أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الإله بسكمار - أسوار تازة المغربية بين الإهمال والنسيان















المزيد.....

أسوار تازة المغربية بين الإهمال والنسيان


عبد الإله بسكمار

الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 21:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تعد الأسوار القروسطية المحيطة بالمدن العتيقة، من أبرز الشواهد المادية في كتابة تاريخ المناطق والمدن المغربية المختلفة، وهي تعتبر نمطا من أنماط المجال السكني للمحيط الذي تدور حوله، فضلا عن كونها من المعالم العمرانية ذات الطابعين الأمني والعسكري، التي تميز تلك المدن ولولاها لشمل الخراب كل مآثر الحواضر المعنية، وفي هذه الحالة ما كان ممكنا أن يصلنا كثير منها، والمتخلف عن عدد من الدول المغربية ذات الطابع القبلي/ المذهبي أو المعتمدة على النسب الشريف، نعم عرفت المدن التاريخية عددا من حالات التدمير والتخريب، كالقصبة المرابطية على يد الموحدين بفاس، وقصر البديع جزئيا وباب الشريعة بمراكش، وقصبات المغرب الشرقي حتى تاوريرت ووجدة وقصورعدد من مواقع الجنوب والجنوب الشرقي وأكثر معالم آنفا ( الدار البيضاء ) بفعل القصف الوحشي الذي عرفته من طرف البوارج الحربية الفرنسية في 05 و 07 غشت 1907.
غير أن الأسوار في عمومها بقيت صامدة وحفظت من جهة ثانية الكثير من المعالم والمآثر، كالمساجد والقصور والمدارس والزوايا والفنادق والمارستانات والحمامات والسقايات والدور العتيقة والأسواق التقليدية، وذلك أساسا بسبب الدور المشار إليه، وتبعا لسمك تلك الأسوار ودرجة قوتها ومدى احتمالها أثناء فترات الفتن والحروب ومختلف المحن التي مرت على البلاد .
أسوار المدن حسب الأستاذ أحمد التوفيق هي الرحم الذي ضمن ظروف النشأة للدول وهي ذراع السلطان إذا نما وهي رمز سيادته وهيبته وهي الحلق الضروري لحفظ جباياته وتوفير عدته وكفاياته " ويميز ضمنها بين مجالين، إذ يؤكد أن " الأسوار حدود فاصلة بين عالمين : عالم البادية وعالم المدينة ".
بفضل تلك الأسوار والتي ظلت محصنة بالأبواب والأبراج، احتفظت المدن العتيقة بخصوصياتها المعمارية والثقافية، ما جعلها تتميز عن النسيج الحضري الحديث، الذي فُرض بعد إعلان الحماية على البلاد، وأيضا عن المجال البدوي المحيط بها، وقد ساعدت سياسة الحماية الفرنسية خاصة في عهد ليوطي على حفظ تلك المعالم وإن لم تثمن إلا القليل منها أو تجري عليها إصلاحات لأسباب سياسية وإدارية بحتة، كما هو شأن أسوار الرباط العاصمة التي تتوزع إلى شطرين : الأسوار الموحدية، ثم العلوية، وبدرجة أقل أسوار كل من سلا وفاس الجديد وفاس البالي وأسوار تطوان و مكناس ووجدة ومراكش وآسفي وأزمور وتارودانت وأسوار قصبة تادلا والصويرة وتازة وصفرو وأصيلة والمهدية وعيون سيدي ملوك، وهناك بقايا فقط لتلك الأسوار بكل من الدار البيضاء وطنجة والعرائش والشاون والسمارة، ويعود هذا الوضع الأخير إما إلى طبيعة الوجود الاستعماري ( طنجة الدولية / قصف مدينة الدار البيضاء ) أو حركة التحديث الكاسحة، أوما تعرضت له من إهمال في حالات باقي المدن، خلال عصر الحماية وبعد الاستقلال، حيث وقع تفاوت في الاهتمام بالمآثر التاريخية وضمنها أسوار المدن العتيقة بين حاضرة وأخرى .
إذا حللنا نموذج مدينة تازة باعتبارها من الحواضر المغربية المتوسطة حجما والعتيقة تاريخا ومجالا، نستطيع أن نميز بين مرحلتين في تعاطي الجهات المعنية مع عموم المآثر التاريخية ولا سيما أسوار المدينة الممتدة على طول 2850 م أي حوالي 3 كيلومترات :
- مرحلة الإهمال شبه التام، الذي أدى إلى انهيار جزء من السور الشرقي قبالة سيدي عيسى بن احمد، قبل أن يتم تجديده حوالي سنة 2011 ويذكر هنا أيضا انهيار الباب الغربي للمدينة / باب الريح سنة 1985.
- مرحلة الترميم والإصلاح والتي تمت بشكل جزئي فقط، وقد هم واجهة السور التاريخي الشرقية عبر شارع 03 مارس الموصل بين تازة العليا والسفلى ومعه الجزء الأكبر من منحدر باب الجمعة، إلى غاية نفس الباب حيث توقف الترميم والإصلاح دون أي مبرر واضح .
يبلغ ارتفاع سورتازة التاريخي ما بين 8 و10 أمتار وعرضه متر ونصف وتتخلله أعراف من الأعلى وعدة ممرات كانت تستغل غالبا لتحركات الجنود المرابطين للحراسة والدفاع في حالة الضرورة، كما تقتضي بذلك القواعد المتعارف عليها في القتال، خلال العصور الوسطى، حيث تستعمل السيوف والسكاكين والنبال والرماح عادة، وأحيانا تلجأ الجيوش إلى استخدام المجانيق ( ج منجنيق ) وهي بمثابة سلاح المدفعية في ذلك الوقت، إذ كان يقذف بالأحجار الحارقة المتفجرة والمطلية بالزيوت قصد هدم الأسوار لا سيما في فترات الحصار أو تدمير وإحراق الجيوش نفسها.
يتوزع السور الخارجي المحيط بتازة العتيقة إلى جزئين أساسيين هما : الحيز الموحدي ثم الجزء المريني ويبدو من خلال مواد بناء الجزء الموحدي كالحجر والطين والطابية Pise أنه قديم فعلا خاصة وأنه غير مزدوج، كما هو الشأن بالنسبة لباقي الأجزاء، ويفند الضابط الفرنسي فوانو Voinotفرضية بناء تلك الأسوار على يد الرومان وهي التي ذهب إليها مواطنه العقيد كومباردو، Campardou رغم إقرار الأول بقدم أسوار تازة المبنية بالطوب والصخر، مقارنة بتلك التي استخدمت الطابية في بنائها من خلال كتابه " تازة وغياثة " " TAZA ET LES RIATA".
الخلاصة التي وصل إليها فوانو هي أن تلك الأسوار تعبر عن مرحلة تطورية من الفن البربري، وهو يقصد إما مكناسة تازة الزناتية أو الحركة الموحدية في القرن الثالث عشر الميلادي، باعتماد المواد المذكورة في البناء من صخر وتراب وجير، إضافة إلى الطابية التي انتشرت بدءا من عصر عبد المومن بن علي الموحدي، على أن المرينيين أضافوا وأصلحوا من أحوال السور المعني بعد ذلك، خاصة في جهتيه الشرقية والجنوبية، وهو الجزء الذي تميز كباقي الأسوار التاريخية بوجود فتحات للتهوية قصد تلافي آثار الرطوبة أو الرياح والأمطار، ثم للمساعدة في وضع الطوب أو الأحجار لإرساء البناء ككل حسب علوه وسمكه، علاوة على حفرهم للخندق في الحيز الجنوبي والذي اعتبره الأستاذ مبروك الصغير من أقدم الخنادق الدفاعية بالمغرب وهذا في نهاية المطاف أمر طبيعي - في نظر فوانو - لأن المدينة ازدهرت في عهد بني مرين .
ويمتد السور الموحدي بتازة من الناحيتين الغربية وشيء من الجنوبية، ما بين باب الريح وبرج سارازين، يؤكد هنري تيراس Henri Terrasseنفس هذا الامتداد، فيما البرج إياه يعد معلمة عسكرية يحتمل أن تعود إلى القرن الثالث عشر أي عصر الموحدين، الشيء الذي يرجحه جورج مارسي Georges MARçAIS فهو يفيد بأن برج سارازين بني في نفس الفترة التي شهدت بناء الجزء الأقدم من سور تازة، أما الفتحات الموجودة بنفس السور قرب البرج، فهي مواقع علف الخيل خاصة بالنسبة لجيش الاحتلال الفرنسي بدءا من سنة 1914 .
لقد ورد في المصادر التاريخية أن عبد المومن بن علي الكومي أول خليفة موحدي، لما وصل إلى موقع تازا سنة 529 هــ/ 1134 م، عن طرق الجبل أي من الجهة الجنوبية للمدينة، حسب صاحب الأنيس المطرب ابن أبي زرع الفاسي، شعر الخليفة الموحدي بأهمية هذا الموقع فحصنه جيدا، وعزز حاميته ثم بنى الأساس الأول للمسجد الأعظم، وشملت أعمال التحصين بناء السور المعني، أو على الأقل نواته الأولى ومن ثمة، انطلق عبد المومن بجيشه نحو فاس والريف، ثم باتجاه الشرق، فاتحا وجدة وتلمسان وبجاية وصولا إلى تونس وحتى برقة بليبيا الحالية.
يتميز السور الموحدي بصلابة بنائه ومتانة سمكه، باستثناء فتحة شمال برج سارازين، تهالك بناؤها بفعل تعرضها لعوامل الطبيعة وتخريب البشر، نفس السمة أشار إليها صاحب الاستبصار المتوفى سنة 595 هــ/ 1198 م، حيث يقول عن مدينة تازة وسورها المحيط بها " هي مدينة كبيرة في سفح جبل مشرفة على بسائطه تشقها جداول المياه العذبة " ويضيف " وعليها سور عظيم، وقد بني بالجير والحصى، يبقى مع الدهر" وهنا إشارة هامة حول مواد البناء وأبرزها الجير والصخر، إضافة بالطبع إلى الطين، في حين يكتفي محمد بن عبد المنعم الحميري المتوفى سنة 726 هــ/ 1325 م أي بعد قرن ونيف بوصف السور بأنه " عظيم " مفيدا بأن المدينة سورت سنة ثمان وستين وخمسمائة ( 568 هــ/ 1172 م ) أي في عهد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن الموحدي .
غالبا، فإشارة صاحب الاستبصار تفيد بأن بناء سور تازة تم في قاعدته بالحجارة لصلابتها، ثم الطين أو التراب المدكوك على علو متر واحد عموما عن سطح الأرض .
السور الموحدي بتازة خال تماما من الأبواب، وإن كانت تتخلله بعض الأبراج، التي لم يعد لها وجود حاليا، وذلك باستثناء برج سارازين وباب الريح وهو الحيز الذي ينتهي عنده هذا الجزء من السور التاريخي، ونستطيع تحديد السبب المجالي لعدم وجود أبواب أمام الداخلين إلى أو الخارجين من المدينة لعامل الانحدار الحاد على مستوى هضبة تازة من هذه الناحية، الشيء الذي يعقد عادة من عملية فتح الأبواب عبر السور .
بخلاف الجزء الموحدي، فإن الحيز المريني من أسوار تازة يبدو متأخرا في الزمن عن الجزء الأول وهو مزدوج أو حتى ثلاثي في الجهة المكشوفة من تازة العتيقة أي جنوب المدينة، ويمتد هذا الازدواج حتى شرق تازة، حيث تم تعزيز الأسوار إياها بالعديد من الأبراج، وأخيرا الخندق الدفاعي لدعمها مع أسوارها، ويمتد الجزء المريني للسور إياه من برج سارازين غربا وحتى باب الريح مرورا بباب القبور وباب الجمعة، الذي يربط بين المدينتين الحديثة والعتيقة، ومواد بنائه يغلب عليها الآجور المقلم مع بعض الصخور أوالاستعانة بالطابية حسب التحولات التي عرفها على مدى التاريخ وهو يحتوي على عدة أبواب، عبرت أسماؤها عن الزمان أو المكان أو المناخ حتى، كباب القبور وباب طيطي وباب الجمعة وباب الريح وباب القصبة، وقد عرف هذا الجزء من سور تازة العديد من التحولات تحت تأثير الأزمات أو الحروب، ونذكر هنا تعرض تازة غير ما مرة لمداهمات الحركات السياسية المتعددة، بسبب موقعها الاستراتيجي أو الدول الوليدة أو فروع من قبيلة غياثة المحيطة بها، لأسباب مختلفة معاشية أو سياسية أو اجتماعية، ومع كل ذلك صمد السور وثبت عبر الحقب والعصور .
يؤكد مارمول كارباخال Luis del Marmol Carvajal في كتابه " إفريقيا " ج 2 نفس المادة التاريخية المتعلقة بسور تازة وهي متانته وصلابته فيصفها بأنها " مدينة كبيرة فيها عدد من الأعيان لأنها عاصمة الإقليم ويستنتج " لذا فأسوارها متينة محصنة ببروج "، ونذكر أن هذا الإخباري والجاسوس الإسباني كان مقربا إلى الأسرة السعدية بعد وقوعه في الأسر، وألف كتابه هذا بعد رحلة طويلة شملت المغرب والمشرق العربيين ودونها خلال نهاية القرن السادس عشر، وظلت تازة طيلة العصر السعدي في واجهة الأحداث، نذكر هنا خاصة صراع السعديين مع عثمانيي الجزائر، ففي نهاية 1553 / 960 هـــ هجم الجيش العثماني بقيادة صالح رايس على الإيالة المغربية وذلك لدعم السلطان الوطاسي أبي حسون، فهُزم السلطان السعدي محمد الشيخ تحت أسوار تازة، ودخلت القوات العثمانية باسم نفس السلطان الوطاسي العاصمة فاس لكن ما لبث أهلها أن ثاروا ضد هذا الوضع، رغم اعترافهم بشرعية بيعة أبي حسون، ثم سرعان ما استعاد محمد الشيخ السعدي فاس في شتنبر 1554/ 961 هــ وزحف على تازة بعد ذلك بقليل ومعها المنطقة الشرقية، التي أعلنت انضمامها للدعوة السعدية المبنية على أساس النسب الشريف والجهاد ضد الاستعمار الإيبري باعتماد الطريقة الجزولية الشاذلية .
كان آخر عرض للقوة العثمانية بتازة ومن ثمة بالمغرب الأقصى سنة 1576 / 983هـــ حيث عاينت ساكنة المنطقة انسحاب الجنود العثمانيين تحت أسوار المدينة نحو الجزائر، بعد أن تمكن السلطان عبد الملك السعدي بدهائه السياسي من إقناع قادتهم بالعودة من حيث أتوا، وبعد أن أدوا مهمتهم في دعمه مع أخيه أحمد ضد ابن أخيهما المتوكل، الذي لجأ إلى الإسبان ثم البرتغال لمساعدته في استرجاع عرش أبيه، وبذلك ظهرت خيانته للمغاربة، فكانت معركة وادي المخازن في 04 غشت 1578 / 985 هــ فاصلة في هذا السياق، علما بأن الأمر مع العثمانيين سبق أن حسم في مارس سنة 1558/ 965 هــ بعد معركة وادي اللبن التي أوقفت توسعهم العسكري ومعه استهداف المغرب .
صمدت أسوار تازة كما ورد عند مارمول، ولكن أدوارها تراجعت على نحو مطرد، بسبب ظهور سلاح المدافع أو " عسكر النار"و"برج النار " وانبثاق عهد الآلة، ومن ثمة برزت متغيرات جديدة في ساحات الحروب والمعارك بين الجيوش، فكان من اللازم بناء أبراج ضخمة للمدفعية وأسلحة البنادق ( التقليدية ) ومن ثمة تعويض حروب الأسوار، إذ لجأ أحمد المنصور إلى الجزء الجنوبي الشرقي لسور تازة وبنى فيه البستيون المشهور حوالي سنة 1580 م/ 987 هــ، مثلما أسس 9 أبراج أخرى بفاس علاوة على البرجين الشمالي والجنوبي وبرج بالعرائش وآخر بمراكش وذلك لأسباب أمنية بحتة إضافة إلى الدفاع عن البلاد .
شكل مؤلَّف " التعرف على المغرب " " RECONAISSANCE AU MAROC "( 1883 – 1884 ) للراهب والجاسوس الفرنسي شارل دو فوكو Charles De Foucauld من أبرز الكتابات الوثائقية حول المغرب أواخر القرن التاسع عشر، والتي مهدت فعليا لاحتلال البلاد، حيث تمكن دهاقنة الاستعمار الفرنسي ( في الجزائر المحتلة خاصة ) من الاطلاع على المميزات المجالية والبشرية والثقافية لكثير من المناطق المغربية التي ظلت مغمورة آنذاك، ومنها الأطلس المتوسط وممر تازة .
ففي بداية حديثه عن مدينة تازة ( 29 يوليوز 1883 ) يشير إلى سهولة الاتصال بالمدينة من جانب واحد وهو الجانب الجنوبي الشرقي ويكتب " تحيط بتازة أسوار مزدوجة في عدة أماكن " ويضيف " كانت هذه التحصينات فيما مضى أكثر أهمية مما هي عليه الآن " فقيمتها العسكرية تراجعت خلال هذه الفترة ويعلق " إنها من الطين المجفف وهي رقيقة وقديمة جدا " ولاحظ دوفوكو أن عددا من البساتين تحيط بالأسوار، بل توجد عرصات وحدائق داخلها أيضا .
بالنسبة للماركيز دوزيكونزاك Marquis De Segonzac الذي زار تازة ضمن رحلة علمية تجسسية في يوليوز 1901 يقدم أسوار المدينة عبر كتابه " أسفار في المغرب " VOYAGE AU MAROC بقوله " مدينة كبيرة منغلقة داخل أسوار بيضاء صعبة الولوج من ثلاث جهات ( يستثني طبعا الجهة الجنوبية المواجهة للأطلس المتوسط )" ثم يضيف " الأسوار بنيت بالطوب المقلم جيدا وهي تصل إلى أكثر من متر عرضا " ويفيد أيضا أن المدينة محاطة بأسوار منحدرة، تخترقها أربعة أبواب مرتكبا أخطاء في كتابتها كما هو الشأن بالنسبة لباب القبور( كتبها باب قبون Bab Qebboun ) وباب الميعارة ومن ثمة يذكر باب الريح وباب طيطي .
أثناء فترة الحماية الفرنسية التي فرضت على المغرب وفقا لمعاهد فاس / 30 مارس 1912، قامت السلطات الاستعمارية بإجراء تعديلات عمرانية على الأسوار التاريخية من جهة وإصدار مراسيم وظهائر مختلفة تهم التراث المعماري المغربي عموما والمآثر التاريخية وأسوار المدن على وجه الخصوص، من جهة أخرى، وفيما يتعلق بأسوار تازة التاريخية صدر ظهير شريف عن المولى يوسف بتاريخ 20 رمضان 1334 هــ/ 21 يوليوز 1916 بشأن السور المحصن لمدينة تازة وظهر بالجريدة الرسمية ع 197 ثم أعقبه ظهير آخر في 5 جمادى الآخرة 1340 هــ ( 03 فبراير 1922)بشأن ترتيب منطقة الحماية حول سور تازة وعززه ظهير شريف ثالث بتاريخ 13 فبراير 1922، وقد تلت الظهائر الشريفة عدد من المراسيم الحكومية كان آخرها قرار وزير الثقافة رقم ,180050 بتاريخ 18 يناير 2018 بشأن تصنيف المدينة العتيقة لتازة تراثا وطنيا .
أما فيما يخص التعديلات ذات الطابع العمراني، فقد عمدت سلطات الحماية إلى الاستغناء عن عدد من المعالم بجانب باب الجمعة وتم الإجهاز على باب طيطي الأصلية لتنتقل بضعة أمتار نحو الشرق، كما وقع غلق باب القبور، وفي المقابل ثم فتح مدخل أكبر للسيارات والعربات نحو ساحة أحراش بتازة العتيقة .
شهدت أسوار تازة مظاهر إهمال متعددة الأشكال بعد الاستقلال رغم وجود نصوص قانونية صريحة في ضرورة حفظ وصيانة الموروث المادي والرمزي للمدينة ومنه الأسوار التاريخية، واستمر هذا الإهمال والتناسي طيلة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وحتى 2011 حيث اقتصرت الجهات المعنية سواء المعينة أو المنتخبة ( مديرية الثقافة – المجلس الجماعي – الوكالة الحضرية – المصالح الخارجية بعمالة الإقليم ) على ترميم وإصلاح الواجهة الشرقية للسور المريني، لا لشيء إلا لكونها تطل على شارع رئيس رابط بين تازة العتيقة والحديثة، بينما بقي الجزء الأكبر من السور عرضة للإهمال وتراكم النفايات وأتربة البناء، مما يهدد لا هذا الجزء من السور التاريخي ( الغربي والجنوبي أساسا ) فحسب، بل الخندق أيضا الشيء الذي أثار احتجاج المجتمع المدني و رغم الحديث عن مشروع الطريق الدائري المفترض أن يمر بجانب السور التاريخي والذي ما زال حبرا على ورق .



#عبد_الإله_بسكمار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هكذا تورد ياسعد الإبل
- قصبة مسون : معلمة تاريخية تندب حظها التعس
- مشروعية النقد المزدوج
- حروب المياه ...إلى أين ؟
- السياسة الجهوي بالمغرب : من أجل عدالة مجالية
- مشور تازة : دلالات عمرانية وتاريخية
- ....ويحدثونك عن تصنيف مدينة تازة تراثا وطنيا
- قبة السوق بتازة : قبس من ذاكرة ممتدة
- المدارس المرينية بتازة من الوظيفة الأيديولوجية إلى الدور الس ...
- تازة التي لم تخضع للاحتلال الروماني
- المنتزه الوطني لتازكة : مكونات متنوعة تحتاج إلى تنمية مندمجة
- أبواب تاريخية بتازة بين الإصلاح والإهمال
- كيف انتقل اسطرلاب تازة من المغرب إلى إيطاليا ؟
- متى تتم إعادة فتح مغارة فريواطو بتازة ؟
- العودات بتازة بين البعدين التدجيلي والتطبيبي
- عن أسرة التازيين بفاس
- تاريخ تازة : أسرارملتبسة وبالجملة
- عن زمن الانتهازية والانتهازيين
- حول زمن الانتهازية والانتهازيين
- إضاءات جديدة حول الرتاث التازي : نمذج العلامة علي بن بري


المزيد.....




- السعودية.. القبض على وافد يمني لتحرشه بفتاة
- خبيران يوضحان لـCNN تباين الآراء بين ترامب ونتنياهو.. وهذا م ...
- -ترامب يعتقد أنه يُشكّل الشرق الأوسط، لكن دول الخليج هي التي ...
- دراسة: ملايين الكيلومترات من الأنهار حول العالم ملوثة بالمضا ...
- عون: نسعى لإعادة لبنان إلى الحضن العربي وتحقيق إصلاح شامل وا ...
- الخارجية البولندية تستدعي السفير الروسي وتعلن 3 دبلوماسيين ش ...
- للرجال فوق الخمسين.. سر الوقاية من سلس البول والضعف الجنسي
- مصدر أمريكي لـCNN: مفاوضات السلام ستبدأ فورا بعد الإفراج عن ...
- هل ستنشب حرب نووية بين الهند وباكستان؟
- الصفدي: دعمنا لسوريا مطلق والمناطق الجنوبية من سوريا هي أمنن ...


المزيد.....

- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الإله بسكمار - أسوار تازة المغربية بين الإهمال والنسيان