أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة















المزيد.....

ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة


أحمد سليمان العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 17:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد سليمان العُمري
بعد فشل مفاجئ في الجولة الأولى، والنجاح في الثانية تُفتح أبواب الأسئلة حول وحدة الائتلاف واستقرار الحكم في المرحلة القادمة.
شهدت ألمانيا قبل أيام 6 مايو/أيّار لحظة سياسية غير مسبوقة في تاريخها البرلماني الحديث، عندما فشل المرشّح المحافظ «فريدريش ميرتس»، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، في الحصول على الأغلبية اللازمة في الجولة الأولى من تصويت الـ «بوندستاغ» البرلمان الإتحادي، لاختياره مستشارا، رغم تحقيقه نظريا أغلبية مضمونة.
وبعد ساعات من التشاورات والمباحثات السياسية المكثّفة، عاد «ميرتس» في الجولة الثانية ليُحقق الفوز، حاصلا على 325 صوتا من أصل 328 مقعدا يملكها الائتلاف الحاكم المشترك؛ بين حزبه والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD).
هزيمة أولى تهُزّ الثقة
رغم التحالف القوي على الأوراق، أظهرت الجولة الأولى هشاشة التوافق داخل الائتلاف، فقد غاب عن ميرتس ستة أصوات، ما منعه من نيل الأغلبية المطلقة المطلوبة (316 صوتا). تلك الهزيمة لم تكن فقط محرجة، بل كاشفة لتصدعات داخلية في جسد الائتلاف، خاصّة من جهة الحزب الاشتراكي، الذي عبّر عدد من نوّابه عن رفضهم لشخص ميرتس وبرنامجه السياسي.
النائب الاشتراكي «سيباستيان رولوف» كان من أوائل من صرّح علنا بعدم التصويت لميرتس، قائلا: «أنا ملتزم بضميري، ولا أستطيع دعم مشروع سياسي محافظ بهذا الشكل». أما النائبة «أنيكا كلوزه»، فقد اعتبرت أن ميرتس يُمثّل «اتجاها يمينيا مُتشددا، ذا طابع نيوليبرالي لا يعكس قيم العدالة الاجتماعية، تحديدا مع سجلّه الداعم لخفض الضرائب على الأثرياء وتقليص الإنفاق على الرعاية الصحية».
إرث ميركل والتحالفات الهشّة
لا يغيب عن الذاكرة أن التحالف الديمقراطي المسيحي - الاشتراكي الديمقراطي ليس جديدا على الساحة الألمانية، فخلال حكومة «أنغيلا ميركل»، عانى الائتلاف من توترات متكررة، انتهت بانسحاب الحزب الاشتراكي من الحكومة في 2018. لكن المفارقة اليوم أن ميرتس، الذي يُعتبر وريثا غير مُكتمل لنهج ميركل «المعتدل»، يواجه اتهامات من شركائه بالانحراف نحو اليمين، عبر سياسات مثل تشديد قوانين الهجرة ودعم خصخصة الخدمات العامّة، ما يهدد بإعادة إنتاج أزمات الماضي.
نجاح الجولة الثانية، ولكن بأي ثمن؟
في الجولة الثانية، والتي جرت بعد ساعات فقط من فشل الجولة الأولى، تحوّلت النتيجة لصالح ميرتس، حيث حصل على تأييد كافٍ لقيادة الحكومة، لكن هذا التحول السريع يطرح تساؤلات جدية: ما الذي تغيّر خلال تلك الساعات القليلة؟ هل جرى الضغط على النواب المترددين؟ هل تم التوصّل إلى تفاهمات أو وعود بتعديلات في السياسات الحكومية المقبلة؟
تشير مصادر برلمانية إلى أن قيادات الحزبين قد أجرت مفاوضات مُضنية، تضمّنت وعودا بتعديل حزمة الإسكان الاجتماعي، وإعادة النظر في زيادة «ضريبة ثاني أكسيد الكربون»، مقابل دعم النواب المتمردين، غير أنّ هذه الوعود تبقى غير مكتوبة، مما يزيد من مخاطر عدم الوفاء بها لاحقا.
ردود فعل المعارضة والرأي العام
في الجانب الآخر، لم تتأخّر المعارضة في انتقاد ما وصفته بـ «الانتصار المُعلّق»، فحزب الخضر وصف ما جرى بأنّه «رسالة تحذير مُبكّرة من أنّ ألمانيا قد تعود إلى عهد التقشّف على حساب العدالة المناخية»، في حين شكّك حزب اليسار في قدرة ميرتس على ضمان الانسجام الحكومي، مُذكّرا بـ «أزمات حكومة 2018 التي انهارت بسبب خلافات مماثلة».
أما الرأي العام، فبدا منقسما بشكل حاد. وفقا لاستطلاع أجرته مؤسّسة «فورسا للبحوث الاجتماعية والتحليل الإحصائي» بعد التصويت، أيد 52% من الناخبين المحافظين نتيجة الجولة الثانية، بينما عبّر 48% من الناخبين الإشتراكيين عن قلقهم من أن سياسات ميرتس «ستُعمّق الفجوة الطبقية».
أوروبا تُراقب بقلق
دوليا، رصدت الصحافة الأوروبية والأمريكية هذه اللحظة بوصفها «علامة على الانقسام السياسي العميق في ألمانيا؛ القطب المركزي للاتحاد الأوروبي».
صحيفة «لو موند» الفرنسية اعتبرت ما جرى «جرس إنذار للديمقراطية البرلمانية في ظل تصاعد الشعبوية اليمينية»، بينما أشارت «فاينانشال تايمز» إلى أنّ «التحديات الاقتصادية التي تواجه ألمانيا، مثل تباطؤ النمو وارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب الأوكرانية، قد تُفجّر الخلافات داخل الائتلاف الحاكم قريبا».
ميرتس بين التحدي والطموح
لا شك أن ميرتس شخصية سياسية ذات كفاءة وتجربة طويلة، وقد حظي بدعم واضح من جناح المحافظين التقليديين، غير أنّ قدرته على إدارة ائتلاف يضم شريكا اشتراكيا، يتناقض معه فكريا في قضايا حاسمة مثل الهجرة: رغبة المحافظين في تشديد القيود مقابل دعوات الاشتراكيين لتبني سياسات أكثر انفتاحا.
العدالة الضريبية: خلاف حول زيادة الضرائب على الشركات الكبرى مقابل دعم المحافظين لتحفيز الاستثمار، إضافة إلى التحول الأخضر، أي الخطة الألمانية للانتقال إلى الطاقة المتجددة بحلول 2045: معارضة الاشتراكيين لخطط المُحافظين المُقترحة لخصخصة قطاع الطاقة.
حكومة تُولد من رحم التردّد
انتصار فريدريش ميرتس في الجولة الثانية لا يُعد نصرا سياسيا كاملا، بل بداية لعهد مأزوم ومحفوف بخلافات مكبوتة. الائتلاف الحاكم أمامه طريق شائك، فعليه أن يبرهن للشعب الألماني أن وحدة الصف السياسي ممكنة، وأن الخلافات لا تعني الشلل.
لكن المؤشّرات الأولى تدعو للتحفّظ، لا للاحتفال، فالتاريخ يُذكّرنا بأنّ 60% من التحالفات الألمانية الهشّة انهارت قبل نهاية ولايتها، وفق مركز «برلين للدراسات السياسية»، وآخرها إنهيار إئتلاف «أولاف شولتس». كما أن الأزمات الخارجية، مثل التوترات مع روسيا وتداعيات التضخّم العالمي، قد تُفاقم الإملاءات التي يفرضها الوضع العام راهنا على الحكومة الجديدة.
يبقى السؤال: هل ستنجح هذه التحالفات في كتابة فصل جديد من الاستقرار؟ وأنا أشك، أم أن ألمانيا ستدخل عصرا من عدم اليقين السياسي؟ وهذا رأي الشخصي، فالمستقبل القريب لا يُنبئ بقدرة حزب وحده على التفرّد بالقيادة السياسية.
[email protected]



