أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ندى مصطفى رستم - صرخة في العدم / حين تُقتل النساء مرّتين














المزيد.....

صرخة في العدم / حين تُقتل النساء مرّتين


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 08:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في زاويةٍ منسية من هذا الوطن المكسور، ارتُكبت جريمة لا يبرّرها عقلٌ ولا ضمير.
ثماني طعناتٍ اخترقت جسد شابةٍ لم تطلب سوى أن تعيش بكرامة، ثم نُزعت حنجرتها في مشهدٍ يندى له جبين الإنسانية.
جريمتها الوحيدة أنها طلبت الطلاق... أرادت أن تفكّ قيدها من حياةٍ كانت تسحق روحها تحت وطأة القهر.
القاتل لم يكن غريبًا... بل كان أخاها.
شبّيحٌ سابق، تلطّخت يداه بالسرقة والقتل تحت مظلّة النظام المنهار، ثم بقي حرًّا طليقًا في ظلّ الفوضى التي تَلت سقوطه.
في وطنٍ سقطت فيه هيبة القانون، وحكمته الميليشيات والمصالح السوداء، أصبح القاتل محميًّا، وأصبحت الضحيّة منسيّة.
الحكومة الجديدة، التي وعدت بالعدل، وقفت عاجزة أمام نفوذ المجرمين القدامى.
لا مذكّرات توقيف، لا محاسبة، وكأن الجريمة لم تُرتكب، وكأنّ الصمت يلفّها كي لا يُعترف بها، وكأنّها لم تقع في وضح النهار.
ففي بلدٍ تهدّمت فيه القيم، وغابت فيه العدالة، تصبح الجرائم العائلية شأنًا خاصًّا لا يستحقّ أكثر من خبرٍ عابر.
ربما أصبحت القسوة من أساسيات المجتمع، لذا لا يلتفت إليها أحد. ولهذا تُرتكب الجريمة وكأنها تقع مرّتين:
مرّةً بسكّين الخيانة، ومرّة عبر عاداتٍ وتقاليد تجيزها، أو عبر تربةٍ خصبة لممارستها.
في أعينهم، كانت هي الجانية دائمًا — مجرّد امرأة خرجت عن "طاعة الرجل"، امرأة "جلبت العار"، وكأنّ المطالبة بالحياة جريمة.
مجتمعٌ يرى المرأة ملكًا لا حقّ لها بالاختيار، ويفرض عليها الصمت طاعةً وخوفًا، ثم يرجمها إن رفعت رأسها.
لم تكن تلك الفتاة أولى الضحايا، ولن تكون الأخيرة، ما دام السلاح أعلى صوتًا في مجتمعٍ بدائيٍّ كمجتمعنا،
وما دام يُغضّ الطرف عن جرائم تُرتكب باسم الشرف الزائف والتقاليد العمياء.
الوجوه السياسية، وكأن لا علاقة لها بما جرى ويجري، بل وكأنّ لها مصلحة في السيطرة على المجتمع عبر هذه الجرائم باسم الشرف الكاذب.
صرختها الأخيرة لم تصل إلى أحد:
"أنقذونا من هذا العالم الجائر."
واليوم، وسط صمتٍ ثقيل وألمٍ لا يهدأ، أعلنت السلطات عن تمكنها من إلقاء القبض على القاتل.
ورغم أن العدالة لا تعيد الحياة لمن غُدر بها، يبقى هذا القبض خطوةً صغيرة في طريقٍ طويل يجب أن يُستكمل؛
طريق تُعاد فيه الكرامة إلى الضحايا، وتُحاسب فيه الأيادي الملطخة بالدماء، مهما طال الزمان أو تغيّرت الوجوه.
فالقصاص العادل ليس فقط بحق القاتل، بل بحق مجتمعٍ مريضٍ صمت كثيرًا، وبرّر كثيرًا، وخذل كثيرًا.
كفى!
كفى أن تُقتل المرأة مرّتين في مجتمعنا! مرّةً بالسكّين، ومرّةً بالنظرة الدونية التي تسلب منها إنسانيتها وحقها في الحياة.
كفى أن تُختزل المرأة في كونها مجرّد أداةٍ لخدمة المجتمع، وتُحكم عليها بالسكوت والصمت الأبدي.
كفى أن يُتاجَر بالمرأة، وتُبنى الثروات على آلامها، وتُسحق تحت عجلة الخوف والتقاليد البالية.
متى سيكون لنا شرف احترام المرأة؟
متى نكفّ عن تربية أطفالنا على صورة أمٍ ضعيفة، مسلوبة الإرادة، تتحمّل فوق طاقتها بلا صوتٍ مسموع؟
كيف نبني جيلاً حرًّا، ونحن نزرع في قلبه رذيلة الظلم، ونتمنى له حياةً أفضل تحت ظلال أمّهاتٍ لا حق لهنّ في الاختيار؟
أيّ تناقضٍ هذا؟ الكلّ يريد الحرية، لكنها لا تأتي على طبقٍ من ذهب.
علينا أن نزيل الألم والتناقض من تقاليد المجتمع، لأجل بناء جيلٍ جديد.
نحن بحاجة إلى ثورةٍ في العقل.
نحتاج أن نُربّي في أطفالنا الاحترام أولًا، وأن نُعلّمهم أنّ المرأة ليست ملكًا، بل إنسانٌ له صوتٌ وحقّ في الحياة.
لن يُحترم مجتمعٌ لا يُحترم فيه نصفه الآخر.
لن نبني وطنًا حقيقيًا إن استمررنا في سحق المرأة على مذبح التقاليد البالية والقيم الملوّثة.
لا يمكن أن نواصل التقدّم في عالمٍ يسلب المرأة حقوقها الأساسية، ويجعل منها كائنًا ضعيفًا لا قيمة له سوى خدمته وتضحياته!
من أجل أبنائنا، من أجل وطننا،
لتنطلق ثورة... من أجل النساء، من أجل العدالة، ومن أجل حياةٍ لا تُقتل فيها الأحلام.
المرأة ليست مجرّد ضحية، بل هي ركيزة المجتمع، التي تساهم في بناء الأجيال وتعلّمهم كيف يحبّون، كيف يحترمون، وكيف يثورون ضدّ الظلم.
كفى إهانة. كفى سكوتًا.



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولادة من الهامش
- سجينة مزحة!...
- صندوق اسراري...!
- صندوق اسراري..!
- القلب مسكنك
- متْ قاعد
- نص بحاجة للعنوان!
- للسوريين اشتياقهم
- اليوم العالمي للاجيئن
- هي والأغبياء
- متحف لأظافر طاهره!
- متحف الأظافر!
- رحيل بلا دموع
- دعني!
- إلى مصور!
- كابوس
- كاميرا
- هوية مفقودة!
- لن ألومك!
- تساؤلات /3/ اهمية التقويم


المزيد.....




- “من هنا” رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت في الجزا ...
- الشرطة البريطانية تعتقل 3 ?مسؤولين في قضية -الممرضة القاتلة- ...
- المؤبد لتسعيني دين باغتصاب سبعينية وقتلها عام 1967 في بريطان ...
- ممرضة حقنت إبر هواء بمعدة حديثي ولادة وقتلتهم.. تفاصيل مرعبة ...
- ناسا تعرض صورة جديدة لجارتنا الأقرب مجرة -المرأة المسلسلة-
- “فرحة في البيوت” بدء صرف دفعات منحة المرأة الماكثة… هل اسمك ...
- “بشروط بسيطة وسهلة” رابط وخطوات التسجيل في منحة المرأة الماك ...
- 935 شهيدًا في العدوان الصهيوأميركي على إيران بينهم 38 طفلًا ...
- دراسة أثرية: النساء حكمن أولى الحضارات البشرية
- “شغال وفعال” خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالجزائر 2 ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ندى مصطفى رستم - صرخة في العدم / حين تُقتل النساء مرّتين