصيرورة: في نقد الثبات والوهم في الوعي الاجتماعي
- منابر الصمت: المدارس والجامعات بين الطاعة والمعرفة
- النيوليبرالية العربية: عن عبودية السوق واستقالة الدولة
- في مدارات التبعيّة: الاقتصاد كإعادة إنتاج للفقر
- الجامعة كآلية لإعادة إنتاج الطاعة
- من نظام إلى احتضار: سيرة العدم المعولم
- سرّ إنتاج المعرفة
- النخَّاس الجديد: كيف تعيد الإمبريالية صياغة هويتنا وتراثنا؟
- من الكنيسة إلى الجامعة: استمرار أدوار الهيمنة بصيغ جديدة
- في الطبيعة الاقتصادية للأسهم
- نقد وظائف النقود
- في الربا والفائدة


المزيد.....




- صواريخ الفقراء مقابل طائرات الأغنياء.. دروس من المواجهة
- حزب العمال الكردستاني يستعد لتسليم أسلحته خلال مراسم مقررة ف ...
- ج?نگي اسرائيل و ئ?مريکا ل? دژي ئ?ران، س?رچاو?و ل?ک?وت?کاني
- غزة: مخاوف من توقف المستشفيات الرئيسية عن العمل
- نحو اكتساب أدوات نضال عمالية وشعبية نوعية
- الصحراء الغربية: تصعيد عسكري من البوليساريو ضد المغرب
- شاهد.. بول يواصل مسيرته الناجحة في الملاكمة بفوزه على المكسي ...
- بلاغ حول نتائج المؤتمر الجهوي الثالث لحزب النهج الديمقراطي ج ...
- إيران (مقتبس من :الابواب المائة للشرق الأوسط )
- حزب التقدم والاشتراكية يهنئ نادي أولمبيك آسفي بمناسبة تتويج ...


المزيد.....

- حول أهمية المادية المكافحة / فلاديمير لينين
- مراجعة كتاب (الحزب دائما على حق-تأليف إيدان بيتي) القصة غير ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مايكل هارينجتون حول الماركسية والديمقراطية (مترجم الي العربي ... / أحمد الجوهري
- وثائق من الارشيف الشيوعى الأممى - الحركة الشيوعية في بلجيكا- ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الثقافة والاشتراكية / ليون تروتسكي
- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي
- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - محمد عادل زكى - عن التخلُّف وإعادة إنتاجه