#أحمد_سليمان_العمري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب: أحبه ويُحبني وتُحب مصالحه تحالفي
- حقوق الحيوان أولا والموت لغزّة ثانيا
- التماسك السوري يفشل المخطاطات الإسرائيلية
- الديمقراطية الألمانية تُجهِض الديمقراطية
- ترامب يُهدد القضية الفلسطينية ويُوسّع الهيمنة الإسرائيلية
- ماغديبورغ: بين الصدمة والتساؤلات
- إسرائيل ودورها كمُستعمر في الشرق الأوسط
- حُرّيّة أحمد حسن الزُعبي ضرورة أردنية
- الحُرّيّة لأحمد حسن الزُعبي
- الأردن بين مشروع العطارات والإحتلالات
- أضرب الأردني فاتّهموه بالمؤامرة
- زيارة بايدن لتطويع التوسّع الإسرائيلي
- صندوق «كريدي سويس» الأسود: أسرار سويسرا
- ‏بين حروف الحرب الروسية الأوكرانية
- شصندوق «كريدي سويس» الأسود: أسرار سويسرا
- ‎‎أوقفوا خطف أطفالنا
- نائب الشعب البارحة سجين اليوم، العجارمة
- الإتفاقية الأردنية الإسرائيلية: الكهرباء مقابل الماء
- تُونس بين مطرقة الانقلاب وسندان تصحيح المسار
- مستشفى السّلط فاجعة الأردن


المزيد.....




- ليبيا.. لقطات لاقتحام مقرات -الدعم والاستقرار- وتحرير محتجزي ...
- مشاهد مرعبة.. العثور على شقيقتين مقيدتين في -سجن خاص- قذر ح ...
- إدارة ترامب تمنع وكالات الأنباء من مرافقة الرئيس في رحلته إل ...
- موسكو: مناورات الدول الغربية في ليتوانيا موجهة ضدنا ونتخذ إج ...
- بينها دول عربية.. أفضل 20 مطارا في العالم لعام 2025
- الصين تطلق بنجاح قمرا للاتصال إلى المدار الفضائي
- وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا تعلن انت ...
- إعلام: نهج نظام كييف أدى إلى انقسام بين الولايات المتحدة وأو ...
- بالفيديو.. نجاة مراهقة وسيارتها من الغرق بطريقة غريبة في الو ...
- غرينلاند تتولى رئاسة مجلس القطب الشمالي نيابة عن الدنمارك


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة