أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - اندهاش














المزيد.....

اندهاش


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 1807 - 2007 / 1 / 26 - 11:56
المحور: الادب والفن
    


اندهاش
فوجئنا بحركة سريعة ، لم نكن نتوقع انه سيقوم بها ، كنا نمزح ، نجلس مع بعضنا البعض ، نذكر آخر النكات التي سمعناها ، وننطلق في ضحك طويل ، ماذا يمكننا ان نفعل ، لنرفه عن أنفسنا المكدودة ، وأرواحنا المتعبة ، كنا خمسة أشخاص ، حسام رسام ، يمسك الريشة ليرسم صورا لمناظر طبيعية ،او ينظر إلى احد وجوهنا ، ليأخذ في رسمه ، بشكل ساخر ، او كاريكاتوري مبهج ، عادل كان قارئا نهما ، يكثر من القراءة ، دون ان يتكلم ، ان طالبته برأي عما يجري من احداث ، حرك يديه دلالة على الحيرة ، وعدم الاستعداد للأخذ برأي محدد ، عدنان رجل عامل ، نجار ، صلب القوام ، قوي ، يقضي نهاره في صنع الأبواب والكراسي والطاولات ، أنا ، لا اعرف كيف اصف لكم نفسي ، انا إنسان بسيط وان كان بعض الناس ، يطلقون علي صفة الغامض ،، الذي لا يعرف ماذا يريد ؟؟ ، الشخص الخامس في مجموعتنا كان الغريب فيما بيننا ، ولست ادري كيف انضم الى جماعتنا ، وهو يختلف عنا بشكل يدعو الى الاستغراب ، كان أكبرنا سنا ، ويتصف بالحنان والعطف ، انا شخصيا كنت أحبه ، عاملني برقة وكأنه أب لي ، وأنا محروم من عطف الأب ، لهذا تعلقت به ، وعطفت عليه ، وكنت أجد نفسي ميالا الى الدفاع عنه ، ان تكلم احدهم منتقدا في غيابه ، ولكنه كان مقدرا حائزا على احترامنا ، نحن الأربعة الذين نكون معه ،، مجموعة من الناس المتعاونين المتفقين ، وان كان اتفاقهم عشوائيا
كان هذا الرجل الكبير في السن يختلف عنا كثيرا ، حين كنا نضع شرابنا على الطاولة ، يجلس هو في ركن قصي من الغرفة ، واضعا كتابا سميكا في يده ، والكتاب نفسه لم يتغير أبدا ، طيلة الفترة التي تعرفنا بها عليه ، سألته مرة
- ماذا تقرا ؟
- كتاب الله
لم اعرف ما معنى كتاب الله هذا ، رغم إني في بلد يقولون انها إسلامية ، ورغم أنهم يزعمون ان دينهم يحث ،، على الأخلاق الحميدة ومساعدة الفقراء ، وإغاثة الملهوف ، واحترام الآخر ، وتقدير النساء ، الا إنني أجدهم صفرا من هذه الصفات ، جارتي تقول ان رجلها لم يرها منذ فترة وانه يعاشر واحدة أخرى ، نبيل زوجها الغني ، لا يساعد الفقراء ولا يرحم المساكين ، وأنا حقيقة لا افهم شيئا عن هذا الدين ، الذي يتناقض مع أهله تمام التناقض ، حدثت رفيقنا الشيخ الجليل عن أمري ، فانطلقت أساريره فرحا واستبشارا
- أنا أخبرك بما أنت راغب في معرفته
لهذا أصبح ذلك الرجل الكبير عزيزا علي ، أثيرا على نفسي ، وكنت ألاحظ ان جميع أفراد مجموعتنا الظريفة اللطيفة يحبونه ، ويقدرونه ، وان كنت لا افهم طريقته في الحياة وهو كما يبدو ،، لا بعرف لماذا نتصرف نحن هكذا بتلك العفوية المرهقة ، التي لم يسألنا يوما تفسيرا لها
كان يستمع الى مناقشاتنا بهدوء دون ان يتدخل ، وكنا أحيانا نجتمع في بيته ،، الذي كان واسعا يضمنا كلنا على تلك المائدة ، ويستطيع الرجل الكبير الا يشاركنا إياها ، بل يجلس في ابعد مكان من الغرفة ، ماسكا بيده ذلك الكتاب الغريب المثير للاستغراب
كان عدنان رجلا كثير الشراب ، حين يسرف ، يصبح هازلا ضاحكا يبالغ في مزاحه ، كنا نفهمه ، ونستجيب لضحكاته الكثيرة المنبعثة من القلب ، ولكن الذي أثار استغرابنا تلك الليلة ،، ان الرجل الكبير الهاديء لم يتقبل المزاح ، واستشاط غضبا حين تقدم عدنان وفي يده الكأس منه قائلا
- في صحتك
استولت علي الحيرة ، واستبد بي الاستغراب وأنا أجد الرجل الكبير الهاديء وقد تملكه الغضب واستبدت به العصبية
قلت لكم انا لا افهم الإسلام ، هذا الدين الغريب ،، الذي يجعل الأشخاص الهادئين المسالمين يستشيطون غضبا ، حين يقدم لهم احد ذلك المشروب الحبيب
عاد عدنان الى الطاولة وانضم إلينا ، وأخذنا نضحك كعادتنا كل ليلة ،، ولقد نسيت انا ذلك الانفعال ،، الذي ابداه الرجل الكبير ، وان كنت قد تعاطفت معه ، فانا أحبه وكان يعاملني وكأنه أب عطوف لي
فجأة اخذ الرجل سجادة صغيرة ،، وفرشها على الأرض ، وقف عليها ، قرا بعض الكلمات لا ادري ما هي ثم انحنى ، لست ادرك لم استبد الضحك بعدنان ، وكأنه مثلي لم ير هذه الحركة من قبل ، تعاطفت مع الرجل الكبير
- صه
ولكن عدنان حين سمع ذلك التحذير انطلق نحو الرجل وقد رآه ينحني على الأرض ويضع جبهته عليها ،، جرى نحو الرجل الكبير ،، ووضع قدمه على ظهره المنحنية ، كنت أظن ان الرجل ،، سيهب واقفا ليحرر نفسه ، لكنه بقي منحنيا ورأسه وجبينه على الأرض ،، وهو ثابت وكأنه لا يشعر ماذا يحدث له
انظر الى عدنان واجده متوترا وقد اشتعلت فيه الأعصاب وتوقدت المشاعر ، وانظر الى الرجل الكبير ،، واجده هادئا وكان لاشيء قد حصل
لم يتحرك الحاضرون ، وكأنهم قد خافوا من قوة عدنان وكبر جسمه ذي العضلات المفتولة ، وان فكرت ان انجد الرجل الكبير ، لكني وجدته لم يتحرك لإنقاذ نفسه
يقوم الرجل هادئا بعد ان انتهى من جلوسه على الارض ،، وقد عرفت بعد ذلك ان تلك الحركة تسمى صلاة ، ولكن الذي أثار دهشتي واشعل نيران الاستغراب في قلبي ان الرجل الكبير ،، نهض هادئا خفيف الحركة ، وكانه التقى بحبيب له عزيز على فؤاده ،، ودفع عدنان بعيدا بذلك القيام الذي وجدته مفاجئا لي
نظرت الى الرجل الكبير ، وقد عاد الى مكانه المألوف والكتاب نفسه بيده ، نظرت الى عدنان ، وجدته جالسا لا يستطيع القيام ، نحاول ان ننهضه ، فلا يستجيب لنا ، وينطلق صراخه الأصم ، ويبدأ بالبكاء ،، ويستنجد
- سامحني
يبدو ان الرجل الكبير لم يسمع الصرخة المنبعثة ، ويظل عدنان بلا حراك
الم اقل لكم أنني لا افهم شيئا عن الإسلام ولا عن أهله
12 كانون الثاني 2007



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقدم المجتمع والمدارس
- الرهان : قصة قصيرة
- المراة في عام 2007
- هل لنا ان نتفاءل ؟؟
- تأنيب : قصة قصيرة
- الى صديقتي
- الزائرة
- حول المواقع الالكترونية والابداع
- هل الصراع طائفي ؟؟
- أريد حلا
- تعدد الزوجات
- العقاب : قصة قصيرة
- الابداع النسوي والابداع الرجولي
- معايير التقدم والتأخر
- العودة الى الوطن
- طفل يصرخ : قصة قصيرة
- تراجع عن قرار : قصة قصيرة
- ساعة من فراغ
- عتاب : قصة قصيرة
- رد فعل : قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة الممثل الأمريكي فال كيلمر عن عمر يناهز 65 عاماً
- فيلم -نجوم الساحل-.. محاولة ضعيفة لاستنساخ -الحريفة-
- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - اندهاش