رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 13:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشهد شبه القارة الهندية موجة تصعيد جديدة بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، تُنذر بإمكانية نشوب صراع قد يتجاوز الأطر التقليدية إلى تهديد استراتيجي إقليمي، وربما عالمي.
تعود شرارة الأزمة إلى تاريخ 22 نيسان/أبريل 2025، حيث قُتل 26 سائحًا هندوسيًا في هجوم مسلح بمدينة بَهَلْغام السياحية في الشطر الهندي من كشمير، وهو ما اعتبرته نيودلهي "عملًا إرهابيًا منظمًا". وعلى الفور، وجهت الحكومة الهندية أصابع الاتهام إلى جماعات مسلحة تتخذ من باكستان ملاذًا لها، بينما نفت إسلام آباد أي تورط ودعت إلى فتح تحقيق دولي.
رد الفعل الهندي جاء سريعًا وحاسمًا. أجرت نيودلهي اختبارات صاروخية بحرية، ورفعت من درجة التأهب العسكري، وشنّت حملة اعتقالات في كشمير، شملت هدم منازل يُشتبه بصلتها بالهجوم. سياسيًا، طردت الهند دبلوماسيين باكستانيين وعلقت العمل باتفاقية مياه نهر السند. هذه التحركات فُسّرت كخطوات تصعيدية قد تسبق ضربة عسكرية محدودة ضمن ما يُعرف بـ"عقيدة البداية الباردة".
في المقابل، شددت باكستان على استعدادها للرد على أي "عدوان"، ولوّح وزير دفاعها بإمكانية اللجوء إلى السلاح النووي في حال تعرّضت بلاده لـ"تهديد وجودي"، وهو موقف يعيد إلى الأذهان أزمات كارجيل 1999 وبالواما 2019.
التلويح النووي بات سمة حاضرة في النزاع بين الهند وباكستان، رغم محاولات المجتمع الدولي لاحتوائه. الهند، التي تتبنى سياسة "عدم الاستخدام الأول"، تواجه باكستان التي تحتفظ بخيار "الضربة الأولى" كرد على أي تهديد استراتيجي. ورغم أن هذه العقائد النووية تُستخدم غالبًا كأدوات ردع، إلا أن مخاطر التصعيد غير المحسوب تظل قائمة، خصوصًا في بيئة مشحونة عاطفيًا وميدانيًا.
من الناحية الاستراتيجية، يُرجّح أن تقوم الهند بضربة محدودة لا تؤدي إلى إشعال فتيل الحرب الشاملة، لكنها قد تدفع باكستان للرد بقوة، ما يجعل المنطقة على حافة مواجهة لا يمكن التنبؤ بمآلاتها.
الاحتمالات تبقى مفتوحة، بين التصعيد المحسوب، والانزلاق إلى مواجهة، أو تدخل دولي تقوده قوى كبرى للوساطة. في كل الحالات، يبدو أن جنوب آسيا باتت اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى حافة هاوية، لا تحتاج سوى لشرارة أخرى كي تشتعل بالكامل.
#رحيم_حمادي_غضبان (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