أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمد حمادى - قناة السويس .. حدوتة مصرية (1)















المزيد.....

قناة السويس .. حدوتة مصرية (1)


محمد حمادى
كاتب رأى حر مصرى


الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 16:42
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


عقب عودة نابليون إلى فرنسا عام 1801 بعد فشل حملته على مصر التي استمرت 13 شهراً، أرسل دبلوماسياً اسمه ماتيو دي لسبس إلى مصر لإختيار والى لمصر موالى لفرنسا, يحكمها بعد أن قام الإنجليز بإختيار البرديسي ،و وقع اختيار ماتيو دي لسبس على محمد علي الضابط الألباني القريب من شيوخ الأزهر, فإصطفاه وقدم له المشورة والمساعدة وهو ما لم ينساه محمد علي .
وعندما مات ماتيو دي لسبس جاء ابنه الشاب فرديناند دي لسبس كقنصل مساعد لبلاده فرنسا في الإسكندرية, واستقبله محمد علي بحفاوة كبيرة وعرض عليه أن يعمل في القصر مربياً ومعلماً لابنه محمد سعيد باشا, وعلى إثر ذلك توطدت الصداقة بين الدبلوماسي الفرنسي والأمير.
و بعد أن جاء سعيد باشا إلى سُدة الحُكم، عرض عليه دي لسبس مشروع حفر القناة الذي قوبل فوراً بالموافقة بعكس والده محمد على الذى رفضه .
عهد دي لسبس إلي المهندس الفرنسي فوازان بك بمنصب رئيس مهندسي موقع حفر القناة، والذي كان مسئولاً عن الحياة اليومية في موقع الحفر بكل تفاصيلها، من تقدم عملية الحفر والنفقات والعلاقات بين العمال من مختلف الجنسيات ، الى ان جاءت فكرة “السخرة”, و هى تسخير الفلاحين المصريين لحفر القناة بأوامر من دي لسبس, بإعتباره رئيس شركة قناة السويس البحرية العالمية التي كان قد أسسها لتولى عمليات الحفر في الموقع ،و حُفرت القناة عن طريق سواعد نحو مليون فلاح مصري ممن أجبروا على ترك حقولهم وقراهم ليشقوا الصحراء في أجواء من المرض والإهانة .
و مات بسبب السخرة أكثر من 120 ألف مصري أثناء عملية الحفر على إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة, و لم يستدل على معظم جثامينهم ودفنوا في الصحراء أو تحت مياه القناة ،كانت عمليات الحفر من المشاهد المثيرة التي يحرص على رؤيتها السائحون الأجانب في هذا العصر.
وتمادت الشركة في تعنتها ولم تدفع أجور العمال، واستمر نقص المؤن والملابس والأحذية، كما أنشأت معتقل يُرسل إليه من يسيء السلوك ،وأنشأت إدارة طبية ومركزاً لإسعاف المرضى لرعاية العمال، ولكن صدرت الأوامر بأن تركز هذه الإدارة جهودها فقط في رعاية العمال والموظفين الأجانب، مما عرض العمال بشكل مجحف للموت من شدة فتك الأمراض بهم .
وطبقاً للتقارير الطبية المحفوظة في مكتبة بلدية الإسكندرية, كان أكثر الأمراض انتشاراً بين العمال هي النزلات الشعبية والأمراض الصدرية والرمدية وحالات الإسهال الشديد والدوسنتاريا وأمراض الكبد والجدري والسل، ثم جاءت الكوليرا في صيف عام 1865 وعصفت بالعمال لدرجة أن الشركة لم تجد رجالاً يرفعون جثث الموتى الذين كان يتم دفنهم في الصحراء .
وتلاها ظهور مأساة تعرض العمال خلال الحفر لمادة طينية سائلة كانت تحتوي على فوسفور حارق مما أدى إلى إصابة الآلاف بالأمراض الغامضة التي أدت إلى وفاتهم على الفور ،والغريب أن الحكومة الفرنسية منحت في 19 يناير 1867 وسام الشرف من طبقة فارس للدكتور أوبير روش كبير أطباء الشركة الفرنسية تقديراً لجهوده التي قيل إنه بذلها في حماية العمال المصريين من الموت
في 25 أبريل 1859 دشن دي لسبس حفر القناة في عهد الخديوي سعيد، وانتهى العمل بها بعد عشر سنوات في عهد الخديوي إسماعيل الذي سافر إلى أوروبا في 17 مايو 1869 لدعوة الملوك والأمراء ورؤساء الحكومات ورجال السياسة والعلم والأدب والفن لحضور حفل افتتاح القناة الذي عزم أن يقيمه في 17 نوفمبر 1869.
و بدأ الخديوى اسماعيل في الإعداد للحفل الكبير, فإستخدم 500 طاهى وألف خادم لخدمة الضيوف، وطلب من دي لسبس أن يقوم بالاستعدادات لضيافة ستة آلاف مدعو ،وفي يوم 15 أكتوبر 1869 بدأ المدعون بالقدوم ضيوفاً على مصر في بورسعيد مقر الحفل، والتي ضاقت أرجاؤها بالمصريين القادمين من جميع أنحاء مصر لمشاهدة فعاليات الافتتاح .
و سافر الخديوي مع حاشيته ووزيريه نوبار باشا وشريف باشا إلى الإسكندرية ليستقل يخته المحروسة مبحرا إلى بورسعيد، وتحمل ضيوفه الحاضرين على نفقته الخاصة ،واصطفت أساطيل الدول في مرفأ بورسعيد ومن ضمنها الأسطول المصري وقد انتشرت على ضفاف القناة قوات الجيش المصري للحفاظ على نظام الاحتفال.
ووقفت السفن بالمرفأ على شكل قوس وكان عددهم يفوق الـ 80 سفينة بجانب 50 سفينة حربية منها, 6 مصرية ومثلها فرنسية و 12 إنجليزية و7 نمساوية و5 ألمانية و واحدة روسية واخرى دنماركية واثنتان هولنديتان واثنان أسبانيتان ،في عام 1910 تقدمت شركة القنال بطلب للحكومة المصرية لمد امتياز شركة قناة السويس الذي كان سينتهي في17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخري تنتهي سنة 2008.
وأيدت الحكومة البريطانية و سلطة الاحتلال مد الامتياز, خاصة بعد بدء تضاعف الحركة الملاحية بالقناة حتي بلغت عام 1889 ضعف ما كانت عليه عام 1881 و تضاعفت مرة أخري عام 1911 , و كانت البضائع البريطانية تمثل 78,6% من مجموع البضائع المارة بالقناة.
مد فترة الامتياز الممنوح لشركة قناة السويس 40 سنة تبدأ من أول يناير 1969 إلي 31 ديسمبر 2008, يقسم صافي الأرباح مناصفة بين الشركة و الحكومة المصرية .

و نصت على انه إذا كان صافي الأرباح أقل من 100 مليون فرنك، تحصل شركة قناة السويس علي خمسين مليون فرنك و لا تنال الحكومة المصرية إلا ما قد تبقي, و فى حين كانت أرباح القناة أقل من خمسين مليون فرنك، تحصل الشركة علي كامل الأرباح و لا تحصل الحكومة المصرية علي أي شيء ،و كان مقابل مد الامتياز لأربعين سنة, تدفع الحكومة المصرية أربعة ملايين جنيه مصري علي أربع أقساط .
قادت الحركة الوطنية المصرية بقيادة محمد فريد, هجوما كاسحا علي طلب المد و قلبت الرأي العام ضده، وقام إبراهيم الورداني بإغتيال رئيس الوزراء بطرس غالي باشا سنة 1910 بسبب سعيه نحو مد امتياز القناة .
وقام الاقتصادي المصري طلعت حرب بتأليف كتاب عن قناة السويس ليوضح الحقائق للعامة و الخاصة عن تاريخ القناة و كيف ضاعت حصص مصر من الاسهم و الأرباح و خسائرها حتي 1909م.
و أوضح أن السهم الذي باعته مصر بـ 560 فرنكا للسهم الواحد, أصبح سعره بعد 30 سنة فقط 5010 فرنكا للسهم، و أن حصة مصر من أرباح القناة التي باعتها بـ 22 مليون فرنك أصبحت قيمتها 300 مليون فرنك.
و كلفت الجمعية العمومية “مجلس النواب”, طلعت حرب باشا و سمير صبري باشا بكتابة تقرير عن الموضوع، و بالفعل قدموا تقريرهم للجمعية الذي وضحوا فيه خسائر مصر المالية المتوقعة في حالة تمديد الامتياز الحالي بالشروط السالف ذكرها، و بناء علي هذا التقرير رفضت الجمعية العمومية عرض تمديد امتياز شركة قناة السويس و بقي الامتياز قائما بشروطه .

وللحديث بقية ....



#محمد_حمادى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصية وحيد حامد للمصريين (2)
- وصية وحيد حامد للمصريين -1-
- حكاية شفيقة ومتولى برؤية صلاح جاهين
- أيام طه حسين من الظلام إلى النور
- نصر أكتوبر العظيم بين الماضى والحاضر
- ملامح الشخصية الصعيدية فى أدب نجيب محفوظ
- اليوبيل الذهبى لنصر أكتوبر العظيم
- كاهنة فرعونية من أصول بريطانية عاشت فى الصعيد !
- 25 يناير 2011
- وعى المصريين ضد مؤامرات الفتنة والتخريب عبر التاريخ
- المولد .. جزء من الهوية الثقافية والفنية المصرية
- نصر أكتوبر المجيد .. ودموع الهزيمة فى عيون وقحة
- الموسيقار بليغ حمدى من الصعيد إلى العالمية
- أزمة سد النهضة .. كيف ومتى ستنتهى ؟
- ثورتا 23 يوليو و30 يونيو .. والجمهورية الجديدة
- ذكرى ثورة 30 من يونيو المجيدة .. ثورة شعب .. ومستقبل وطن
- لماذا لم تعد مصر الإحتفال بذكرى عيد الجلاء ؟!
- مبادرات تيسير تكاليف الزواج
- مجىء العائلة المقدسة إلى مصر قبلة للمسيحيين فى العالم
- الحوار الوطنى وبناء الجمهورية الجديدة


المزيد.....




- لماذا يعارض مؤيدون بارزون لترامب قبول الطائرة القطرية؟
- -هذه ليست حقبة حرب-، مودي يوجّه أول خطاب للأمة منذ بدء الضرب ...
- رئيس حكومة الوحدة في ليبيا: وزارتا الداخلية والدفاع حققتا إن ...
- إسرائيل تغتال الصحفي حسن إصليح خلال تلقيه العلاج في مستشفى ن ...
- ليبيا: اشتباكات ليلية بين مجموعات مسلحة في طرابلس ووزارة الد ...
- هدية -القصر الطائر- لترامب.. ماذا يقول القانون الأميركي؟
- وكالات أنباء -ممنوعة- من مرافقة ترامب بجولة الشرق الأوسط
- بيان عاجل بشأن -أحداث طرابلس-.. والدبيبة يعلق
- ترامب في طريقه للشرق الأوسط.. ويصف زيارته بـ-التاريخية-
- ليبيا.. لقطات لاقتحام مقرات -الدعم والاستقرار- وتحرير محتجزي ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمد حمادى - قناة السويس .. حدوتة مصرية (1)